من ناحية سياسية، تعدّ فلسطين من أكثر مناطق العالم توترا أمنياً جرّاء ما تعدّه كثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية انتهاكات إسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين إلى جانب العمليات الاستيطانية التي تزيد من تأزم الوضع إضافةً إلى المعاملة العنصرية كجدار الفصل الإسرائيلي الذي أقامته في الضفة الغربية والذي اعتبره الكثيرون عنصريًا، كل هذه الأمور تسببت في خلق مناخ أمني سيء. منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993، فإن اسم فلسطين قد يستخدم دولياً ضمن بعض السياقات للإشارة أحياناً إلى الأراضي الواقعة تحت حكم السلطة الفلسطينية.[11] أما لقب فلسطيني فيشير اليوم، وخاصة منذ 1948، إلى السكان العرب في جميع أنحاء المنطقة (بينما يفضل السكان اليهود عدم استخدام هذا اللقب إشارة إلى أنفسهم).[12]
من التدوينات التي تعارف عليها لاستخدام اسم “فلسطين” إشارة إلى المنطقة الجغرافية جنوبي بلاد الشام ما كتبه المؤرخ الإغريقيهيرودوت في مؤلفاته في القرن الخامس قبل الميلاد، إذ أشار إلى منطقتي بلاد الشاموبلاد الرافدين باسم “سوريا” وإلى جنوبها ب”فلسطين” (Παλαιστινηپَلَيْسْتِينِيه) و”فلسطين السورية”. وعلى ما يبدو استعار هيرودوت هذا الاسم من اسم “پلشت” الذي أشار إلى الساحل الجنوبي ما بين يافا ووادي العريش حيث وقعت المدن الفلستية. وكان الفلستيون من شعوب البحر ومن أبرز الشعوب التي عاشت في منطقة فلسطين من القرن ال12 ق.م. ولمدة 500 عام على الأقل.[13]
وعم استخدام اسم فلسطين كاسم منطقة ذات حدود سياسية معينة في القرن الثاني للميلاد عندما ألغت سلطات الإمبراطورية الرومانية “ولاية يهوذا” (Provincia Iudaea) إثر التمرد اليهودي عليهم عام 132 للميلاد وأقامت ولاية فلسطين السورية (Provincia Syria Palestinae) محلها. أصبحت فلسطين تُسمى “جند فلسطين” في بداية عهد الخلافة الإسلامية، وكانت تتداخل حدودها مع “جند الأردن”.[14]
والحدود المشار إليها اليوم كحدود فلسطين التاريخية هي نتيجة سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات بين الإمبراطوريات التي سيطرت على الشرق الأوسط في مطلع القرن الـ 20 والتي أدت كذلك إلى تصميم الحدود السياسية في عموم الشرق الأوسط. بين 1917و1948 أشار اسم فلسطين إلى منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين وكان يتكون من عدة وحدات إدارية.
تقع فلسطين في موقع استراتيجي بين مصرولبنانوسورياوالأردن، وهي أرض الرسالات ومهد الحضارات الإنسانية، حيث مرت على أقدم مدينة فيها وهي أريحا، إحدى وعشرون حضارة منذ الألف الثامن قبل الميلاد. وهي مهد الديانتين اليهوديةوالمسيحية، ولهذه الأرض تاريخ طويل وجذور بالثقافة والدين والتجارة والسياسة. وفي فلسطين تتكلم الشواهد التاريخية عن تاريخ هذه الأرض الطويل والمتشابك منذ ما قبل التاريخ. أقدم شعب معروف استوطن هذه الأرض هم الكنعانيون. وقد تمت السيطرة على المنطقة من قبل العديد من الشعوب المختلفة، بما في ذلك قدماء المصريين والفلستينيين وبني إسرائيل، والآشوريين والبابليين والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيين، والخلافة العربية، والصليبيون، والأيوبيين، والمماليك والعثمانيون، و البريطانيون وأخيرا إسرائيل بعد النكبة عام 1948.
قسم علماء الآثار والمؤرخون في المنطقة تاريخ فلسطين حسب المخطط الآتي ضمن مجال دراستهم علم الآثار في فلسطين:
الحصار الروماني وتدمير القدس، بريشة ديفيد روبرتس، 1850.
وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، وهي ترقى إلى نحو 600 ألف سنة قبل الميلاد، وفي العصر الحجري الحديث (10000 ق.م. – 5000 ق.م.) أنشأت المجتمعات الزراعية الثابتة، ومنالعصر النحاسي (5000 ق.م. – 3000 ق.م.) وجدت أدوات نحاسية وحجرية في جوار أريحاوبئر السبعوالبحر الميت، ووصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين بين 3000 ق.م. و 2500 ق.م. حسب القصة التناخية وفي نحو 1250 ق.م، استولى بني إسرائيل على أجزاء من بلاد كنعان الداخلية، وما بين عامي 965 ق.م. و 928 ق.م. بنى الملك سليمان هيكلاً في القدس، وفي عام 928 ق.م. قسمت دولة بني إسرائيل إلى مملكتي إسرائيلويهودا وفي 721 ق.م. استولى الآشوريون على مملكة إسرائيل، وفي عام 586 ق.م. هزم البابليون بقيادة بختنصرمملكة يهوذا وسبوا أهلها إلى بابل وهدموا الهيكل. 539 ق.م. يستولي الفرس على بابل ويسمحون لليهود بالعودة، ويبنى الهيكل الثاني.
وفي عام 333 ق.م. يستولي الإسكندر الأكبر على بلاد فارس ويجعل فلسطين تحت الحكم اليوناني، وبموته وبحدود 323 ق.م. يتناوب البطالسة المصريين والسلوقيين السوريين على حكم فلسطين. حاول السلوقيونفرض الدين والثقافة الهلينيستية (اليونانية) ولكن في عام 165 ق.م. حسب التاريخ اليهودي يثور المكابيون على انطيوخس ابيفانس السلوقي حاكم سوريا، ويمضون في إقامة دولة يهودية مستقلة، وفي عام 63 ق.م. تضم فلسطين إلى الإمبراطورية الرومانية.[16]
ويمتد من 63 ق.م – 324 م. في نهاية العصر الهيلنستي ظهرت روما كدولة قوية في غرب البحر المتوسط، وأخذت تتطلع لحل مكان الممالك الهيلينية في شرق البحر المتوسط، فانتهز قادة روما فرصة وجود الاضطراب والتنافس بين الحكام، وأرسلوا حملة بقيادة “بومبي بومبيوس” الذي استطاع احتلال فلسطين، فسقطت مدينة يافا تحت الحكم الروماني عام 63 ق.م.، والذي استمر إلى نحو 324 م، وقد لقيت يافا خلال حكم الرومان الكثير من المشاكل، فتعرضت للحرق والتدمير ،أكثر من مرة، بسبب كثرة الحروب والمنازعات بين القادة أحياناً، وبين السلطات الحاكمة والعصابات اليهودية التي كانت تثور ضد بعض الحكام أو تتعاون مع أحد الحكام ضد الآخرين، أحياناً أخرى. وكانت هذه المحاولات تقاوم في أغلب الأحيان بكل عنف، فعندما اختلف “بومبيوس” مع يوليوس قيصر، استغل اليهود الفرصة، وتعاونوا مع يوليوس في غزوه لمصر، فسمح لهم بالإقامة في يافا مع التمتع بنوع من السيادة. وعندما تمردوا على الحكم عام 39 ق.م.، في عهد “أنطونيوس”، أرسل القائد الروماني ” سوسيوس ” (Sosius) جيشاً بقيادة “هيروز” لتأديبهم، واستطاع إعادة السيطرة الكاملة على المدن المضطربة وبخاصة يافا، والخليل، ومسادا (مسعدة) ثم القدس عام 37 ق.م. وقد عاد للمدينة استقرارها وأهميتها، عندما استطاعت “كليوباترا” ملكة مصر في ذلك الوقت احتلال الساحل الفلسطيني وإبعاد هيرودوس، حيث بقي الساحل الفلسطيني، ومن ضمنه مدينة يافا تابعاً لحكم “كليوباترا ” حتى نهاية حكمها عام 30 قبل الميلاد.
ويمتد العهد البيزنطي بعد ذلك من 324 م – 636 م. فدخلت فلسطين في حوزة البيزنطيين في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي، في عهد الإمبراطور قسطنطين الأول (324 – 337 م) الذي اعتنق المسيحية وجعلها دين الدولة الرسمي. وقد شهدت فلسطين عامة أهمية خاصة في هذا العصر لكونها مهد المسيحية. وقد احتلت مركزاً مرموقاً في العهد البيزنطي، إذ كانت الميناء الرئيس لاستقبال الحجاج المسيحيين القادمين لزيارة الأرض المقدسة.[17]
في عام 325 بعد إعلان حرية التعبد للديانة المسيحية، طلب القديس مكاريوس بطريرك القدس من الإمبراطور أن يعيد المكان المقدس، فبنت القديسة هيلانة بازيليك الميلاد. في عام 384 مع وصول القديس هيرونيموس إلى بيت لحم قام في المدينة مركز عبادة لاتيني دام بعد وفاته سنين عديدة. في عام 614 أدّى غزو جيوش كسرى إلى خراب اليهودية ولم ينج من بيت لحم سوى بازيليك الميلاد وذلك كما يقال بفضل رسم للمجوس قائم على جدار البازيليك. والمجوس وهم ملوك الفرس الذين سجدوا ليسوع الطفل بحسب الرواية الإنجيلية.
استمدت بيت لحم شهرتها العالمية الكبرى من مولد المسيح فيها. ويروى أن يوسف النجار، ومريم العذراءذهبا إلى بيت لحم لتسجيل اسمهما في الإحصاء العام، فولدت مريم وليدها هناك. وترى المصادر المسيحية أن الولادة كانت في مغارة قريبة من القرية، ولكن القرآن (يقول): (فَأجَآءَهَاَ المَخَاضُ إِلَى جِذعِ النَخلَةِ)، وفي سنة 330 م بنت هيلانة أم قسطنطين الكبير، كنيسة فوق المغارة التي قيل إن يسوع ولد فيها، وهي اليوم أقدم كنيسة في العالم. والمغارة تقع داخل كنيسة الميلاد، ومنحوته في صخر كلسي، وتحتوي على غرفتين صغيرتين، وفي الشمالية منها بلاطة رخامية، منزل منها نجمة فضية، حيث يقال إن المسيح ولد هناك. وعندما دخل عمر بن الخطابالقدس، توجه إلى بيت لحم، وفيها أعطى سكانها أمانًا خطيًا على أرواحهم وأولادهم وممتلكاتهم وكنائسهم. ولما حان وقت الصلاة، صلى بإشارة من راهب، أمام الحنية الجنوبية للكنيسة، التي أخذ المسلمون يقيمون فيها صلواتهم، فرادى، وجعل الخليفة على النصارى إسراجها وتنظيفها. وهكذا صار المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم جنباً إلى جنب.[18]
يتميز العصر العربيالإسلامي في فلسطين عامة، بمميزات هامة تجعله مختلفاً تماماً عن العصور السابقة، سواء منها البيزنطية، أم الهيلنستية، أم الفارسية، أم غيرها. فالفتح العربي الإسلامي لفلسطين لم يكن من أجل التوسع أو نشر النفوذ، أو إقامة الإمبراطوريات، إنما بدوافع دينية لنشر دين الله، وتخليص الشعوب المغلوبة على أمرها، ويبدو ذلك بكل وضوح في عدم تعرض مدن فلسطين إلى أي تدمير عند فتحها. فلقد استطاعت الموجة العربية الإسلامية القادمة من الجزيرة العربية، في القرن السابع الميلادي تحرير بني قومها من سيطرة البيزنطيين، ومن ثم تعزيز الوجود العربي فيها، ورفده بدماء عربية جديدة، حيث سبقتها الموجات العربية القديمة، من أنباط حوالي 500 ق.م.، وآراميين حوالي 1500 ق. م.، وأموريين، وكنعانيين حوالي 3000 ق.م.[19][20]
أصبحت القدس مدينة مقدسة بالنسبة للمسلمين بعد حادثة الإسراء والمعراج وفق المعتقد الإسلامي، وبعد أن فُرضت الصلاة على المسلمين، أصبحوا يتوجهون أثناء إقامتها نحو المدينة، وبعد حوالي 16 شهرًا، عاد المسلمون ليتوجهوا في صلاتهم نحو مكة بدلاً من القدس،[21] بسبب كثرة تعيير اليهود لمحمد وللمسلمين بسبب إستقبالهم لقبلة اليهود، ولأسباب أخرى.[معلومة 1]
وقد تم فتح فلسطين من قبل المسلمين، ابتداء من 634 للميلاد. في 636 م، وقعت معركة اليرموك بين المسلمين والروم البيزنطيين في وسط بلاد الشام، انتصر فيها المسلمون. وفي عهد عمر بن الخطابوالفتوحات الإسلامية، أًرسل عمرو بن العاصوأبو عبيدة بن الجراح لفتح فلسطين عامة ونشر الدعوة الإسلامية فيها، لكن القدس عصيت عليهم ولم يتمكنوا من فتحها لمناعة أسوارها، حيث اعتصم أهلها داخل الأسوار. وعندما طال حصار المسلمين لها، طلب رئيس البطاركة والأساقفة، المدعو “صفرونيوس”، طلب منهم أن لا يسلم القدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب بشخصه، فكان الفتح العمري لبيت المقدس. كتب عمر مع المسيحيين وثيقةً عُرفت باسم “العهدة العمرية” وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية، وتعهد بالحفاظ على ممتلكاتهم ومقدساتهم،[22]
وبعد أن فُتحت بلاد الشام، قسمت إلى مقاطعات عدة دُعي كل منها “جُنداً” وهي تعني المحافظات العسكرية. وكانت منطقة فلسطين واقعة ضمن جند فلسطينوجند الأردن، وهما من بين خمسة أجناد تابعة لولاية الشام. كانت الأجناد الأخرى هي جند قنسرين وجند دمشق وجند حمص.[23] في عام 661 م، ومع اغتيال الخليفة علي بن أبي طالب، أصبح معاوية بن أبي سفيان بلا منازع خليفة العالم الإسلامي بعد أن توج في القدس. كان مسجد قبة الصخرة، الذي أنجز بناؤه في 691، العمل المعماري الأكبر في العالم والأول من نوعه في العمارة الإسلامية. تم استبدال الحكم الأموي من قبل العباسيين عام 750، وأصبحت بعدها الرملة المدينة الرئيسية والمركز الإداري للقرون التالية، كما أصبحت طبريا مركزا مزدهرا للمنح الدراسية للمسلمين.[24][25][26]
الإسبتارية يدافعون عن أسوارعكا عام 1291 – بريشة كرستيان غانثر.
إبتداء من 878 م، حُكمت فلسطين من مصر، مع تمتعها بحكم ذاتي شبه مستقل لقرن تقريبا.[27] في العهد الفاطمي، اجتيحت المنطقة في 970 بجيش من البربر في الغالب، وهو التاريخ الذي يصادف بداية الفترة المتواصلة من الحروب بين القبائل التي دمروت الكثير من مدن البلاد. في 1073 تم السيطرة على فلسطين من قبل الإمبراطورية السلجوقية الكبرى، إلا أن استعادها الفاطميون عام 1098، ثم فقدوها لصالحالصليبيين في 1099 الذين غزوا فلسطين في حملات مختلفة وأسسوا فيها مملكة بيت المقدس. استمرت سيطرتهم على القدس ومعظم فلسطين قرن تقريبا حتى هزيمتهم على يد قوات صلاح الدين الأيوبي فيمعركة حطين عام 1187. بعد ذلك، تمت السيطرة على معظم فلسطين من قبل الأيوبيين. بقيت الدولة الصليبية تنازع في المدن الساحلية الشمالية لمدة قرن من الزمان. قاد الحملة الصليبية الرابعة مباشرة إلى انهيار الإمبراطورية البيزنطية، والحد بشكل كبير تأثير المسيحية في جميع أنحاء المنطقة.[28]
في العهد المملوكي، كانت فلسطين إحدى إقطاعيات الظاهر بيبرس. وفي عام 1260 تحديدا، شهدت منطقة عين جالوت الواقعة بين بيسان وجنين واحدة من المعارك الفاصلة في التاريخ، حيث تعد معركة عين جالوت من أهم المعارك في تاريخ العالم الإسلامي، انتصر فيها المسلمونالمماليك انتصارا ساحقا على المغول وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان. أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 1258م. في 1486، اندلعت أعمال القتال بين المماليك والأتراك العثمانيين في معركة للسيطرة على غرب آسيا، وقد سيطر العثمانيون بعدها على فلسطين وكل بلاد الشام في 1516.[29]
مع مطلع هذه الفترة التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوت فلسطين وكل بلاد الشام في إطار الدولة العثمانية التي دام حكمها قرابة الأربعة قرون. امتد سلطان الدولة العثمانية المتمركزة في إسطنبول على البلقان والأناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع.
وفي ظل هذه القوة المركزية والبارزة في المنطقة بدأ تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثة قوى هي الدولة العثمانية والدولة الصفوية الناشئة في تبريز، والمماليك من جهة ثالثة، ففي آب/ أغسطس (1514 م) كانت الموقعة الأولى الفاصلة بين الدولة العثمانية بزعامة “سليم الأول” والدولة الصفوية بزعامة “الشاه إسماعيل” في (جالديران) قرب (تبريز) وانتصر فيها العثمانيون بفضل فعالية السلاح الناري الذي كانوا يتفوقون في استخدامه. وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعة حاسمة في (مرج دابق) قرب حلب في (23 آب/ أغسطس 1516 م)، وكان ذلك نهاية السلطة المملوكية باحتلال العثمانيين لمصر.
وفي نفس العام دخل سليم الأول بلاد الشام دون أدنى مقاومة وذلك لكره الشاميين للمماليك في ذاك الوقت من جهة، وخوفهم من العثمانيين من جهة أخرى. وبعد موت “سليم” تولى السلطة ابنه “سليمان” (1520 -1566 م) والذي لُقب بسليمان القانوني نظراً لكثرة القوانين التي أصدرها في شؤون تنظيم الدولة. وفي عهده بلغت الإمبراطورية العثمانية مبلغها في الاتساع والازدهار، وامتدت على ثلاث قارات، كما ورثت الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية وأصبحت إسطنبولمركزاً للعالم الإسلامي وانبعاث الحضارة الإسلامية من جديد. ولكن بعد اكتشاف أمريكا ورأس الرجاء الصالح وبداية النهضة الأوروبية بدأ مركز القوة يتحول إلى الغرب.
ولقد ترك العثمانيون أثرا كبيرا في ازدهار فلسطين، حيث إزدادت أهمية موانئها على أيامهم، وانشأوا المدارس والمساجد والكنائس والحمامات والأسواق والسرايا وغيرها من الأبنية الحكومية والخاصة، وخاصة في مدن القدس، عكا، يافا، نابلس، جنين، وبيت لحم.[30][31][32]
تعد حملة نابليون على مصروبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا. فقد توجه نابليون بونابرت بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في (21 تموز/ يوليو 1798).
اقتصرت حملة نابليون بونابرت على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة –طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطبة على الحدود مع الشام في 1798 في سيناء ثم قلعة العريش، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في 1799.[34][35]
وكان سنجق عكا سنجق عثماني يقع في ولاية بيروت. تمتد حدوده بين سنجق حوران ونهر الأردن شرقاً والبحر المتوسط غرباً، وسنجق نابلس شمالاً وسنجق بيروت جنوباً. اقتطع سنجقا عكا ونابلس من ولاية سوريا وألحقا بولاية بيروت عام 1888.
تقرر أن تقع المنطقة التي اقتطعت فيما بعد من جنوب سوريا وعرفت بفلسطين تحت إدارة دولية (عدا صحراء النقب)، يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفاوعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفامقابل حرية استخدام بريطانيا لميناء اسكندرون السوري الواقع تحت الوصاية الفرنسية. لقد تبنت إنجلترا منذ بداية القرن العشرين سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين قدروا أنه سيظل خاضعاً لنفوذهم ودائراً في فلكهم وبحاجة لحمايتهم ورعايتهم وسيكون في المستقبل مشغلة للعرب ينهك قواهم ويورثهم الهم الدائم يعرقل كل محاولة للوحدة فيما بينهم. وتوجت بريطانيا سياستها هذه بوعد بلفور الذي أطلقه وزير خارجيتها آنذاك عام 1916.
في عام 1917، سقطت فلسطين بيد الجيش الإنجليزي، ودخلت مدن فلسطين مظلة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920 والذي سمح للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد قامتمصر بدخول قطاع غزة عام 1948، كما قام الأردن بدخول الضفة الغربية. في فبراير عام 1949 وقعت كل من مصروالأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى هدنة تقضي باحتفاظ مصر بالقطاع، والأردن بالضفة. ولذلك كانت مأوى لكثير من اللاجئين الفلسطينيين عند خروجهم من ديارهم. وبقي هذان الجزءان تحت الحكم المصري والأردني حتىحرب 1967.
بدأ التوتر بين السكان العرب وبين المهاجرين اليهود يظهر في نهاية العشرينات من القرن الفائت، ووصل لذروته في منتصف الثلاثينات عندما أعلن الفلسطينيون الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936. قامت هيئةالأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل الصراع العربي الإسرائيلي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع. أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحةصحراء النقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.[36][37]
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تصاعدت حدّة هجمات الجماعات الصهيونية على القوات البريطانية في فلسطين، مما حدا ببريطانيا إلى إحالة المشكلة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وفي 28 ابريل بدأت جلسة الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بخصوص قضية فلسطين، واختتمت أعمال الجلسات في 15 مايو 1947 بقرار تأليف (UNSCOP) لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين [38] وفي 14 أيار / مايو 1948 إنسحبت بريطانيا من فلسطين، وأعلنت المنظمة الصهيونية في نفس اليوم إعلان دولة إسرائيل على أكثر من الجزء المخصص لها في التقسيم من أرض فلسطين.
وقد نشبت أول حرب بين العرب وإسرائيل في عام 1948 عقب إعلان قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ، حيث قامت قوات خمس دول عربية (مصروسورياوالأردنولبنانوالعراق) بدخول فلسطين لمنع قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين، واستمرت العمليات العسكرية حتى يناير/ كانون الثاني 1949 بعد أن سيطرت إسرائيل عمليا على الأجزاء التي أعطاها إياها قرار التقسيم 194 وأكثر منها. وفي ذاك التاريخ ولدت مسألة اللاجئين بخروج أكثر من 700 ألف فلسطيني من ديارهم إلى الضفة الغربية (التي اتبعت بالأردنلاحقا) وقطاع غزة (الذي ضمته مصر أيضا)، بالإضافة لدول الجوار والمهجر، ليبدأ الصراع العربي الإسرائيلي. في نكبة عام 1948 م، طُرِد وهُجِّر غالبيّة سكان المدن العربية منها فاستحالوا لاجئين حيث لم يسمح إلا للقليل منهم بالعودة إلى مدنهم، في حين صادرت دولة إسرائيل البيوت العربية التي هجرت من أهلها.[39]
اعتبرت القيادات الصهيونية السياسية والعسكرية أن بقاء المدن الكبرى كيافاوحيفا بيد العرب كارثة كبرى للمشروع الصهيوني، لذا فإن تصفية تلك المدن هو في حد ذاته مساهمة كبيرة في نجاح هذا المشروع، وبالتالي يؤدي إلى إضعاف أي محاولة فلسطينية لإعادة بناء المدينة الفلسطينية من جديد. وقد أقدمت بلديات تلك المدن بعد النكبة بهدم مئات البيوت والمباني العربية في معظم الأحياء العربية التي استولت عليها عصابة الهاغاناه وذلك من منطلق منع عودة العرب إلى مدنهم.[43][44][45][46][47][48]
وقد نشبت حرب وقعت أحداثها في مصروقطاع غزة في 1956 وكانت الدول التي اعتدت هي فرنساوإسرائيلوبريطانيا على أثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس. تعرف أيضا هذه الحرب بحرب 1956. دام احتلال إسرائيل لقطاع غزة فيها عدة أشهر استمر حتى 1957، وكان يطلق عليها في العالم العربي (العدوان الثلاثي) وفي الإعلام الغربي (أزمة السويس) وفي الإعلام الإسرائيلي (حرب سيناء).[49]
ساهمت منظمة التحرير الفلسطينية مع غيرها من فصائل المقاومة الأخرى في انتفاضة 1987 التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الأجندة العالمية من جديد بعد سنوات من الإهمال السياسي. وكان من أهم نتائج هذه الانتفاضة إضافة إلى الخسائر المادية التي ألحقتها بإسرائيل أن أزالت الخوف من صدور الشباب الفلسطيني وأعادت خيار المقاومة المسلحة إلى صدارة الحلول المطروحة لحل المشكلة الفلسطينية. في عام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية، والعيش جنبا لجنب مع إسرائيل في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وبتحديد القدس الشرقية عاصمة لهم.في سبتمبر1993، بعد مُفاوضات سرية، وقّع كل من رئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات اتفاقية أعلان مبادئ التي تقر انسحاب إسرائيل من قطاع غزة ومناطق أخرى، وتحويل إدارة الحكومة المحلية للفلسطينيين.[52]
في مايو1994، إنسحبت القوات الإسرائيلية من القطاعوالضفة الغربية بشكل جزئي تاركة عدة مستوطنات لها تحت امرة جيش الدفاع الإسرائيلي في عمق القطاع، وأصبحت المنطقة جُزئيًا تحت حكم السلطة الفلسطينية إلى أن انسحبت إسرائيل بالكامل من أراضي قطاع غزة في 15 أغسطس2005 بأوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها أريئيل شارون.
وقد اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر2000 عقب الزيارة التي قام بها أرييل شارون المتورط في مجازر عدة بحق الشعب الفلسطيني من أشهرها مجزرة صبرا وشاتيلا1982. وشاركت مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية في هذه الانتفاضة وكبدت إسرائيل خسائر بشرية ومادية موجعة. واتهمت الحكومة الإسرائيلية أحد فصائل المنظمة (حركة فتح) وكتائب شهداء الأقصى التابعة لها بالإرهاب كما وصفتها الإدارة الأميركية بالشيء نفسه ووضعتها على قائمة المنظمات الإرهابية المطلوب محاربتها وتفكيكها، الأمر الذي وضع المنظمة نفسها بين مطرقة الضربات الإسرائيلية وسندان الضغوط الأميركية.
في عام 2006، وفي خضم الحرب الإسرائيلية على لبنان، رد حزب الله اللبناني بقصف مدن في شمال البلاد مثل حيفا بعشرات الصواريخ موقعة العشرات من الإصابات بين الإسرائيليين بين قتيل وجريح، فيما دوت صفارات الإنذار في مختلف مدن شمال إسرائيل بعد سقوط دفعة من صواريخ حزب الله، والذي كان مؤشر على تصعيد نوعي لعمليات المقاومة ضد إسرائيل. كما أوضح الحزب في بيان له أن ذلك القصف جاء ردا على الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت مختلف المناطق اللبنانية وخصوصا بعض مناطق العمق، وارتكابها لمجازر فيها.[53][54] يُشار بالذكر إلى أن إسرائيل قد شهدت قصفا بصواريخ عربية سابقا، وتحديدا في حرب الخليج الثانية عام 1991، عندما قام العراق بقصف عدة مواقع إسرائيلية في حيفا وتل أبيب ومدن أخرى بعدة صواريخ سكود.[55]
وفي عام 2008 وبعد فوز حركة حماس بالإنتخابات التشريعية وسيطرتها على قطاع غزة، حاصرت القوات الإسرائيلية القطاع، وقطعت عنها الكهرباءوالوقود، وحرمت المرضى من الأدوية، ومنعت الدول العربية المُجاورة من إدخال الوقود إلى القطاع، وما زال الحصار مفروضًا على القطاع حتى الآن، وقد قتل كثير من الفلسطينيين من جراء الاشتباكات والتوغلات الإسرائيلية في القطاع. في نهاية هذا العام، بدأت إسرائيلحرب شرسة على قطاع غزة بدأت بالقصف الجوي العنيف لجميع مقرات الشرطة الفلسطينية ثم تتالى القصف لمدة أسبوع للمنازل والمساجد وحتى المستتشفيات وبعد أسبوع بدأت بالزحف البري إلى الأماكن المفتوحة في حملة عسكرية عدوانية غاشمة كان هدفها حسب ما أعلن قادة الاحتلال الصهيوني هو إنهاء حكم حركة المقاومة الإسلامية حماس، والقضاء على المقاومة الفلسطينية لا سيما إطلاق الصواريخ محلية الصنع مثل صاروخ القسام أو صواريخ روسية أو صينية مثل صاروخ غراد التي وصل مداها خلال الحرب إلى 50 كم، واستُخدمت القوات الصهيونية الأسلحة والقذائف المحرمة دوليًا مثل القنابل الفسفورية المسرطنة والقنابل آجلة التفجير وغيرها.
في نوفمبر 2012، أقدمت إسرائيل على الهجوم على غزة بقصف عشوائي استهدف في بادئ الأمر أحد قيادي حماس، إلاّ إنه طال المدنيين بشكل رئيسي، ونتج عنه العشرات من الضحايا. وقد ردت المقاومة الفلسطينية بشكل غير مسبوق عبر قصفها لمدن في العمق الإسرائيلي كتل أبيب، وهرتسيلياوبئر السبع بعشرات الصواريخ.[56][57][58]
تقع فلسطين في غربي القارة الأسيوية بين خط طول 15-34ْ و40- 35ْ شرقاً، وبين دائرتي عرض 30-29ْ و 15 -33ْ شمالاً. وهي تشكل الشطر الجنوبي الغربي من وحدة جغرافية كبرى في المشرق العربي، هي بلاد الشام، التي تضم – فضلا عن فلسطين -كلا من لبنانوسوريةوالأردن، ومن ثم كانت حدودها مشتركة مع تلك الأقطار، فضلاً عن حدودها مع مصر.
وفلسطين بحكم موقعها المتوسط بين أقطار عربية تشكل مزيجاً من عناصر الجغرافيا الطبيعية والبشرية لمجال أرض أرحب يضم بين جناحيه طابع البداوة الأصيل في الجنوب، وأسلوب الاستقرار العريق في الشمال. وتتميز الأرض الفلسطينية بأنها كانت جزءاً من الوطن الاصلي للإنسان الأول، ومهبطاً للديانات السماوية، ومكاناً لنشوء الحضارات القديمة، ومعبراً للحركات التجارية، والغزوات العسكرية عبر العصور التاريخية المختلفة، وقد أتاح لها موقعها المركزي بالنسبة للعالم أن تكون عامل وصل بين قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا، فهي رقعة يسهل الانتشار منها إلى ما حولها من مناطق مجاورة، لذا أصبحت جسر عبور للجماعات البشرية منذ القدم، وهي رقعة تتمتع بموقع بؤري يجذب إليه – لأهميته – كل من يرغب في الاستقرار. وكان هذا الموقع محط أنظار الطامعين للسيطرة عليه والاستفادة من مزاياه.[59]
يتكون السهل الساحلي من سهل عكا بين الناقورةوحيفا، ومن السهل الساحلي الأكبر، الذي تفصله عن سهل عكاجبل الكرمل الذي يمتد منها إلى غزةورفح، وهو يزداد اتساعًا في اتجاهه للجنوب، فيصبح عند غزة نحو الثلاثين كم، ويتصل بهضبة النقب التي تبلغ مساحتها نحو نصف مساحة فلسطين، أما الجبال فإنها على العموم تزداد ارتفاعًا بالاتجاه جنوبًا، ويفصل بين جبال الجليل وجبال نابلس مرج بن عامر المتسع والخصب. ويمتد غور الأردن من منطقة مرج الحولة جنوبًا عبر بحيرة طبرية إلى البحر الميت.
وتحوي فلسطين على عدة مدن ساحلية على شاطئ البحر المتوسط ومن أهمها: عكا، حيفا، الخضيرة، نتانيا، هرتسليا، تل أبيب، يافاأشدود،عسقلان (المجدل)، وغزة، والتي تعدّ من أهم مدن فلسطين من الناحية الجغرافية والاقتصادية والديمغرافية حيث يتركز في المدن والبلدات الساحلية نحو 60% من السكان (نحو 75% من السكان اليهود، ونحو 40% من السكان العرب)، وتوجد فيها أكبر المراكز الصناعية والتجارية. وتعدّ هذه المنطقة الساحلية، وبشكل خاص محافظة تل أبيب وقطاع غزة، من أكثر مناطق العالم كثافة.
تمتلك فلسطين عدّة مناطق خصبة، أهمها المروج الشمالية بين جبال الجليل، مرج بن عامر وبعض المروج في وسط البلاد. إمدادات المياه للمنطقة ليست وفيرة، وهي معتمدة على مياه الأمطار التي تهطل خلال فترة 5 أشهر سنويًا لا غيرها (من نوفمبر إلى مارس). تعد بحيرة طبريا أهم وأكبر مصادر المياه الطبيعية للشرب والري في المنطقة، إذ كانت بحيرة الماء العذبة الوحيدة فيه. ويكون مصدر مياه البحيرة هو مياه الأمطار الهاطلة عليها مباشرة أو مياه نهر الأردن المغذَّى بثلوج جبل الشيخ المذوبة في موسم الربيع. نهر الأردن هو أكبر الأنهر في المنطقة، يتدفق جنوبًا خلال بحيرة طبريا إلى البحر الميت الشديد الملوحة. كذلك يتم ضخ مياه الشرب من الإكويفيرات (الطبقات تحت الأرضية الحاملة لمياه الأمطار المتغلغلة في الأرض)، وفي الآونة الأخيرة تعرضت هذه الخزانات الطبيعية تحت الأرضية للتمليح والتلوث بسبب زيادة جلب المياه منها ونقص مياه الأمطار التي تغذيها، وكذلك بسبب دفن النفاية الصناعية في أرض المنطقة الساحلية.
وتتداخل جبال نابلس بجبال القدسوالخليل، التي يتراوح ارتفاع القسم الأكبر منها بين خمس مئة وألف من الأمتار، وبسبب قلة الأمطار التي تسقط عليها فإن عوامل التعرية لم تفعل فيها فعلها في جبال نابلس، لذلك فإن الأودية العميقة وخطوط الارتفاعات غير المنتظمة التي نراها في هذه الجبال أقل منها في تلك. وتظل هذه الجبال مرتفعات متصلة تكون هضبة عالية. قلما تختلف طبعيتها من مكان إلى آخر.[61]
طبقات من الحجر الكلسي في أحد الكهوف الصخرية في رأس الناقورة.
جيولوجيا
تتألف فلسطين جيولوجيًا من طبقة من الحجر الرملي الأحمر فوق الصخور الأصلية يعقبها الحجر الكلسي الطباشيري الذي يشكل القسم الأعظم من الأرض. ويغشاه حجر كلسي نموليتي وتراب غريني. في القسم الشمالي الشرقي كتل ضخمة من الصخر البركاني. على امتداد الساحل الشرقي للبحر الميت وقسم من الجدار الصخري الملاصق لوادي الأردن شرقًا تمتد طبقة من الحجر الرملي النوبي الموجود أيضًا على المنحدرات الغربية من لبنان والجبل الشرقي، لونه أحمر قاتم أو مسمرّ. وفوق هذه الطبقة طبقة من الحجر الكلسي الطباشيري الذي يتألف منه معظم النجد شرقي نهر الأردن وغربيه. وفي القدس طبقتان من الحجر الكلسي طبقة عليا صلبة تعرف بالمزّي، وأخرى سفلى أقل صلابة تعرف بالملكي.[62]
تتميز الحياة البرية في فلسطين التاريخية بتنوعها الكبير، وذلك عائد للتنوع المناخي في المنطقة ولوقوعها في منتصف قارات العالم القديمالثلاث: آسياوأفريقياوأوروبا، الأمر الذي جعل منها معبرًا لهجرة أنواع عديدة من الشمال إلى الجنوب والعكس، وأضفى عليها أنماطا مناخية مختلفة ومتناقضة في بعض الأحيان، مما مكّن طائفة عظيمة من الكائنات المتنوعة من استيطانها. اندثر الكثير من أنواع الحيوانات الضخمة في فلسطين، أو في بعض أجزائها دون الأخرى، بفعل تدمير الموائل الطبيعية لغرض الاستيطان والاستغلال البشري، أو بسبب الصيد الجائر منذ القدم، ومنذ أواخر القرن العشرين أقيمت عدّة محميات طبيعية في كافة أنحاء البلاد، بجهود محليّة تارة ودولية تارة أخرى، للحفاظ على ما تبقى من أنواع حيوانية وموائل طبيعية فريدة، وقد أصاب بعض من تلك المحميات نجاحًا باهرًا في الحفاظ على الحياة البرية ومساكنها. ويُعد اليوم التمير الفلسطيني أو عصفور الشمس الفلسطيني، الطائر الوطني لفلسطين.
عانت الحياة البرية في فلسطين التاريخية من تداعيات الاحتلال الإسرائيلي إضافة إلى الممارسات الضارة للمزارعين والرعاة والمصطافين. أقيمت كثير من المستعمرات الإسرائيلية في مناطق غابات وأحراج مثل مستعمرات عيلي وأريئيل وقدوميم وألون موريه وبراخا في نابلس ومستعمرة جبل أبو غنيم في بيت لحم ومستعمرتي ميتاتياهو وكريات سيفر ومعظم مستعمرات هضبة الجولان. كانت المستعمرات مسؤولة عن 78% من الخسارة في أراضي الغابات في الضفة الغربية. إضافة إلى ذلك، تقوم إسرائيل باستغلال المناطق الطبيعية سياحيًا، مما أثر على الحياة الطبيعية فيها. على سبيل المثال، في منطقة عين الفشخة على شاطئ البحر الميت أزيلت الأشجار فلم يتبق سوى شجرة سنط سيال واحدة وانحسرت مساحة أشجار الأراك إلى 3 دونمات فقط.[63]
وقد قامت عدة مؤسسات غير حكومية في داخل وخارج فلسطين بمشاريع تتضمن إعادة زراعة الأشجار التي اُقتلعت من أراض فلسطينية جرفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربيةوقطاع غزة المحتلين لبناء أو توسيع المستوطنات اليهودية والطرق المؤدية اليها وإنشاء جدار الفصل العنصري. ويجري حاليا زراعة مئات الاف أشجار الزيتون وأشجار الفواكه والنخيل في مواقع مختلفة.[64]
توجد في الضفة الغربية 48 محمية طبيعية، بعضها أعلن كمحميات في أثناء فترة الانتداب البريطاني على فلسطين بينما أعلنت السلطات الإسرائيلية خلال سنوات وجودها المتعاقبة عن البقية. تبلغ مساحة المحميات مجتمعة 330700 دونم (أكثر من 330 كم2)، وهو ما يشكل 5.6% من مساحة الضفة الغربية. توجد معظم هذه المحميات في مناطق المنحدرات الشرقية وغور الأردن. كان الهدف الرئيس من هذه المحميات تسهيل الاستيلاء عليها لإقامة مستعمرات جديدة، ومع ذلك، ساهمت بعض هذه المناطق المحمية في حماية الحياة النباتية. محمية شوباش هي أكبر المحميات بمساحة تزيد على 55 كم2. بينما أجملها محمية وادي الباذان الواقعة على بعد 5 كم إلى الشمال الشرقي مننابلس. قامت السلطة الفلسطينية ببرامج تشجير وحماية للغابات بالتعاون مع هيئات محلية وأجنبية.[63]
في عام 1986، تأسست الجمعية الأمريكية للحفاظ على الحياة البرية في إسرائيل للمساعدة على توعية الناس وتثقيفهم بشأن القضايا البيئية المختلفة، وما زالت تمارس عملها منذ ذلك الحين، لتكون أقدم جمعيات الحياة البرية في البلاد.[65] أما على الصعيد الحكومي، فإن مصلحة البيئة والمتنزهات القومية الإسرائيلية هي الهيئة الرسمية التي تقوم بصيانة وحماية الأنظمة البيئية المختلفة في البلاد بالإضافة إلى التنوع الحيوي، كما وتتولى تثقيف المزارعين حول أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. وقد ولدت هذه الهيئة في سنة 1963 بعد إصدار الكنيست قرارًا بتشكيل هيئة لصيانة ما تبقى من الغابات والصحاري قبل أن تمتد إليها يد الإنسان،[66] وقد أنشأت الهيئة عددًا ضخمًا من المحميات في إسرائيل، كان أولها محمية الحولة التي فتحت أبوابها للعموم سنة 1964، وعُمل خلال السنوات اللاحقة على إعادة تأهيل أراضيها حتى أصبحت ملائمة لاستضافة أعداد الطيور الهائلة المهاجرة عبر سماء الشام، وقد نجحت هذه المحمية نجاحًا باهرًا في الحفاظ على الطيور المهاجرة والمقيمة، بالإضافة للأسماك النهرية والحشرات وبعض أنواع الثدييات، وبلغ من درجة نجاحها أن بعض أنواع الطيور المهاجرة أخذت تستقر فيها طيلة الربيعوالخريف دون أن تتابع طريقها جنوبًا نحو أفريقيا، خاصةً بعد تشجيع المزارعين على رمي الحبوب والخضار بشكل مستمر لإطعام الطيور.[67]
ثلوج ديسمبر/ كانون الأول 2013 حيث كست مرتفعاتالضفة الغربية.
يعد مناخ فلسطين انتقالياً بين مناخ البحر المتوسطوالمناخ الصحراوي، لذا فإنه يتأثر بكل من البحر المتوسط والصحراء، إذ تسود في معظم الأيام مؤثرات البحر المتوسط، بينما تسود في بعض الايام مؤثرات الصحراء. ويتأثر مناخ فلسطين من حيث الحرارة وكمية الأمطار بأمور ثلاثة: أولها أن في البلد سلسلة جبال تمتد من الشمال إلى الجنوب محاذية للسهل الساحلي. وثانيها أنه إلى الجنوب والجنوب الغربي، وهما طريق الرياح الغربية التي تحمل الأمطار في الشتاء، تقع صحاري واسعة بدءاً بصحراء سيناء ومروراً بمصر إلى شمالأفريقيا، وثالثها أن البلد يجاور في الجهة الشرقية جزءاً من الصحراء السورية. فالرياح التي تهب من الشرق والشمال الشرقي، وهي الرياح الشرقية عامة مع تسميات محلية مختلفة، هي رياح جافة، لا تنقل معها رطوبة ولا تسقط مطراً. بل على العكس من ذلك لها قدرة على امتصاص الرطوبة، ومن ثم فإنها تزيد التبخر في الصيف. وهبوبها مدداً متطاولة، وخصوصاً في أواخر الربيع، يكون عادة نذير سوء للفلاح. وإذا هبت الرياح الشرقية (الخمسينية) في أواخرالربيع مدة طويلة خشي الناس على الزيتون خاصة. أما في الشتاء فتكون هذه الرياح باردة جداً، وإليها يعود انخفاض درجة الحرارة في المناطق المرتفعة، هذا مع العلم بأن فلسطين تتعرض أيضاً لرياح شمالية تهب في فصل الشتاء، فتزيد من انخفاض درجة الحرارة وخصوصاً في الشمال.
وتقع فلسطين في المنطقة المسماة منطقة البحر المتوسط مناخياً. ومعنى هذا أن الشتاء هو فصل المطر فيها، وأن الصيف هو فصل الجفاف، وهذا واضح جداً، لكن الرياح التي تحمل الأمطار إلى فلسطين من البحر المتوسط هي رياح جنوبية غربية. ويعني هذا أن الرياح التي تحملها الأمطار إلى شمال فلسطين تقطع مسافة بحرية أكبر من تلك التي تقطعها الرياح التي تهب على جنوبها، ولذلك فإن كميات بخار الماء التي تحملها أقل، والمطر الذي تسقطه أقل تبعاً لذلك، فبينما يسقط من الأمطار في سهل عكا والجزء الشمالي من السهل الحالي بين 50،100 سم في السنة نجد أن منطقة غزة وتترواح أمطارها بين 25،37 سم فقط. أما كون سلسلة الجبال موازية للسهل الساحلي ومتعامدة مع مهاب الرياح الغربية الحاملة للأمطار. فمعناه أن السفوح الغربية للجبال تتلقى الأمطار أولاً وتأسرها، وأن السفوح الشرقية أقل مطراً. (وهذا أكثر وضوحاً في لبنان منه في فلسطين). والمطر في السهل الساحلي معتدل أو غزير على العموم، لكنه يتناقص كلما اتجهنا جنوباً، فحيفا ينالها نحو 65 سم من الأمطار، أما غزة فيسقط فيها نحو 35 سم فقط. ترتفع درجة الرطوبة في الصيف فتصل في يافا 73% في حزيران/يونيو وفي غزة 77% في كانون الثاني/يناير.هذا في السهل الساحلي، أما في المرتفعات فتنخفض الحرارة عنها في الساحل شتاءً وصيفاً، ومعدل درجة الحرارة الشتوية في القدسوالخليل يترواح بين 8 و10 درجات مئوية، وقد تنخفض الحرارة إلى الصفر أو تحته قليلاً في ليالي الشتاء في هاتين المدينتين وفي رام اللهوصفد. أما في الصيف فيختلف الوضع تماماً. ففي جبال القدس تكون درجة الحرارة أقل منها في الساحل كثيراً، بينما في جبلا الجليل قد لا يتجاوز الفرق بينهما وبين الساحل درجة أو درجتين. وتبلغ الحرارة أعلى درجاتها في الصيف في كل من سهل النقبوغور الأردن، ففي المنطقة الأولى سجلت محطات الرصد 35 درجة مئوية في شهر آب/أغسطس في بئر السبع، أما في غور الأردن فتظل الحرارة في أريحا نحو 38 درجة مئوية أكثر شهور الصيف، ولكن كثيراً ما تبلغ 43 درجة مئوية أو 50 درجة. والرطوبة أقل في الجبال والمرتفعات منها في السهل الساحلي، وتترواح بين 10% و20% بين الشتاء والصيف. وقد تهبط حتى إلى 9% في الصيف (في القدس مثلاً) إبان هبوب الرياح الشرقية.[70]
بعد الانتهاء من الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى عام 1948 (النكبة)، تم التوقيع على اتفاقيات رودس التي فرضت الهدنة بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن ولبنان. وتم بموجب هذه الاتفاقيات رسم الخط الأخضر الذي تم تحديده رسميا كخط وقف إطلاق النار، ولكنه أصبح بالفعل حدودا بين دولة إسرائيل الحديثة آنذاك والدول العربية المجاورة.
بقيت داخل الخط الأخضر، أي في إسرائيل، عدد من البلدات والمدن العربية الفلسطينية والمدن المختلطة التي يسكنها يهود وعرب.
كذلك بقي داخل الخط الأخضر الجزء الغربي من مدينة القدس إذ مر الخط الأخضر وسط المدينة. ويطلق على السكان العرب الذين بقوا في هذه المدن والبلدات لقب فلسطينيو 48، وهم حازوا على الجنسية الإسرائيلية بموجب قانون المواطنة الإسرائيلي، الذي ينص على اعتبار كل من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو 1952 (أي عندما أقر الكنيست الإسرائيلي القانون) مواطنا إسرائيليا.
من ناحية أخرى، أغلق هذا القانون الباب أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى هذا التاريخ، حيث يمنع منهم الدخول في دولة إسرائيل كمواطني الدولة. وأهم المدن الفلسطينية أو المختلطة الواقعة في إسرائيل بحدود الخط الأخضر هي:
في عام 1967 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة خلال حرب 1967 (أو ما يسميها عليها العرب بالنكسة)، [71] فسقطت كامل مدن الضفة الغربية التي كانت تابعة للأردنإدارياً، وعلى رأسها القدس الشرقية. (تشكل الضفة مانسبته 21% من مساحة فلسطين، أي قرابة 5860 كم مربع).
أما قطاع غزة فيشكل ما نسبته 1.3% من مساحة فلسطين، أي حوالي 360 كم مربع. ويتركز فيه معظم لاجئي الداخل وخاصة مدن الساحل مما يجعله المنطقة الأكثف سكاناً في العالم.من أهم وأكبر المدن
بدأ الوعي السياسي في فلسطين مبكرًا وكان هذا الوعي ملحوظًا في فترة الدولة العثمانية. وكان لفلسطين دور في الدولة العثمانية حيث كان لأهل فلسطين ممثلون في مجلس المبعوثان الذي انتخب في اعقاب صدور الدستور إذ كان روحي الخالدي وسعيد الحسيني وحافظ السعيد مندوين عن لواء القدس والشيخ أحمد الخماش عن لواء نابلس وأسعد الشقيري عن لواء عكا. وكان للمثقفين الفلسطينيين دور هاما في التصدي لسياسة التتريك ومواجهة الهجرة اليهودية إلى بلادهم وقد أسسوا نحو17 من المنظمات والأحزاب السياسية للتعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم الوطنية وارتبطت كثير منها بقضايا المنطقة والأمة العربية.
لقد قاوم الفلسطينيون باختلاف انتمائاتهم السياسية والعقائدية الاحتلال بكل الوسائل المدنية والعسكرية، ففاوضت القيادة الفلسطينية إسرائيل ابتداءً من مؤتمر مدريد للسلام وانتهاءبكامب ديفيد، مرورا باتفاق أوسلو على وضع حد للاحتلال وإقامة السلام، إلا أن إسرائيل تنصلت من معظم هذه الاتفاقيات. وفي فلسطين اليوم كثير من الفصائل والأحزاب التي تجمعها أهداف كبرى كتحرير الأرض وإخراج المستوطنين وعودة اللاجئين لديارهم.
الوضع السياسي
تشكّل الحكومة (المجلس الوزاري) السلطةَ التنفيذية للدولة وهي مكلَّفة بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية بما في ذلك الشؤون الآنيّة. سلطاتها صانعة السياسة كثيرة ولها صلاحية اتّخاذ الخطوات في أي مجال لا يخضع قانونيًا لصلاحية سلطة أخرى. تحدّد الحكومة الإجراءات الخاصة بعملها وآلية اتّخاذ القرار حيث تلتئم عادةً مرّةً في كل أسبوع مع العلم أنّ اجتماعات إضافية يمكن الدعوة إليها إذا اقتضت الضرورة ذلك. كما وتستطيع الحكومة التصرُّف عبر لجانها الوزارية أيضًا. اعتمدت جميع حكومات إسرائيل حتّى الآن على تحالف عدد من الأحزاب نظرًا لعدم تمكُّن أي حزب من الحصول على العدد الكافي من مقاعد الكنيست لتشكيل الحكومة وحده.
من جهة أخرى، وبالرغم من أن دستور السلطة الفلسطينية ينص على انتخاب رئيس للسلطة ومجلس تشريعي بشكل دوري، إلا أن الانتخابات تمت مرتين فقط خلال الفترة بين إنشاء السلطة وحتى عام 2010، الأولى عام 1996 والثانية عام 2006، وفي 24 يناير كانون ثاني عام 2010، حيث أضحى الرئيس الفلسطيني منتهي الولاية، أما المجلس التشريعي طبقا للمادة 47 مكرر من القانون الأساسي الفلسطيني تنتهي ولايته “عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية”. وهو أحد مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية. يرأسه الدكتور عزيز دويك، تم تأسيسه بناء على إعلان المبادئ واتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولة إسرائيل. تأسس المجلس في العام 1996 على إثر الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في بداية ذلك العام. يقوم المجلس التشريعي الفلسطيني بمهام البرلمان حيث أنبطت به مسؤولية سن القوانين والرقابة على السلطة التنفيذية.
بيت الشرق، المقر السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس.
تقع في القدس أبرز المؤسسات الحكومية الإسرائيلية، بما فيها البرلمان أو الكنيست،[72]والمحكمة العليا،[73] والمقر الرسمي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. وقبيل إعلان قيام دولة إسرائيل، كانت القدس عاصمةً إدارية للأراضي الشاميّة الخاضعة للانتداب البريطاني، أي تلك التي تشمل اليوم أراضيالسلطة الفلسطينيةوإسرائيلوالأردن.[74][75] كانت القدس الغربية عاصمةً لإسرائيل من سنة 1949حتى سنة 1967، إلا أن دول العالم لم تعترف بهذا الأمر بما أن قرار الأمم المتحدة رقم 194 كان قد نصّ على تدويل المدينة. بعد أن خضعت المدينة بشطريها لإسرائيل بعد حرب سنة 1967، أعلنت حكومة ليڤي أشكول تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية وامتداد نطاق اختصاص القضاء الإسرائيلي إليها، لكنها وافقت على خضوع منطقة المسجد الأقصى وقبة الصخرة لوزارة الأوقاف الأردنية.[76] أمرت السلطات الإسرائيلية بإقفالبيت الشرق، وهو مقرّ منظمة التحرير الفلسطينية، في سنة 1988 لأسباب أمنيّة، وفي سنة 1992 أعيد افتتاح البيت بصفته مضافة.[77][78] نصّت اتفاقية أوسلو على أن الوضع النهائي للقدس يجب أن يتحدد عن طريق مفاوضات مع السلطة الفلسطينة، التي تعدّ القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية. وقد قال الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس أن أية مفاوضات لا تتضمن الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين ستكون غير مقبولة.[79]
تأسس الجيش الإسرائيلي بعد 12 يوما من الإعلان الرسمي لقيام دولة إسرائيل بإتحاد عدة ميليشيات صهيونية بعضها إرهابية[80]، بأمر صدر عن رئيس الحكومة المؤقتة في 26 مايو (أيار) 1948. في 31 مارس (أذار) 1976 قررت الكنيست الإسرائيلي ترسيخ مكانة الجيش وأهدافه في “قانون أساس” (قانون دستوري) حيث يوضح خضوع الجيش لأوامر الحكومة والحظر على قيام قوة مسلحة بديلة له.[81] تعمل أذرع الجيش الإسرائيلي الثلاثة (القوات البرّية وسلاحا الجو والبحرية) تحت إمرة قيادة مركزية موحّدة في أعلى هرمها رئيس الأركان الذي يحمل رتبة جنرال وهو مسؤول أمام وزير الدفاع. تعيّن الحكومة رئيس أركان الجيش اعتمادًا على توصيات رئيس الوزراء ووزير الدفاع ويشغل منصبه لمدّة ثلاثة أعوام تمدَّد عادة بسنة أخرى. ويتمّ تجنيد جميع الرجال والنساء المؤهّلين البالغة أعمارهم 18 وتستمرّ خدمة الرجال ثلاثة أعوام وخدمة النساء 21 شهرًا, وقد تُمنَح التأجيلات للطلاّب الكفؤ في مؤسّسات التعليم العالي.[82]
المنطقة الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية منذ حرب 1948.
في فلسطين التاريخية اليوم، كيانان سياسيان. الأول تم إنشاؤه بعد حرب 1948 وهو إسرائيل على ما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية، متجاوزا ما خصصته الأمم المتحدة للدولة العبرية في قرار تقسيم فلسطين عام 1947. أما الكيان الآخر، فهو غير مستقل، ويتمثل في سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني التي نشأت بناء على إتفاقية أوسلو عام 1993، ولها سيادة جزئية على مناطق من الضفة الغربية وقطاع غزة. وتشكل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية المناطق المحتلة منذ حرب 1967 والتي تشكل مجتمعة نسبة 22% من فلسطين التاريخية. إلاّ أنه من الوجهة الدولية، تعدّ إسرائيل دولة معترف بها دوليا، أما السلطة الفلسطينية فتسعى للحصول على إعتراف بدولة فلسطينية، والتي لا تحظى بإعتراف دولي أو سيادة دولة مستقلة إلى حد الآن.
حل الدولة الواحدة هو حل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي، وهو المقابل لمحاولات تتمحور حول حل الدولتين والذي يحظى بتأييد معظم الدول. يدعو أنصار حل الدولة الواحدة إلى إنشاء دولة واحدة في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة بحيث يكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية في الكيان الموحد ثنائي القومية، وبينما يتبنى البعض هذا التوجه لأسباب أيديولوجية، فإن البعض الآخر يرى فيه الحل الوحيد الممكن نظرا للأمر الواقع القائم على الأرض.
دولة فلسطين: هي الدولة التي تطالب بإنشائها الجهة الفلسطينية الرسمية على جزء من أرض فلسطين التاريخية وهو الضفة الغربيةوقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، بجانب الدولة الإسرائيلية الحالية. على الرغم من إعلان قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988 في الجزائر، إلا أن الإعلان قد تم من طرف واحد دون أن يكون لذلك تداعيات عملية على أرض الواقع.
دولة إسرائيل: دولة اُنشئت على ما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية، كما أنها تحتل الضفة الغربية المحاذية للأردن في الشرق وقطاع غزة في الجنوب الغربي بمحاذاة البحر الأبيض المتوسط ومصر مسيطرة بالتالي اليوم على كامل مساحة فلسطين بحسب ترسيم الحدود حتى عهد الانتداب البريطاني، كما تحتل مرتفعات الجولان السورية. تأسست دولة إسرائيل في 14 أيار/مايو1948 حيث تم إعلانها من قبل المجلس اليهودي الصهيوني في فلسطين في اليوم المتمم لفترة الانتداب البريطاني حسب قرار الأمم المتحدة وحكومةبريطانيا، وفي ظل حرب بين العرب واليهود الصهاينة أسفرت عن النكبة الفلسطينية وإبادة الكثير من المدن والقرى الفلسطينية حيث أصبح معظم سكانها لاجئين في الضفة الغربيةوقطاع غزة وفي بعض البلدان العربية أو مهجرون داخليا في إسرائيل. وقد أعلنت دولة إسرائيل هدفا لها استقبال اليهود الذين تم ترحيلهم من شرقي أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وتوطينهم في الدولة اليهودية، وكذلك استقبال اليهود من جميع أنحاء العالم. وأصبحت بذلك الدولة الوحيدة في العالم ذات أغلبية دينية يهودية اليوم.
تفاوض السلطة الفلسطينية اليوم ومنذ تأسيسها عام 1994، على قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة (الذين يشكلان معاً ما نسبته 22% من مساحة فلسطين التاريخية). تقع في هاتين المنطقتين مدن فلسطينية كبيرة مثل القدس الشرقية وغزةونابلسوالخليلورام الله. وتتخذ السلطة من مدينتي رام اللهوغزة مقرا مؤقتا لمؤسساتها، ريثما تصل المفاوضات لحل.
في الوقت الراهن تخضع منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة لطريقة حكم مختلطة، وبينما تتمتع أجزاء معينة منها من حكم ذاتي، ما زالت أجزاء أخرى منها تخضع للاحتلال الإسرائيلي. وتعدّ مكانة قطاع غزة السياسية معقدة بشكل خاص منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي منها عام 2005 دون اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على طبيعة السلطة فيه، وكذلك بسبب استيلاء حركة حماس عليه رغم معارضة السلطة الفلسطينية لذلك.
دولياً هناك إجماع ضمني بأنها أراضي ستؤول مستقبلا للدولة الفلسطينية، وإن إسرائيل هي طرف محتل لها. ليس هناك اعتراف دولي بضم الجزء الشرقي من مدينة القدس إلى إسرائيل، ولكن معظم دول العالم (باستثناء الدول العربية) تعدّ القدس مكانا ذا أهمية خاصة الذي من شأنه أن يخضع لتسوية خاصة. وفي أساس الموقف الدولي تجاه هاتين المنطقتين يوجد القرار الأممي الذي صدر في نوفمبر 1967 والمرقم ب242 والذي ينص على : “إقرار مبادي سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط القرار حيث أن مجلس الأمن إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشان الوضع الخطر في الشرق الأوسط وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب. والحاجة إلي العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن وإذ يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة 2 من الميثاق”. وقد اتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي على تبني نص قرار 242 كأساس التسوية بينهما ضمن اتفاقيات أوسلو.
الاعتراف الدولي بدولتي بين فلسطينوإسرائيل. فلسطين وإسرائيل دول معترفة بإسرائيل فقط دول معترفة بإسرائيل مع وجود علاقات جزئية مع فلسطين دول معترفة بفلسطين وإسرائيل معاً دول معترفة بفلسطين مع وجود علاقات جزئية مع إسرائيل دول معترفة بفلسطين فقط غير موضح
إن أول آثار معروفة في فلسطين تعود لقوم يسمون بالكنعانيين وقوم آخرين يسمون بالأموريين وهذان الشعبان قبائل هاجرت من شبه الجزيرة العربية شمالا واستقرت في بلاد الشام وفلسطين تحديدا وهذا ثابت وواضح في تاريخ فلسطين واجمع عليه جميع المؤرخين الشرقببن منهم والغربيين ومن ثم سكنها شعوب أخرى تسمى بشعوب البحر (البحر المتوسط) يعتقد البعض أنها أتت من جزيرة كريت، ويبدو أن شعوب البحر أصابتهم مجاعه أو ظروف معينة ماجعلهم يهاجمون شواطئ الشام ومصر وصدهم أولا رمسيس الثالث في معركة لوزين المشهورة والتي حدثت في مصر وكان رمسيس لايريدهم أن يسكنوا مصر وبعد المفاوضات استقر الأمر على أن يرحلوا إلى فلسطين وأمرهم رمسيس أن يسكنوا فيها وهم الفلستيون ومن هنا جاء اسم فلسطين. هذه الشعوب تجاورت مع الكنعانيين (السكان الاصليين) ومع تقدم السنين ذاب الفلستيون مع الكنعانيين ولم يعد لهم أثر وغاب ذكرهم التاريخي. وقبل أن تبدأ عمليات الهجرة المنظمة للأراضي الفلسطينية في بداية القرن العشرين وحتى وقوع النكبة وتأسيس إسرائيل، ظل الفلسطينيون يشكلون الأغلبية الساحقة لسكان فلسطين. وانقسم المجتمع الفلسطيني لثلاث فئات هم المدن والفلاحون والبدو، حيث أسهم كل في موقعه بخلق ثقافة فلسطينية خاصة ميزت الدولة الفلسطينية عن بقية الدول المجاورة لها التي ارتبطت شعوبها مع الشعب الفلسطيني بعلاقات ثقافية وتجارية وفنية شأنها في ذلك شأن كل دول المنطقة.[85]
وفي الوقت الحالي، يسكن في مناطق فلسطين التاريخية التي شكلت دولة إسرائيل في حدود عام 1948 أقلية تتحدث العربية من السكان الموجودين قبل قيام دولة إسرائيل والهجرةاليهودية، وأغلبية يهودية هاجرت من مختلف بقاع العالم. ومن الجدير بالذكر أن هناك اليوم ما يزيد على خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون خارج حدود الأراضي الفلسطينية ويتمركز أغلبيتهم في الأردنوسورياولبنان. بالإضافة إلى مئات الآلاف من ذوي الأصول الفلسطينية الموزعين في الشتات حول العالم وبالأخص دول الخليج والأمريكيتين.[86]
يقدر التعداد العالمي للفلسطينيين بما يقارب 11 مليون نسمة، نصفهم يعيش كلاجئ خارج حدود فلسطين التاريخية، أما النصف الآخر فهم يعيشون داخل حدود فلسطين التاريخية، ولكن ليس بالضرورة في بلداتهم الأصلية، فنسبة كبيرة منهم أيضاً لاجئون. ويقطن في المنطقة المسماةبالضفة الغربيةوقطاع غزة أغلبية من السكان الأصليين واللاجئين والنازحين من المناطق التي تأسست عليها دولة إسرائيل المتحدثين بالعربية، كما أن هناك أقلية من المستوطنين الإسرائيليين في تجمعات سكانية متفرقة في الضفة الغربية، وقطاع غزة سابقًا.[87]
يتكونون من السكان الأصليين والمهاجرين من المناطق التي تأسست عليها دولة إسرائيل. يفتقرون لكيان سياسي واضح، وخاضعون للاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967. سكان القدس الشرقية يحملون هويات خاصة ذات لون أزرق صادرة عن سلطة الاحتلال الإسرائيلي. أما بقية فلسطينيي الضفة والقطاع فيحملون اليوم جوازات سفر صادرة عن السلطة الوطنية الفلسطينية (مع أن هذه الجوازات احتفظت بنفس رقم الإضبارة الذي كان على الهوية الشخصية التي كانت تصدر عن سلطة الاحتلال الإسرائيلي). يقدر عدد فلسطينيي الضفة والقطاع (2011) بـ 3,752,200 معظمهم من العرب مع وجود بعض العرقيات الأخرى:[91] ويتكونون من الفئات التالية: عرب حضر: عددهم 3,711,000 ويتكلمون اللهجة الشامية الجنوبية، معظمهم من مسلمي السنة (مع وجود أقل من 5% منهم من المسيحيين)، عرب بدو: عددهم 17,000 يتكلمون لهجة بدو سيناء والنقب. يتمركزون في صحراء جبال القدسوالأغوار معظمهم من مسلمي السنة، غجر: عددهم 8,600 يتكلمون اللغة الدومرية (اللهجة النورية). يتمركزون في القدس القديمةومدينة غزةوبير زيت معظمهم من مسلمي السنة، آراميون غربيون: عددهم 4,300. مسيحيون يتكلمون اللغة الآرامية الغربية الحديثة، آشوريون: عددهم 4,300. مسيحيون يتكلمون اللغة الآشورية، شركس: عددهم 3,600 يتكلمون اللغة الأديغية. معظمهم من مسلمي السنة،أرمن: عددهم 2,500 يتكلمون اللغة الأرمنية يتمركزون في القدس الشرقية معظمهم من مسيحيي الأرثودكس، وسامريون: عددهم 900. يهود يتكلمون اللغة العربية بلهجتها الشامية الجنوبية يحملون الجنسية الفلسطينية والإسرائيلية ويعيشون في قرية لوزة بالقرب من نابلس.
هناك اليوم ما يزيد على خمسة ملايين فلسطيني يعيشون خارج حدود فلسطين التاريخية. ويتمركز أغلبيتهم في الأردنوسورياولبنانوتشيلي. معظمهم يدينون بإسلام السنة (ما عدا في أمريكا اللاتينية وكندا والمملكة المتحدة فمعظمهم مسيحيين)
في الأردن:[93] عددهم 3,024,000 يمثلون حوالي نصف فلسطينيي الشتات، يحملون الجنسية الأردنية ويشكلون 48% من مجموع من يسكن الأردن من مواطنين وأجانب (60% إذا احتسبنا فقط مجموع السكان المواطنين). لهم فعالية كبيرة اقتصادياً في الأردن ولا يشاركون كثيراً سياسياً. يتمركزون في عمّانوالزرقاءومخيمات اللاجئين المختلفة.
في سوريا: عددهم 581,000 يحملون وثائق سفر خاصة للاجئين الفلسطينيين في سوريا. يتمركزون في مخيم اليرموك في دمشق. بالإضافة إلى هذا العدد.
في لبنان: عددهم 544,000 يحملون وثائق سفر خاصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. يتمركزون في مخيمات اللاجئين المختلفة. يعيشون حياة قاسية حيث أن السلطات اللبنانية تمنعهم من مزاولة العديد من المهنات.
في أمريكا اللاتينية: عددهم حوالي نصف مليون. هؤلاء الشريحة من الفلسطينيين هاجروا في بداية القرن العشرين معظمهم من مسيحيي الأرثودكس. يحملون جوازات سفر البلدان التي استقبلتهم. اليوم، معظمهم لا يتكلم العربية؛ حيث أن الآباء لم يعلموا أبنائهم العربية من أجل التركيز على الإسبانية (أو البرتغالية لمن سكن البرازيل) بغية الاندماج في المجتمع المستضيف لهم. عددهم في تشيلي حوالي 400,000.
إسرائيليون
وهم بالأساس أبناء شعوب مختلفة هاجرت إلى فلسطين منذ بداية القرن العشرين، وهم بالغالبية من الديانة اليهودية. وقد هاجروا بالأساس من ألمانياوأوروبا الشرقيةوروسيا ومن بلدان عربية كاليمنوالعراقوالمغرب. بالإضافة إلى أقلية يهودية كانت موجودة في فلسطين التاريخية منذ زمن بعيد.
يسمون بفلسطينيي الداخل (داخل الخط الأخضر) أو فلسطينيي الـ48 أو عرب إسرائيل (لأن معظمهم من العرب). وهم الفلسطينيون الذين بقوا في ديارهم داخل حدود دولة إسرائيلعند قيامها سنة 1948، منهم أيضاً من هُجِّر من دياره ولكن مع انتهاء الحرب سنة 1949 كانت إسرائيل قد ضمت مكان سكنه الجديد إليها. حصلوا على الجنسية الإسرائيلية سنة 1952 (اليهود منهم حصلوا على الجنسية فوراً بعد قيام دولة إسرائيل). يعانون من عنصرية (أحياناً مُشَرَّعة في القانون الإسرائيلي). اليوم، يقدر عددهم (2011) بـ 1,575,700 (21% من مجموع سكان إسرائيل). يتشكلون من عرقيات مختلفة وإن كانت النسبة الكبيرة منهم عرباً.[94]
الجدول الآتي لسكان فلسطين التاريخية وفقا لإحصاء 2007، في كل من التقسيمات الإدارية الفلسطينية والإسرائيلية:
التقسيم الإداري الحالي في فلسطين التاريخية. المنطقة الرمادية: السلطة الفلسطينية، المنطقة الصفراء: إسرائيل.
ظهرت ما قبل الميلاد في فلسطين بما تسمى “اللغات الكنعانية” تحدث بها في ذلك الوقت الكنعانيين والفينقيين والعبرانيين، وكانت هذه اللغات تتمثل بالفينيقية والتي تحدث بها الكنعانيين الذين كانوا يعيشون في شمال فلسطين، والعبرية التي انتشرت في مناطق الجبال (الضفة الغربية والقدس حاليا) والمناطق الساحلية الشمالية وقد كان يتحدثها الكنعانيين وأخذها عنهم بعد ذلك العبرانيين بعد دخولهم إلى فلسطين، أما الساحل الجنوبي من فلسطين والذي يشمل منطقة (قطاع غزة حاليا) وعسقلان (عشقلون بالكنعانية) كانت اللغة السائدة به “اللغة الفلستية”.
ابتداءً من حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، بدأت تنقرض اللغات الكنعانية، وتأخذ مكانها اللغة الآرامية التي تحدث بها في ذلك الوقت الكنعانيين إلى جانب اليهود والمسيحيين، وقد استمر بالحديث بها حتى انتشرت اللغة العربية في فلسطين كلغة أم لسكانها حيث تم التحدث بها طيلة ما يقارب 10 قرون. ولكن حالياً يتحدث بها حوالي 45% من السكان داخل فلسطين التاريخية كلغة أم (وذلك على إثر النكبة وتهجير قرابة نصف الفلسطينيين). ويتكلم الفلسطينيون باللهجة الفلسطينية، وهي إحدى اللهجات العربية العامية تتبع طائفة اللهجات الشامية الجنوبية، وهناك أيضاً لهجة بدو سيناء والنقب (للبدويين من سكان صحراء النقب). ويمكن تقسيم اللهجة الفلسطينية إلى لهجات فرعية، فللهجات الفلسطينية الريفية أو الفلاحية مزايا وسمات مختلفة كنطق القاف كاف تميزها عن باقي اللهجات العربية. أما لهجات المدن فهي تأخذ شيئاً من اللهجات الشامية الشمالية.
منذ الانتداب البريطاني على فلسطين تم اعتبار اللغات الإنجليزيةوالعربيةوالعبرية كلغات رسمية لمنطقة فلسطين التاريخية (كونها أحد مناطق الانتداب البريطاني). هذا وقد بدأت اللغة للعبرية بالتسرب إلى فلسطين خلال القرنين التاسع عشر والعشرين بالتزامن مع الهجرات اليهودية المكثفة وإقامة المستوطنات اليهودية على أرض فلسطين. فيما سبق كان التحدث بالعبرية محدوداً جداً في فلسطين يقتصر على مستوى حاخامات اليهود المتوزعين في مناطق فلسطين المختلفة.
بعد نكبة فلسطين سنة 1948، أصبحت اللغة العبريةوالعربية اللغتين الرسميتين والأساسيتين للسكان داخل إسرائيل، حيث أصبح عدد السكان العرب 20.2% من سكان الدولة العبرية وبعد مطلبتهم بالاعتراف بان اللغة العربية لغة رسمية في البلاد استجابت الحكومة بعد عدة ضغوطات من العرب داخل اراضي ال 1948، كما يمكن بشكل عام التمييز بين لكنة اليهود الشرقيين والغربيين عن النطق بالعبرية. علماً بأن هناك اللغة العبرية تنقسم إلى العبرية القديمة والعبرية الحديثة القياسية. أما في الضفة الغربيةوقطاع غزة (وهي مناطقالسلطة الفلسطينية) فيتكلم غالبية السكان اللغة العربية وهم الفلسطينيون الأصليون واللاجئون من مدن أخرى داخل الخط الأخضر.
يشار إلى أن جزء كبير من الشعبين يتحدث اللغتين بطلاقة، بالإضافة للغة الأنجليزية كلغة أجنبية. كما توجد أقليات تتحدث اللغات الأرمنية وهم الفلسطينيون المنحدرون من أصول أرمنية، فضلاً عن اللغات الروسيةوالرومانيةواليديشيةوالأمهرية وهم أبناء المهاجرين اليهود.
لفلسطين أهمية دينية في الديانات السماوية الثلاث : الإسلاموالمسيحيةواليهودية. وخلال تاريخها اتخذت بعض النزاعات عليها طابعا دينيا مثل الحروب الصليبية كما يعطي البعضالصراع العربي الإسرائيلي طابعا دينيا. ويشكل الإسلام والمسيحية واليهودية الديانات الرئيسية المكونة لسكان فلسطين التاريخية اليوم.
لفلسطين مكانة كبيرة عند المسلمين، فهي الأرض المباركة التي ذكرها الله في القرآن في عدة سوَر كما في سورة الإسراء: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”. وذكر الله أرض فلسطين المباركة أيضًا في كتابه : “نجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين” (الأنبياء، آية 71)، وأيضا حينما قال “ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين” (الأنبياء، آية 81)، وعندما أمر الله النبي موسى وبني إسرائيل بدخول فلسطين قال “وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطّة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين” (البقرة، آية 58)، والقرية هي أريحا، وفي قوله “يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين” (المائدة، آية 21). وذكر الله عن قصة مريم العذراء في كتابه “فحملته فانتبذت به مكانا قصياً” (مريم 22) والمكان المقصود هو وادي يقع بين بيت لحموالقدس[96]. وللقدس أهمية خاصة للمسلمينوالمسجد الأقصى كما هو معروف بأنه أولى القبلتين، ومنه عرج النبي محمد إلى السماء وبقي مسجد هذه المدينة قبلة للمسلمين مدة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، حتى قال تعالى ” قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره”. فتحولت قبلة المسلمين بعدها إلى الكعبة في مكة المكرمة.
ويطلق المسلمون اسم “بيت المقدس” أو “القدس” على المدينة لقدسيتها. كما يؤمن المسلمون بوجود مقام للنبي إبراهيم وأبنائه وأحفاده الأنبياءإسماعيلوإسحقويعقوب وزوجاتهم داخل الحرم الإبراهيمي في الخليل.وفيها ولد عيسى ابن مريم، وفي فلسطين العديد من المساجد التاريخية والشواهد الإسلامية مثل مسجد عمرومسجد البراق في القدس والجامع العمري في غزةوبيت لحم بالإضافة لكثير من مقامات الأنبياء مثل مقام الخضرومقام النبي الياسومقام النبي داوودومقام النبي صالح. وما يزيد تشريفا لأرض الشام وبيت المقدس هو فرض الصلوات الخمس على المسلمين من فوق أرضها، وصلاة النبي إماماً بالأنبياء – حسب المعتقد الإسلامي تحت صخرتها المشرفة. حيث حدَّث رسول الله أصحابه المؤمنين، وأخبرهم ما شاهده في السموات من الآيات، وما تلقاه من الأمر الإلهي بفرض الصلوات الخمس اليومية.[97] وينتمي معظم المسلمين في فلسطين إلىالطائفة السنية، كما ينتمي البعض الآخر إلى أديان وطوائف أخرى كالبهائيين، الذين يعدّون حيفا وعكا أماكن مقدسة ومقصدًا للحج منذ 1860.[98][99] ويقطن أيضًا في تلك المدن الجماعة الأحمدية ويتمركز أغلبهم في حي الكبابير.[100]
تسمى فلسطين عند المسيحيين بالديار المقدسة، إذ بحسب الإيمان المسيحي، ولد وعاش فيها يسوع المسيحورسلهوحدثت معظم الأحداث المذكورة في العهد الجديد والعديد من الأحداث المذكورة في العهد القديم. وحسب التراث المسيحي انطلقت البشارة المسيحية من الجليل ويهوذا، أي من شمالي فلسطين وأوساطها، وانتشرت في أنحاء العالم. لذا تحتوي فلسطين على العديد من الأماكن المقدسة للمسيحيين وعلى رأسها مدينة بيت لحم، مسقط رأس المسيح حيث كنيسة المهد، ومدينة الناصرة حيث تلقت مريم العذراء البشارة بولادة المسيح من الروح القدسوحيث ترعرع المسيح بعد عودة أهله من بيت لحم، ومدينة القدس، أو أورشليم باسمها المسيحي التقليدي، حيث دعا المسيح أهل يهوذا إلى اتباعه إلى أن خطى خطواته الأخيرة على طريق الآلام ومن ثم تم صلبه ودفنه باعتقاد المسيحيون، إذ يؤمن المسيحيون بوجود قبر المسيح في كنيسة القيامة بالمدينة. كما توجد غرب جنينكنيسة أشفى في مكانها المسيح بمعجزته عشرا من المرضى بالبرص، وهي كنيسة برقين. وكذلك يقدس المسيحيين أماكن مختلفة في الجليل وخاصة حول بحيرة طبريا وعلى ضفة نهر الأردن. وكذلك يقدس المسيحيون بعض الأماكن المذكورة في العهد القديم والتي يقدسها اليهود والمسلمون أيضا مثل الحرم القدسيوالحرم الإبراهيمي في الخليل وغيرهما. كانت المسيحية في فلسطين متأثرة منذ البداية باتجاهات مختلفة، فمنذ القرن الأول الميلادي تعايشت في الأراضي المقدسة عدة طوائف مسيحية مختلفة مع بعضها البعض. ولم ينقطع الوجود المسيحي في فلسطين إلى يومنا هذا. تعدّ كنيسة القيامة في القدس إحدى أهم الكنائس في العالم، ويحج إلى فلسطين آلاف المسيحيين سنويا قادمين إلى بيت لحموالقدسوالناصرة ومناطق أخرى مختلفة من فلسطين التاريخية. يشار بالذكر إلى أن المسيحيين في فلسطين ينتمون إلى عدة طوائف أهمها الروم الكاثوليك، حيث تعدّ حيفا مقر مطرانية الروم الكاثوليك في الجليل، والأرثوذكس، بالإضافة إلى الموارنة.[101][102] إلى جانب الأرمن والطوائف البروتستانتية.
يطلق اليهود على فلسطين اسم ‘أرض إسرائيل’ (بالعبرية: ארץ ישראל إيرتس يسرائيل)، وأيضاً ‘أرض الميعاد’، نسبة لما يقال عنها فيالتناخ (العهد القديم في المسيحية): “الأرض التي أقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم” (سفر التثنية، الأصحاح الأول، 8).
بحسب الإيمان اليهودي، كانت فلسطين الأرض التي أقيمت فيها مملكة إسرائيل، قبل أنفصالها إلى مملكتي إسرائيل الشماليةويهوذا، وينسب اليهود المعاصرين أنفسهم إلى أبناء مملكة يهوذا القديمة التي كانت عاصمتها أورشليم (أي مدينة القدس) والتي يعتقدون أنه وقف فيها هيكل سليمان، وهو المركز اليهودي القديم. وتقدس طائفة السامريين القريبة من اليهود دينيا وثقافيا، جبل جرزيم قرب نابلس.
في التراث اليهودي تعدّ القدسوالخليلوطبرياوصفد المدن المقدسة الأربع إذ توجد فيه أماكن ذات أهمية خاصة في الديانة اليهودية وفي تاريخ الشعب اليهودي.
ويعدّ حائط المبكى (المسمى أيضا ب’الحائط الغربي’، أو ب’حائط البراق’ عند المسلمين) أكثر مصلى يهودي أهمية في أيامنا ويحتشد أمامه المصلين اليهود على مدار السنة، وخاصة في الأعياد اليهودية. ويقدس اليهود الحرم الإبراهيمي في الخليل (كما يقدسه المسلمون والمسيحيون)، وكذلك أماكن مختلفة في الجليل.
في الشريعة اليهودية هناك وصايا يمكن تطبيقها في الأرض المقدسة فقط، ويتعلق معظم هذه الوصايا بالأعمال الزراعة. ومن أبرز هذه الوصايا وصية الشميتا.
يُعد الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية اقتصادا هشاً بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي والإغلاق المستمر للحدود والمعابر. وقد ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل بنسبة 7٪ في السنة 1968-1980 ولكن تباطأ خلال الثمانينات. ويُستخدم حاليا في الأراضي الفلسطينيةالدينار الأردنيوالدولار الأمريكي إلى جانب الشيكل كوضع مؤقت، بعدما كانت العملة الوطنية لفلسطين التاريخية قبل حرب 1948 هي الجنيه الفلسطيني.[103]
في أعقاب انتخابات يناير 2006 التشريعية، التي فازت بها حماس، قطعت اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط جميع الأموال إلى السلطة الفلسطينية التي يرأس حكومتها إسماعيل هنية. وكان على السلطة الفلسطينية عجز نقدي شهري قدره 60 مليون دولار، بعد أن تلقت 50 مليون دولار. بعد الانتخابات، انخفض سوق الأوراق المالية الفلسطينية بنحو 20 في المئة. كما استنفدت السلطة الفلسطينية قدرتها على الاقتراض من البنوك المحلية، وتوقفت إسرائيل عن تحويل 55 مليون دولار من عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية.[104] وفي مايو 2006، تظاهر مئات الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية مطالبين بدفع رواتبهم. وارتفعت حدة التوتر بين حماس وفتح نتيجة لهذه “الضائقة الاقتصادية” على السلطة الفلسطينية.[105]
أما الاقتصاد الإسرائيلي -الذي يعدّ الشيكل هو عملته الوطنية، فيُعد من أكثر الاقتصادات تنوعًا على مستوى الشرق الأوسطوشمال أفريقيا. كما أن دخل الفرد في إسرائيل من أعلى الدخول في العالم، حيث يبلغ حوالي 28 الف دولار / الفرد. ويعتمد الاقتصاد على صناعة التكنولوجيا ومعداتها وكذلك على الزراعة والسياحة، فلإسرائيل باع طويل في مجال الصناعات عالية التقنية والبرمجيات المتنوعة وتتواجد على أرضها العديد من شركات تصنيع الحواسيب وبرمجياتها الإسرائيلية أو العالمية من مثل مايكروسوفت وإنتل وكذلك شركات الاتصالات من مثل موتورولا. وتعدّ إسرائيل من الدول الرائدة في مجال إعادة استخدام المياه وتحلية المياه وتقليل الاعتماد على موارد الطاقة الخارجية. الركيزة الثانية للاقتصاد الإسرائيلي هي الزراعة, حيث تعد إسرائيل من أكثر الدول ذات الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي وتقوم بتصدير الفائض الزراعي من خضروات وفواكه إلى دول العالم المختلفة.كذلك فإن السياحة تشكل مصدرا مهما للدخل القومي حيث تزخر إسرائيل بالعديد من نقاط الجذب السياحي الديني، وفوق هذا وذاك فإن إسرائيل تتلقى دعما ماديا كبيرا منالولايات المتحدة الأمريكية حيث يقدر الدعم المادي المخصص لإسرائيل خلال العشر سنوات القادمة بحوالي 30 مليار دولار أمريكي، وتعد أمريكاوالإتحاد الأوروبي الشريكين الرئيسيين لإسرائيل على المستوى التجاري.[106]
الصناعة
أكبر طبق شمسي يوجد في صحراء النقب، يُستخدم لأبحاث الطاقة البديلة.
منذ القدم، مارس سكان فلسطين التاريخية الصناعة، حيث انتشرت الصناعة اليدوية، بل إن بعض حارات المدن الفلسطينية سميت بأسماء هذه الحرف، مثل سوق الغزل وحارة الزجاجيين في الخليل وسوق القطّانين في القدس، وتعد كل من الخليلوغزةونابلس أهم المراكز الصناعية في الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث تشتهر في صناعة الصابون والنسيج والصناعات الخشبية والخزف والنسيج وتصنيع المواد المعدنية ومشتقاتها والأدوات الكهربائية.[107]
من جهة أخرى، تعدّ إسرائيل اليوم بلدا صناعيا، حيث تعتمد معظم صناعاتها، بما فيها العديد من الصناعات التقليدية، على البحث والتطوير المكثفَين الإبداعيَين والعمليات والأدوات والماكينات ذات التقنية العالية، وذلك كنتيجة لعملية التطوير السريعة والمكثفة. ونظرا لافتقار إسرائيل للموارد الطبيعية والمواد الخام، تعدّ ميزة إسرائيل الوحيدة هي عمالتها ذات الكفاءة العالية ومعاهدها العلمية ومراكز البحث والتطوير العاملة فيها، حيث تتركز الصناعات الإسرائيلية حاليا بشكل رئيسي على صناعة المنتجات ذات القيمة المضافة العالية من خلال تطوير المنتجات المعتمدة على مواردها البشرية الذاتية المتميزة بالإبداعية والابتكارية. وعلى خلاف معظم البلدان المتطورة التي بقي فيها عدد الأشخاص العاملين في الصناعة مستقرا أو تراجع خلال أوائل التسعينات، ما زال عدد هؤلاء في إسرائيل يزداد، حيث احتلت أرقام النمو الصناعي الإسرائيلي في 2006 المركز الثاني بين الدول المتطورة بعد كوريا الجنوبية. في العقدين الأخيرين حقق الإنتاج الصناعي الإسرائيلي قفزات كبيرة على مستوى العالم في مجالات الإلكترونيات الطبية والتكنولوجيا الزراعية والاتصالات البعيدة والمواد الكيماوية الدقيقة وعتاد الحاسوب وبرمجياته، بالإضافة إلى قطْع الألماس وصقله. وفي عام 2008 كانت الصناعات الإنتاجية توظف 384,000 شخص، كانت نسبة حمَلة المؤهلات العالية منهم أعلى من نظرائهم في كافة أنحاء العالم باستثناء الولايات المتحدة وهولندا.[108]
يتميز القطاع الزراعي في فلسطين التاريخية بنظام إنتاجي مكثف يعود إلى ضرورة التعويض عن شح الموارد الطبيعية، ومنها المياه والأرض الصالحة للزراعة بوجه خاص. وترجع الزيادة المطردة للإنتاج الزراعي إلى التعاون الوثيق بين الباحثين والمزارعين والصناعات المرتبطة بالزراعة، حيث تقوم هذه الأطراف سوية بتطوير وتطبيق أساليب جديدة في جميع الفروع الزراعية، لتكون النتيجة زراعة عصرية في بلد تغطي الصحراء أكثر من نصف مساحته.[109]
وتمثل الزراعة القطاع الإنتاجي السلعي الرئيسي في الضفة الغربية، فقد كانت تسهم ب 27% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، و 37% من الأيدي العاملة . وقد بلغت المساحات المزروعة في الخمسينيات حوالي 2435000 دونم ،أي ما يوازي 40% من مجموع مساحة الضفة الغربية، بلغت المساحات المروية322.000 دونم أي ما يوازي 13.2% من مجموع المساحات المزروعة، ولم تشهد المساحات المزروعة أي تراجع قبل عام 1967 بل شهدت الزراعة تقدما ملموسا فيما بين 1950 – 1967 ، لاستخدام التقنية الحديثة إلا أن الإنتاج الزراعي شهد تذبذبات بسبب تفاوت كمية الأمطار من سنة لأخرى.
وشهدت المساحة المزروعة في قطاع غزة زيادة مستمرة من عام 1948، وحتى عام 1967 فارتفعت من 97 ألف دونم عام 1948 إلى 146 ألف دونم وفي عام 1960 170 ألف دونم. أدت عملية مصادرة الأراضي، والسيطرة الإسرائيلية على الموارد المائية ,إلى انعكاسات سلبية على القطاع الزراعي لذلك فإن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي تتراجع بشكل ملحوظ من 36.3% عام 1966 إلي 26.3% عام 1983 في الضفة الغربية. أما في قطاع غزة فقد تراجعت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي من 28.1% إلى 16.1% في السنوات نفسها، ويعود هذا الانخفاض إلي سياسة إسرائيل، في مصادرة الأراضي، والتحكم بكميات المياه المتاحة وتشجيع العمالة الزراعية على هجرة حرفة الزراعة.[110]
كما تعد الزراعة أحد القطاعات الاقتصادية الهامة في إسرائيل، حيث تشكل 2.5% من مجموعا الناتج المحلي و 3.6% من صادرات إسرائيل، ويوظف القطاع الزراعي حوالي 3.7% من مجموع العمال في إسرائيل، ويتم إنتاج ما يصل إلى 95% من احتياجاتها الغذائية للدولة داخل إسرائيل، وعلى الرغم من كل ذلك يواجه القطاع الزراعي العديد من التحديات والصعوبات التي تحد من نموه، إذ أن نصف أراضي إسرائيل عبارة عن أراضي صحراوية كما أن الموارد المائية والطقس لا يساعدان على جعل القطاع الزراعي جذابا من الناحية الاقتصادية فضلا عن أن 20% من الأراضي في إسرائيل فقط صالحة للزراعة، ويتواجد في إسرائيل نوعان من المجتمعات الزراعية هما الكيبوتسات والموشاف.
التكنولوجيا
يمكن العثور على أسرع معدلات النمو (بواقع 8 في المئة سنويا خلال السنوات الأخيرة) في فروع الهايتك التي تتميز بكثافة رؤوس الأموال والكفاءات وتتطلب التقنيات الإنتاجية المتطورة كما واستثمار الأموال الطائلة في البحث والتطوير، وهو ما تنفق عليه إسرائيل 4.4 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، أي أعلى نسبة في العالم. وتصنف جودة البحث والتطوير في إسرائيل – والكلام لخبراء الأمم المتحدة – بين العشر الأوائل في العالم. ومن المساهمات الناجحة في ذلك كله ما تقدمه معاهد البحث الجامعية التي توفر جانبا كبيرا من البحث والتطوير الأساسيين ورأس مال المخاطرة. ومما يوضح أهمية نمو صناعات الهايتك كونها شكلت 37% فقط من الناتج الصناعي في عام 1965، ثم ارتفعت هذه النسبة إلى 58% عام 1985، لتصل إلى نحو 70% في العام 2006، مع العلم أن ما يقارب الثمانين في المئة من منتجات الهايتك يتم تصديره إلى الخارج، فيما تبلغ نسبة المصدّر من إنتاج شركات التقنية الأقل تطورا نحو 40% فقط من مجموع إنتاجها. وقد ازدادت صادرات الهايتك 4 أضعاف من 3 مليارات دولار في سنة 1991 إلى 12.3 مليار عام 2000 ثم بلغت 29 مليار دولار سنة 2006 (زائد خدمات تقنية عليا مصدرة للخارج تعادل قيمتها 5.9 مليار دولار). في عام 2009، بلغ إجمالي ناتج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 19 مليار دولار، مسهما بنسبة 17.3 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي لقطاع الأعمال، حيث وظفت هذه الصناعات 204,000 شخص وقامت بتصدير ما قيمته 19 مليار دولار إلى الخارج.[111]
تشكل الثقافة في فلسطين جزءا لا يتجزأ من هوية الشعب الفلسطيني على مر التاريخ والعصور، حيث كانت فلسطين حاضرة في وجدان مثقفيها من فنانين وتشكيليين ومسرحيين. كما كان جرح فلسطين عميقًا ومؤلما في ذاكرة الشعب الفلسطيني وما زال حاضرًا في وجدان فنانيه على امتداد العالم. مما لابد من الإشارة إليه أن بدء ظهور المجلات والملاحق الثقافية في فلسطين يعود إلى عام 1905؛ حيث الاهتمام بنشر كتابات المثقفين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الشتات، إضافة إلى ما ينتجه الكثير من المثقفين وكبار الكتاب والشعراء والأدباء العرب المناصرين للقضية الفلسطينية.[112]
يُعتبر المثقفين الفلسطينيين جزءا لا يتجزأ من الأوساط الفكرية العربية. في الضفة الغربية توجد نسبة أعلى من المراهقين من السكان المسجلين في التعليم الثانوي.[113] حتى منذ ثلاثين عاما، (الفلسطينيون) ربما كانوا بالفعل أكبر نخبة من المتعلمين بين جميع الشعوب العربية.[114] الثقافة الفلسطينية هي الأوثق صلة مع تلك الثقافات الشرقية القريبة وبالأخص بلدان مثل لبنان، سوريا، والأردن، وكثير من بلدان العالم العربي. المساهمات الثقافية لمجالات الفن والأدب والموسيقى والملابس والمطبخ أعربت عن تميز التجربة الفلسطينية، وهي لا زالت تزدهر، على الرغم من الفصل الجغرافي الذي حدث في فلسطين التاريخية بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والشتات.
إن ما يميز مدينة فلسطين التاريخية هو هذا التناغم والتنوع والاختلاف في إطار الوحدة، جعل منها مكان جذب للكثيرين من مختلف المناطق والبيئات والأديان ممن بحثوا عن الأمن والأمان. وقد خلق هذا الأمر أيضاً تنوعاً ثقافياً وحضارياً فريداً، ووجد الجميع فيه ما يصبون إليه فتشكلت هذه المدينة المنوعة في ثقافتها وتوجهاتها في إطار من التواصل الغريب.
ولتطريز الأثواب في فلسطين نكهة خاصة فهي لغة للتعبير وحالة نادرة ومميزة عن بقية المناطق الأخرى، بحيث يدمج بين الأشكال الهندسية والمجردة المستطيلة (كالمربعات، والنجوم) وبين الصور الرمزية، ما يعكس الحياة اليومية لأهل رام الله وسكانها. ومن أهم المهرجانات التي تقام خصيصا من أجل الحفاظ على هذا التراث، مهرجان الوفاء للتراث وارث الاجداد السنوي الذي ينظمه نادي شباب رام الله، حيث يتم تنظيم عرضاً للأزياء التراثية الفلسطينية.[115][116][117][118]
تعدّ القدس، حيفاويافا من أهم المراكز الثقافية الفلسطينية – خاصة قبل النكبة عام 1948، وانتشرت فيها الجمعيات والأندية والمهرجانات واللقاءات الفكرية لمواجهة الظلم الاستعماري، وقد قامت الجمعيات الإسلامية والمسيحية بأدوارها في توجيه الرأي العام، وتنبيه الأمة لما يهددها من مخاطر، كشف نوايا الاستعمار.
ولم تهمل هذه المدن الناحتين الاقتصادية والفكرية، فتأسست جمعية النهضة الاقتصادية العربية، وكانت غايتها النهوض بالبلاد علميًا واقتصاديًا، وكان من أعضائها علماء وأدباء ومحامون، كما برزت فيها حياة نقابية رائدة أخذت تشكل نقابات لكل مهنة وفن، وكان من هذه النقابات (حلقة الأدب) غايتها تعزيز اللغة العربية، وتشجيع فن الخطابة، والعناية بالإصلاح والتعليم، ونشر الكتب الأدبية، وكان أعضاؤها من حملة الأقلام والخطباء والأدباء، وكانت حلقة الأدب هذه تشارك في الحياة السياسية والأدبية والقومية.
وظلت هذه المدن تتحرك لتكون مركز إشعاع فكري، وأخذت أنديتها وجمعياتها تقيم الحفلات وتنظم المحاضرات، وتشارك في التحرك الوطني في كل اتجاه، فقدمت المسرحيات واستقدمت الفرق المسرحية، فقد دعيت إلى حيفافرقة رمسيس المصرية برئاسة يوسف وهبيوجورج أبيض، واهتمت جمعية الرابطة الأدبية بهذا الفن وجعلت حفلاتها التمثيلية عامة ومجانية. كما شهدت الأندية والمسارح عروض مسرحيات عديدة من تأليف فرقة (لكرمل التمثيلية) ونالت نجاحاً باهراً.[119]
بعد النكبة، كان هناك جهد كبير لتشجيع الكتاب والشعراء للانتقال إلى المدن، وتم تأسيس مسرح حيفا، وهو أول مسرح بلدية تأسَّسَ في البلاد. وهناك أيضاً مسرح صحيفة الميدان، وهو المسرح الرئيسي لخدمة اللغة العربية للسكان العرب في الشمال. تشمل المسارح الأخرى في المدينة “مركز كريجر للفنون المسرحية والفنون” و”مركز رابابورت الثقافة”. ويستضيف مركز المؤتمرات المعارض والحفلات والمناسبات الخاصة.[120][121]
أما بالنسبة للصحافة، فقد شهدت فلسطين مبكرا العديد من الصحف، كما في القدسويافاوحيفا، والتي صدرت فيها أهم الصحف العربية والبارزة في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى 1914-1918. ومن أهم الصحف التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الصحافة في هذة المدن ومثلتها قبل النكبة، كانت جريدة الكرمل، والنفير، والنفائس العصرية، وحيفا، وغيرها الكثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية.[122] واليوم تصدر صحف محلية في هذه المدن مثل جريدة القدس، والأيام الفلسطينيتان، ويديعوت أحرنوت، وهارتز ومعهارف الإسرائيلية. وهناك الكثير من المحطات الإذاعية.[123][124][125][126][127][128][129]
الفلافل، أحد المأكولات الشعبية في فلسطين التاريخية معروفة بالمنطقة.
هناك عدد من المؤسسات والمنظمات اللاربحيّة في القدس وعدة مدن في فلسطين التاريخية كحيفا ويافا وعكا والناصرة، التي تسعى للتقريب بين السكان من العرب والإسرائيليين، ومن شاكلة هذه المنظمات: “الصندوق الإبراهيمي”[130] و”مركز التبادل الثقافي المقدسي”،[131] الذان يُشجعان على القيام بمشاريع ثقافية مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينين، كذلك “مركز القدس للموسيقى والرقص الشرقي”[132] الذي يُخصص حلقات عمل للإسرائيليين والعرب على حد سواء، ويهدف إلى تعزيز لغة الحوار والتواصل بين الطرفين عن طريق تشجيعهم على القيام بأعمال فنيّة مشتركة،[133] أيضًا هناك الأوركسترا اليهودية العربية الشبابيّة، التي تؤدي عروض موسيقية تقليدية أوروبية وشرق أوسطيّة.[134] قام الفنانالبولندي “تشيسلاو دزاڤيگاي” بصنع منحوتة تمثّل التعايش السلمي الذي يُطمح إليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأطلق عليه “نصب التسامح” ونُصب في سنة 2008 على تلة فاصلة بين مستوطنة تلبيوت الشرقية وجبل المكبر، كعلامة على نضال المقدسيين في سبيل الحصول على السلام.[135][136][137]
تحتوي البلاد عشرات المتاحف، كما في القدسوحيفا وكثير من المدن الفلسطينية مثل الخليلوجنينوغزة. المتحف الأكثر شعبية في القدس هو متحف فلسطين للآثار (روكفيلير) وهو أقدم متحف في الشرق الأوسط يختص بالآثار، والذي تتخذه اليوم سلطة الآثار الإسرائيلية مقرا لها.[138][139] كذلك هناك عدة متاحف مقدسية أخرى كالمتحف الإسلامي والمتحف الإسرائيلي. وتحوي مدن أخرى كحيفا الكثير من المتاحف، ومن أشهرها المتحف الوطني للعلوم والتكنولوجيا والفضاء، والتي سجل ما يقرب من 150,000 زائر في عام 2004. وهناك أيضا متحف حيفا لبيوت الفن، ويحتوي مجموعة من أعمال الفن الحديث والكلاسيكي، ويعرض تاريخ مدينة حيفا. ومتحف الفن الياباني “Tikotin”، وهو المتحف الوحيد في منطقة الشرق الأوسط المخصص للفن الياباني حصراً. وهناك متاحف أخرى في حيفا تشمل متحف ما قبل التاريخ، والمتحف البحري الوطني، ومتحف مدينة حيفا، ومتحف هيشت، والمتحف الأثري داجون، ومتحف السكة الحديد، ومتحف البحرية… وغيرها.[140][141]
لمدن فلسطين هوية معمارية متناقضة بين الطابع التراثي العربي القديم، والطابع الحداثي الغربي الذي أتى به الغرب ثم اليهود المهاجرون من دول العالم (باستثناء الضفة وغزة) بعد حرب 1948 وتأسيس إسرائيل. إن العمارة الفلسطينية التقليدية هي مشابهة لإسلوب العمارة في المدن الشامية. كما أن التراث المعماري الفلسطيني في المدن بعد خرب 1948 يختلف عن العهد الذي سبقه من حيث العمران الحديث، حيث أن التراث المعماري الفلسطيني في الحقبة الأولى تميّز بكونه اعتمد على الحجر الكلسي وبساطته، بينما في الحقبة الثانية، تميّز بتألقه، وما تبقى منه قائما في أحياء المدن أجمع. ولقد تميز الإعمار العربي الفلسطيني في تلك الفترة ببناء شرفات فيها أعمدة رخامية، وعادة ما كان عددها ثلاث فقط. ولقد نجح العرب بالحفاظ على العديد من المباني رغم قرار إسرائيل بهدم معظم المعالم التاريخية للمدينة، خاصة بعد حرب 1948.
كما استعان سكان المدن داخل الخط الأخضر بمهندسين معماريينعرباويهودا على حد سواء، إضافة للأجانب وبينهم الألمان الذين كانوا قد قدموا لمدن كحيفا. حيث ثمت اختلاف في الهندسة والعمران، من حيث الطابع العربي والطابع الأجنبي، فعلى سبيل المثال، حافظ العرب على الأعمدة الثلاث كطابع للبنيان العربي، دامجين مع ذلك “مطلع درج” كما هو معهود في العمران الأوروبي – المودرني. كما أنه في العديد من أنحاء أوروبا لم ينجح هذا الأسلوب، بينما في مدن فلسطينية كثيرة بقيت هذه المباني وهذا الطابع المودرني كما هو وحوفظ عليه.[142]
أما في مدن الضفة الغربية، فيسود طرازان معماريان مختلفان: الطراز القديم السائد في البلدات القديمة حيث القباب والجدران السميكة المبنية من الحجر الكلسي والشبابيك والأبواب على شكل أقواس، والمباني فيها ملتصقة ببعضها ومتراصة وشوارعها ضيقة ومقسمة إلى حارات لكي يسهل الدفاع عنها. أما الطراز الثاني فهو الطراز الحديث السائد في مناطق السكن الجديدة حيث البيوت الحديثة المستقلة أو العمارات المكونة من طبقات. و تعدّ هذه المدن سكنية إلى حد كبير، بالإضافة لكونها مراكز تجارية وزراعية، إلا أن طابع المنازل والبنايات السكنية يغلب عليها، ويختلف حجم البناء ومساحة المساكن في هذه المدن فبلغ متوسط عدد الغرف في المدن الفلسطينية هو 3.6 غرفة، وقد يعود هذا إلى عدد من العوامل منها العادات والتقاليد، حيث أن البناء حجمه وشكله ومادته كلها تعزز القيمة الاجتماعية للأسرة. ويظهر ذلك بوضوح عند الذين تركوا الأرياف ثم انتقلوا إلى السكن في المدن، كما للدخل دور في عدد الغرف بالمسكن.[143]
تعدّ النسبة الوطنية الفلسطينية للتعليم في الضفة الغربيةوقطاع غزة عالية بالمقاييس العالمية والإقليمية، وتعدّ من أعلى النسب في العالم العربي (المرتبة الثانية حسب التصنيف العالمي)، حيث بلغت هذه النسبة في السنوات الأخيرة 91,2%، في حين أن نسبة التعليم بين كلا الجنسين (ما بين عمري 15-24) قد بلغت 98,2%. ولكن هذا لا ينفي وجود مشاكل التسرب من المدارس وعمالة الأطفال.[144]
من جهة أخرى، تعدّ نسبة محو الأمية في إسرائيل من الأعلى عالميا، ووفقا لترتيب ويبوماتركس Webometrics، ادرجت ست من الجامعات الإسرائيلية في لائحة أفضل 100 جامعة في آسيا.[145] ووفقا لتصنيف لجياو تونغ شنغهاي الأكاديمي العالمي للتصنيف الأكاديمي لجامعات العالم، وصلت أربع جامعات إسرائيلية إلى لائحة أفضل 150 جامعة في العالم، وثلاثة منهم، دخلت لائحة تصنيف كيو إس للتعليم العالي العالمي للتايمز (أي “أفضل 200 جامعة عالمية”).
أطلقت ملكة الأردن رانيا العبد الله مبادرة “مدرستي فلسطين” وذلك لدعم التعليم وتحسين البيئة التعليمية في مدارس القدس العربية، “لا لأن للأردن علاقة بالقدس ودورًا تاريخيًا فقط ولكن لأن القدس مسؤولية كل عربي أولاً واخيرًا” على حد تعبيرها. من أبرز المؤسسات التعليمية في القدس الشرقية، المركز المعروف باسم “المركز التربوي لتطوير العاملين في حقل التعليم في القدس”، الذي يُعتبر المركز الوحيد التي يقدم الخدمات لمعلمي شرقي القدس.[147] يرى المركز نفسه كمحور تربوي يُقدم الخدمات لجهاز التعليم بكل ما لديه من موارد وإمكانات.[148]
ترتبط فلسطين التاريخية بكبريات شبكات المعطيات التجارية والمالية والأكاديمية في العالم وهي مندمجة تماماً في شبكات الاتصالات الدولية بواسطة الكابلات التحتمائية والأقمار الصناعية. وتتاح الخدمات التلفونية وخدمات التلكس والبريد الإلكتروني والفاكس في مختلف أنحاء البلاد، حيث توفر وسائل للإتصال السريع داخل البلاد وبسائر أنحاء العالم. وتعمل الخدمات البريدية داخل مناطق السلطة الفلسطيتية وإسرائيل وتربطها بمعظم دول العالم.
من جهة أخرى كان للتطور الذي حصل في البنية التحتية للاراضي الفلسطينية بعد دخول السلطة الوطنية الفلسطينية اتر إيجابي في التنمية و جذب الاستثمارات الخارجية وتطوير الإستثمارات المحلية، لكن ما لبث هذا الامر ان يحدث الا وقد شابه الكثير من السـلبيات التـي تمثلت في عدم استغلال صحيح وتوجيه سليم لإدارة وتنفيذ مشاريع التنمية ككل في فلسطين والتي كان من ابرزها المشاريع المدعومة لتطوير البنية التحتية للاراضي الفلسطينية خاصة وانها كانت تعاني من نواقص وتشوهات كثيرة بسبب وجود الاحتلال والتي استمرت منذ العام 1967 وحتى يومنا هذا.[149]
النقل
في منطقة ذات مسافات قصيرة مثل فلسطين التاريخية، تشكل السيارات والباصات والشاحنات وسائط النقل الرئيسية. وقد تم خلال السنوات الأخيرة توسيع شبكة الطرق بشكل كبير لكي تتلاءم واحتياجات التزايد السريع في عدد وسائط النقل؛ ولتيسير الوصول حتى أبعد التجمعات السكانية. ويمكن التنقل بين المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بواسطة سيارة أجرة أو حافلات صغيرة. سيارات الأجرة متوفرة دائما في جميع أنحاء المدن، كذلك بالنسبة للحافلات أو الحافلات الصغيرة.
ويتنقل المواطنون الفلسطينيون بين المدن والقرى المجاورة – منذ انتفاضة الأقصى بصعوبة بالغة، حيث يعاني المواطن وفي كثيراً من الأحيان الامرّين حتي يصل إلى مبتغاه في الوقت المحدد وربما لا يصله إطلاقاً، مرد ذلك الاجراءات الإسرائيلية من حواجز واغلاقات.
تشغّل سلطة السكك الحديدية خطوطاً للركاب بين القدس، تل أبيب، حيفا، نهارياوديمونة. كذلك تعمل قطارات النقل في الجنوب أيضاً، إذ توفر الخدمات لميناء أشدود، ولمدينتي عسقلانوبئر السبع، ومناجم المعادن جنوبي ديمونة. وقد ازداد في السنوات الأخيرة استخدام القطارات سواء لنقل الركاب أو لنقل البضائع. وتم تشغيل خطوط لقطارات ترانزيت سريعة في تل أبيبوحيفا، بعد إصلاح وتحديث السكك الحديدية القائمة. وتعمل هذه القطارات بالتنسيق مع خطوط الباصات الفرعية. ويتم الآن استبدال عربات القطار القديمة بأخرى حديثة، مكيفة الهواء، كما يتم إدخال أجهزة حديثة لصيانة السكك الحديدية. لا توجد خطوط عاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ حرب 1948، حيث كانتا مربوطتان سابقا بسورياومصرعبر سكة حديد الحجاز.[150]
أقدمت إسرائيل بعد حرب 1948 على إخلاء ثلاثة من أقدم موانئ فلسطين التاريخية وهي ميناء يافا، ميناء عكا، قيسارية لصالح ثلاثة موانئ حديثة وعميقة المياه في حيفاوإيلاتوإسدود، تخدم الملاحة الدولية. ويعدّميناء حيفا الآن أحد أكبر موانئ الحاويات على ساحل المتوسط، إلى جانب كونه ميناء نشط لنقل الركاب. ويستخدم ميناء إسدود بدرجة رئيسية لنقل البضائع، في حين يربط ميناء ايلات، الواقع على ساحل البحر الأحمر، البلاد بالنصف الجنوبي للكرة الأرضية وبالشرق الأقصى. إضافة إلى ذلك يستقبل ميناء عسقلان سفنًا محملة بالوقود؛ وتعمل في ميناء الخضيرة محطة لتفريغ حمولات الفحم المخصصة لمحطة توليد الطاقة الكهربائية المجاورة.
من جهة أخرى يعدّ ميناء غزة المنفذ البحري الوحيد تحت السيطرة الفلسطينية، إلا أن إسرائيل تمنع الصيادين من الإبحار فيه لمسافة تتجازو 6 أميال منذ حرب 1967.
بالنسبة للمطارات يُعتبر مطار القدس الدولي أقرب المطارات إلى القدس، وقد كان يُستخدم للطيران المدني حتى أغلقته السلطات الإسرائيلية في سنة 2001، وسيطر عليه الجيش الإسرائيلي لقمع الانتفاضة التي قامت في وجه إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة.[151] تحوّلت جميع الرحلات الجويّة بعد إغلاق المطار إلى مطار بن گوريون الدولي، والذي كان سابقا مطار اللد قبل أن تسيطر عليه إسرائيل بعد حرب 1948، وهو اليوم أكبر مطارات البلاد وأكثرها ازدحامًا، حيث يصل عدد المسافرين فيه سنويًا إلى 9 ملايين مسافر.[152]
كما ويقدم مطار إيلات في الجنوب ومطاران صغيران قرب تل أبيب في الوسط، وروش بينا في الشمال الخدمات للرحلات الجوية المستأجرة (التشارتر)، ومعظمها من أوروبا، وللرحلات الجوية المحلية. ويوجد في قطاع غزة مطار دولي هو مطار ياسر عرفات الدولي قرب رفح، لكنه تعرض للتدمير بفعل الهجوم الإسرائيلي على القطاع.
يعتمد جهاز الخدمات الإجتماعية في المناطق تحت السيطرة الفلسطينية والإسرائيلية على مجموعة قوانين تضمن نطاقا واسعاً من الخدمات وطنية ومجتمعية. ومن بين المجالات التي تتوفر فيها هذه الخدمات العناية بالمسنين، وبرامج لمساندة العائلات احادية الوالدين والأطفال والشبيبة، منع الإدمان على الخمر والمخدرات ومعالجة المدمنين. وتشمل الخدمات أيضاً أطراً لمراقبة سلوك الأحداث الذين علقت عقوبتهم ، وبرامج للذين تخلوا عن الدراسة، وبرامج لمتابعة ومعالجة الشبيبة في حالات الإضطراب والأزمات النفسية. ومن بين الخدمات التي تقدّم للمعوقين والمكفوفين، توفير فرص العمل في ورشات عمل خاصة بهم، واسداء المشورة لهم في شؤون العمل. وهناك مشاريع مجتمعية وسكنية مختلفة لمعالجة المتخلفين عقليًا.[154]
أرسيت الأسس للجهاز الصحي، بما في ذلك شبكة للطب الوقائي وتشخيص الامراض والعلاج، في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين التي حكمت البلاد في تلك الفترة (1918- 1948). فكانت البنية التحتية للخدمات الطبية قد تطورت بدرجة ملحوظة بحيث كان التطعيم الوقائي أمراً شائعاً، كما كانت هناك إطارات معدة لتحسين الظروف الصحية.[155] توجد في البلاد الكثير من المشافي تتوزع على الضفة الغربيةوقطاع غزةوإسرائيل. ونتيجة القيود الصارمة على الوقود والكهرباء؛ تُعاني المستشفيات الفلسطينية حاليًا من انقطاع التيار الكهربائي الدائم الذي يصل إلى 8-12 ساعة يوميًا. يُوجد حاليًا نقص 60-70 في المئة في وقود الديزل اللازم لمولدات الكهرباء التي أُبلغ عنها. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تم رفض تصاريح مغادرة 18.5٪ من المرضى الذين قدموا تصاريح لكي يتلقوا العلاج الطارئ في المستشفيات خارج قطاع غزة في عام2007.[156]
إستهداف إسرائيلي ممنهج للبنية التحتية الفلسطينية والمنشأت السكنية في غزة.
تقوم السلطات الإسرائلية بحصار قطاع غزة حصاراً كاملاً حيث تمنع السفر من وإلى غزة وتمنع عنها مواد البناء والمواد التموينية والأدوية والمحروقات بأنوعها، وقد دمر هذا الحصار الاقتصاد الغزاوي بشكل شبه كامل. وفي أوائل سنة 2009 بدأت إسرائيل في ضرب قطاع غزة كاملاً. وقد زعمت إسرائيل بأن حركة حماس تهدد أمنها وسكانها.
ولكن الشعب الفلسطيني ولم يستسلم وإنما بادر بشق الأنفاق عند حدود الاراضي المصرية، وساعدت هذه الأنفاق بدخول جميع مستلزمات الحياة من مواد غذائية ومواد بناء وأسلحة وأجهزة كهربائية وحتى السيارات. وبعد عام من شن إسرائيل الحرب على غزة قامو بعقد عدة اتفاقيات وتهدئات ساهمت بتهدئة الوضع في قطاع غزة وفتح معبر رفح والسماح للمُسافرين بالدخول والخروج من المدينة ولكن بتنسيق من حُكومةحماس المُقالة والسلطة المصرية.
ما زال المواطن الفلسطيني يعاني من أزمة الغلاء المعيشي بالإضافة للمعونات التي تقدم للمواطنين فهي تقدم فقط لعائلات معينة وليس للجميع. ومع ذلك فإن سكان قطاع غزة يعيشون في نعيم أكثر من الضفة الغربية باستثناء تواصل انقطاع التيار الكهربائي بحجة عدم وجود الوقود.