ابراهيم طوقان

هو ذا البحر .. ابراهيم طوقان

هُوَ ذا البَحر مزبداً يَتعالى

إِثر بَعض أَمواجه تَتَوالى

تَلطم الصَخر كَبرياءً وَعنفاً

ثُم تَرتَد للخضم خذالى

بِضَجيج كَأَنَّهُ زَجل الرَع

دِ وَرَجف تَخاله زلزلا

ما وَنَت عَن جهادها الدَهر لَكن

لطف الصُبح كرّها وَالنِضالا

وَهِيَ تَستَأنف الجِهادَ بَعَزمٍ

كُلَّ يَومٍ إِذا النَهار تَعالى

عِندَ ذاكَ الخَضمّ بقعة أَرض

قدَّرَ اللَهُ مَنحَها اِستقلالا

هِيَ حَدّ السوريتين شَمالاً

وَجُنوباً وَما تَنوء مَجالا

لَستَ تَلقى سوريتين وَلَكن

قيل هَذا تَفنناً وَضَلالا

يَبتَغون التَفريق في الجَسد الوا

حد خابَت تِلكَ الشَياطين فَالا

خَل عَني واذكر من اعتقوا العَب

دَ وَشَدّوا مِن الطَليق العقالا

عِندَ ذاكَ الخَصمّ بقعة أَرض

حَرس اللَه سَهلَها وَالجِبالا

لا تَرى في فَنائِها آدمياً

وَهِيَ آوت صَوادِحاً وَصلالا

شَمسنا دونَ شَمسِها تَتَجلى

بَدرَنا دونَ بَدرها يَتلالا

وَسُكون الدُجى يَفك عَن القَل

بِ قيوداً وَيَبعث الآمالا

وَيَهب النَسيم في السحر الداكن

يحيي مِن الزهور تِلالا

زانَها مِن لآلي الطل تيجان

زَهَت رَونَقاً وَفاضَت جَمالا

فَإِذا اِجتازَ تلكُم الأَرض غادٍ

يَلبس الطلَّ ساقَه خلخالا

وَتَرى الطَير نافِرات خفافاً

وَثِقالاً وَيمنةً وَشَمالا

وَيَلوح الصَباح لَوناً فلَونا

كُلَما الشَمس قاربته اِستحالا

وَكَذا البَحر خاشع مُستكين

وَهُوَ يُكسى مِن كُل لَون شالا

يا لَها مِن مَظاهر تملك الحس

سَ وَتوحي لِناظِريها الخَيالا

أَيُّها السائر المَجدّ رويداً

وَاخفض الطَرف عِندَها اِجلالا

تِلكَ مَأوى حرية سَلبت مِن

نا قَديماً وَاليَوم عَزت مَنالا

إيه يا فَتنة الشُعوب وَيا أن

شودة الكَون شَقتنا أَجيالا

لَكَ وَجه مَلائِكي وَسيم

نوره يَفعم القُلوب جَلالا

وَمَزاج جَهنَمي عَتي

يَصدع الجور يَصهر الأَغلالا

صانَك اللَهُ كَم فداك وَفي

أَو تحصين كَم أَبدت رِجالا

أَنا اِستغفر الوَفا لَم يَبيدوا

يَوم خلدت بَعدَهُم أَعمالا

لَكَ في ترب مَيسَلون دَفين

كان للذائِدين عَنكِ مثالا

ماتَ في ميعة الشَباب شَهيداً

وَكَذا الحر لا يَموت اِكتِهالا

في سَبيل الأَوطان سالَت دماه

ذي المَعالي فَليَعلُون مَن تَعالى

فَسَلام عَلَيهِ يَوم دَعاه

وَطنٌ مُرهق فَصال وَجالا

وَسَلام عَلَيهِ يَوم أُريق الد

دَم مِنه وَضَمخ الأَجبالا

هَذِهِ روحهُ أَطلت عَلى الشا

مِ تَزور الرُبى وَتَغشى الظلالا

وَتَحض الرِجال فيها عَلى تضحية

النَفس ما أهينوا اِحتلالا

يَوم كانَت قُلوبنا تَتَلظى

وَالعِدى توسع البِلاد اِحتِمالا

بِرجيم لَمّا أَتاهُم وَقاح

كانَ إِتيانُهُ عَلَيهِ وَبالا

لَم يَبت غَير لَيلة كانَ فيها

يُبصر المَوت حَولَهُ أَشكالا

وَكَأَني بِهِ تجاذبه الأَو

هام رُعباً فَيَستوي اجفالا

قلق يَرقب الصَباح فَلَما إن

تجلّى شَد الرِحال وَقالا

الفرار الفرار القيت في الشا

مِ نكالاً وَفتية أَبطالا

وَلَو أن المَقام طالَ بِبَيرو

تَ لَكانَ المَصير أَسوأ حالا

هَذِهِ شيمة الكِرام بَني الشا

مِ سمت همة وَطابَت فعالا

عَربي إِباؤكمُ أُمويّ

لا أَباد الزَمان تِلكَ الخلالا

كُل جُرح أَصابَكُم حلَ مِنا

في صَميم يأبى اِندمالا

يحرس اللَهُ مَجدَنا ما بَذَلنا

في سَبيل الأَوطان نَفساً وَمالا

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

قراءة لقصيدة الحج لغزة للشاعر ماجد النصيرات – زكية خيرهم

لحج لغزة هذا العام يكفيكَ نصراً إذْ وقفتَ شُجاعا و ركبتَ موتاً للحياةِ شِراعا يكفيكَ نصراً في السمُوِّ مهابةً و بكَ الرجالُ سيقتدونَ تباعا

%d bloggers like this: