وقفة نقدية مع ومضة لعمر أبو ريشة – عطاف( عواطف ) سالم

وقفة نقدية مع ومضة لعمر أبو ريشة

بقلم : عطاف( عواطف ) سالم

 

حكاية حبنا ختمت فما أشجى وماأقسى

جميل منكِ أن تعفي وأجمل منه أن أنسى !

 

البيت هو البيت الوحيد اليتيم المتفرد لعمر أبوريشة ولم يكتب بعده بيتاً آخر وورد في ديوانه بعنوان ( جميل منكِ ) وبتاريخ 1963م

وربما يتساءل المتلقي لمَ لم يكمل الشاعر هذا البيت

أكان نفثة وانتهى أم أكمله ولم يطبع وينشر ؟!

على كل حال البيت يلخص حكاية حب قد انتهت لذا بدأ البيت بها وأعقبها بالفاء وليس أي حرف عاطف آخر فـ ” بثم “قد ينكسر البيت ولايستقيم المعنى مع ذاك الختام المشجي , ولو كان بالواو لماعرفنا أن هناك شعوراً كامن وراء هذا الفراق ..

إذ الواو تدل على المشاركة والمساواة , وليس مع الفراق مساواة مباغتة من القسوة والشجن

إنما هناك برهة لالتقاط الأنفاس من العتاب ونحوه قبل أن يتحسر الشاعر , أو يتأثر لهذا الفراق الأليم المؤثر ..

إنما يشعر المتلقي ببعد المسافة المعنوية برغم كل ذلك بين البيتين إذ سرعان ماانتفض كبرياء الشاعر – وهي صفة نلمحها في أغلب شعره – ليثني على انعطافها عنه وأنه شىء جميل ومنتظر ومرتقب – فلقد جاء في حينه – إنما كان الأجمل هو أن ينساها وهو ختام بيته ليثأر لنفسه في عزة وكبرياء ..

سطران فقط هما كل الحكاية ولعله كان محقاً أنه توقف عند ذلك فماذا يمكن أن يقال من بعد ؟!

جمع الشاعر في السطرين بلاغة المعنى ورسمَ بالكلمات صورة البين الأليم , وألقى عبر إيقاعه الموسيقي بظل الحسرة والألم وإن كان لايظهرغير الكبرياء ..

معان مبثوثة كثيرة في تلك السطرين أو في ذلك البيت

وقد خلا التصوير والخيال هنا , لأنه لايحتمل ذلك فالصورة واقعة ظاهرة وخير شاهد على صورة الألم واللوعة والحرقة في عتاب وحسرة وكبرياء وقهر .

الفعل المبني للمجهول في أول البيت يوحي بأنها نهاية محتومة دون تدخل ربما منه أو منها , أوربما لم يكن هاماً للشاعر أن يظهر الكيفية والسبب بقدر حاجته لإبراز وإظهار النتيجة التي كان لها أكبر الأثر في نفسه ..

وبين ( جميل ) و ( أجمل ) جناس لطيف ينثر روح المساواة ربما في التألم والثأر ويشيع أيضاً حسّ المعادلة في حجم التأثر بينهما !

وبين ( أشجى ) و ( أقسى ) سجع رقيق بديع ربما يخفف لوعة البين المقيت , ويجمع بين الشجن المكبوت والقسوة الظاهرة في انسجام يُظهر مدى التألم والتوجع ظاهراً وباطناً

وربما اختار الشاعر هذه القافية الخفيفة أيضاً لأنها توحي حقاً بعدم الاستمرار في تلك الحكاية .

إذ ليست الألف اللينة حرفاً قوياً ذا جرس قوي فنشعر معه بالقوة والبقاء والخلود إنما هي حرف مهموس خافت قابل للخفاء وغير محسوس ومسموع بسهولة ..

 

عطاف( عواطف ) سالم

About Abdulrahman AlRimawi

Check Also

تعليق على كتاب انزيم x للكاتب سالم الزيدي – د. ميسون حنا

الكاتب يعيش في دوامة الواقع المفروض علينا، والذي تغلب عليه الإنكسارات، والخيبات، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ومراوغة الساسة للحصول على مكاسب سياسية تزيدهم تمسكا بمناصبهم وأشياء كثيرة … وهذا كله يتجلى في حوارات وأحداث كافة مسرحيات الكتاب، وعندما نويت آن أعلق على

تنويه تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

%d bloggers like this: