حب يطرز خطواته”الحلقة الثانية” / جهاد قراعيين

بداية شك الابرة

يبدو علي الهدوء من الخارج ،ولكنني متأججة العواطف من الداخل ، أكون كالبركان الثائر تحت سطح البحر ، متطرفة وجدا في مشاعري المتأججة، أعشق العزلة ومراقبة الاحداث بعين ثاقبة ، والاخبار المحيطة بالكون ، أسبر أغواري بحسياسية مفرطة .

في ليلة لا تشبه الليالي ، ليلة شبه ماطرة ، يحمل الليل آخر أنفاسه بعد تعب النهار المثقل ، في عام أرهقته الهموم من وباء لا يجر الا المخاطر .طال الليل بي والنوم غاضب يموج في سحر تلابيبه كأنه بداية ربيع مبهم ، أحمله على أكتافي وأسير به لأرقد في فراشي، أقلب صفحاته وكأنه نهار آخر ، أسمع وشوشة وروار الحب يغازلني ويغزل مغازيل العشق ، لا أتساهل في عد ترانيم حسون على أصابعي ،أتوه مع طيوري بين ليل ونهار .

النوم يستشيط غضبا ويشطح في غرفتي ذهابا وإيابا ، ينكش شعري حتى تطقطق عظام ركبتيه، فيجلس القرفصاء من شدة التعب ، وينشب صراع بيني وبينه ، لم أبالي به فأهملته وغدوت أمعن النظر وأحدق مليا بلوحتين على احدى جدران صومعتي ، وأشرد للناحية الاخرى أرى لوحة رسمت باتقان مرهف لفتاة عذراء تجلس باستحياء ، أتخيل كم ضربة فرشاة أكلت ، وفِي اللوحة الاخرى أمعن النظر جليا في تفاصيلها ألاحظ نفور شرايينه في يدية يطوق عنقها بكل طاقته ، وكأنه يطوقني شتت الفكر مني وهو يوشوشني ويهامسني ، لحضور زنديه عاصفة قوية ، لم تفر سيجارتي التي أحتضنها بين السبابة والوسطى ، أقيس نبضي المتسارع ، انكمش حول نفسي ، أغمض عيني لأجدني متكورة كنطفة كجنين في قلبه ، ككرة بل من شدة ولهي أصبحت كرمانة كهرمانية اللون داكنه، تلعب حباتها القرمزية دورها ، ان سال دم قلبه اختلطت به ، كانت أنفاسي لاهثة على غير عادة، مندهشة أسمع نحنحته تقتحم عزلتي ، أشتم رائحة عطره على وسادتي ، ترك ابتسامته ونظراته تناديني بين إشجاني ووجداني ، بقيت تداعب ماتبقى من عواطفي ، هامته تجذبني بحضورها ، أقترب منه أسمع حشرجة صوته ، لكنني قطعت الوقت بسيف بتار أتوق للراحة ، ومن ثم أقطب جروح السيف في وقت لاحق.

سأترك قلبي بين فدائيه وحراسه رغم العواصف المهيبة الجامحة فهي الوحيدة التي تحرس مراسي بحوري ، مابالي أراها مذهولة متلهفة وكأنها حبات عقد انفرط في لحظة عناق طويلة بيننا ، تصطاد همسه عندما يقول :-لعينيك حديث خاص وقلبك مشاغب جدا ، انتفضت برعشة حب عشتها لسنوات بسعادة وصفاء ، تسكنني الدهشة وارتجف ويشعر بارتجافاتي لأعود لعناق ثلج رأسه، وأختم على شفتيه بقبلتين محمومتين ، أدس رأسي بين ذراعية وأرتمي على صدره النابض وجسدي أصابه الخدر ، أتفقد ابتسامته محذرة من العواقب ، والارتعاشات تجتاح خلايا جسدي ويشفق علي فيناولني شالي النيلي المطرز باحرف اسمي الاولى ويقول يليق بك هذا اللون ولعيونك سحر خاص ، نظرة منها تقتلني ، اخترق كل صفوفي وتغلغل ببصري وبصيرتي ، أغسل بعبراتي قلبه الطفولي ولكنه جبل ، يقول اقتربي يا طفلتي لاخذك في رحلة بين شراييني رغم الشبكات السبع ، كانت نبرته تعدني ان اختار الموت بين يديه ، ضمني فقلت لا تتسول حبي ، وبقيت أصابعنا متشابكة حتى غفونا من الاعماق دون أن يشعر بِنَا الوقت .

يتبع ……

جهاد قراعين
5/1/2021

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

ستنجلي الغيوم – مها حيدر

لم يكن مفاجئًا ، صوت الانفجار ولا الدخان ولا منظر سقوط الأبنية ، كان أبي يحضن اختي الصغيرة ذات العامين ودموعه تتساقط على لحيته وقد بللت ثيابه ، الخوف في عينيه على اخوتي بعد أن فقدنا امي قبل يومين أثناء سقوط الدار على رؤسنا بعد قصف شديد أحرق الأخضر واليابس ..

%d bloggers like this: