زعفرانة بين الصخور
الجزء/٢
قالت:
اشعلت سيجارتي لاكتوي بلحظة احتراقها ، وتساءلت كيف أتته الجرأة بالكتابة الي دون معرفة سابقة ، أصابتني الحمى لأيام متتالية ، أغلق مداركي كلها ، كنت لا شعوريًا عندما أجلس على كرسي الهزاز مقابل مدفأتي ، يمر مع لهيب نارها نار عينيه الداكنتي السواد وضحتكه العذبه المستفزة ، كان الفصل شتاءًا ومن عادتي أن أشعل الشموع المعطرة برائحة الجاردينيا، ظلالها تخفق مع كل زفير وشهيق، يصدر عفويا مني كلما جن الغيم .
الاك يا أنت أظنك لا تعرفني ولم تلتقيني يوما ، ولكنني قررت أن أشعل شمعة لك لتذرف دمعها لأجلك ، وأفكر مليا بكتابة رساله لك وأنا محمومة الأطراف ، اتراها الكورونا أصبت بها أو أنها حمى مفتعلة ، رعشاتها تسري بجسدي ، وأنا لا أؤمن بتناسخ الأرواح ، ولكن معرفتي بك قديمة جدا منذ أن خلقت ، صورة الاستنساخ ضبابية ، كأنها ولدت في مغارة مليئة بالعناكب التي تنسج خيوطها في جنح الظلام لتواري الحقيقة عني .
لكنني أتذكر المرة الأولى حين التقيتك ، كنت تحمل شغفًا اخر لفضولك، كانت تفاصيل وجهك الظاهرة بالصورة تنم عن حزن عميق داخل خلاياك السرية ، وكأنك تغفو على خمر الوجع ، لكني أحسست كم كنت ودودًا . كان تاثيرك ايجابيا على شهقات قلبي ، رغم الحزن الذي يلف حديثك معي.
كم جرحتك الحياة بجروح خطيرة من الصعب أن تندمل ، فالحزن هالتك التي تميزك عابقة بكل ما تكتنزه من غموض قصصك التي رويتها لي ، كنت تثير اهتمامي ، وأطوف حولك في حكاياتك الغريبة العجيبة ، وبثقة تامة ترويها ، لم ألتمس من هذه الحكايات صدقها وجديتها ، احترت أي العناوين أطلقها عليك .
كنت أشعر بالخجل ان تساءلت مستفيضة عنك ،غلفت حيرتي بعدة اغلفة منها اللامعة والرثة ، ولكنك باغتني بعناق ملغوم بالحياة ، بالقبلات الغجريةالباذخة وزبدة الجسد ، كما إيريس ، انغمست حد الاهتراء في الصمت المكتوم ، الذي تعتريه اللذة المباحة بالهواجس ، أشعلت فتيل العشق والقلب متقدا ، يرفض الانطفاء المكبوت .
جهاد قراعين
يتبع الجزء الثالث