كَلبانِ، الأولُ أسودُ والثاني أشقرُ, اجتمَعا يَوماً, في وُجرِ الكلبِ الأشقَرِ عِندَ البوابَةِ، شَعرا بالدّفءِ وبالألفَةِ، حيثُ اكتشفا أنّهما أخوَةٌ، ضَمهُما رحمٌ واحِد، افترَقا يَوماً، والآنَ وَقدْ جَمعَتْ بينهما الصّدفَةُ، اقتَرَبا مِن بَعضٍ، أكلا عَظماً، ألقاهُ المالكُ للكَلِب الأشقَرِ، أكلا دونَ زِحامٍ، بلْ في تَهذيبٍ وَروِيةٍ، كيْ يمتدَ الوقتُ طَويلاً، حَبْلاً من وُدٍ وحَنين، ذكَرَا زَمناً كانا فيهِ صِغاراً.
قالَ الكلبُ الأشقرُ للأسوَدِ:
– أينَ تَعيشُ؟
قالَ الكلبُ الأسودُ:
– أتَمنَى أنْ اجلسَ مِثلكَ في هذا البَيتِ، فأنا دوماً أركُضُ أحمِي قُطعانَ الأغنامِ، أرجِعُها إنْ ضَلَّتْ أو تاهَتْ عَن دَربِ العَودَةِ، أحرُسُها ليلاً في الصِّيرةِ.
– قالَ الكلبُ الأشقَرُ:
– وأنا مثلك ارغب أنْ أركضَ حُراً، أو أتَسَكعُ، أمشِي، أجرِي كيفَ أريدُ، استمتعُ بالصَّيدِ وبالعَدوِ ، تَقوى رِجلايَ ويَقوى بَصَري.
قالَ الكلبُ الأسودُ:
– إنّكَ تَجلسُ في بَيتٍ مَصنوعٍ مِن خَشَبٍ لامِعٍ، تَدفأ في الليلِ البَاردِ، أما في الصَيفِ فلا حرٌ يأتيكَ ولا ظمأٌ قاسي، أيضاً لا تَدخلُ مع ذِئبٍ في مَعركةٍ تَجهلُ أضرارَ نَتائِجِها.
قالَ الكلبُ الأسودُ.
– لكنّي لمْ أُخلقُ كيْ أعملَ ما أعمَلهُ، انبَحُ إنْ مَرَّ غًريبٌ ،وأهشُّ ذُباباً عَن عَيني.
– وأنا لم أُخلقُ كيْ اتبَعَ رعيانَ الأغنامِ، يُعطوني بَعضَ فُتاتِ الخُبزِ وبَعضَ العَظمِ.
_ أترانا لمْ نُخلقْ إلا كيْ نَخدِمَ هذا الإنسان، مِثلُ الأبقارِ ومثلُ الخَيلِ ومثلُ الحُمرانِ ؟
– لمْ نسألْ عَن ذاكَ أبَانا.
جاءَ المالكُ للكلبَ الأشقَرِ، نَظرَ الكلبُ الأسودُ نَحوهُ، كالعادةِ ثارتْ فيهِ شَراسَتُهُ، هاجَمَهُ نَبحاً، يُبدي أسناناً للعَضِّ طويلة، لكنْ القادِمَ القَمهُ حَجراً، ولّى هَرباً يَتلوَى ألماً، يُصدٍرُ صَوتا ًممطوطاً يُعلنُ عَن وَجعِهِ، أسِفَ الكلبُ الأشقرُ، راحَ إليهَ يُواسِيهِ بل يعتب قال:
– خبّرنِي كيفَ هَجمتَ على مَن يَملِكُني، هذا لا يَحسُنُ بِك.
قالَ الكلبُ الأسودُ:
– هذا لا يَملِكُني، فَهوَ عَدوي.
بُهتَ الكلبُ الأشقَرُ مِن هذه الفِكرةِ، ما هِي إلا لَحظاتٍ، حتى جاءَ غَريبٌ آخرَ، رَجلٌ يَمشِي دونَ حَذر، هاجَمهُ الكلبُ الأشقَرُ بالفطرة، جَزعَ القادِمُ ثٌمّ ارتدَّ وصَاحَ.
قالَ الكلبُ الأسوَدُ يَستغربُ فِعلَ الكَلبِ الأشقَرِ:
– هذا يَملِكُني ، كيفَ هَجمتَ عَليهِ ؟
قالَ الكلبُ الأشقَرُ
– هذا رَجلٌ لا يَملِكُني
صمتَ الكلبُ الأشقرُ في عَجبٍ، فكّرَ في الأمرِ، قَلَّبَ كَفيهِ وقال:
– أتُرى الإنسانَ صديقاً؟..أترى الإنسان عَدواً؟
Tags سعادة ابو اعراق
Check Also
زفة عريس – اكرام اسطى
زفة عريس بيت حليمه الليله ما انطفت انواره, مهو بيت عريس وبيت العريس بيبقى مثل المناره بوسط البلد , وكل الحبايب بتلفي تاتهني وتبارك وبالفرحه تشارك واليوم الحبايب بدهم يزفوا العزيز ابن