الحلقة الثالثة بعنوان”صوت صامتٌ”وصورة صارخة
عبدالرحمن ريماوي
14 يناير، 2019
انعام
402 Views
– قلّ لي أيها “المواطن العربي”.. من أنت؟
– أنا عنوانٌ مجهول ، لنكتةٍ حزينة.
– ما أصعب أن نضحك ونبكي في وقتٍ واحد!!
– هذا النوع من الصعوبات، صار أشبه بإحدى المهن الشائعة، من بائع التفاح، وحتى صانع النجوم، مروراً بذلك (الشخص الثاني) الذي يعمل نائباً للفاعل، داخل اللغة وخارجها.
– ما رأيك بما يجري في عالمنا العربي اليوم؟
– إنه وللأسف، لم يعد يختلف عن رأي الميت بالكفن.😲😲
– ألا ترى معي بأننا نحتاج دائماً إلى بصيص الأمل؟
– أجل، ولذلك، فأنا أحلم في كلّ يوم، بأني متزوجٌ من امرأةٍ جميلةٍ وذكية، تشعل أصابعها العشر من أجلي، قبل أن تطبق شفتيها على أحرف اسمي، فتبدوان مثل قمر صغير محاط بهالة من الخجل.. ثم تغمسه – كي تنزع المرارة من قلبي- بالعسل..😉
– كأنك كنت ترسم لوحة في الهواء، ولكن، هل يكفي أن نحلم بغد أفضل، حتى يكون الأمر كذلك؟
– وماذا يمكننا أن نفعل، إذا كان عدد الأدعياء، والسفهاء، والمشعوذين، فينا، أكثر من عدد العلماء، والخبراء، والمفكّرين!!
– هذا حقاً، أمر مفزع ومحزن.
– لقد أصبح الفزع، هو المايسترو المجنون، الذي يقود أوركسترا المشاعر العربية الصاخبة.. أما الحزن، فلقد بات هو رأي الدنيا الصريح والصحيح فيما تراه وتسمعه منا..
– إنها المأساة بعينها..
– أجل.. تخيّل معي كيف تنظر إلينا هذه المأساة بتلك العين!!
– وما ذنب الصغار بما يفعله الكبار؟!
– سأعترف لك بشيء:
– لطالما حاولت، وبشتّى السّبل، أن أهرب من رجولتي إلى طفولتي.. فتارةً كنت
أصطدم بجدار العمر فيشجّ رأسي.. وأخرى كنت أرتطم بلوح المزاج فيمزق نفسي.
– كم يؤلمني بكاء الأطفال.
– وأنا كذلك، لكنّ ما يؤلمني أكثر، هو بكاء الرجال.
– هل تسمح لي بأن أدعوك لاحتساء فنجان من القهوة؟😊
– أنا أحترم القهوة، ولكنني لا أحبها.
– أنت تذكّرني بأشياء كثيرة في حياتنا..
– ليس غريباً أن نكون أبناء الذاكرة، ولكن الغريب، هو أن نكون أعداء الخيال.
– إنني أشعر أحياناً بأن مخيّلتي معطّلة.
– من المؤسف أنه لا يوجد في بلادنا مراكز متخصّصة في إصلاح أعطال المخيّلات.
– هل تتصوّر بأن من السذاجة أن أسألك عن مصير الوحدة العربية؟
– عليّ أن أقف على رأسي، حتى أجيب عن هذا السؤل بكلمة لا.
– ما هي العلاقة بين السياسة والرومانسية؟
– السياسة، هي رومانسية الواقعيين الذين لا يحلمون إلا في المنام، أما الرومانسية، فهي سياسة الحالمين المنفصلين عن الواقع.
– متى سنخرج من “عنق الزجاجة” ؟
– حينما نكفّ عن الاعتقاد، بأن المشكلة ليست فينا، بل في الزجاجة نفسها.
– لماذا يتقدّم العالم باستمرار، بينما نتأخر نحن، وبإصرار؟!
– بالتأكيد، ليس لأنّ الأرض كروية، بل لأننا نفكّر باتجاهٍ واحد.
– وكيف يمكن أن نتغيّر؟
– حينما لا يكون هنالك أي تعارض في هذا الشأن، بين الحاجة، والرغبة، والقناعة.
– وهل هذا ممكن؟
– ما أعرفه، أن الممكن الذي تتحدّث عنه، ما زال نائماً منذ أكثر من ألف عامٍ، هناك، في سرير القرن الرابع الهجري.. وهو لم يستيقظ حتى الآن.
– ولماذا لم تفلح كل المحاولات لإيقاظه من نومه؟
– لأنها محاولاتٌ خجولة، تشبه محاولات مجموعةٍ من الرجال، لأن يسحبوا بحزمة من الحبال، سلسلةً طويلةً من الجبال.
– هل تعتقد أن التاريخ المظلم يمكن أن تكون له نهايةٌ مضيئة؟😮
– بل إنني أعتقد أنها لا يمكن أن تكون إلا كذلك.
– أتمنّى أن يحدث مثل هذا الشيء قريباً.
– التمنيّات المعلّقة في الفراغ، تشبه ضحكات الأطفال البريئة، في خيمة عزاء فارغة.
– هل أعجبتك القهوة الخالية من السكّر؟
– أكثر ما أعجبني فيها، هو ما “تتحلّى” به من صدقٍ نادر؛ فهي لم تُشِرْ ولو بالإيحاء، إلى أنها قهوةٌ حلوة.
– ماذا لو قدّمَتْ لك فتاةٌ رقيقة، وردةً حمراء؟😍
– على الأرجح، سوف تنخسف بي الأرض، ويتهاوى فوق رأسي سقف السماء.
أإلى هذا الحد؟!
– كيف لا، ونحن في هذه الرقعة من الأرض، مجرّد أطفالٍ كبار؛ أمّنا الحاجة، وأبونا الحرمان.
– أحاول أن أخالفك الرأي، ولكني لا أستطيع.
– لأنك إنسانٌ مخلصٌ للحقيقة.. ولكن، هنالك الكثيرون ممن يستمتعون بخيانتها.
– إنني أجدني عاجزاً عن شكرك، لأنك سلّطت وجهات نظرك الكاشفة، على عتم الفهم الذي جئتك حاملاً إياه بين يدي.
– هل تسمح لي أنت الآن، بأن أطرح عليك سؤالاً واحداً؟
– لقد فعلتَ ذلك.
– صدقت، ولهذا، فسوف أهديك الإجابة الشافية، عن السؤال الأخير، الذي سقط من رأسك سهواً، على أرض الواقع الصلبة، فانكسر:
أنت لست شخصاً طبيعيّاً مثلي، بل مجرّد صورة عابرة ظهرتْ برغبة مني، لكي تحاورني، على شاشة خيالي..!! 🤐
“مواطن عربي”
Like this:
Like Loading...
Related