فدوى خصاونة

ليلى وكورونا – فدوى خصاونة

ليلى وكورونا – فدوى خصاونة

ليلى تسكن في قرية كبيرة محاطة بغابة كثيفة يتسلل لها خيطا من نور الشمس .

كانت ليلى متعلقة بجدتها فطلبت من أمها أن تذهب لزيارتها وتلعب وتقطف الأزهار :

أمي أرجوك إسمحي لي أن أذهب إلى بيت جدتي لقد اشتقت لها أرجوك يا امي .

قالت الأم:
ولكن يا ابنتي كيف ستذهبين إليها بعد ان انتشر كورونا فأنا أخاف عليك من هذا الوحش .

ولكن ليلى أصرت أن تذهب لزيارة جدتها وألحت على أمها لتوافق .
فقالت أمها : سأسمح لك بالذهاب بشرط أن تذهبي من الطريق البعيدة عن كورونا فوافقت ليلى على هذا الشرط وفرحت كثيرا وارتدت ثيابها الحمراء الجميلة وحملت سلة الخبز والدواء ومضت وهي تتمايل وترقص .

وفجأة فكرت بكلام والدتها : أمي تقول علي أن أذهب من طريق بعيدة عن كورونا ولكني أحب أن أمشي من أمام البيوت وألعب بالمراجيح في تلك الحديقة ، ووضعت يدها على خدها وأخذت تفرك عينيها وجبهتها وتضع خصلا من شعرها بفمها .

وأخيرا استسلمت لرغبتها وقررت أن تذهب من طريق كورونا : نعم سأذهب من تلك الطريق وألعب بالحديقة قليلا وبعدها سأمضي إلى بيت جدتي .

مشت ليلى بين البيوت ولم تلمح أثرا لأي أحد ولم تسمع صوتا ولا حتى خيالا الكل منغلق على نفسه ويمكث بين الجدران الكل خائف يترقب مصيره المجهول ؛ فكل البيوت مغلقة وحتى النوافذ والستائر كلها يبدو عليها الفزع .

تابعت ليلى المسير حتى وصلت إلى الحديقة نظرت إلى المراجيح من خلال الأسوار حاولت أن تتسلق شجرة علها تشاهد أحدا لتلعب معه ؛ ولكنها أصيبت بالخيبة ؛ فلا يوجد أحدا بالطرقات إلا قططا وكلابا .

ومن بعيد عاد لها وهج الفرح عندما لمحت أزهارا ملونة جميلة فتوجهت إلى بوابة الحديقة الرئيسية ودخلت إليها وبدأت تلعب بالمراجيح وفجأة طل عليها كورونا وقال : آه ليلى ما أجملك كيف حالك .

بدأت ليلى ترتجف وتقول في نفسها لقد حذرتني أمي من هذه الطريق آه ماذا أفعل ؟

ولكن كورونا حاول الاقتراب وقال لا تخافي يا صغيرتي فأنا لن أؤذيك سأقطف لك بعض الأزهار ونلعب سويا وبدأت ليلى تشعر بالراحة والطمأنينة .

تقدم كورونا نحوها وقال :
هيا يا ليلى قولي لي إلى أين أنت ذاهبة .

قالت ليلى :
أريد أن أذهب إلى بيت جدتي إنها مريضة وأريد أن أبعث لها هذا الدواء و الكعك.
وتابع كورونا وأين هو بيت جدتك يا ليلى قولي لي هيا ؟
فقالت ليلى : إنه هناك خلف تلك الغيمة .

وهنا بدأ كورنا ينسج المؤامرة فلمعت عيناه
وقال : آه لقد تعبت الآن وعليَّ أن أعود للبيت وداعا يا ليلى وداعا يا جميلتي .

وبسرعة البرق ارتدى كورونا كمامات وقفازات وتوجه إلى بيت الجدة وطرق الباب فقالت الجدة : من الطارق .

فقال الوحش بصوت رقيق مخادع : أنا ليلى يا جدتي إفتحي الباب .
فقالت الجدة : الباب مفتوح ، أدخلي يا حبيبتي .

فدخل كورونا إلى البيت وسلب ونهب وعمت الفوضى في كل أركان البيت وجمع الاغراض ووضعها في ركن بعيد عن بيت الجدة وعاد إلى غرفة الجدة وانقض عليها ونام مكانها .

وما هي إلا لحظات حتى طرقت ليلى الباب فقالت الجدة : من بالباب .
قالت : أنا ليلى .
قالت الجدة بصوت منهك متقطع : أدخلي ياحبيبتي .

دخلت ليلى وقد عمت الفوضى و تغير ترتيب البيت واختلف كل شيء فيه ، وألقت التحية : مرحبا جدتي
قالت الجدة : أهلا ليلى

تابعت ليلى : جدتي ما بك يبدو عليك التعب .

قالت الجدة : أنا مريضة يا ليلى .
قالت ليلى : ولكن لماذا كل هذه الفوضى ؟
الخزانة مفتوحة والأغراض منعوثة كل شيء تغير في البيت لماذا ؟

فلمعت شرارة من عين الجدة ولم تجب ؛ فاقتربت ليلى من سرير الجدة واندهشت عندما شاهدت وجهها قد تغير
فقالت : جدتي حتى عيناك تغيرت .
لماذا أصبحت عيناك كبيرة ؟
قالت الجدة : حتى أراك جيدا يا حبيبتي .
قالت ليلى لماذا أنفك كبيرا .
قالت الجدة : انا مريضة أشعر بالإختناق لا أستطيع أن أتنفس .

وأخيرا قالت ليلى : ولكن فمك أيضا كبيرا يا جدتي لماذا ؟

قالت الجدة : أنا كورونا فمي كبير لألتهمك يا ليلى أريد أن آكل الأخضر واليابس ؛ لهذا أنا جئت .

أنا كورونا دخلت إليكم بالكمامات حتى تعجزوا عن الصراخ أو الكلام وحتى الهمس وجئت اليكم بالقفازات حتى آخذ كل شيء ولا أترك أثرا يدل عليّ .

هل عرفتم من كورونا إنه اللص الخفي الهاديء يبث الفوضى والخراب جاء ليبريء اللصوص الأمارة بالسوء .

كورونا جائزة ترضية للطغاة بموافقة وتصفيق قدمها العالم بحفلة جماعية عن بعد .

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

ستنجلي الغيوم – مها حيدر

لم يكن مفاجئًا ، صوت الانفجار ولا الدخان ولا منظر سقوط الأبنية ، كان أبي يحضن اختي الصغيرة ذات العامين ودموعه تتساقط على لحيته وقد بللت ثيابه ، الخوف في عينيه على اخوتي بعد أن فقدنا امي قبل يومين أثناء سقوط الدار على رؤسنا بعد قصف شديد أحرق الأخضر واليابس ..

%d bloggers like this: