قَــــدرٌ ســــاقَهُ فَــــآواهُ رَوضــــاً لَم يَـكُـن طـارَ فـيـهِ قَـبلاً وَغَنّى

قَــــدرٌ ســــاقَهُ فَــــآواهُ رَوضــــاً / ابراهيم طوقان

قَــــدرٌ ســــاقَهُ فَــــآواهُ رَوضــــاً
لَم يَـكُـن طـارَ فـيـهِ قَـبلاً وَغَنّى
فَـاِسـتَـوى فَـوقَ ايـكـةٍ وَرَمـى عَـي
نـيـهِ فـيـمـا هُـناك يُسرى وَيُمنى
وَإِذا الرَوضُ بِهـجـةُ الروح طيباً
وَظَـلالاً وَفـتـنـةُ العَـيـن حُـسـنا
وَكَـــأنَّ الغَـــديــرَ بَــيــنَ ضــلالٍ
وَهُـدىً كُـلَمـا اِسـتَـوى أَو تَـثَـنّـى
تَـنـحَـنـي فَـوقـهُ كرائِمُ ذاكَ الد
دوح مِـنـهـا الجَـنـي وَكَـم يَتَجَنّى
مُـطـمـئنٌّ يَـسـيـر تـيـهـاً فَـإِن را
م عِــنــاقَ الصُـخـورِ صَـدَّت فَـجُـنّـا
هَـكَـذا يُـصـبـح الحَـبـيـبُ المَعنّي
بَـعـدَ حـيـنٍ وَهُـوَ المُـحب المَعنّى
وَمَضى البُلبلُ الغَريبُ يَطوف الر
روضَ حَـتّـى إِنـزَوى مَـحيّا النَهارِ
راحَ يَــأوي إِلى الغُــصـون وَلَكـن
كَــيــفَ يَــغـفـو مـشـرَّد الأَفـكـارِ
كـانَ فـي الرَوض فَـوقَ مـا يَتَمَنى
مِـن فُـنـون الأَثـمـار وَالأَزهـارِ
غَـيـر أَن لَيـسَ فـيـهِ طَـيـر يَـغنّي
أَيّ رَوض يَـــحـــلو بِــلا أَطــيــارِ
وَســرت فـيـهِ رَعـدة حـيـن لَم يَـل
ق سِــــوى دارِسٍ مِــــن الأَوكــــار
وَبَــقــايــا نَــواقــفٍ رخـم المَـو
ت عَــلَيــهــا مــخــضَّبــ الأَظـفـارِ
أَيّ خَـطـبٍ أَصـابَـكُـم مـعـشـرَ الطَي
ر وَمـاذا فـي الرَوض مِـن أَسـرارِ
طَـلَعَ الفَـجـر بـاسِـمـاً إِثـرَ لَيـلٍ
دونَهُ وَحــشــةً كــهــوف الَمــنــيَّه
تَــتَــنــزّى أَشــبــاحــه صــاخِـبـاتٍ
عــــاريــــات أَكُــــفُّهـــا دَمَـــويَّه
وَرُجــومٌ تَــفـري الغُـيـوم وَتَهـوي
كُــلَ رَجــمٍ مِــن الجَــحـيـم شَـظـيَّه
وَخُــســوف تَــحــدَّث البَــدر فــيــهِ
بِــفَــم الحــوت مــنــذراً بــرزيَّه
ذاكَ لَيل قَضى عَلى البُلبل المَن
كـــود لَولا يَـــدٌ تَــصَــدَّت عَــلَيَّه
مَـلكـة عـرشـهـا المـشارق وَالتا
ج سَــنــاهـا أَعـظِـم بِهـا شَـرقـيَّه
أَنــقــذتــه فَهــبَّ يَـشـدو شَـكـوراً
مَــرِحـاً هـاتـفـاً لَهـا بِـالتَـحـيَّه
مــــــليــــــكــــــة النـــــيّـــــرات
إلهــــــة المــــــشــــــرقَـــــيـــــن
النـــــاس فـــــي الغـــــابـــــرات
إِلَيــــــك مــــــدّوا اليـــــديـــــن
وَأَحـــــرَقـــــوا فـــــي الصَـــــلاة
نَــــــضـــــارهـــــم وَاللُجَـــــيـــــن
وَقَـــــــرَبـــــــوا الأَعــــــنــــــاق
زُلفــــــــــــــــــى تــــــــــــــــــراق
يــــــا لَيــــــل إِن الصَـــــبـــــاح
رَمـــــــــز حَـــــــــيــــــــاة الوَرى
أَنـــــفـــــاسُهُ فــــي البــــطــــاح
وَروحـــــــــــــه فـــــــــــــي الذرى
أَمــــــــا رَأَيــــــــت الأَقــــــــاح
أَفـــــــاق بَـــــــعــــــد الكَــــــرى
وَضــــــــــــــــوَّع الآفــــــــــــــــاق
لَمـــــــــــــــــــا أَفـــــــــــــــــــاق
هُـــــنـــــاكَ راعـــــي الغَـــــنــــم
جَــــــــذلان حَــــــــيُّ الفُــــــــؤاد
يَــــــرتـــــع بَـــــيـــــنَ الأَكـــــم
يَهـــــــيـــــــم فــــــي كُــــــل واد
وَالنــــــايُ صــــــبَّ النــــــغــــــم
وَبَـــــــــثّه فـــــــــي الوهــــــــاد
كَــــــــــزَفـــــــــرة الأَشـــــــــواق
غِــــــــــــــــــبَّ الفِــــــــــــــــــراق
نــســي الطَـيـر هَـمَّهـُ حـيـنَ غَـنّـى
قــلمــا يَــســتــقــرّ هـمُّ الطـروبِ
أَلِف الرَوض مــــفــــرداً وَتَــــوَلّى
عَـنـهُ فـي دَوحـه شـعـورُ الغَـريـبِ
مُـسـتَـقـلٌّ في الملك لا مِن شَريكٍ
طــامِــعٍ يُــتَــقـى وَلا مِـن رَقـيـبِ
مــطــلقٌ يَــســتَــقـرُّ عِـنـدَ نَـمـيـر
تــارة أَو يَــقــبــل فَــوقَ رَطـيـبِ
وَإِذا وَردة تَـــفـــيـــضُ جَـــمــالاً
تَــتَهـادى مَـعَ النَـسـيـم اللعـوبِ
قَـد حَـمَـتـهـا أَشـواكُهـا مَـشرعاتٍ
حَــولَهــا دونَ عــابــث أَو غَـصـوبِ
تَـمـنَـح العـين حين تَبدو وَتخفي
مِــن ضـروب الإغـراء كُـل عَـجـيـبِ
كُــــلُّ قَــــلبٍ لَهُ هَــــواه ولَكــــن
لَيـسَ يَـدري مَـتـى يَـجـيـء زَمـانُه
وَهُــوَ إِمّـا فـي ظـلِّ جـفـن كَـحـيـل
كــامـن السـحـر راقـد أَفـعـوانُه
أَو وَراء اِبـتِـسـامَـةٍ حُلوةِ الثَغ
ر نَـــقـــيّ مـــفـــلّجٍ أَقـــحـــوانُه
أَو عَـلى الصَـدر يَـسـتوي فَوقَ عَر
شـيـن مَـكـيـنـاً مُـؤيـداً سُـلطـانُهُ
فَـإِذا كـانَ لَفـحـةً مِن جَحيم الر
رجــس أَمــلى أَحــكـامَه شَـيـطـانُه
وَإِذا هَـبَّ نَـفـحَـةً مِـن نَـعيم الط
طــهــر قــامَــت رَكـيـنـة أَركـانُه
هـوذا الحُـب فَـليَـكُـن حـينَ يَأتي
ك بَـريـئاً مِـن كُـل عَـيـب مَـكـانُه
صــارَت الوَردة الخـليـعـة للبـل
بــل هــمّــاً وَمَــأربــاً يُــشــقـيـهِ
حَــسـرتـا للغـريـر أَصـبـح كـربـاً
مــا يُــلاقــيـه مِـن دَلالٍ وَتـيـهِ
شَـفَّهـ السُهـدُ وَاِعـتَراهُ مِن الحُب
ب ســـقـــامٌ مـــبـــرّحٌ يُــضــنــيــهِ
مَــن رَآهــا وَقَـد تـحـامـل يَهـفـو
نَــحــوَهـا كَـيـفَ أَعـرضـت تَـغـريـهِ
مَــن رَأى رَوحــه تَـسـيـل نَـشـيـداً
لاهِــبــاً لَوعــةُ الأَسـى تُـذكـيـهِ
هِــيَ حَــوّاء ذَلِكَ الخُــلد فـاِحـذر
لا تَـــكـــونَــنَّ أَنــتَ آدم فــيــهِ
لا تَهـب قَـلبـك الكَـريـمَ لَئيـماً
تَــحــتَ رجـليـهِ عـابـثـاً يَـلقـيـهِ
هَـــلى يَـــرى فــي ظــلال وَردتــه
الحَـمـراء سـرّاً بَـدا وَكانَ خَفيّا
هَـل يَـرى للطـيـور فـيـها قُلوباً
نــبــذتــهــنَّ يــابِــســاً وَجــنـيّـا
هَـل يَـرى اليَـوم مـا الَّذي جَـعـل
الرَوض كَـئيـباً مِن الطُيور خَليّا
كَـم نَـذيـرٍ بَـدا لِعَـيـنـيـهِ حَـتّـى
قــامَ شَـخـص الرَدى هُـنـاكَ سَـويّـا
ســـامَهُ حُـــبُّهـــُ شَـــقـــاء وَلَكـــن
نــعـمـة الحـب أَن يَـكـون شَـقـيّـا
وَالهَـوى يَـطـمـس العُـيـون وَيُلقي
فـي قَـرار الأَسـمـاع مِـنـهُ دَويّا
هَـكَـذا يَـسـلك المـحـب طَـريـق ال
خـوف أَمـنـاً وَيـحـسـب الرشد غَيّا
مَــن تَــرى عـلَّم البـخـيـلة حَـتّـى
سَـمـحـت أَن يَـقـبِّلـ الطـيـر فاها
لَم يَــصـدِّق عَـيـنـيـه حَـتّـى أَطَـلَّت
وَأَطــالَت فــي خــتــله نَــجـواهـا
زلزل الرَوض عــنــد ذَلِكَ بِــالأَل
حـان فـاِسـمَـع رِوايَتي عَن صداها

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

قصيدة كلمات

ثرثرة قلم جائع – عواطف(عطاف سالم)-

لمعان الشجرة تحت الشمسْ لمعان الذكرى بفعل الأمسْ ... لمعان الكلمات المنسيةْ لمعان الأشواق المخفيةْ ... لمعان النور المتذبذبْ والفرح الغالي المتسرّبْ

%d bloggers like this: