قبلةٌ و اعتذار شعر: عارف عاصي

أَيُّ صَــوْتٍ مِــنْ وَجِـيـبٍ غَـامِـرِ
هَــزَّ بِـالأَسْـحَارِ قَـلْـبَ الـشَّاعِرِ

قَــدْ أَزَاحَ الـنَّـجْمَ عَــنْ سَـهْرتِهِ
وَ احْـتَـفَـى عُـمْـراً بِـصَـفْوٍ فَـاتِـرِ

قَـدْ تَمَطَّتْ ذِي اللَّيَالِي بِالمُنَى
وَالمُنَى تَسْرِي كِسحْرِ السَّاحِرِ

كَمْ تَلالَتْ فِي كُؤُوسٍ مِنْ هَوىً
وَ انْـتَـشَتْ رَقْـصـاً بِـلَـهْوٍ غَـامِـرِ

تَكْتُبُ الذِّكْرَى عَلى وَجْهِ الثَّرَى
فَــتَـمُـر الــرِّيــحُ قَــبْـلَ الـعَـابِـرِ

فَـــإِذَا الأَلْــوَاحُ صِـفْـرٌ مِــنْ رَؤَى
وَإذَا الـمَـطْـمِورُ طَـــوَعَ الـطَّـامِرِ

تَـسْـتَحِيلُ الــرُّوحُ عَـنْ بَـهْجَتِهَا
فَــإِذَا الــرَّوْضُ اغْـتِـصَابُ الـزَّاهِرِ

وَ إِذَا الأَغْــصَــانُ يَــبْـسٌ كُـلُّـهَـا
وَ الـخَـرِيفُ الـمُـرُّ صَـوْتُ الـمَاكِرِ

آَهِ يِــــا طِــفْــلَ بَــهَـاءٍ وَ سَــنَـا
كُـنْـتَ بِـالـرُّوحِ سُــرَورَ الـخَـاطِرِ

كَـالـفَـرَاشِ الـحُـرَّ يُـدْنِـي نُــورَهُ
أَوْ كَـخَـفْـقٍ مِـــنْ جَـنَـاحٍ طَـائِـرِ

تَـرْسُـمُ الإِصْـبَـاحَ مَـوْفُورَ الـرِّضَا
تُـسْـكِرُ الـكَـأْسَ بِـلَـهْوٍ الـسَّاكِرِ

تَـجْتَنِي الأنْـوَارَ مِنْ كَفِّ الدُّجَى
تَـجْـمَـعُ الأَنْـــدَاءَ طَــوْعَ الآَمِــر ِ

تَـسْتَقِي الـشَّهْدَ بِـدِيعاً طَـعْمُهُ
دُونَ نَـــحْــلٍ أَوْ رَبِــيــعٍ عَــامِــر

مِـنْ رُضَـابِ الأَمْسِ أَجْتَرُ المُنَى
كَــي أُعِـيـدَ الـصَّفْوَ بَـعْدَ الـعَاثِرِ

آَهِ وَ الــذِّكْـرَى اِرْتِــقَـاءٌ بِـالـرُّؤَى
فِـــي بَــهَـاءٍ مِـــنْ نَـقَـاءٍ غَـابِـرِ

كَـمْ عَلَى الأَمْسِ سَيَحْيَا عُمْرُنَا
وَ اِرْتِـقَـابُ الـفَـجْرِ حُـلْـم الـنَاظِرِ

بَـيْنَ صَـبْرِي وَ اهْـتِزَازِي لَـحْظَةٌ
تَــقْـتُـلُ الأَيَّــــامَ قــتْـلَ الــوَاتِـرِ

كَـيْـفَ مَــرَّ الـعُـمْرُ مَــا أَسْـرَعَه
قَـــدْ تَــوَلَّـى بَـعْـدَ جُــرْحٍ غَـائِـرِ

أَنْـتَـشِي يَـوْمـاً لِـبسْمَاتِ أَبِـي
وَ هُـــــدُوءُ الأُمِّ نُــــورُ الــبَـاصِـرِ

بَـسْمَةُ اِبْـنِي حِينَ يَلْهُو ضَاحِكاً
تَــمْــلأُ الــكَــوْنَ بِــنُــورٍ آَسِــــرِ

كَيْفَ أَنْسَى الأَمْسَ؟يَوْمِي نَبْتُهُ
وَ الـغَـدُ الـمَـأْمُولُ نَـبْتُ الـحَاضِرِ

ذِكْــرَيَـاتُ فِــي شَـرِيـطٍ حَـافِـلِ
تَـخْـتَفِي مِـنَّـي بِـشُـغْلٍ سَـافِرِ

ثُــمَّ تَـأْتِـي يَـصْطَلِينِي هَـجْرُهَا
تَـلْـسَعُ الـقَـلْبَ بِـسَوْطٍ سَـاهِرِ

ذِكَـــرٌ تَـعْـلُـوُ وَ تَـخْـبُـو غَـيْـرُهَـا
بَــيْــنَ كَــــرٍّ ثُــــمَّ فَــــرٍّ دَائِـــرِ

أَجْـمَـعُ الآَمَـالَ فِـي كَـفِّي هُـنَا
وَ أَرَاهَـــا فِـــي اِنْــدِثَـارِ الــدَّاثِـرِ

ذِي دَمُـوعُ الـعَيْنِ قَـحْلٌ جَـفْنُهَا
كَــالـبَـوَادِي دُونَ غَــيْـمٍ مَــاطِـرِ

لَـيْـتَـهَا تَـسْـقِـي فُــؤَادِي مَــرَّةً
مِــــنْ رُضَـــابٍ عَـبْـقَـرِي فَــاتِـرِ

يَـا كُـلُومَ الـقَلْبِ كُـفِّي وَارْحَلِي
لَـيْسَ فِـي الـبَاقِي مُـقَامُ الثَّائِرِ

أَيُّ رِبْــــحٍ أَوْ خَــسَـارٍ يُـجْـتَـنَى
وَ الـمُـنَى عِـنْدِي حَـصَادُ الـنَّافِرِ

وَأَنَــا أَمْـضِـي وَحِـيـداً بِـالأَسَى
يَـجْرَحُ الـنَّايُ اِضْـطِرَابَ الـشاعرِ

وَ أَغَـانِـي الـرِّيـحِ عَـزْفٌ يَـكْتَوِي
خَـافِقِي الـمَشْبُوبَ كَـيَّ الغَادِرِ

وَ الــمَــرَايَـا مُــثْــقَـلاتٌ كُــلُّـهَـا
تَـتَشَظَّى فِـي شُـرُوخِ الـكَاسِرِ

وَالـرُّؤَى مِـنْهَا اِخْـتِلافٌ مُـوحِشٌ
تَـلْـطِـمُ الــوَجْـهَ بِــكَـفِّ الـعَـاقِرِ

يَـاوُعُـودَ الـلَّيْلِ مَـا أَحْـلَى الـلِّقَا
كُـنْـتِ رِيّــاً فِــي جَـدِيـبٍ آَشِــرِ

بِـانْـبِلاجِ الـصُّـبْحِ وَلَّــى طَـيْـفُهَا
خَـلَّـفَتْ لِــي أَلْــفَ وَعْــدٍ فَـائـر

كَـــرَمُ الـطَّـائِـيِّ فِـــي إِقْـبَـالَهَا
تَـمْـنَحُ الـرَّاجِـي وُعُــودَ الـقَـادِرِ

وَ الـوَفَـا مِـنْـهَا قَـرِيـنُ الـبُخْلِ إِذْ
تَـقْـطَـعُ الإِنْــجَـازَ كَــفَّـيْ مَــادِرِ

يَــا رَبِـيـعَ الأَمْــسِ مِـنِّـى قُـبْلَةٌ
لِــجَـبِـيـنٍ مَـــرْمَــرِيٍّ طَـــاهِــرِ

وَ اَعْـتِـذَارٌ أَنَّـنِـي فِـي سَـفْرَتِي
وَ الـمُـنَـى صِـفْـرٌ بِـخُـطْوٍ خَـائِـرِ

آَهِ وَ الـرِّحْـلَـةُ تَــدْعُـو عَــوْدَتِـي
بَــعْـدَ لأْيٍ فِــي اِرْتِـحَـالٍ زَاجِــرِ

يَــا إِلَــهَ الـكَـوْنِ فَـاقْـبَلْ أَوْبَـتِي
جِـئْـتُ بِـالـمَحْلِ الـفَـقَيرِ الـبَـائِرِ

لَـيْـسَ لِـي زَادٌ وَ كُـلِّي يَـرْتَجِي
رَحْــمَـةَ الـبَـارِي لِـعَـبْدٍ حَـاسِـرِ

About سفانة بنت ابن الشاطئ

Check Also

ندامة الكسعي - مما اعجبني

الدرب الذى لم أسلك – مما أعجبني

الدرب الذى لم أسلك للشاعر الأمريكي روبرت فروست ترجمة: شهاب غانم افترق الدرب فصار أمامى دربان فى غاب مصفر الألوان وأسفت بأنى لا أقدر أن أرحل فى الدربين بذات الآن فوقفت طويلا أنظر فى أحد الدربين لأقصى إبصار العينين