أَدَيرُ يـاسينَ مَجْزرةٌ أَمْ مَفْخرةٌ؟ – عبد الرازق البرغوثي

أَدَيرُ يـاسينَ مَجْزرةٌ أَمْ مَفْخرةٌ؟ – عبد الرازق البرغوثي

يــــــا أُمَّ خــالـدٍ؛الـتّـاريـخُ طَــــــوَّفَ بـــــي
فــي قَـريـةٍ أقْـفَـرتْ مِــن أهْـلِـها الـعَرَبِ(1)

وإنْ سَـــألْـــتِ مَـــزيــدًا عـــــنْ هُــويَّـتِـهـا
فـإنّـهـا عـــن عُــيـونِ الــقُـدسِ لـــم تَـغِـبِ

فــي الـقَـلبِ ثـاويـةٌ،في الـعـينِ شـاخِـصةٌ
مِـــــن جُــرحِــهـا الــدَّمــعُ فــــوق الــخَــدِّ

كـــــــــــــالـــــــــــــلَّـــــــــــــهــــــــــــبِ
قُــولــي بِــرَبِّـكِ: هَـــل مـــا زِلْـــتِ ذاكِـــرةً
قَــتْــلَ الــمِـئـاتِ بِــــلا ذَنْــــبٍ ولا سَــبَـبِ

قـالـتْ :فَـدَيْـتُكَ،هلْ أنْـسـى مَـصـارِعَ مَــنْ
أَلْــقـى الـغُـزاةُ بِـهـمْ فــي مَـحْـجَرٍ خَــرِبِ؟

أم كُــنـتُ أَنـسـى الّــذي لاقَــتْ مُـعَـلّمتي
(حَـياةُ)حَيْثُ اصْـطَفاها الـمَوْتُ عَن كَثَبِ(3)

مـــــن أرضِ نــابُــلُـسٍ جــــاءتْ لِـتُـرْضِـعَـنا
مَـــــعَ الـكُـنـافَـةِ،عِـلْمًا خــالِــصَ الــحَـلَـبِ

فـاسْتُشهدَتْ وهْيَ في إسْعافِ مَن جُرِحوا
تُــدافِــعُ الــمَــوتَ عَــنـهـمْ دونَــمـا رَهَـــبِ

ســاقُـوا إلََـيْـنـا وُحــوشًـا لا عَـديـدَ لَـهـمْ
وحــاصَــرونـا حِـــصــارَ الــعَــيْـنِ بــالــهُـدُبِ

مُــدَجَّــجــيــنَ بـــأَضْـــغــانٍ وأســـلـــحــةٍ
مَــحْــشُــوَّةٍ بِــوَصــايــا أَنْـــتَـــنِ الــكُــتُـبِ

لِـــــذاكَ خُــضْــنـا جـــهــادًا لَــيــسَ ذا أَرَبٍ
إلّا بِــــمَــــوتٍ لِــــوَجْـــهِ اللهِ مُــحْــتَــسَـبِ

بــقِـلَّـةٍ مــــن سِــــلاحٍ، مـــن ذَخـيـرَتِِـهِ
إيــمــانُ قَــلْــبٍ يَــضُــخُّ الــعَــزْمَ كـالـقِـرَبِ

زجَّـــــتْ مَـصـاغـاتِـهـا الــنِّـسـوانُ قــائـلـةً:
هاتوا سلاحًا بِها، ما النّفعُ في الذّهبِ؟ (3)

إنْ داهـــمَ الـخَـصـمُ أهْــلـي هَــلْ نُـنـاجِزُهُ
لِـنَـحْـمِـيَ الأرضَ والأَعــــراضَ بـالـنَّـشَـبِ؟

ومــــا تَــخـلّـى الأهــالـي عَـــنْ بَـنـادِقِـهِم
وفــــي نَــفــادِ عَــتـادٍ، صِـــرْنَ كَـالـخَـشَبِ

وَكَــــــمْ شَــهــيــدٍ تَـــهـــاوَتْ بُــنْـدقـيّـتُـهُ
هَــــبَّ ابْــنُــهُ نــحْـوَهـا لـلـحـربِ بــعْـدَ أَبِ

حــتـى قَـضـى الـشِّـبْلُ هَـبّـتْ أُمُّــهُ خَـبَـبًا
تَــرجـو الـشـهـادةَ،لم تَــجْـزعْ ولَـــم تَـهَـبِ

فـــي كُـــلِّ شِــبـرٍ شـهـيـدٌ نــالَ مَـصْـرعَهُ
تَــضُــمُّـهُ الأرضُ ضَـــــمَّ الِــطـفـلِ لِــلُّـعَـبِ

وتُــرجِــمَـتْ خِـــسَّــةُ الأعـــــداءِ مَــجــزرةً
لـلـطـفلِ والـشَّـيـخِ والــعَـذْراءِ، واعَـجَـبـي!

مــا غــابَ عَـنـها سِــوى مَــن كـانَ فـارَقَها
يَـبْـغي سـلاحًـا،ولمْ يََـعْمِدْ إلـى الـهَرَبِ

إنْ قُــلْـتَ:مـفْـخـرةٌ،أو قُـــلْـــتَ: مَـــجْـــزَرةٌ
فَـقَـوَلُـكَ الـصّـدْقُ،لـم تَــمْـدحْ ولـــم تَــعِـبِ

(فـــدَيْــرُ يــاســيـنَ) لــلأهْـلـيـنَ مَــفْـخـرةٌ
إذْ جـالَـدوا الـبََـغْيَ أُسْــدًا دونـمـا رَهَـبِ

أمّـــا الــغُـزاةُ فَـفـيـها الــدّهـرَ قــدْ وُصِـمـوا
بـوَصْـمَةِ الـعـارِ،لنْ تُـمْـحى مــدى الـحِـقَبِ

فَــقُـلْ لــمَـنْ يَـشْـجُـبُ الإرهـــابَ مُـدَّعِـيًـا
بـالـعَدلِ: يَـكْـفي الّــذي تَــذْروهُ مِــنْ كَـذِبِ

لَـــو كـــانَ مُـرْتَـكِـبوها مـــن بَــنـي عَـــرَبٍ
لــطـورِدوا فـــي بُــطـونِ الـبـيـدِ والـسُّـحُبِ

هــذا الّــذي كــانَ يــا عَـرَبـاهُ فــي وَطـني
ولَــــمْ نَــبِـعْـهُ، ولــــمْ نُــذْعِــنْ لـمُـغْـتَصِبِ

ولَــــمْ نُــغــادِرْ حِــمـانـا كَــــي نُـزاحُـمَـكمْ
فـي عَـيْشِكمْ، لَـو طَـوانا الـمَوتُ من سَغَبِ

جِــئْـنـا إلــــى إخْــــوَةٍ نَـبْـنـي حـضـارتَـهمْ
فـأَكْـرَمـونا، فــهـلْ فـــي ذاكَ مــن عَـتَـبِ؟

فَــــــلا تَــمُــنُّــوا،ولا نًــمْــنُــنْ :فـــكُــلُّ أخٍ
يُــسْـدي أَخـــاهُ يَــدًا،مـن غَـيـرِ مــا طَـلَـبِ

قـــولـــي خَـديـجـةُ:كَـيْـفَ الآنَ قَــريـتُـكـمْ؟
هَـــلْ زُرْتِــهـا؟أَمْ مَـحـاهـا مِــعْـوَلُ الـنُّـوَبِ؟

قــالـتْ:أجَـلْ زُرْتُــهـا،قَـدْ صــــارَ مَـسـجِـدُنا
مَــــأْوى مَـجـانـيـنِهمِ،يَشكو بِـــلا خُــطَـبِ!

رأيْـــــتُ مَــنـزلَـنـا فــيــهِ الــغَـريـبُ ثَــــوى
كَــــأنَّـــهُ وارِثٌ أهْــــلـــي،وذو نَـــسََـــبِ

وجـــنّـــةَ الــتِّــيــنِ والــزَّيْــتـونِ تَـقْـطـفُـهـا
أَيْْـــدي الـلُّـصـوصِ بِـــلا كَـــدٍّ ولا نَـصَـبِ

يـــــا رَبِّ، جُــــدْ بِــصَــلاحِ الــدِّيــنِ ثــانـيـةً
كَـي يُـسعِفَ الـقُدسَ والإسْـلامَ مِـنْ وَصَبِ

وتُــعْــلِــنُ الـــعَـــوْدةَ الــكُــبــرى مَــآذِنُــنـا
مـــن بَــعـدِ دهــرٍ مِــن الأحــزانِ والـغـضَبِ

والــنّــايُ يَــصــدَحُ والأجــــراسُ مُــنـشِـدةٌ
وقــاعَـةُ الـحَـفْـلِ مِـــن عَـكّـا إلــى الـنَّـقَبِ

أَدَيرُ يـاسينَ مَجْزرةٌ أَمْ مَفْخرةٌ؟ - عبد الرازق البرغوثي

أَدَيرُ يـاسينَ مَجْزرةٌ أَمْ مَفْخرةٌ؟ – عبد الرازق البرغوثي

About سفانة بنت ابن الشاطئ

Check Also

قراءة لقصيدة الحج لغزة للشاعر ماجد النصيرات – زكية خيرهم

لحج لغزة هذا العام يكفيكَ نصراً إذْ وقفتَ شُجاعا و ركبتَ موتاً للحياةِ شِراعا يكفيكَ نصراً في السمُوِّ مهابةً و بكَ الرجالُ سيقتدونَ تباعا

%d bloggers like this: