في ذاك المساء .. جهاد قراعيين

في ذاك المساء مرت أمامه كنسمة ، توقف الزمن وبدا له ان مساءات تشرين تنزف ثلجا يتراقص بقفازات حريرية ، ببشرة سمراء اقرب الى البرونزية ، أبهرته بشخصيتها محاولا قطع دابر الاغواء منها ، هي جذابة الحضور تتهادى في خطواتها كرذاذ مطر صيفي عاشق للارض انسها فأذهلته في حديثها ويداه مكبلتان والعينان منه معصوبة سمع صوتها المنساب في ثنايا الفراغ ، فقفز قلبه يبحث عن مصدر الصوت ، فوجد بابها مغلق يطفو في الفراغ المنهك ،فما كان منه الا ان رمى قلبه امام ذاك الباب ظنا منه انها ستلتقطه يواصل البحث لعله يمسك طرف ثوبها الشفاف الذي لف بانثوية جسدها المفتون ، وكأنها حملته على اجنحة سحرها ، عيناها تحاكيه دون حروف تنطقها نظراتها ساحرة ترمي الطير من عَل ، فما بالك بضحكتها التي تفتح نوافذ قلوب حولها ، ففي خلف كل نافذة قصة ، هنا قلب ينبض بالحب وهنا قلب ينبض بالألم بالوجع ، وقلب يئن من ضربات إيقاع الحنين والفقدان ، وفِي ذاك الركن جلس قلب هاديء وهنا قبالته قلب صامت يكاد ينفجر ، كلها تؤجج الوحدة العمياء في ثنايا ليل غامض ، هنا الوجع اخرس وهنا العشق اصم الا من تنهيدات غمرة عناق ساخنة وهنا شوق حزين يذرف الدمع ،ويرتل الصلوات دون اجراس تقرع ، وهنا تقطعت فواصل حياة حيث وداع مذبوح فارغ من ضمة وداع او قبلة انتحار اخيرة اعتادا عليها ضيعت بين تواري النظرات ، وداع لا تشعر الا بهيبته لا تراه ولا يروى ولا يكتب عنه حتى في حانة تافهة .

هي صديقته الوحيدة وحبه الأوحد تناغيه بكل شغف وشغب جعلته يعشق الحياة ، كيف لا وهي المتمنعة صعبة المنال أصبحت حلمه الذي سرق نبضه ، كيف لا والجميع يدأب ودها ويحرص نيل رضاها ، أنوثتها شاغلته بوهجها الجذاب أينما حلت نثرت الفرح والسعادة والطاقة الإيجابية ، كل خطوة من خطاها نغمة حياة ، أنوثتها طاغية غزته بسهامها ، همسها بنغج ودلال ، جنونها محبب له يستوطن قلبه ، اقترب منها يبثها ارهاصات الحب ، قالها انت الحياة في حضورك في مشيتك في حديثك في أناقتك البسيطة الكاملة ، امطرها وابلا من الود والاطراء ، حتى مالت له ولانت بقلبها المفعم بالحياة ،غابا معا حين اقشعرت أوصال كل منهما ، أقبلت نحوه كفراشة راقصة تتنقل في وهج تبني معه عِش الحب ، اخترقت امواج البحر دون هواده لتهديه اجمل اللالىء من الأعماق ،احتضنته كطفلها على شطآن الحياة امتلا بها قلبه وقلبت موازينه بخفة روحها وشغفها ضحكتها تلقائية اخترقت وشقت صدره ، فعشقها كتبها على جدران قلبه المذبوح بها ، كلما مالت نحوه بغمرة اسمعها بهمس صوته أيا حلوتي يافتاتي الجميلة كفاني انك حبيبتي ما تعبت منك ولن اتعب ، لست ادري ما اعتراني في ثنايا الليل الغامض الذي لفحني ولفني بك في رقة بين كفيك ، أنوثتك صارخة صرعتني مازلت املأ بصري من كنوزك ، اراك حزمة من نور غزتني بكلي ، أخذتني بكلي نحو كلك ، حتى بت اكتبك على حيطان غيمة شاردة مني ، والندى له ظل داخله ظلك اكتبك بماء الأزهار التي اعتليتيها ، ارسم بسمتك على حواف السماء وقناديل الليل تناجيها ، وما بخاطري الا ان ابقي ضمك وعيناي تحاكي عيناك وكحل اهدابك يطاطىءخجلا من تنهيدات وآهات تلامس الصمت على خدك ،تعاتبني على بعد المسافات بين هدب وهدب، ضميني الى صدرك وشوقي الى شوقك لنختصر المسافات ،سأطير بك وسأهزم الخيبات ،تمهلي حبيبتي لنغزل من خيوط الندى حكاوينا ،سأشعل فتيل أنوثتك بدهشة الصباح بين لقاء ولقاء لهفة ولهيب حضنين وتوتر ضمني ليستفز جفاف قلبي ، لملمي اقداري بين كفيك ، فأنا في ضياع مني يلفني أناي فيثنيني الحنين إليك وانا معك ، فأنت الأنثى التي أينعت بتلاتها من سقيا فرط وجدي، السعد والسهد يرافقني في ليلة أسطورية ، حديثك فوح ياسمين يملا وجداني شذا وعطرا يحرك في أعماقي الف رغبة ورغبة وتنهدات بحجم الليل الطويل ، توهتني في منتصف شهوتي ورغبتي، لم يبقى لي الا عشقا ولوعتي في منتصف الطريق .

كسوت أحلامي بعباءة صبر استعرته مني ، اغلت نبضي ، مزقت خربشات ثوبي العتيق مدينتي منك خاوية ، كيف أنسى والقلب مازال ينزف جرحا عميق ، مازلت ممتلئ بك وانيني لا يفارق أضلعي وبسمتك كسرتني ولا ظل يظلني حتى نواذج صبري ضحكت مني ، بت انا والصمت والهذيان والليل في صحوة يعانقني ليل بارد مطره اخرس لا صوت يوقظني الا انت من أذاب هشاشة روحي ورماد احتراقي تعتق في غيابك ، لا اريد هدوء صوتك لا اريد صمتك ايقظيني بصراخك، لاشتم عطرك بوحك يطهر همومي يرد غيبتك ،ضاق الضيق مني حين غفلة تنادت تنهيدتك العميقة على كتفي حين ضمه في عيني الغافية ويقيني سألتقيك مع انني في سبات أعانق مني وسادني ظلك يلملم عثراتي، وها يا أنت تشعليني وتشاغليني وتستفزيني لأشم رائحتك في كل زهرة في كل جورية حتى شوكه غار مني تفاصيلك الصغيرةبجسدي ،فأنت مختلفة مختلفة مختلفة عن كل الإناث التي عرفت ،انت الشهيق والزفير والتنهيدات الحارقة ، أبحرت معك ضد القوانين والدساتير والأعراف ،كنت الماء السلسبيل وياسمينةعربشت على حيطان قلبي ، فأشعليني في كهلي شمعة وداع واتركي لي نهر القلق لاتوضأ بأحلامي ورقاص ساعتي يلاعب أعصابي لاودع في جب حزني مشاعري وأحاسيسي وجراب يأسي ينسج بخيوط الأمل بسنارة الحكايات تحيكها ، لأدرك نبضي وأشعل اشواك قهري والدمع متحجر في المآقي وهمس شفتاي جف فلا تسأليني عن وجعي وتعثري ففي قاعي مذبح حنيني فأنا ما زلت مخنوقا ببقاياك وظنني على يقين هذياني سألتقيك ..سألتقيه ..!!

جهاد قراعين ###
14/11/2019

مزيد من اعمالها

About abdulrahman alrimawi_wp

Check Also

عصفور ملون / منيرة شريح

فمهما كان قصده فقد أسعدني وذكرني بذلك الكم الهائل من الأمل

%d bloggers like this: