سليل العلم والحكمة؛ شعر: د. حسن الشناوي

خِــلالُـك الـزُّهْـرُ: ُطـيـب الـذكـر يـتـلوها
ويــزدهـي بـسـنـاها” كــفـرُ طـبـلـوها”

ودرْبُ فـــكــركَ، لا زالـــــت مــلامــحـه
غـــنــاءَ بــاســقـةً، طــابــت مـغـانـيـها

عــلامـةٌ، مـــن جــلال الـحـقَّ مـتـشحٌ
بــســيـرةٍ عـــبــقُ الــتـقـوى يـزَكِّـيـهـا

ومــفـعَـمٌ بــشــذا الإيــمــان، يــغـمـره
وضــــاءةً، كـانـبـلاج الـصـبـح، يـجـلـوها

وفـيـلـسوفٌ، تـسـامـى فـــي مـعـارفه
عــن هـرطَقاتٍ كـساها الـغيُّ تـشويها

سـلـيـلُ أهـــلٍ كـــرامٍ، ذكـرهـم عـطِـرٌ
يــفـوحُ بـالـعـلم بــيـن الــنـاس تـنـويها

وفـــرعُ أصـــلٍ عــلـى أفـنـانـه غـــردت
بــيــضُ الــسـرائـر لـلـقـربى وداعـيـهـا

غُــرٍّ،أمـاجـدَ، رامـــوا الـعـلـم فـاقـتـعدوا
مــنـه الـــذرى، بــتـدانٍ وارتَــقَـوْا فـيـها

يـزيـدهم عـلـمُهمْ بـيـن الــورى شـرفـا
ودون تـــيــهٍ يـــزيــدون الـــعُــلا تــيـهـا

عـلـى رُبَــى الأزهــر الـمـعمور صـادحةٌ
لــهــم مــكــارمُ كــانـوا خــيـرَ أهـلـيـها

وفــي حـمـاهُ مـسـاعٍ مـنـهمُ سـكـبتْ
نـفـعـا، كــريـح الـصَّـبـا تـزكـو سـواقـيها

كــــم فــجَّـروا مـــن زوايـــاه بـقـريـتهِمْ
مــنــابـعَ الــخـيـر: تـعـلـيـما وتـوجـيـهـا

وكــــم تــلاقــتْ لــديـن الله وجـهـتُـهُمْ
تــجــرُّدا، مــــا تَــغَـيَّـا الــحـق تـرفـيـها

ولــــم تــــزلْ فـــي حـنـايـانا مـآثـرُهـمْ
تــعــيـدُ أيــامَــهـم ذكـــــرى نــوافـيـهـا

آلُ ” الـمُسيَّرِ” و ” الـمسلوتِ ” سـادتُنا
عـلـى طـريـق الـهـدى: فـضـلا وتـنبيها

بــيــضُ الــقـلـوب؛ كــــأنَّ الله مـيَّـزَهُـمْ
مــــن بـيـنـنـا بــمَـعـانٍ هـــمْ مـبـانـيها

لا زلــتَ – أسـتـاذَنا – مــا بـينهم غَـدقا
يـفـيـض نُـعْـمَـى: أريــجُ الـعـلم راويـهـا

إذا تــحَــيَّـر عــنــد الــمــوت ذو كُــــرَبٍ
وصـيـرتْـه الـمـنـايا – ثَـــمَّ – مـشـدوها

فــكـم تـجَـهَّزْتَ لـلأخـرى بـمـا صـنـعتْ
يـــداك مـــن صـالـح الأعـمـال تُـخـفيها

ونـــافــعِ الــعــلـم كـــالأنــوار تــنـشـرُه
حــبـا لِــديـنٍ نــرى فــي غـيـره الـتـيها

رحـيـلـك الــهـاديءُ: الـوجـدانُ يـحـمله
أســى تـطـوف بــه الـسلوى فـيَجْفوها

وكـــيــف نــنــسـاكَ والأيــــامُ ذاكــــرةٌ
عــزيـمـةً كــنـتً بــالإجـلالِ تـكـسـوها

وهــمــةً كـالـرواسـي كــنـتَ تـحـمـلُها
حـزمـا، ومــن طـيِّـبات الـرفـقِ تَـسقيها

أبــــا حــذيـفـةَ، والأحــــزانُ تُـغـرقـنـي
أمـواجُـهـا فـــي بــحـارٍ لـسـتُ أدريـهـا

مــا ذا تـضـيف الـقوافي، وهْـي مـقفِرَةٌ
مـثـل الـفـيافي، ومــا نـجـوايَ أزجـيها؟

غـرستَ فـينا بـحسن الـفعل مـا تـعبتْ
فــيــه الـمـواعـظُ: تـمـثـيلا، وتـشـبـيها

ولـــم تــكـنْ بـجـمـيل الـقـول مـحـتفِلا
إن كـــان كـالـكـفر والـعـصـيان مـكـروها

فـمـا الـجـمالُ إذا مــا حـل فـي جـسد
والـنـفس كــلُّ صـنـوف الـقبح تـعروها؟

ومــا الـمـلاحةُ فــي أثــواب مــن بـرزتْ
مــنـه الـوقـاحـة فـــي أردى مـجـاليها؟

حار الأُلى عن طريق المصطفى انحرفوا
مــسـتـمـرئـيـن لــغــيــر الله تــنــزيـهـا

وخــاب مـنـهم ذوو الأهـواء حـين مـضَوْا
يــنــزِّهـون ضـــــلال الــفــكـر تـنـزيـهـا

تــوهَّــمـوا الـــديــن أفــيــونـا يــخـدِّرنـا
والــحــقَّ أكــذوبــةً تــحـتـاجُ تـسـفـيها

وهـــم أضـــلُّ الـــورى نـهـجا ومـنـطلَقا
وأبـــــرعُ الــخــلـق تـــزويــرا وتـمـويـهـا

هــدمـتَ فـيـهـم دعــاوى لا تُــدل بـهـا
إلا الـحـمـاقةُ شــابـت فـــي نـواصـيـها

وقــمــتَ لــلـرؤيـة الــحـولاء مـصـطـحبا
أمــانـةَ الـنـصـح تــأسـو مـــن يـجـاريها

فــلــم تــعــد بــســوى فــــوزٍ تــعــززه
رعــايــة الله، والـقـسـطـاسُ يـحـمـيـها

عــقـيـدةُ الــحــق لا تــحـيـا بـفـلـسفةٍ
إلا إذا أثــــمـــرتْ فــهــمًــا مــجـانـيـهـا

ألــسـت نــجـلَ مـــن انـهـلـت بـمـنبره
نـصـيـحـةٌ كــــان بـالـتَّـحـنان يُـلـقـيـها؟

تُـرغِّـبُ الـنـاسَ فــي الـتـقوى بـتـذكرةٍ
رقــيــقـةٍ كــخــيـوطِ الــفـجـر يُـهـديـهـا

إمَّـــــا تــلاغــطـتِ الأفــهــامُ وجَّــهَـهَـا
ودادُهُ، وثـــقـــوب الــفــهــم يــرفــوهـا

بــــرُّ الــبُـنُـوَّة كـــم جــسـدتَّ روعــتـه
بـــلا افـتـعال، وعـشـتَ الـعـمرَ تُـعـليها

وخـالـطـتْـكَ مــــع الأرحــــامِ مــرحـمـةٌ
جُــلَّــى الـتـواصـل، ديـــن الله حـاديـهـا

ولم يفارقْ ندى الفصحى حديثَُك، إذ
بــغـيـرهـا أغــــرقَ الــقــولُ الأفــاويـهـا

كـــــأن نــشــأتـكَ الأولـــــى بــبــاديـة
يُـرْوَى الـبلاغة مـن ” سـحْبانَ” راجـوها

فـما عسى أن يقول الشعر، وهْو على
جــمــرِ الــمـدامـعِ تــشـويـهِ مـآقـيـها؟

مــنـحـتَ قــريـتَـكَ الـعـلـياءَ فــازدهـرتْ
وغـــردتْ بـاسـقـاتُ الـفـكـرِ تـشـدوهـا

كـأنـما فــي الـقـرى أمُّ الـقـرى غـمرتْ
حـقـولَـهـا، وأتَــــتْ بـالـخـيـر تـحـبـوهـا

فــضــلٌ مــــن الله، جــــل الله، مــنَّـتُـه
تـخـتـصُّ مـــنْ بـصـفاء الــروح يـدعـوها

أبـكـيك؟ لا، كـيـف أبـكي مـن بـبسمته
شـمسُ الـتفاؤل مـثل العطر أحسوها؟

لــو أن دمـعـي دمــا يـنـصبُّ لا حـترقت
مــدامــعٌ: طــرقــاتُ الــمــوت تُـدْمـيـها

مـصـابُـنا فــيـك – يـــا اسـتـأذنا- جـلـلٌ
وحــكـمـةُ الله أبــقــى مـــن مُـريـديـها

وهــلْ يــدُ الـمـوت فــي الأكـوان تـاركةٌ
حــيــا، ومــثــلُ أضـاحـيـها أمـاسـيـها؟

هـــــي الـمـقـاديـر لا تــنـفـكُّ نــافــذةً
ومـن سـوى الله يـدري مـا الـذي فيها؟

نـرضـي بـهـا، وجـمـيلُ الـصـبرِ مـرتَـفَقٌ
ولــوعــةُ الــفـقـدِ بــالإيـمـان نُـطـفـيـها

عشْ في الفراديس: طيرا، صادحا،غردا
فـالـخـلدُ فـيـهـا يــوافـي مــن يـنـاجيها

وفــــزْ بـمـقـعدِ صـــدقٍ عــنـدَ مـقـتـدرٍ
مــرضــاتُـه غــايــةٌ تــحـلـو مـرامـيـهـا!!

أستاذنا الجليل فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ محمد سيد أحمد المسير(طيب الله ثراه)

About سفانة بنت ابن الشاطئ

Check Also

ندامة الكسعي - مما اعجبني

الدرب الذى لم أسلك – مما أعجبني

الدرب الذى لم أسلك للشاعر الأمريكي روبرت فروست ترجمة: شهاب غانم افترق الدرب فصار أمامى دربان فى غاب مصفر الألوان وأسفت بأنى لا أقدر أن أرحل فى الدربين بذات الآن فوقفت طويلا أنظر فى أحد الدربين لأقصى إبصار العينين