السقوط في انسلاخكَ عن هُويتك / د.ريمان عاشور

أتعلم عمق السقوط في انسلاخكَ عن هُويتك وطرح تاريخك ونبض طفولتك على قارعة ذاكرة وطن قبل مغادرته قسرًا ..

أنْ تجتثَّ اسمكَ من معناه وتنفضَّ حروفه من حولك متنكِّرةً لك أمام أبجديَّة لم تسبر فقهها بعد..

أن تفرَّ من نور ماضيك إلى عمى المجهول..
وتتعلَّق على غصن شجرة لا تشبه شجرة حارتكَ العتيقة..

أن تغرس فسيلةً في تربةٍ لا تشبهكَ ولستَ أكيدًا بأنَّها ستأتي أُكلها ..

أن تقنع ابنكَ أنَّ اسمه المُستطرَف يليق به..
وتمحو دمعك عن وجنتيه ..

أن تركب مصعدًا معزولًا غير ضامن تعطُّله في رحلة الصعود أو الهبوط..

أن تجلس غريبًا في مقهى يضجُّ بأنفاسِ أقوام لا يشبهونك، وتحاول جاهدًا فرض ظلِّكَ في المكان..

أن تشهد على تمزُّقكَ الجوهريِّ بين أناك وأنت حيث لم تَعُد تبصر أينكَ بينهما..

أن ترى نفسكَ كما قبعة بائسة دفعتها الرياح العتية إلى حيث لا تعلم مستقرًّا لها..

أن تصيِّرَ يومكَ شبيهًا برائحةِ حذاء جديد..
ثمَّ تعتلي الغيمَ وتحلم بأملٍ طازج..

د.ريمان عاشور
اسطنبول/١٧-١١ من عام الجائحة

 

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار – فاطمة شريح

تستنفزف أعصابنا ...وطاقاتنا ...وتموت بأعيننا كل بهجة أومت لنا بحضور ما ....الا أن هذا الصباح شق من فمي ابتسامة ....استغربها من حولي وقد اعتدوا وجومي وقلة كلامي

%d bloggers like this: