أينال منك الهزءُ يا خير الورى؟ شعر: د.حسّان محمد الشناوي أبو طالب

هُزْءً بأحمدَ حرَّضوا الأقلاما

أهمُ بذلك حرَّروا الأفهاما؟

 

أم أنهمْ كِبْرا وغَطْرَسَةً عَلَوْا

في غيِّهمْ، حتى غَدَوْا أقْزاما؟

سَخِروا منَ النورِ البهيِّ محمدٍ

مُتُكَبِّرينَ، وحَقَّروا الإسلاما!

وتطاوَلَوا، لكنهم ما طاولوا

قمَمَ الرجالِ، ولا ارْتقَوْا أقْداما

 

 

 

يا مَنْ بمزعومِ الرقيِّ تَشَدَّقُوا

جَهْلا، وما بَلَغَ الرقيُّ فِطاما

أتسيءُ للشمسِ المضيئةِ لَفْتَةٌ

مَلأتْ عُيونَ الجاحدينَ رَغَاما؟

 

مافي الإساءةِ للرَّسولِ سوَى صَدًى

لِتَخَرُّصٍ دَوَّى؛ فعادَ رُكَاما

وسَفاهةَ الآراءِ حينَ يُجيبُها

صوْتُ الحَقيقَةِ تغتدي أوْهَاما

 

فَذَرُوا حضارتَكُمْ تَقِيءُ بَذاءةً

وصَفَاقةً، واستمرِئُوا الإجراما

 

وتَشَبَّثُوا بِغرورِكمْ إن شئتمُ

سَيُذيقُكُمْ زحفُ الهدى إِرغَاما

 

 

لوْ تَنْطِقُ الأبْقارُ يَوْمًا عِنْدَكُمْ

لرأيْتُمُ من نطْقِها إفْحاما

 

لكنها عُجْمٌ، وإنَّ خُوارَهَا

يُصْمِي الغرورَ؛ مُزمْجِرًا هَدَّاما

لن يَبْلُغَ استهزاؤكُمْ مِنَّا أَذًى

إلا أذًى يَسْتَنْهِضُ الإسلاما

فتَبَجَّحُوا، وتَوَقَّحُوا ما دمتمُ

تتبادلون النقضَ والإبْرَاما

أوَ تَعْجَبُونَ -وأنتمُ السُّفْهَاءُ-أنْ

يَرْعَى الخَليقَةَ مَنْ رَعَى الأغْناما؟

لكنه يرعى الرجال أولي النهى

ليسَ الرعيَّةُ عندَه أنْعَاما

 

 

إن كانَ سبُّ محمدٍ حريَّةً

فَلْتَمْتَلِئْ دنيا الأنامِ ظلاما

وَلْتَنْطَفِئْ فيها الحياةُ إذا سَرتْ
ع
َيْنُ الوقَاحَةِ تُبْصِرُ الأيَّاما

 

لَكَأَنَّما انْقَلَبَتْ مَوازينُ الحِجَا

حتى يُلَقِّنَنا الزَّنيمُ كلاما

ويسوقَ كل مكابرٍصَحِبَ الهوى

نَهْجَ الحوارِ، ويدَّعيهِ قواما

وعجائبُ الأيامِ لا تُحصَى؛فهلْ

عجبٌ إذا سقطَ الصفيقُ وَقاما؟

 

وعَتَتْ صفاقَتُه؛ كأنَّ الكونَ لمْ

يعرفْ سواهُ مُرْشِدًا قَوَّاما

رُحْمَاكَ ربي، نحن هُنَّا؛ فاسْقِنَا

بِهُداكَ عِزّا يُوقِظُ النُّوَّاما

 

وأَفِضْ علينا يا كريمُ مَعِيَّةً

نُعلِي بِها في العَالَمِينَ الهاما

إنا جَبُنَّا؛ فارْتَضَيْنا ذِلَّةً

بينَ الوَرَى بمهانَةٍ تَتَنَامَى

 

حتى استباحَ البَغْيُ أنْ نَحْيا عَلى

ما يَرْتَضِيهِ هُوِيَّةً ونِظَاما

أنَحُوكُ منه مَعالِمًا لِحَيَاتِنا

ونَظُنُّ أنا هَكذا نَتَسَامَى؟

 

وَهُوَ الذي -مُتَعَمِّدًا، أو مُهْمِلًا

أوْ مُنْكِرًا-عن حَقِّنا يَتَعَامَى!

 

 

 

ما هانَ هذا الدِّينُ يَا رَبِّي ولوْ

مُلِئَ الطَّريقُ أرَاذِلًا ولِئَاما

والكونُ ملْكُكَ؛ لم يقعْ فيه سِوَى

ما شِئْتَهُ وقَدَرْتَهُ إِحْكَاما

 

إنا عَبِيدُك يا قَوِيُّ؛ فَكُن لنَا

عَوْنًا على المُسْتَعْذِبِينَ الذَّاما

 

واجمعْ بعِزَّتكَ النفوسَ على الهدَى

فنُوَحِّدَ الأنْفاسَ والأقْدَاما

رَبَّاهُ، لا زالَ الرجاءُ يَضُمُّنا

في أنْ نعيدَ لدينِنَا الإِعْظَاما

 

ونَصوغَ من نَّهجِ النَّبِي وصَحْبِهِ

نهجَ الحياةِ؛ معزَّزِينَ كِراما

 

فإذا اسْتَبَدَّ بكلِّ وغْدٍ حُمْقُهُ

عفنا؛ إِباءً عَقْلَهُ الرَّمَّاما

 

 

 

تَبْقَى الإساءةُ للنَّبيِّ ودِينِنا

جُرْمًا يُزَلْزِلُ حولَنا الأَجْرَاما

ويُثيرُ بُرْكانا غَضوبا هادرا

يُذْوِي الغصونَ، ويُحْرقُ الأنساما

 

فمحمدٌ: شرفُ الحياةِ، وجاهُها

وسبيلُ من رَغِبَ الحياةَ ورَاما

 

ومحمدٌ: أَلَقُ الحياةِ، ونورُها

مهما الدُّجَى غَشَّى الفضاءَ وقَاما

 

ومحمدٌ: قلبُ الحياةِ، وعقلُها

لا نَرْتَجِي مِنْ غيرِه الإِفْهَاما

 

ومحمدٌ: فَخرُ الحياةِ، وذُخرُها

ورُوَاؤُها المُسْتَنْكِفُ الذَّمَّاما

 

ومحمدٌ: طُهْرُ الحياةِ، وعطرُها

ما كانَ لَعَّانًا ولا لَوَّاما

لكنَّهُ لَعَنَ الأُلَى رَكَنُوا إلَى

أهْلِ الضلالِ، وأكْبَرُوا الأصْنَاما

اللهُ أكرمَ كونَهُ بمحمدٍ

حينَ اصْطَفَى للمرْسَلِينَ خِتَاما!!

 

 

 

يا سيِّدي، ماذا عَسَى الأقوالُ أنْ

تَرْقَى إليكَ مكانةً ومقاما؟

 

إنا لَنَعْجِزُ عن وفائِكَ غَايَةً

ويكادُ يَحْطِمُ عَجْزُنا الأقْلاما

 

فاعْذُرْ حروفَ مَنِ اكْتَوَوْا بِذُنُوبِهِمْ

وأذاقَهُمْ تَفْريطُهُمْ إيلاما

إنا نُحِبُّ محمدا، ونُجِلُّهُ

ونَرَى الحياةَ بِغَيْرِهِ أَسْقاما

 

فَهُوَ الحبيبُ، هوَ الطبيبُ؛ هوَ الذي

مَنَحَ الحياةَ حياتَها وأقاما

أنبيَّنا وحبِيبَنا وطَبِيبَنا

وشَفيعَنا إذْ نَسْمَعُ الأحكاما

 

يا رحمةً تهبُ الحياةَ جمالَها

وتقي الأنامَ الشرَّ والآثاما

 

أينالُ منكَ الهزءُ يا خيرَ الوَرَى

ونقولُ للمُسْتَهْزئينَ: سَلاما؟

لا، والذي سوَّاكَ نُورًا هاديا

وبَرَاكَ فينا قُدْوةً وإِمَاما

سَنَرُدُّ مَنْ سَخِرُوا على أعْقابِهِمْ

ونُذِيقُهُمْ منْ كلِّ بَأسٍ جاما

 

 

 

فلْتَغْضَبوا يا مُسْلِمُونَ لِرَبِّكُمْ

ولِدِينِكُمْ، ونَبِيِّكُمْ؛ إكراما

 

لسنا رِعاعًا؛ كيْ نعيشَ أَذِلَّةً

أوَ نَرْتَضِي لحياتِنا استسلاما؟

 

نحْنُ الهداةُ وإن خبتْ أضواؤُنا

حينا، وعِشْنا غَفْلَةً وَمَنَاما

 

سيَظَلُّ نورُ اللهِ فينا ساطعا

يَئِدُ الدجى، ويُبَدِّدُ الإِظْلاما

 

فخذوا طريقُ اللهِ إن نَبْغِ العُلا

فَبِهِ الطُّمُوحُ يُحَقِّقُ الأحلاما

 

سيانِ: أنْ تَلْقَى النجومَ أكُفُّنا

ونبيتَ ليلًا سُجَّدًا وقِياما

 

من كان نصرُ اللهِ غايةَ نفْسِهِ

فالكونُ لانَ لَهُ، وطابَ مقاما

 

إنْ تنصُروا الرحْمنَ ينصرْكُمْ، وإِنْ

تَتَخَاذَلُوا تُسْتَبْدَلُوا أقْوامَا!!

About سفانة بنت ابن الشاطئ

Check Also

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني – هاجر عمر

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني قولي لهم إنني أنأى عن المدنِ ففي شوارعها زيفٌ يلوذ به خوفٌ،وفي بحرها موجٌ من الفتنِ

%d bloggers like this: