معشوقةٌ أهواها / د. وجيهة السطل
عبدالرحمن ريماوي
19 دجنبر، 2020
شعر
331 Views
أمضيتُ عُمري ما عشِقتُ سواها
وتدفَّقَتْ رُوحي تصوغُ رُؤاها
مذ كنتُ ألهو في الطفولَةِ عشتُها
نغمًا يعانقُ مِسْمَعيَّ صداها
وسَمِعْتُها تزهو بأجملِ حُلَّةٍ
قرآنُ ربي، بالبيانِ حباها
يتلوه شيخٌ قد رَويتُ بعلْمِه
لُغَتي، تعَهَّدَني صِبًا ورعاها
أصغي لأسمعَ في الليالي صوتَه
يتلوهُ قُرآنًا بعطرِ شذاها
رحِمَ الإلهُ الشيخَ أحمدَ والدي
لولاه يومًا لم أفُز برضاها
مُذ كنت يافعة سقاني حُبَٓها
فحملتُ شعلتَها ،عشِقتُ ضياها
وحبيبتي أسماءُ أجملُ من حكى
لغةً وعلَّم حبَّها وتباهى
سَلِمَتْ حُروفي في صباي بحضنِها
رعتِ الغراسَ وأحسنتْ مرعاها
لغتي عشقتُ فيا مشاعر هلِّلي
لاتسأليني كم أنا أهواها
رقَّتْ وأبدعَتِ الجمالَ حروفُها
وروتْ فؤادي من نميرِ رُباها
فكتبتُها شعرًا وكنت صغيرةً
وغذوتُها حرفًا زها تيَّاها
لغتي سميري في الحياة أُجِلُّها
ويطيبُ من شهدِ الجِنانِ جناها
لغةٌ سَموْت بحبِّها فتألَّقت
مني المشاعرُ صدقُها وتُقاها
لغةٌ بها تسمو العقولُ وترتقي
تعيا المعاجمُ عن بلوغِ مَداها
لن يستطيع الشعرُ جنيَ كنوزِها
والنثرُ يلهثُ كي يطالَ سماها
هي دوحةٌ في دفئِها تحلو الرؤى
فيظلُّ يعبقُ بالشذا معناها
أصواتُها عزفٌ يلذُّ سماعُه
إنْ عاشقٌ أصغى لها وتلاها
وتوافقٌ بين الحروفِ بجرسِها
إعرابُها أعطى الحروفَ بهاها
أجدادُنا من أشبعوها عزَّةً
من فيضِ مجدهمُو سَمَتْ تتباهى
لم يهملوها بل تسابقَ سعيُهم
وبكلِّ فرعٍ في العلوم سقاها
والحرفُ أزهر في رياض ذكائهم
نقلَ العلوم دقيقةً وحواها
لغةٌ تحدَّثَ عن خصائصِها الأُلى
عرفوا اللغاتِ وأدركوا مغزاها
تختالُ عُجبًا في رداءِ رشاقةٍ
يزهو على كلِّ اللغاتِ بَهاها
لا ينحني عددُ الحُروفِ بنطقِها
فلها شواطئُ حدَّدتْ أقصاها
وبحارُها أصدافُ درٍّ تزدهي
بلآلئٍ كم نشتهي مرآها
في كل إبداعٍ تجلَّى سحرُها
وعلى اللغاتِ بجرسِها زكَّاها
أصواتُها لاتحتوي متنافرًا
تختارُ من نَغَماتِها أرقاها
واليوم وا أسفاه ضلّتْ دربَها
إذ ضلَّ سعيُ الحاملين لواها
نصروا عليها ألسنًا معوجَّة
وعنِ الفصاحةِ كَمَّموا الأفواها
ألغَوا من التدريسِ سردَ حُروفِها
بقراءةٍ تُعطي الحُروفَ مداها
واختلَّ ميزانُ التذوِّقِ عندهم
فحشَوا مناهجَنا بما أعماها
رسمُوا على الجدرانِ أحرفَ غيرِها
لحروفِها طَمَسُوا، فلست تراها
وإذا تراءَت مرّة مكتوبةً
أخطاؤهم فيها تبيحُ رَداها
وإذا استفاقُوا مرَّةً من غَيِّهم
نطقُوا الحروفَ فأخطأوا مجْراها
فمرقَّقٌ تبدو بنطقِهِ غِلظةٌ
ومُفخَّمٌ بمُيوعةٍ قد تاها
عصَفَ البلاءُ، فهل لنا من عودةٍ
لربوعِها الغنَّاءِ لن ننساها
هي واحَتي وهي النعيمُ لمُهجتي
وبها ملكتُ من المحبةِ جاها
مهما تآمرتِ الخصومُ لوأْدِها
ما جفَّفوا من مكرِهم ريَّاها
فالله ألبسَها الخلودَ بذكرِه
وَعْدًا عليه بحفظها أعطاها
Like this:
Like Loading...
Related