فلسطين على الصليب- مفدي زكرياء.
على عتبات النسيان وفرض الواقع ، يبرز دور الشعراء في قضايا الامة وجراحاتها ، يذكروننا بالكثير من مفاصل الذوبان في المؤامرة حتى أننا إصبحنا من حراس المقسوم والمقسم الى العتبة الثالثة من درج المنبر كأنها لم تعرف اللون الأحمر بعد .
عبدالرحمن الريماوي
حوار بين الشاعر الرمز شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا وبين فلسطين والعرب بمناسبة الذكرى 13 لتقسيم فلسطين. |
الشاعر: |
أناديكِ في الصّرصر العاتيهْ وبين قواصفها الذاريه |
وأدعوكِ بين أزيز الوغى وبين جماجمها الجاثيه |
وأذكر جرحكِ في حربنا وفي ثورة المغرب القانيه |
فلسطينُ… يامهبط الأنبيآ ويا قبلة العرب الثانيه |
ويا حجّة الله في أرضه ويا هبة الأزل الساميه |
ويا قدُساً باعهُ آدم كما باع جنته العاليه |
وأضحى إبنه بين إخوانه يلقّبه العرْبُ بالجاليه… |
فلسطينُ والعُرب في سكرة قد انحدروا بك للهاويه |
رماكِ الزمان بكل لئيمٍ زنيمٍ من الفئة الباغيه |
وكل شريد على ظهرها تسخّره بطنه الخاويه |
وألقى بكِ الدهر شُذّاذه ومن لم تؤدِّبْهُ ألمانيه |
وصبَّ بكِ الغَرب أقذاره ورجسَ نفاياته الباقيه |
وحط ابنُ صهيونَ أنذالهُ بأرضكِ آمِرةً ناهيه |
ومن ليس يهتزُّ فيه ضمير ولا في حوانيهِ إنسانيه |
وبالمال تغدقه الصدقات مضت فيك بائعة شاريه |
ودسّ ابن خريون أوساخه فعجّلَ من نتنها الغاشيه |
بكيتِ فلسطينُ في حائط “حائط البراق” به قبل قد كانتِ الباكيه |
فيالكَ من معبد نجسّوا حناياه بالسوءة الباديه |
ويالك من قِبلة كدّسوا بمحرابها الجيَف الباليه |
ويالكَ من حَرم آمِنٍ جياع ابن آوى به عاويه |
إسرائيل تعيش من الصدقات الواردة عليها من الدول الاستعمارية |
حائط المبكى المشهور |
وترد فلسطين على الشاعر |
فلسطين: |
أيا شاعر العُرب ذكّرتني وهِجتَ جراحاتي الدامية |
لقد كان لي سبب للبقا فقطّع قومي أسبابيه |
ورحتُ أباع وأشرى كما تباع لجزارها الماشيه |
وأُشنَقُ في حبل مستعمِري وأصلَب في كف جلاديَه |
ويسلبني عزتي غاصبي وتنهبُ داريَ قطاعيَه |
وفرقني الخُلْفُ أيدي سَبَا وشتت في الأرض أوصاليَه |
فأصبحت أَرسُف في محنتي وقومي عن محنتي لاهيه |
وفي سكرة ضيعوا عزتي ولم يغن ِ عني سلطانيَه |
فلا أنا حققتها بيدي ولا سلَّح العُرب أبنائيه |
وزودني العُرب بالصلوات وبالشعر.. والخطب الناريه |
وماذا عساه يفيد الكلام وما سوف تصنعه القافيه؟ |
فلا الدمع يدفع خطبي الرهيب ولا دعوات ورهبانيه |
وماذا عساها تصنع الصلاة . إذا أسكت العُرب رشاشيه |
فلو كان لي أمر تدبيرها لما احترت في امرها ثانيه |
وكنت الجزائر في زحفها وحققت بالشعب آماليََه |
وأهويتُ بالفأس:أذرو الجذوع وأسحق بالنعل ثعبانيه |
وألهبتُها فوق أرض الحمى وحررت بالشعب أوطانيه |
وغسّلت عارا على جبهتي وأعليت بالهامة الحانية |
فأقصف من لم يصن حرمتي وأخسف بالأرض أصناميه |
ومن كان دلاّلَ أعجوبتي ومن قد تسبب في عاريه |
ومن قد أعان على نكبتي ومن كان عيْنا لأعدائيه |
ومن كان سمسار أسلحتي فعجل بالغدر إذلاليه |
وناديت بالدم عدل السمآ وقدمتُ للنار قربانيه |
وخلدت حطين في مقدسي وجددت غزوة أنطاكية |
وناديت إن خذلوا ثورتي من القادسيةِ أنصاريه |
وجندتُ من خالد بن الوليد و سعد بنِ وقاص أبطاليه |
فأقتص من قوم موسى غدا وآخذهم أخذة رابيه |
هو الشعبُ…لا السادة المترفون يحقق للنصر أحلاميه |
ومن يحتقر وثبات الشعوب تُذِبه أعاصيرها السافيه |
إذا جاء موسى وألقى العصا تلقَّفُ ما يأفِك الطاغيه |
وترد العَرب: |
وقال ابن يعرب لما تيقظ:
لم أدر من سكرتي ماهيه؟ |
ولم أتفطن لثالوثها
ولم أدر من غفوتي ماهيه؟ |
فلم تُجد في صدها
ولم يَفدني في القضآ ماليه |
وفوضت أمريَ للحاكمين
فضيع قدسيَ حكّاميَه |
وهام السَّراة بنُعمى الحياه
وعاتوا انتهازا وإقطاعيه |
وهل يُرتجى العون من معشرٍ:
قواعدَ طاعمةٍ كاسيَه |
فيا ليتني لم أخن ثورتي
ولم أُطفِ نيرانها الحاميه |
وياليتها لم تكن هدنةٌ
ويا ليتها كانت القاضيه |
فلسطين …لا تيأسي إنني
سأصلحُ في الشرق أخطائيه |
لئن خنتُ فيما مضى إنه
يوبخني اليومَ وجدانيَه |
تخاذلت وانهار مني الضمير
فضيع أرضيَ خذلانيه |
وأهملت قدسيَ نهْبَ الذئاب
فألبسني الخزيَ إهماليَه |
وأعرضتُ عن صارخٍ من نداكْ
وطاوعت في الكيد شيطانيه |
ولطختُ عرضيَ بين الورى
وسايرتُ للإثم أهوائيَه |
فإن تصفحي اليوم عن زلتي
تكفِّرْ عن الذنب أفعاليه |
وكيف أنام على غادرٍ
يفتت في الأرض أكباديَه |
يهددُ أمني ثُعبانُه
وتقضم أفعاه أحشائيه |
تيقظَّ فيَّ الدم العربيّْ
وطهرني اليوم إيمانيه |
لئن نام من قبل فيَّ الضمير
وأخلدَ للموت إحساسيه |
فإن العروبةَ ترْبَأُ بي
وينهانيَ اليومَ قرآنيَه |
مصيركِ آخُذه بيدي
وأدعو إلى الثأر إخوانيه |
وأقْفُوا الجزائرَ في زحفها
وأعضدُ ثورتها الغاليه |
وأغضب غضبة ليثِ القنال
وأذكربِنزَرْتَ والساقيه |
فلسطين … لاتجزعي فالسمآ
ستسنِدُ للنصر إخلاصيه |
فلسطين … لاتقنطي فالحمى
سيُنصفه اليوم أحراريه |
أنا العربيُّ الكريم الجدود
أنا النور في الليلة الدّاجيه |
أنا الشعب … والشعب لا ينثني
أنا الحرُّ إن حلّتِ الداهيه |
الاعتداء الثلاثي على قناة السويس |
بنزرت: أكبر ميناء ببلاد العرب في تونس أيامها تحتل فيه فرنسا قواعد حربية يطالب الشعب التونسي بالجلاء عنها… الساقية: ساقية سيدي يوسف في الحدود التونسية الجزائرية وقد اعتدت عليها الطائرات الفرنسية في شهر فيفريشباط عام لتحدث مجزرة امتجزت فيها دماء الشعبين. |
ويقول الشاعر: |
أنا ابن الجزائر … من أمة ……….. على دمها تصعد الرابيه |
على ذَوْبِ أكبادها ترتقي ……….. وفوق جماجمها ماضيَه |
غدوتُ لثورتها شاعرا ……….. من النار والنور ألحانيَه |
فلسطين … في صلبنا لُحمةٌ ……….. جراحاتها في الحشى ثاويه |
عروبتنا في ضمير البقآ ……….. وشائجُ راسخةٌ راسيه |
فلسطين … في أرضنا بعثُها ……….. ومن أرضنا تزحف الحاميه |
ومن أرضنا… نقطة الإنطلاق ……….. وثورتنا … حَجرُ الزاويه |
عقيدتنا في الورى وَحدة ……….. وأسمى العقائد وَحدانيه |
محمد أبقى لنا عبرة ……….. من الذئبِ والغنم القاصيه |
وفي نكبة العرب موعظةٌ ……….. مدى الدهر للمهج الواعيه |
فَمُدّوا يداً نحمِ أوطاننا ……….. وننقذْ حمانا من الهاويه |
فإن تنصروا الله ينصركمُ ……….. وينجزْ أمانيكُمُ الغاليه |
ولن يخلفَ الله ميعادَه ……….. ولا ريب … ساعتنا آتيه… |
إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: يد الله مع الجماعة وإنما تأكل الذئب من الغنم القاصية. |
حوار بين الشاعر الرمز, شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا , وبين فلسطين والعرب بمناسبة الذكرى 13 لتقسيم فلسطين
فلسطين على الصليب- مفدي زكرياء
.