ذكريات
بدأ فجري هذا اليوم بشهقة، كادت تطيح بأقداري، مرت سريعا كشريط كاد يفقدني يومي ، وتوقفت على سكة خدي الف دمعة ودمعه ، كأن في داخلي بركان يهتز رغم برودة الجو ، هذه الاهتزازات كانت تعزف على أوتار ضغط عيني وتخزني وخزات إبرة تطريز مهندمة .
دمعي اليوم تغزله مشاعري وأحاسيس جياشة، داريتها وحاولت ان أزرع بستان ورود في مجراها العفوي ، ولكن ذكرياتي التصقت رائحتها بالأماكن ، بأشخاص يعز علي نسيانهم ، كيفما وجهت وجهتي في كل نهاية عام أرقص على أطراف اصابعي هوسا من ذكرى مؤلمة تدق بهاونها على جمجمة رأسي ، دون استئذان من الوقت تدق نواقيس ذكرى قبور تفوح منها رائحة ياسمينة حرة .
فاض حنين الشوق الذي سجنته طوال العام ، لتستيقظ وتفتش عن نقش كرسي فرغ من شاغرة حين دقت أجراس الوداع اللئيمة.
اليوم دون أيام العام الذكريات تمر كسحب اليوم ماطرة ، لكن عبق الذكريات الفرحة يفوح كلما دمعت السماء بنقطة مطر تطفىء شموع الحزن وتشعل قناديل الفرح والسعادة ، فتنتقل ذكرى طفلة تملأ ابتسامتها وبراءتها وقلبها الناصع كالثلج.
نبشت في دهاليز روحي وجدت جدارا كتب عليه اسم أبي وأمي تفوح منه رائحة رائحة مسك ، فامسكني الصمت ،والشوق يعريني من كل صفاء بالروح ، فالفراق تعرية ، لتمتد أصابع الزفرات تبللني ، لو وقفت خلف جدار الصمت لأصابتني ألف مطرقة ، وحرثت في رأسي أثلام الحزن ، تناديني بديجور فجر أحاول حفر حفرة فيه لأزرع زهرة جائعة الى ذكريات الفرح كواحة لتطير وتضم قلوبًا فارقتني ، اليوم انقش حرفي ودموعي سابحةلعلها تطفىء حريقا هائلا شب في قلبي وترمي الرمال البيضاء مع زخات الثلج القادمة على خد ذكرياتي .
جهاد قراعين