ماذا لو واصلتُ الاستماع لأحاديث الجارات وأُصِبتُ بفوبيا الخطوط! ماذا لو كرهت الخطَّين العموديين وقد تبجَّحا بالظهورِ بعد أن استأت ثم انكمشا بعد أن ارتحت..
حقنة “بوتوكس” صغيرة كفيلة بأن تضعَ لتفاعلي مع الحياة كرسيًّا وتجلسه في الحياد، حينها سأضع مساحيقَ التجميل بأريحية فلن يتشقَّق “الفاونديشن” بين حاجبيَّ كلَّما برزَ الخطَّان واختفيا، لن أحتاج لصرفِ مفردات الاعتذار السخيفة عن قسوةٍ جاءت دونَ إرادة منِّي، أو عن ارتياحٍ في غيرِ موضِعه، سيحبُّني بائع الخضار لأنَّه لن يرى استهزاء خطَّيّ بحجم ضمّة البقدونِس، سيحبُّني القصَّاب لأنَّه لن يسمع تأففهما مِن الذبابة الَّتي تحوّم حولَ سكينه، وسأحبُّ أنايَّ أكثر حين أنظر للمرآة دونَ أن يفهمَ وجهي أنَّني أشتمه، سأتصالح مع الكاميرا ولن أقولَ للمصوِّر: ” فلتر خفيف عشان الخطين “..
سأكونُ امرأة بملامحَ لا تشي بأي انفعال، امرأة لا تستغرب، لا تتعجب، لا تتهكَّم، لا تغضب، لا تتداخل، لا تتمازج، لا تتماوج، لا تتشكَّل، لا تتلوَّن، ولا حتَّى ترتاح، سأكون امرأة خرجتْ طازجة من ماكينة الطباعة سبقتها نسخ ولحقتها نسخ..
سأكونُ أكثر صلابة للناظرين، سيجزمون بقوتي، بقدرتي على الاستقواء على خطوط الآخرين، سأتحدثُ مِن الأعلى بإيجاز بلاستيكي، دون أن ينتبهَ أحد إلى أنَّني أتحدَّث مِن خلفِ مادةٍ بروتينية قابلة للذوبان..
سيحبُّني الباعة كلَّهم دون استثناء، ستحبُّني الماكينة ويكرهني الطفلُ الَّذي اعتدتُ في كل مرَّة أن أعبِّر له عن محبَّتي بغمزة حاجبيَّ..
تستنفزف أعصابنا ...وطاقاتنا ...وتموت بأعيننا كل بهجة أومت لنا بحضور ما ....الا أن هذا الصباح شق من فمي ابتسامة ....استغربها من حولي وقد اعتدوا وجومي وقلة كلامي