وعادت شجرة – إنتصار عباس
شجرة الجوز التي تسكن حينا كبرت وصارت مأوى للزوار والعابرين .. لكنني في حيرة من أمرها .. وأسأل نفسي كيف تمكن جذعها من الوصول إلى نافذتي .. ؟! يتكئ على الزجاج وقد رمى بحبات جوزه إلى الداخل .. في البدء خلته عاشقا .. لكنه في الحقيقة كان يحرس أمه الشجرة ، و هي تشاطرني غرفتي وأحلامي ، فإذا ما الصبح لاح وتنفس النهار الضياء .. أسدلت الخبيثة أغصانها .. تفوع عطرها ..
في البدء خلتها نجمة فارة تحاكي الكون اللامتناهي .. ! لكنها في الحقيقة كانت امرأة .. ! نعم فقد رأيتها في مرايا جذعها …. وهي ترقب ذاك الظل الجالس تحتها .. تجمع سحب سجائره وكأن الكون اجتمع في تلك السجائر وأصابعه ..
أينع وجهها خضرة وهي تسقط حبة جوز تلامس كتفه .. ، جالها بعينيه مندهشا ومضى .. ! راعها ذاك البحر الممتد في ملامحه .. وتلك الإشراقة المطلة في عينيه .. و سارت خلفه ، تتبعه.. ! تسارعها أيدي العابرة .. تشعر بالتلاشي .. وتذوب .. أيقظ الصبح روائح النهار فيها فجاء. .. جاء يباغته وميض شوقها وهو يسقط حبة جوز .. تناهى لسمعه صوت بالكاد كان يسمعه : افتقد ظلك القابع في روحي أن يتجلى ، تلفت حوله مستغربا فما من أحد غيره وتلك الشجرة ! . تأمل ما حوله وراح يحدث نفسه : عله أحد الأصدقاء أراد أن يمازحه ..!
لكنه كان صوت امرأة ؟! يتلمس رأسه ومن تراها تكون ؟! تشتبك في رأسه الأسئلة ، وما درى أن الشجر نساء ! وأن الأرواح تتهادى ثمر قلوبها .. تسقطها وأحزانها ورقة ورقة ، حبة .. حبة ..
أشواقها الثملة تتهاوى على المقعد .. تتلمس الدفء ، تتناول جذعا تبرعم فيها ، تشعل سيجارة ، يحدثها شوقها الضنين ماذا لو سرنا خلفه ..أزرعك على نوافذه هناك ؟! دبيب خطى يقبل نحوها وقد شب فيها ظنين .. ! تمتشق ، تمد بأغصانها للأعلى .. وعادت شجرة .. !