نزيف ربما أيقظ شهرزاد..ابن الشاطئ

خَمْسُونَ عَامًا وهذا البَحْرُ يَضْطَرِبُ

وصَبْوَةُ الرِّيحِ تَسْتَعْدي.. وتَغْتَصِبُ

ومَوْجَةُ الحُزْنِ في صَدْري مُسَافِرَ ةٌ

=أنَّى اتَّجَهْتُ.. وفي جَفْنَيَّ تصْطَخِبُ

يَرودُهَا اللَّيْلُ مَنْهُومًا بِطَلْعَتِهَا

=أَزَاهِرِ الأمْسِ تَجْثُو النُّوقُ واللُّعَبُ

ويَنْعَمُ الزَّبَدُ الصَّافِي بِأَنَّتِهَا

=وتَسْتَطيبُ خُطَاهَا الآهُ والرِّيَبُ

عَلَى فَضَاءَاتِهَا تَبْكي الرُّؤَى.. وَعَلى

=فِي المُنْحَنى.. ويَغُضُّ الطَّرْفَ مُسْتَلَبُ..!؟

أَ تَعْجَبينَ..؟ لماذا..؟ والدُّجَى مَطَرٌ

=مُمَوَّلٌ مِنْ وراءِ البَحْرِ.. مُنْسَكِبُ..؟!

تَرَجَّلَتْ (دَقَّةُ المِهْبَاشِ) وانْكَسَرَتْ

=رَبَابَةُ الوَصْلِ جَهْرًا.. وانْطَوَتْ حِقَبُ

وخَادَعَتْنَا شِفَاهٌ مَزَّةٌ خَلَقَتْ

=فَوْضَى مُنَظَّمَةً تَبْدو وتَحْتَجِبُ

عَلَى مَنَاطِقِهَا السُّفْلَى مَشَتْ صُوَرٌ

=مَقْلُوبَةٌ يَتَمَادَى لَيْلُهَا العَجَبُ

وفَوْقَ غُرَّتِهَا نَفَّ الكَرَى زَمَنًا

=مُجَرَّحًا.. عَرَّبَتْ أوْدَاجَهُ النُّصُبُ

تَحْتَلُّهُ نَاقِلاتُ النَّفْطِ مُقْبِلَةً

=دَوْمًا.. وتَلْهَثُ فِي دفَّاتِهَا الكُثُبُ..!؟

… ويَرْحَلُ المُتَنَبِّي.. علَّ بارِقَةً

=تَلوحُ في مُقَلٍ ظَمْأى.. وتَنْسَرِبُ

تُعيدُ ذاكِرَةَ الدُّنْيَا.. وتَمْنَحُهُ

=بَرَّ الأمانِ فلاَ يَغَتَالُهُ ذَنَبُ..!

لَكِنَّ قَوْلَبَةَ الأشْيَاءِ سَيِّدَتي

=نيلِيَّةٌ.. شَاهِداهَا: الزُّورُ والكَذِبُ

فَكَيْفَ يُمْكِنُ أنْ تَلْقَاهُ بَارِقَةٌ

=وقَدْ تَدَاخَلَتِ الأعْوامُ والنُّوَبُ..؟

وطَوَّقَتْهُ كِلابُ الصَّيْدِ.. يَحْرُسُهَا

=جُوعٌ.. عَلَى شَرَفِ التَّطْبيعِ.. يَعْتَرِبُ..؟

ونَاجَزَتْهُ إنَاثُ الحَرْفِ فارِدَةً

=عَبَاءَةَ النَّفْطِ.. لاَ فِكْرٌ ولاَ أَدَبُ..؟

تَظَلُّ تَنْهَبُهُ سِرًّا.. عَلاَنِيَةً

=وتَدَّعِي.. ومُلوكُ السِّرْكِ تَنْطَرِبُ..!؟

… ويَرْحَلُ المُتَنَبِي هَادِرًا دَمَهُ

=مُسْتَوْحِشًا.. والزِّنَادُ الحُرُّ مُطَّلَبُ

ويَسْأَلُ الأرْضَ عَنْ أَنْقَى مَلاَمِحِها

=وعَنْ خَوَالِجِهَا لَوْ مَسَّهُ وَصَبُ

تُرَى.. أَ تَحْمِلُهُ أرضٌ وقَدْ بَرَقَتْ

=أنْفَاسُهُ.. وارْتَوَتْ مِنْ نَبْعِهَا السُّحُبُ..؟

وهَلْ تُرَاهَا عَلَى عِلْمٍ ومَعْرِفَةٍ

=بِمَا يُحَاكُ..؟ وهَلْ أَسْرَى بِهَا النَّسَبُ..؟

تَهَجَّدَتْ لَحْظَةً.. مَا كَانَ أَعْمَقَهَا

=لمَّا اسْتَدَارَتْ.. وهشَّتْ.. فانْتَخَتْ حَلَبُ..!

ورَاحَ يُنْشِدُ مَأْخُوذًا بِغَادَتِهِ

=وَقَدْ تَعَانَقَتِ الأبْعَادُ والشُّهُبُ

أَفَاضَ.. واسْتَرَقَ الأضْواءَ مُقْتَدِرًا

=ومَا انْحَنَى مُطْلَقًا.. أوْ رَاعَهُ غَضَبُ

لَوْلاهُ (خَوْلَةُ) ما امْتَدَتْ ضَفَائِرُهَا

=ولاَ تَغَنَّى بسَيْفِ الدَّوْلَةِ العَرَبُ..!

أَ تَعْجَبينَ مِنَ التَّشْبيهِ يَا امْرَأَتي

=وقَدْ تَجَسَّدَ فيكِ الحُبُّ والحَسَبُ..؟

أَ لَسْتِ في (أمِّ أَوْفَى) الرَّمْزُ مُخْتَلِجًا

=يَصونُهُ نَفَسي الوَرْدِيُّ واللَّهَبُ..؟!

لاَ تَعْجَبي إنَّني في كلِّ آوِنَةٍ

=صَاحٍ.. وأَعْرِفُ يَا عُمْري مَتَى أثِبُ..؟

أَمَا تَيَقَّظْتُ..؟ كانَتْ شَهْرَزَادُ هَوًى

=يُغْري.. وكُنْتُ وَفِيًّا حينَ أَنْجَذِبُ

عَايَشْتُهَا رُبْعَ قَرْنٍ.. واعْتَمَرْتُ عَلَى

=أبْوَابِهَا.. ونِيَاقُ الحَرْفِ تَرْتَعِبُ

ومَا تأخَّرْتُ عَنْهَا.. كُنْتُ أَعْشَقُهَا

=عِشْقًا يُعَمِّقُهُ الإبْداعُ والدَّأبُ

لَكِنَّهَا أنْكَرَتْني.. وانْطَوَيْتُ على

=نَفْسي.. ويَا لَيْتَني أدْري مَنِ السَّبَبُ..؟

كَأنَّمَا الحبُّ مَرْفوضٌ.. ومُتَّهَمٌ

=فالصِّدْقُ في هذه الأيامِ يَغْتَرِبُ..!

لا تَعْجَبي أمَّ أوْفَى إنْ نَفَضْتُ يَدي

=مِنْ شَهْرَزادَ.. وغَاضَ الحبُّ والحَبَبُ..!؟

أَفْرَطْتُ مِنْ قَبْلُ.. واسْتَنْفَرْتُ مُتَّقِدًا

=وما تَرَدَّدْتُ أوْ أَغْوانِيَ الذَّهَبُ

وكنتُ في لَحْظِهَا ضَوْءً يُنَقِّطُهُ

=عَلَى مَدَاخِلِ نَهْدَيْهَا الهَوَى العَرِبُ..!

أفْرَطْتُ في حُبِّهَا.. كَانَتْ تُلاطِفُني

=حينًا.. وفي صَدْرِهَا الرُّمَانُ والعِنَبُ

وكُنْتُ في نَخْلِهَا أمْتَدُّ مُؤْتَلِقًا

=وفي صَبَاحَاتِهَا أمْشي وأَعْتَجِبُ

لكِنَّهَا أنْكَرَتْني.. هَلْ أُذَكِّرُهَا

=بالأمْسِ..؟ إنِّي على الأوْجَاعِ أنْصَلِبُ..!

… يا أمَّ أوْفَى دَعينَا الآنَ مِنْ زَمَنٍ

=عِشْنَاهُ.. واسْتَوْطَنَتْ في جُرْحِهِ النُّدُبُ..!

واسْتَيْقِظِي مِثْلَمَا اسْتَيْقَظْتُ.. وانْزَرِعي

=في أَصْغَرَيَّ.. أنَا المُسْتَوْحِشُ التَّرِبُ

على تَقَاسيمِ ميعَادِي يُطِلُّ غَدي

=صَبًّا تُمَوْسِقُهُ الحِنَّاءُ والقُضُبُ

وفي مَوَاجِدِهِ الخَضْراءِ أغْنِيَةٌ

=أصيلَةٌ في شِفَاهِ القُدْسِ تَلْتَهِبُ

يَمْتَدُّ مَوَّالُهَا حَتَّى الصَّبَاحِ.. وفي

=أعْمَاقِهِ تَنْجَلي حَيْفَاءُ والنَّقَبُ

إنِّي عَلَى ثِقَةٍ.. فاسْتَوْعِبي نَفَسي

=ولا يَروعُكِ مَنْ نَخُّوا ومَنْ هَرَبُوا..!

على زِنَاديَ يَصْحُو الشَّوْقُ مُلْتَهِبًا

=وتَسْتَفيقُ على أجْفَانِهِ الحِقَبُ

المزيد من اعماله

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً – أبو النواس

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً - أبو النواس يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ

%d bloggers like this: