روان هديب
روان هديب

عمـَّانُ – روان هديب

عمـَّانُ – روان هديب
عمـَّانُ
في صدري حملتُكِ واغتربْتُ
وهربْتُ منكِ
فلا ابتعدْتُ عن البلادِ ولا اقتربْتُ
وصعدتُ أدراجَ الجبالِ جميعَها نحو الوصالِ
وما وصلْتُ
غنَّيتُ في كل الشوارعِ “موطني”
من وحيِ روحكِ “أمُّنا عمّانُ” قد شكَّلتُني
هذي ملامحكِ الأصيلةُ
أمُّ كيف جهلتِني!
لو لم أكنْ في رحمِ هذي الأرضِ محضَ غريبةٍ
حتماً لكنْتِ عرفتِني.
عمّانُ يا وجعَ الصمودِ
على الفُتاتِ نُقاتلُ
من جبهةِ البسطاءِ
من عرقِ الجياعِ الكادحينَ
يشبُّ هذا الياسمينُ الذابلُ
فعلٌ على المجهولِ يُبنى
هاربٌ منهُ الضميرُ
فمن تُراهُ الفاعلُ؟
ما كلُّ هذ الظلمِ؟
يا الله إنَّكَ عادلُ!
عمّانُ توأمةُ المكانِ
ومهدُ حلمِ طفولتي
ربَّتْهُ بالصبرِ الجميلِ وبالمَحالِ
حتى أكونَ عتادّها وقتَ النزالِ
قد حدَّثتني مرةً:
(إني أُعدُّكِ للزمانِ الصعبِ
هذا الثغرُ لن يبقى على وجهِ الخريطةِ باسِماً من دونِ دمعاتِ الرجالِ
قولي لهمْ أنّي جُبِلْتُ على العُلوِّ
وأنني علمتُهمْ – من سبْعِ أحمالٍ على ظهري- العروجَ على الجبالِ).
هذي المدينةُ غربتانِ
الفقرُ فيها واحتمالاتُ الرحيْلِ
فكلاهُما صعبٌ
وأنتِ المُستحيلةُ من صنوفِ المُستحيْلِ
وأنا الـ مُمزقَةُ الشراعِ مراكبي من رحلةِ العصفِ الطويلِ
أنا يا حبيبةُ أصدقَ العُشاقِ
لكن…
من يُصدقني سواكِ إذا هجرتُ
وقلتُ:
سوفَ أعودُ أبحثُ عنكِ كالخيلِ الأصيْلِ!
عمّانُ
والأيامُ سوفَ تدورُ تحت رحى المسافةِ كالطحينْ
وستعرفينَ من الذي من بيننا – في البعدِ – يغترفُ الحنينْ
وستدركينَ بما يُعبَّأُ – في منافي الأرضِ- رحْلُ اللاجئينْ…
بالياسمينْ
عمّانُ ها قد ضاقَ حضنكِ بي
وإنَّ الأرضَ تفتحُ لي يديها للغيابِ فعانقيني
ولتسكنيني في الرحيلِ
فإن حزمتُ حقائبي إياكِ أن تتخاذلي وتودِّعيني
وإذا ارتجفتُ من المسافةِ والحنينِ
فدثِّريني
سأعودُ يا محبوبتي
فلتحفظي قسماتِ وجهي جيداً
حتى أعودَ…
فتعرفيني.
عمـَّانُ – روان هديب
May be an image of 1 person and night

About abdulrahman alrimawi_wp

Check Also

أَبلِغ هَوازِنَ أَعلاها وَأَسفَلَها

أَبلِغ هَوازِنَ أَعلاها وَأَسفَلَها – حسان بن ثابت

أَبلِغ هَوازِنَ أَعلاها وَأَسفَلَها أَن لَستُ هاجِيَها إِلّا بِما فيها - حسان بن ثابت

%d bloggers like this: