ثرثرات في الحب كتاب جديد للدكتور سمير محمد أيوب / جهاد قراعيين
من خلال قراءتي له اقف عاجزة عن وصف الدكتور سمير أيوب ، ولا يسعني الا ان اصفه بأنه كاتب خلاق مبدع بالارتقاء بحروفه الطازجة دائما ، معطاء الى درجة البذخ في المعلومة، ليكشف لنا في كل مرة قصة جديدة من القصص المجتمعية التي يلفها الغموض والتستر عليها والبساطة فيها ليمرر الحلول بعد روايتها.
قصصه تستحق وقفة تأمل ، يقطفها من كل صوب وحدب ، ليفاجئك بحقيقة او وهم لما يحصل من حولنا دون ان نعلم ، تعيش معه القصة وكأنك ترافقه في رحلته الوهمية في جنبات مجتمع صغير متشابك الالوان ، لا يكل ولا يمل في عذوبة سرده، ليدفعك احيانا لحب الذات ، وهي ليست أنانية في منظوري بل هي استحقاق بأسلوب راقي ثابت الخطوات حروفه تتكلم بصمت مهيب عن نفسها.
يشعرك أحيانا بأنك عثرت على براعم الفجر ندية، ولكنها تقطر ألما ، فيجذب الزهرة بروية لتتفتح بعفوية الطبيعة الخلابة ، وكأن عصفور وليد حط في حضن هذه الزهرة كجنين يحتاج حضنا دافئا يقيه نسمة فجر خريفي، او فجر صيف حارق،فأمام ابجديته تسقط أبجديتك ، وان سكنت الى الليل يسقط نجوما في كفيك ، لتمتلك كواكب الكون كلها ويكون طالعك القمر ، فتهوي أمامك قطرات شوق فتنبت ياسمينا نقيا .
شفيف القلب ، بعواطف واحاسيس جياشة تتوالد مع صبر الحكاية، يغفو عن زند نورس كسير الجناح ، عراب في سباحته في شواطئه الوهمية ، فتلقي بأشرعتك باحثا عن أنفاسك تلهث خلف نبع لا يجف ، تلاطم أمواج البحر المنسي محاولا معرفة أي منها حقيقة او وهم ، يرصف لك الارصفة الخالية من المارة بزهر النرجس ، لما يتمتع به من نرجسية المشهد، او يلقي على ارصفة الخيال أقحوانا بتلابيب تبدأ بالتفتح لتراقبها عن كثب مبتهجا ، تقف في حالة هذيان أمام قصص عتيقة جديدة فيجردك من معرفتك ويلبسك ثوب العفاف او الجفاف.
يشعرك بأنين المجتمعات البسيطة المغلقة بعفويتها، او يشعرك بأنك جاورت القمر بلحظة أنس ، تعانق الضوء وتقطف الامل لتهديه اياه وبصفته عراب القصة يهديها بدوره الى أنثى متعثرة حافية القدمين من جفاف ترتبها الاسرية ، توقد شموع الحب وتقدم فنجان قهوة له، ليقدم هو كأس الحب مغموس بخبز اناقة العشق ، أنثى ضلت دروبها فتتنشق في جنبات وحواف قصصه أوكسجين الحياة والشوق والحنين تفوح رائحته بفرح ، فتمرح الانثى فتبني قصرا وهميا او كوخا بسيطا لتقتات شغفها .
يمنحك التفاؤول يبدل حزنك بالفرح ، تمضي قدما في بستان من أرواح عطشى لكلمة أحبك ، يدغدغ عواطفك فان ضحكت تضحك من قلبك ، يمنحك الطموح في أعلى مراتبه ويمسك بيدك ويتمشى معك خطوة خطوة ويسندك ويزيل حصى الدروب من تحت قدميك دون أن يشعرك بذلك.
يلون القصص بألوان الطيف المتزاحمة حين ترمي اشعة الشمس ببريقها على نقطة ماء ، فيحيرك في اين لون تجد نفسك . كل قصة لها بهاراتها الخاصة بها ويلفها لك ويضمها في باقة متنوعة يقدمها على ورق ابيض موشح باللون الزمردي الشفيف ويقدمها الى قرائه.
يباغتك باعادتك الى الطبيعة الام ، الى الارض ،الى الحجارة ، الى كومة من اشواك الورد ، الى عصفورة أضاعت وليدها على غصن كسير الزمن ، تترنح بين معصميه أوراق شجرة باهتة اللون مقطوعة الانفاس ، الى كومة من قش ، ليعيد لك رونقك واعطاء الاناث املا بان كل هذا سيعيد ترميم نفسه ، فتنبت الاوراق مجددا ويزهر الربيع ثانية ولو بعد جفاف سنين ، يشعرك بأن الشمس أشرقت على ضفاف الليل ، يدثرك بوشاح غجرية زاهية الالوان مزركشة دون تجاعيد صبر وهم .
لا يعشق رمادية الصور ، فتضع الساق على الساق فيطمئن قلبك أنك ما زلت والدنيا بخير ، تعشق نبضات قلبك قبل ان تدق لمقابلة من تحب ،مع القلب علميا ماهو الا مضخة دم ولكن تحفز دقاته اشعارات المخيخ فيرتجف القلب لفرح او لحزن او لحب نتيجة التفاعلات الطبيعية التي تحصل بين العقل والقلب .
يزيدك علما ومعرفة عن انغلاق بعض البيئات المجتمعية لدينا ، دون معرفتنا عن كنهه شيء ، فكأنك توجه لنفسك السؤال هل هذا موجود على ارضنا ؟؟؟
يرفعك الى عنان السماء ، فيعلق لك قناديل الفرح لتقطفها بأناملك الممتدة وعيونك شاخصة ، في رحلتك معه لا اغلاق لقلبك ، لا جدار فاصل ، لا حدود تمنعك من مواصلة المسير ، يقص بخفة خيوط عنكبوت لاحت أمامك وعكرت صفوك، يفتح سدا كان مغلقا في مخيلتك ، يباغتك بقارب سفر، فترتجف وترتعش اوراقك التي تلملها على عجل لتلهث خلفه لاحقا القارب خوفا من ان يفوتك شيء . تثبت اقدامك في أول القارب لينتشلك الى آخره ، فتطلب الاستغاثة لهنات قروية لم يسعفها غيث عمرها ولَم يروي عطشها للحياة .
يجفف ثقل دموع خنقت بين جفنيها ما ابتلت رموشها منها ، يرمي على كتفها دون قصد او بقصد شال الدفء والحنان ، عرافا في الامور العاطفية وهذا يعود الى طبيعة برج السرطان المائي حساس عاطفي ، يحول الدمع الى بريق امل ، القلق الى طمأنينة. الجهل الى معرفة ، في أناقة بسيطة يغير هندام اعتدت عليه ، ان جفت حقولك يرويها بهمسات وهمهمات طازجة البوح في المباح ، يبدل الخريف الى ربيع مزهر ، يزرع في الافق غرس جني، يجعل منك عاشق ندي ترتجف نجيماتك، يجدل الروايات بأنات ناي ثقب من خيزران، او اشجان كمان شجي الاوتار ، يطربك في ليل طويل دامس ، ينتهي معك بوداع الوجع فاقدا للوقت الصعب ، تنطلق كعصفور من حبسه ، لاقتبس نور الدنيا بين كفيك .
يخرج قبل الاناث من سجون العادات والتقاليد البالية ،دون خدش ، يحدثك بحكم القرية والقبيلة وشيخها ، يحدثك عن عقصات العشق وجنون الهوى ، فتعيش معه كأنك عملاق او مارد في الحب ، يسكنك بكل تفاصيله ، ليرميك على ضفاف شوق وتقول هل من مزيد ، وكأنه عراف في قراءة ادق خطوط الكف الناعمة ، تتعلثم قبالة قصصه فيشجع شفتاك على الهمس ، يلبسك خلخالا أنيقًا له رنات خل بهي الطلّة ، يدندن بحروف وكأنها النبيذ المتختمر معتق فتسيل منها خمور عشقك في رضاب منبع حروفك .