إضاءة إنطباعية على كتاب حدثني عن عمر العشرين للكاتبة هيا عماد / غادة رافع عزام

بقلم : غادة رافع عزام

 

في المشهد الثقافي نقدّم الإضاءات المتنوعة ولكل إضاءة ما يميزها
اليوم إضاءتي هي إنطباعية تنم عن ما وصلني من إحساس وانطباع لمضمون كتاب سافرت في صفحاته
ولمست مقاصد الكاتب المدفونة في السطور.

كتاب حدثني عن عمر العشرين للكاتبة هيا عماد من فلسطين

بدايةً ومن العنوان (حدّثني عن عمر العشرين)
اختيارُ هذه المرحلةِ العمريةِ مذهلٌ لأنّ بها تبدأ ثورةُ الحياةِ وينطلقُ عنفوانُ الأملِ وتعلو آفاقُ الأحلام.
(حدثني عن عمر العشرين) للكاتبة هيا عماد
الصادر سنة 201‪9
ويضم 289‪ ( ‪ صفحة)
قد زرعت فيه 38 حقلاً من شتّى أنواع الورود
على خلاف ما هو معتاد.. سأبتدأ بالخاتمة التي بها
اختصرت الكاتبة فحوى المضمونِ وخاصةً العنوانُ
وفيها تقول :
(في الحقيقةِ لا يوجدُ خاتمةً حتميّةً في عمر العشرين) (فلكل خاتمةٍ امتدادٌ لحياةٍ يبدأ بها كلُّ شيء).
العشرينيات كلها تتمرد
ولكن.. على ماذا؟! وعلى من؟!!
هكذا تتسائل بينك وبين نفسك عندما تبدأ بالقراءةِ وما أن تبدأ برحلتك حتى تعي تماماً أنّ التمرد المقصود هو التمرد على الذات ومزاجية هذه المرحلة.
الكتابُ أشبهُ برحلاتٍ فكريةٍ تنتقلُ من خلالها عبر فصولٍ ذهنيةٍ تتوافق مع تراجيديا الواقع.. في مرحلة العشرين.
جميلٌ ما قد منحت به الكاتبة من فرصةٍ للقارئ وهي ترك مساحة فارغة ليقدم إهداءهُ لمن يحب.. بخط يده
إلتفاتة لطيفة وجديدة…

أما الإهداء فكان شاملاً ويبث الطاقة الإيجابية رغم أنها ذكرت به إهداءً.. إلى كل أنثى نرجسية لديها حلم
لعلّ الكاتبة هنا تقصد بالنرجسية الصمود والإصرار لا التمرد العام وحب الإنفراد.. والأنانية

المسافة من بداية الكتاب حتى تصل لأول محطّة مرهقة قليلاً… لكنها تستحق المتابعة!!!

تستقبلنا المحطة الأولى وهي العشرينيات تتمرد
وصورة لطيور تنطلق بالسماء بعيدا عن أغصانها هنا نلمس المقصود وهو التحرر من القيود الفكرية التي تحيرنا ما بين براءة الطفولة وعنفوان النضج..

ثم نعانق إلتقاء الزهور.. وهنا اشتممت عطرا جميلا يقول.. :
(لأننا كالزهور.. إن عُدِم الدعمُ، يعني كُسِر الطموح)
وفعلا أصابت الكاتبة عندما ذكرت أننا في العشرين نخرج من شرنقتنا… فعلا نخرج وننصدم بفوضى الحياة.. لكن لا نسقط… لأننا نمتلك الأجنحة بأرواحنا…

…. ونلتقي بدربنا بمحطة الحب.. وحب حديث النضج
هنا إرتوينا بتفاصيل الحب وأسرارِه.. تقول :
(الحب هو أن أراك ويهتز وتر القلب لا الجسد)….
….
استعانت الكاتبة بذكر أرقام آيات قرآنية وبعضا من الاقتباسات الأدبية والشعرية لتعزيز المعنى الذي تصبو إليه…
أعطى الكتاب تفاصيلا كثيرة حول أبجدية الحب بكل أشكاله وضرورة البحث عن الحب بنضج…
وكلها محاولات….
…..
تلك النصائح والإرشادات بالنسبة لعمر العشرين هي
إنطلاقة…
وللعمر الذي يليه… هي إستفاقة!!!
تعمقت الكاتبة في طرح موضوع الصراع مابين ذكريات الطفولة وبدايات النضوج، وأوضحت أن كلاهما يرتبط بالآخر.. أشبه بطفولة ناضجة.. أو نضوج مبكر!!

طُرِحت تلك النصائح بأسلوب وجداني أقرب للخاطرة وطيف القصّة… لتلامس القلوب المتعطشة لارتواء الحياة…
…..
تمكنت الكاتبة من تسليط الضوء على معاناة الأنثى الفلسطينية في الواقع المرير.. وصمودها وقوتها في التحدي والمثابرة…
كانت ترمز لنفسها.. كقدوة لكل أنثى فلسطينية وعربية
تأبى الاستسلام للفشل والقهر…
وأن هناك ما يستحق الانتظار.. والمحاولة لأجله..
لفت انتباهي.. عنوان إحدى الصفحات
(الساعة شخص كسول)
وكأنها تود اخبارنا بأن لا ننتمي للوقت حتى لا نخسر حقيقة اللحظة.. وحتى لا نندم على ما قد مضى ..

من خلال قراءتي للكتاب شعرت بتزاحم المواضيع وكأنها اختصرت أكثر من كتاب في كتاب واحد
من قضايا عاطفية واجتماعية وعملية…
وهنا أوجه نصيحتي للكاتبة
جسّدي طاقاتك الإبداعية ضمن مواضيع محددة لا تتعجلي.. أعطي كل مجال حقّه.. فأنتِ تمتلكين اللغة الجميلة والأدوات الأدبية المتمكنة.. والطرح المناسب.

….
استطاعت الكاتبة أن توصل لي إحساس أن هذه المرحلة العمرية وكأنها آذارٌ يولدُ في عز أوج الإنطلاق في الحياة..
يتمرد على قوانين الطبيعة.. ليثبت قدرته على الإزهار المتجدد..


لذا وجود روح الطفولة في أرواحنا هو الأمل الذي يدفعنا نحو المضي قُدما…
فليس هناك أجمل من أن نقرأ روايات الحب وأن نلعب في الحدائق وأن نتناول الحلوى الملونة.. وننفخ البالونات.. ونمشي تحت المطر..
ونضحك من القلب…
….
لم يخلو الكتاب من بعض التفاصيل الجميلة
كالأصدقاء.. والأم والقهوة وفيروز والشتاء والياسمين والورد والأحلام…

وما أجملك في عزف هذه الكلمات التي ترك لحنها صدى لا يفنى في قلبي…
حيث قلتِ… :
(في وطني الراء في كلمة حرب.. رحلت بعيدا تحلّق فوق الغيوم لتمطر حبا..!!
فالحب في وطني هو أن أبحث في عينيك.. فأجد الإحساس بالوطن..
….
فاح عطر الإنسانية والإنتماء في صفحات الكتاب
حيث اشتممنا عطر غزّة
و بورما
و دمشق
والقدس
والأندلس
وألوان العلم الفلسطيني.. والحجر الذي يخشاهُ العدو الصهيوني…

الثقة بالله والثقة بالنفس من أهم الأسس لبناء الشخصية خاصة في هذه الفترة العمرية..

أنهي قراءتي بكلمة لو…
لو أنكِ احتفظتِ بتلك الرسائل في صندوقك الخاص
لا تبوحي بكل التفاصيل..
فقط استقبلي…
قدّمتِ انطباعا جميلا وطاقة إيجابية أزهرت في القلوب
تمنياتي بالتوفيق والإستمرار…
ودعينا نختم معا
ختامك
(أرجو أن يرافقك الحب دائما، وأن يحيط بكِ على الدوام)

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

قراءة لقصيدة الحج لغزة للشاعر ماجد النصيرات – زكية خيرهم

لحج لغزة هذا العام يكفيكَ نصراً إذْ وقفتَ شُجاعا و ركبتَ موتاً للحياةِ شِراعا يكفيكَ نصراً في السمُوِّ مهابةً و بكَ الرجالُ سيقتدونَ تباعا

%d bloggers like this: