أنا في عمان .. بقلم ماجدة الطراونه

 

في ذلك العمر القليل؛ وكان يشهد على جهلي وبراءتي وقتئذ كنت في عمان. وكان الطريق إليها مرهقا وشاقا جدا؛ لما أصابني بالإعياء والدوار، إذ تخيلت أنني أمضي إلى آخر الدنيا ونهاية الحدود؛ إذ لا يوجد بعدها مدينة أو أي قُطر، فنهاية العالم هي ومدى الكون وحضارة التاريخ ، فالحياة فيها تختلف. ياااه … كم أنا صغيرة في مرتكزها بين ازدحام الناس و تراص المباني. يا إلهي كم ألوذ بخوفي من شوارعها المكتظة بسيارات تتعدد ألوانها فهذه صفراء وتلك بيضاء وغيرها حمراء و … ثم ألتوي بدهشتي من الناس الذين يحاولون عبور الشوارع وأولئك الذي تعجّ بهم الأرصفة وتضيق بهم ضرعا، … وأنا لا أدرك إلى أين هم ذاهبون؟ ولماذا لهذا الحد هم مسرعون؟ أثمّة ما يريد أحدهم يسبقهم عليه؟ لكنهم يقطعون الشوارع بخفّة وحرفية بالغة دون أن يمسهم أذى وأحداقهم تدور كعقارب الساعة دون ملل أو كلل؛ فهي مشغولة بشيء ما! نحن أيضا حاولنا تقليدهم بيد أننا أصبحنا مرتبكين مبعثرين وكأننا نبحث عن شيء ما فقدناه، نعم لقد شعرت يومها بالرغم من حداثة عمري بضنك الحياة وقسوتها؛ لهذا آثرت العودة بأقرب لحظة إلى قريتي الوادعة هناك. دارت عجلة الليالي بما يربو على الأربعين خريفا؛ لأعيش في عمان، وما زال الناس مسرعين، مرتبكين، قلقين حتى وهم داخل سياراتهم، وما زالت تلك الأحداق تدور يمنة ويسرة وتحملق مرة أخرى  ولكن بجوالاتهم، لهذا فما زلت أقاوم الرجوع إلى قريتي الوادعة دونما جوال يأسرني أو سيارة تلتهمني.

المزيد من اعمالها

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

ستنجلي الغيوم – مها حيدر

لم يكن مفاجئًا ، صوت الانفجار ولا الدخان ولا منظر سقوط الأبنية ، كان أبي يحضن اختي الصغيرة ذات العامين ودموعه تتساقط على لحيته وقد بللت ثيابه ، الخوف في عينيه على اخوتي بعد أن فقدنا امي قبل يومين أثناء سقوط الدار على رؤسنا بعد قصف شديد أحرق الأخضر واليابس ..

%d bloggers like this: