البردوني

أبو تمّام وعروبة اليوم – البردوني

أبو تمّام وعروبة اليوم

للأديب والشاعر اليمني : عبدالله البردوني

البردوني

 

ما أَصْدَقَ السَّيْفَ! إِنْ لَمْ يُنْضِهِ الكَـذِبُ

وَأَكْذَبَ السَّيْفَ إِنْ لَمْ يَصْـدُقِ الغَضَـبُ

بِيضُ الصَّفَائِـحِ أَهْـدَى حِيـنَ تَحْمِلُهَـا

أَيْـدٍ إِذَا غَلَبَـتْ يَعْلُـو بِهَـا الغَـلَـبُ

وَأَقْبَـحَ النَّصْرِ..نَصْـرُ الأَقْوِيَـاءِ بِـلاَ

فَهْمٍ. سِوَى فَهْمِ كَمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُـوا

أَدْهَى مِنَ الجَهْـلِ عِلْـمٌ يَطْمَئِـنُّ إِلَـى

أَنْصَـافِ نَاسٍ طَغَوا بِالعِلْـمِ وَاغْتَصَبُـوا

قَالُوا: هُمُ البَشَرُ الأَرْقَـى وَمَـا أَكَلُـوا

شَيْئَاً كَمَا أَكَلُـوا الإنْسَـانَ أَوْ شَرِبُـوا

مَاذَا جَرَى.. يَـا أَبَـا تَمَّـامَ تَسْأَلُنِـي؟

عَفْوَاً سَـأَرْوِي .. وَلا تَسْأَلْ .. وَمَا السَّبَبُ

يَدْمَـى السُّـؤَالُ حَيَـاءً حِيـنَ نَسْأَلُـُه

كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَى (حَيْفَا) أَوِ (النَّقَـبُ)

اليَوْمَ عَـادَتْ عُلُـوجُ (الـرُّومِ) فَاتِحَـةً

وَمَوْطِـنُ العَرَبِ المَسْلُـوبُ وَالسَّلَـبُ

مَاذَا فَعَلْنَـا؟ غَضِبْنَـا كَالرِّجَـالِ وَلَـمْ

نصدُق وَقَدْ صَـدَقَ التَّنْجِيـمُ وَالكُتُـبُ

وَقَاتَلَـتْ دُونَنَـا الأَبْــوَاقُ صَـامِـدَةً

أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُـوا.. ثَـمَّ أَوْ هَرَبُـوا

حُكَّامُنَا إِنْ تَصَـدّوا لِلْحِمَـى اقْتَحَمُـوا

وَإِنْ تَصَدَّى لَـهُ المُسْتَعْمِـرُ انْسَحَبُـوا

هُمْ يَفْرُشـُونَ لِجَيْـشِ الغَـزْوِ أَعْيُنَهُـمْ

وَيَدَّعُـونَ وُثُـوبَـاً قَـبْـلَ أَنْ يَثِـبُـوا

الحَاكِمُونَ …و)وَاشُنْـطُـنْ( حُكُومَتُـهُـمْ

وَاللامِعُـونَ .. وَمَـا شَعَّـوا وَلا غَرَبُـوا

القَاتِلُـونَ نُبُـوغَ الشَّـعْـبِ تَرْضِـيَـةً

لِلْمُعْتَدِيـنَ وَمَـا أَجْدَتْـهُـمُ الـقُـرَبُ

لَهُمْ شُمُـوخُ (المُثَنَّـى) ظَاهِـرَاً وَلَهُـمْ

هَـوَىً إِلَـى (بَابَـك الخَرْمِـيّ) يَنْتَسِـبُ

مَاذَا تَرَى يَا (أَبَـا تَمَّـامَ).. هَـلْ كَذَبَـتْ

أَحْسَابُنَـا؟ أَوْ تَنَاسَـى عِرْقَـهُ الذَّهَـبُ؟

عُرُوبَـةُ اليَـوَمِ أُخْـرَى لا يَنِـمُّ عَلَـى

وُجُودِهَـا اسْـمٌ وَلا لَـوْنٌ وَلا لَـقَـبُ

تِسْعُونَ أَلْفَـاً « لِعَمُّـورِيَّـة َ» اتَّـقَـدُوا

وَلِلْمُنَجِّـمِ قَـالُـوا: إِنَّـنَـا الشُّـهُـبُ

قِيلَ: انْتِظَارَ قِطَافِ الكَرْمِ مَـا انْتَظَـرُوا

نُضْـجَ العَنَاقِيـدِ لَكِـنْ قَبْلَهَـا الْتَهَبُـوا

تَنْسَى الرُّؤُوسُ العَوَالِـي نَـارَ نَخْوَتِهَـا

إِذَا امْتَطَاهَـا إِلَـى أَسْـيَـادِهِ الـذَّنَـبُ

مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَـاءَ يَـا أَبَتِـي ؟

مَلِيحَـةٌ عَاشِقَاهَـا : السِّـلُّ وَالـجَـرَبُ

مَاتَـتْ بِصُنْـدُوقِ «وَضَّاحٍ» بِـلا َثَمَـنٍ

وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْـقُ وَالطَّـرَبُ

كَانَتْ تُرَاقِبُ صُبْـحَ البَعْـثِ فَانْبَعَثَـتْ

فِي الحُلْمِ ثُمَّ ارْتَمَـتْ تَغْفُـو وَتَرْتَقِـبُ

لَكِنَّهَا رَغْمَ بُخْـلِ الغَيْـثِ مَـا بَرِحَـتْ

حُبْلَى وَفِي بَطْنِهَـا «قَحْطَـانُ» أَوْ «كَرِبُ»

وَفِـي أَسَـى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِـي يَمَـنٌ

ثَانٍ كَحُلْـمِ الصِّبَـا…يَنْـأَى وَيَقْتَـرِبُ حَبِيبُ

تَسْأَلُ عَنْ حَالِي وَكَيْـفَ أَنَـا؟

شُبَّابَـةٌ فِـي شِفَـاهِ الرِّيـحِ تَنْتَـحِـبُ

كَانَتْ بِلاَدُكَ رِحْلاً، ظَهْـرَ نَاجِيَـةٍ

أَمَّـا بِـلاَدِي فَلاَ ظَهْـرٌ وَلاَ غَـبَـبُ

أَرْعَيْـتَ كُـلَّ جَدِيـبٍ لَحْـمَ رَاحِلَـةٍ

كَانَتْ رَعَتْـهُ وَمَـاءُ الـرَّوْضِ يَنْسَكِـبُ

وَرُحْتَ مِنْ سَفَـرٍ مُضْـنٍ إِلَـى سَفَـرٍ

أَضْنَـى لأَنَّ طَرِيـقَ الرَّاحَـةِ التَّـعَـبُ

لَكِنْ أَنَا رَاحِـلٌ فِـي غَيْـرِ مَـا سَفَـرٍ

رَحْلِي دَمِي وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَـبُ

إِذَا امْتَطَيْـتَ رِكَابَـاً لِلـنَّـوَى فَـأَنَـا

فِي دَاخِلِي أَمْتَطِـي نَـارِي وَأغْتَـرِبُ

قَبْرِي وَمَأْسَـاةُ مِيـلاَدِي عَلَـى كَتِفِـي

وَحَوْلِـيَ العَـدَمُ المَنْفُـوخُ وَالصَّخَـبُ

حَبِيبُ هَـذَا صَدَاكَ اليَـوْمَ أَنْشُـدُهُ

لَكِـنْ لِمَـاذَا تَـرَى وَجْهِـي وَتَكْتَئِـبُ؟

مَاذَا ؟ أَتَعْجَـبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَـرِي؟

إِنِّي وُلِدْتُ عَجُـوزَاً .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟

وَاليَـوْمَ أَذْوِي وَطَيْـشُ الفَـنِّ يَعْزِفُنِـي

وَالأَرْبَعُـونَ عَلَـى خَــدَّيَّ تَلْتَـهِـبُ

كَـذَا إِذَا ابْيَـضَّ إِينَـاعُ الحَيَـاةِ عَلَـى

وَجْـهِ الأَدِيـبِ أَضَـاءَ الفِكْـرُ وَالأَدَبُ

وَأَنْتَ مَنْ شِبْتَ قَبْـلَ الأَرْبَعِيـنَ عَلَـى

نَـارِ «الحَمَاسَـةِ» تَجْلُوهَـا وَتَنْتَـحِـبُ

وَتَجْتَـدِي كُـلَّ لِـصٍّ مُتْـرَفٍ هِـبَـةً

وَأَنْتَ تُعْطِيـهِ شِعْـرَاً فَـوْقَ مَـا يَهَـبُ

شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ «وَالٍ» إِلَـى مَلِـكٍ

يَحُثُّـكَ الفَقْـرُ … أَوْ يَقْتَـادُكَ الطَّلَـبُ

طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ « الموصِلَ » انْطَفَأَتْ

فِيـكَ الأَمَانِـي وَلَـمْ يَشْبـعْ لَهَـا أَرَبُ

حَبِيبُ مَـا زَالَ فِـي عَيْنَيْـكَ أَسْئِلَـةً

تَبْـدُو… وَتَنْسَـى حَكَايَاهَـا فَتَنْتَـقِـبُ

وَمَاتَـزَالُ بِحَلْقِـي أَلْــفُ مُبْكِـيَـةٍ

مِنْ رُهْبـَةِ البَوْحِ تَسْتَحْيِـي وَتَضْطَـرِبُ

يَكْفِيـكَ أَنَّ عِدَانَـا أَهْـدَرُوا دَمَـنَـا

وَنَحْـنُ مِـنْ دَمِنَـا نَحْسُـو وَنَحْتَلِـبُ

سَحَائِـبُ الغَـزْوِ تَشْوِينَـا وَتَحْجِبُـنَـا

يَوْمَاً سَتَحْبَلُ مِـنْ إِرْعَادِنَـا السُّحُـبُ؟

أَلاَ تَـرَى يَـا أَبَـا تَمَّـامَ بَارِقَـنَـا

إِنَّ السَّمَـاءَ تُرَجَّـى حِيـنَ تحْتَجِـبُ

أبو تمّام وعروبة اليوم – البردوني

About abdulrahman alrimawi_wp

Check Also

جَحَافِلُ النَّزْوَةِ – الشاعرة خديجة بن عادل

عَلَى أَعْتَابِ ذَاكِرَتِي وَفِي سَبْرَاتِ الشِّتَاءِ لَبِسْتُ عَبَاءَةَ الوَجْدِ وَتَرَاتِيلَ مِنْ قَافِيَتِي انْتَظَرْتُ دِفْءَ شَمْعَةٍ

%d bloggers like this: