موسم حصاد الفاقة – تيسير الشماسين

موسم حصاد الفاقة
————————
أَمَا لِلشِّعرِ بَحْرٌ
حِيْنَ تُمتَهَنُ القَصَائِدُ
غَيْرَ بَحْرِ المَالْ ؟!
أَمَا لِلشِّعرِ قانُونٌ
لِيَحْكُمَ بَيْنَ مُقْتَحَمٍ
و مَنْ في نَفسِهِ عَوَزٌ
فَأَقْحَمَهَا
على ما لا تُطِيقُ
و كُنْهُهُ أَمْرٌ مُحالْ ،
و هَلْ للِشِّعرِ مِنْ دِيْنٍ
لِيَفْصِلَ بَيْنَ
مَنْ دَخَلُوهُ إِيْماناً
و بَيْنَ المُدَّعِيْنَ مِنَ البَواطِنِ بُغْيَةَ الأَنْفَالْ ؟!..
.. كَفَى عَبَثاً
فَقَدْ ضِقْنا بِكُمْ ذَرعاً
سَعادَةَ سَيِّدي الخَتَّالْ
تَرَكْتَ الشِّعرَ مَصلُوباً
و أُلْهِيْتُمْ
و مَنْ مَعَكُمْ مِنَ الحَمْقَى
بِهَالَةِ مُدَّعٍ مُخْتَالْ
تَرَكْتُمْ كُلَّ ما أَفْضَى
إِلَيْهِ الشِّعرُ مِنْ قَصْدٍ
و أَغْوَتْكُمْ عَبَاءَةُ شَاعِرٍ دَجَّالْ ..
يُرَاقُ الآنَ
آخِرُ ما تَبَقَّى
مِنْ حَيَاءٍ
في وُجُوهِ العَابِريْنَ
على الحَيَاءِ مِنَ الرُّذَالْ
يُرَاقُ الآنَ
آخِرُ بَيْتِ شِعرٍ مُنْهَكٍ
و تُرَاقُ هَيْبَةُ مَنْ نَظُنُّ بِأَنَّهُمْ
حُسِبُوا مَجَازاً
وَفْقَ تَرتِيْبِ الرِّجالِ على الرِّجَالْ ..
.. نَسِيْءٌ كُلُّ ما زَعَمُوا
فَجُلُّ سُيُوفِهِمْ خَشَبٌ
فَلَيْسَ لَها
-لِتَصْلُحَ لِلصَّلِيْلِ- نِصَالْ
و لا أَبْطالُ هٰذا المَشْهَدِ المَزْعُومِ
-حَقَّاً-
في حَقِيْقَةِ أَمْرِهِمْ أَبْطَالْ
فَمَا زِلْنَا كَمَا كُنَّا ..
و ما زَالوا
على ما هُمْ عَلَيهِ مِنِ انْحِلالْ
و مَا زَالَتْ
عُيُونُ الشِّعرِ خَلْفَ سَرَابِهِمْ
و الشَّاعِرُ المُسْتَاءُ مِنْ خَيْلائِهِمْ ما زَالْ ..
فَقَطْ .. في مَوطِنِيْ
عَبَثاً
إذا الأَطوَادُ ما عَزَّتْ مَرَاقِيْهَا نُسَفِّهُهَا
و نَجْعَلُ مِنْ أَخَادِيْدِ السُّيُولِ
جِبَالْ
فَقَطْ .. في مَوطِنِىْ
تَبْدُو الصُّرُوحُ
بِكُلِّ ما تَحويْ
لِمَا في الواقِعِ المُخْتَلِّ مِنْ أَسَفٍ
كمَا لَوْ أَنَّها أَطلالْ
فَقَطْ .. في هٰذِهِ الأَنْحَاءِ
للتّطويْعِ أَجْواءٌ
و أَسْهَلُ ما يَكُونُ
بِأَنْ يَكُونَ مُهَيَّئَاً ما لا يَكُونُ
و لِلَّذي لا يَسْتَحِقُّ مِنَ الوَرَى
يَغْدُو مُتَاحاً ما اسْتَحَالْ
هُنَا لِلكِذْبِ نَكْهَتُهُ
و ما لِلصِّدقِ مِنْ طَعْمٍ
و لا لِوُجُودِهِ حَيْزٌ
و لا لِلصَّادِقِيْنَ
-بِحُكْمِ عَوْلَمَةِ النُّفُوسِ- مَجَالْ ..
هُنَا اللَّاشَيْءُ شَيْءٌ قَدْ يصِيْرُ
و رُبَّمَا يَأتِيكَ مِنْ أَقْصَى الهَوَامِشِ
مَنْ يُجَرِّدُكَ المَكَانَ
و ها هُنا
في مَوْسِمِ الإِسْفَافِ
تَعتَزِلُ الحَقِيْقَةُ
حِينَ يُبْدِعُ
في تَقَمُّصِها الخَيَالْ ..
هُنَا لا شَيْءَ مِنْ سُبلِ الفَلاحِ
يَحُوزُ مِنَّا المُسْتَحِقُّ
بِمُطْلَقِ الأَحوالْ ..
هُنَا حَصْراً
-بِغَيْرِ جِدَالْ-
رَقيقُ الشَّيْءِ مُمْتَلِئٌ
و مَنْ بِالشَّيْءِ قَدْ مُلِئَتْ مَكامِنَهُ رَقِيْقُ الحَالْ !!..
———
تيسير الشّماسين
الوطن العربي / القطر الأردني
عمّان / الموافق
٨ / آب / ٢٠٢٤

About Abdulrahman AlRimawi

Check Also

على كلِّ ما بي من الحزن – دكتور محمد مقدادي

على كُلِّ ما بي من الحُزنِ، لم أتَّخِذْ للحياةِ بديلا. ويَمَّمْتُ وجهي، لأيِّ شموسٍ تُطِلُّ على البحرِ، أو أيِّ تَلٍّ...وَظِلٍّ، ونبعٍ، أرى ماءَهُ سلسبيلا. ولكنني، حين أدرَكتُ أنَّ القطيعَ، يسيرُ إلى حتفِهِ،راضياً،

%d bloggers like this: