عبدالرحمن ريماوي 2 مارس، 2021اقلامالتعليقات على من ذاكرة العناوين التّائهة / أسمى وزوز مغلقة338 Views
لقد سبَقَنا الكثيرون في اللّقاء الأول، سبقونا بفنجان القهوة على صوت فيروز، وقصص اغتراب العاشقين، وحكايات منفى الرّوح.
سبقونا بصوتهم المبحوح، بصمتهم حينًا، وبرسمهم عنوان الخلود حينًا آخر. سبقونا برسائلهم التي كان يتأخّر بها ساعي البريد، سبقونا بتفاصيل الصّباحات في الشّتاء، ورسم الحروف التي كتبوها على شجيرات الطّريق. سبقونا بخطى القلب، وغيم التّيه ينشر الضّباب في غابات الضّياع والوجد والحنين. ولكن لم يسبقنا أحدهم في تلك المعارك الباردة التي أحالت الحبّ إلى جليد، إلى خريفٍ يأتي بعده ألف خريفٍ وخريف.
إنّنا سبقْنا كلَّ العابرين، كلّ المارّين الذين ما هانت عليهم العناوين التي كتبوها على أرصفة المدن السّاكنة فيهم، ولكنّها لم تسكن فينا لا بدقائق ذاكرتها، ولا بأزّقّتها التي لَهوْنا فيها ذات طفولة. معاركنا سويًّا محتومة النّهاية، فكلانا مهزومٌ بها، كلانا سيجترّ رداء هزائمه، ويمضي بجروحه التي لا شفاء منها. ورغم ذلك نمارس شعائرها القاسية، نحيا قسوتها وكأنّنا أبرياء فيها، ونرقب آخر ساعاتها وكأنّها لا تعنينا، ونحن من يكتوي بجمرها، ننثر رمادها بعد أن مضينا سنوات احتراقنا مع منافينا. لم يبق لنا طريقٌ آخر، ولا ندمٌ أكثر ممّا فينا، ولا عتاب لأرواحنا التي آمنت بالآخر بعد طول خذلان. لم يبق فينا، ولا لنا من بعضنا شيئًا سوى النّسيان، سوى عصيان ذاكرةٍ أتقنت الوفاء ولم تتقنْ فنَّ الغياب.
تستنفزف أعصابنا ...وطاقاتنا ...وتموت بأعيننا كل بهجة أومت لنا بحضور ما ....الا أن هذا الصباح شق من فمي ابتسامة ....استغربها من حولي وقد اعتدوا وجومي وقلة كلامي