مر الصمت ….
في هذه المرة مر الصمت متلثما بطلاسم الغموض، حين أتته العزيمة على بتر جزء من لسانه ، يذكر ضياء همس امه متقوقع هو في رحمها ، والريح تصفع الأبواب التي كانت من صفيح ،الذكريات وضجيجها الهش ثرثره بعشوائية اللجوء ، دفنت والدته ذاكرتها تحت تراب أفئدة فقدت ، كانت تهتز كلما تذكرت طبريا ، هو يسبح في مائها العذب الزلال .
علقت الحنونه اسرارها في الشقوق ، ووجدت نفسها في الحداء بينها وبين روحها ، فشبت النار في روحها كالهشيم ولم يحترق منها الشوك الذي ينخر وجدانها ، تعثرت خطاها على رصيف ليل غير مرصوف ، قبعت بزهد الزاهد في بيوت الصفيح ، على اوتار دفىء الروح تعزف نغمات الهوى بسحر جميل لينام ضياء في رحمها ، والصبابة تشجي القلب حين وداع اخير لم يشفي أنين مرضها اللعين والاعصار يقترب من ارواح تزاوجت منذ قديم الزمان .
تهتز الارواح لابتعاد ولد ولد من روح ندم الافول ، طار كالفراشات وفرش الغيوم ليختفي في فراشها لحين لحظة الحزم .
عيناه مفرغتان من الالم ، فحشاهما ببقعة فرح كانت امه زرعته في أصص جورية اللون قبل ان يطل فجر ولادته،هشمت طلته المفعمة بالحياة من نوافذ الامل عندما شاهد جثته ملغومة قريبة من البحر، وتياراته المتواترة المسلك على شواطيء متلاطمة بالصخور تارة وتارة مفعمة بالزبد الابيض ، يغتسل به نزولا من فرشة الغيوم .
كحل رمش عينه بسواد الليل الحالك ، حتى لايقع اللوم عليه في حين غضب الطبيعة ، تخالجه آلام أمه لفقده ولؤلؤة تلمع في عينيه ، والليل يبرق بالرعد القادم وهطول غزير بالمجون ، وجنون صمت ثائر في ثنايا ثوب صبية متمردة في بحر الشوق لرقعة ارض غادرتها ، كان قلبها بلور متماسك من انكسار مفاجئ اثر سقوط اخشيدي الهوى ، وقبلاتها تهتز على أرداف الوقت حين يطل عليها كنجمات ليل رقراقة فضية النور ، سكنت مع الصمت حين مر ضياء بضياء رصاصه المتقاذف هنا وهناك دون طرفة عين .
حملقت في التلفاز واشعلت سيجارتها ، أحست بمذاق غريب بين اصابعها ، حملقت بشغف وحلفت بجديلتها في ساعة حمراء تراقص نجوم السماء وكأن الوقت توقف في ساعة يدها ، فامتطاها القلق ، حين شاهدت شجاعة ضياء يضيء سماء تل الربيع ….فأرست مرساتها ونسيم شواطئ البحار يطبطب على قلبها الحزين…تكتمت وتمتمت انه مهر فلسطين .