العصفور الذي مات عن 63 سنة – يوسف الديك
مساء الأحد 15-02-1999..كنت عائدًا من نشاط ثقافي في مقر اتّحاد كتّاب وأدباء الإمارات، فرع رأس الخيمة ، والذي يبعد عن بيتي ثلاثة كيلومترات فقط .
على الشارة الضوئية توقفت المركبات ، لنتابع فور تحوّلها للأخضر ، مع خروجي من مربع المرور وتقاطع الشارة لمحت عصفورًا من الجانب المقابل للطريق ، يتّجه بشكل سريع نحو نقطة الالتقاء بسيارتي ، خفّفت من سرعتي إلى حد كبير لكنّه ارتطم بمقدمتها ، توقفت كليًا ، ترجًلت وإذا به محاصر داخل مثلث شارة المرسيدس ، وقد تطاير بعض ريشه على غطاء المحرك ، حملته بنعومة ، لأجد أنّه فارق الحياة ، لففته بمنديل محارم ورقية ووسّدته إلى جواري وعلى مهل كما لو كنت في موكب جنائزي وصلت بيتي وحملته ، حفرت بقطعة خشبية وجدتها قرب منطقة ترابية جوار مرآب السيارات ، ودفنته ودمعتي الساخنة تبلّل وجنتيّ و تحرق خدّي.
حتى وإن كبرنا ، نحن بفقد الأيدي التي كانت تحنو علينا وتمسح رؤوسنا …في غياب الأمهات فقط ، نحن أيتام .