من ذاكرة تشرين – أسمى وزوز

من ذاكرة تشرين

من ذاكرة تشرين – أسمى وزوز

يومًا ما سنعود من معاركنا الطّويلة، يومًا ما ستبدو علينا ملامح الذّاكرة الأخرى بعد أن تجاوزنا الأطول من كلّ مسافات السّنين فينا.

كثيرًا من المواقف التي هزمتنا حينًا، وهزمناها بأبعد من خطى اللّيل وهو يمرّ ثقيلًا علينا، تَجاوُزَ أشخاصٍ عَثّرونا في طرقاتنا البعيدة، تَجاوُزَ زمنٍ أقصانا عن دواخلنا يوم كان الحبّ فيها أبديًّا.

تجاوَزْنا حتّى ملامحنا التي شوّهتها المرايا في ليالي البرد، ونحن نَرْتُق من الضّباب رداء قلوبنا التي أعياها ريح كانون يوم كان الصّمت سيّد الأبواب.

حينها تركنا كلّ بقايانا، كلماتنا على الجدران، صوت أغنياتنا في صباحات الغيم عندما يعبرنا تشرين، صورنا وأوراقنا التي حملت ذكرانا عبر الجسور، قصائد الرّوح يوم بكت الحروف.

تركنا كلّ شيء لنعود إلينا، لتلك الذّات التي تجاوَزتْ هذا وذاك، مَن أنهكها، من أعادها يومًا بلا حياةٍ، بلا عُمْرٍ، بلا ضوء، بلا ذاكرةٍ مشتهاه، بلا حبٍّ يروي الحكايا في مغيب أيلول.

تركنا، وتجاوزنا، وعبرنا من ألف بابٍ حتى وصلنا، وانتصرنا على كلّ طعنةٍ وخيبةٍ وخِذلانٍ كان من هنا أو هناك، ولكنّه انتصارٌ حزين، وتجاوزٌ شاقّ لا تستطيع الرّوح البوح به لمرايا الزّمان، ولا لعبور الفصول دون ميعاد، ولا لرفيق ذاكرة الوقت والنّبض؛ فلن تُعيد الذّكريات حينها، سوى غُصّة الانتصار.

من ذاكرة تشرين – أسمى وزوز

13/ أكتوبر/ 2022

عن abdulrahman alrimawi_wp

شاهد أيضاً

رسالة معلمة إلى المجتمع المحلي – د. نجاح القرعان

رسالة معلمة إلى المجتمع المحلي بقلم الدكتورة نجاح القرعان نحلة واحدة لا تجني العسل، والمدرسة وحدها لا تحقق الهدف بخاصة إذا تعلقت الأهداف المأمولة بمحور العملية التعلمية ( الطالب) .

%d مدونون معجبون بهذه: