عندما نطالع عملاً كهذا العمل الذي بين أيدينا عملاً تغص باقتباساته صفحات التواصل ويصبح هو الحديث لزمرة القرّاء والمثقفين تزامناً مع افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب لا بد وأن نتساءل كيف تمكنت الأديبة الأردنية من المنافسة بين الأقلام العربية وما المرجعية الأدبية التي صاغت لنا أحداثاً فيها من المفارقات لتأخذنا إلى أبعاد الإنسان الفكرية والجسدية والنفسية في هذا العمل أطلعتنا الكاتبة أنّها زاوجت بين الحقيقة والخيال فصاغت الأحداث وتسلسلت بالشخصيات مراعية ذوق القاريء بكل احترام لاختلاف ثقافته وقد نوّهت أن الرواية جاءت متمحورة حول معاناة شخصيتها الرئيسة بطفولته الغريبة والقريبة كحالة إنسانية قد تتكرر بصور كثيرة في مجتمعاتنا بل هي نموذج مألوف لفكرة الفجوة التي يعيشها الإنسان العربي بين الماضي والحاضر بين الذاكرة والواقع في عالمنا المتأخر فكانت بحثاً عمّا هو أكثر دهشة بين كل ما يمتلك الإنسان، وعلاقته بالجزء الأكثر غموضاً في نفسه وتعرضه لأبعاد الزمان والمكان : الذاكرة، الماضي، الواقع، العلم، الحضارة، وحشية العقل البشري
وحين طرحت تسأؤلي عليها عما يميّز هذا العمل عمّا هو مطروح في الساحة الأدبية قالت: حاولت في هذه الرواية أن اصنع منجزاً بشكل مختلف قليلاً عما هو مألوف في الروايات الواقعية لأخرج قليلا عن النّمطية التي تعايشها الرواية العربية بأبعاد واقعية دون عمل قوي للمخيلة فيها وعلى العكس من ذلك كانت المخيلة حاضرة وبقوة في العمل فتحدثت عن نمط واقعي وتخيلي ببعد نفسي وفلسفي مما جعل الرواية أكثر غنىً وصنعَ الحياة داخل فكرتها،
وحين تساءلت عن مدى ملامسة الرواية للواقع وقربها من مفاهيمنا الإنسانية أجابت الكاتبة: ما الإنسان بأي زمان أو مكان سوى كتلة من المشاعر ترافقه ذاكرته وتخيلاته حيثما حل إنْ تجاوزها كان ضرباً من الجنون وإن لم يبارحها بقي في إطاره الواقعي مقيداً إبداعه البشري
وكان لهذا الاقتباس على لسان الشخصّية الرئيسة دور في تدعيم محاور الحديث السابقة لنختتم به مقالتنا ونفتح آفاق جديدة للتساؤل والبحث اللذان يأتيان بعد قراءتنا للعمل بالطبع :
اقتباس “فإنَّ إصرارنا على إدراك ماهيتنا إنّما هو جمع لطريقين نتمسك بأحدهما في تتبع حواسنا لنمسك بحيّز مادي يحتوينا وفي آخر نصر على أنّنا محض أوهام وتخييلات ولهذا فمنطقنا مردود علينا إذ كيف نستدل بالماديات على الماورائيات”.
# قراءة فدوى خصاونة