هو عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب، شاعر عباسيٌّ مُجيد، وُلِدَ وماتَ في مدينة حمص في سوريا اليوم، وتقول الروايات: إنّه عاش ما يزيد عن سبعين عامًا، بين عامي 778 و 850 للميلاد، وقُد اختلفتِ الروايات الواردة في سبب تسميته بهذا الاسم، فقيل إنَّ سبب تسميته بديك الجن عائدٌ إلى أنّه كان صاحب عينينِ خضراوين تشبهان ألوانَ الديك، وقيلَ أيضًا إنّه سُمِّي بهذا الاسم لرثائهِ ديكَ أبي عمرو بن جعفر، ومنهم من اتهمه بالجنون وقال إنّه كانَ مجنونًا يُقلِّدُ صوتَ الديك.
من اخباره
عاش ديك الجن في حمص ومات فيها وكانَ شاعرًا ، افتُتِنَ بشعرهِ أهل العراق، ذكر المؤرخون أنَّ ديك الجن كانَ شعوبيًّا يرى أنّه لا فضل للعرب على العجم في أي شيء، وبطريقة أخرى كان شديد العصبية ضد العرب، وهذا ما ذكرَهُ أبو الفرج الأصفهاني في كتابِهِ أنَّ ديك الجن قال: “ما للعرب علينا فضلٌ، جمعتنا وإياهم ولادة إبراهيم، وأسلمنا كما أسلموا”، وهو عربي من أصل عربي وأجداد عرب، ولكنّه أكّد شعوبيتَهُ ورسّخها في عقول الناس عندما قال: [٢] إنْ كَانَ عُرْفُكَ مَذْخُوراً لِذِي سَبَبٍ فَاضْمُمْ يَدَيْكَ فَإنَّي لَسْتُ بِالعَرَبِي إنَّي امْرُؤٌ بَازِلٌ فِي ذُرْوَتَيْ شَرَفٍ لِقَيْصَرٍ وَلِكِسْرَى مَحْتَدِي وَأَبِي تلقّى ديك الجن تعليمَه في المساجد شأنه في هذا شأن كثير من الناس في تلك الفترة، قضى معظم أيام شبابه في لهو يستمتع بالملذات والشهوات، وقد عاش قصة حبٍّ كبيرة مع فتاة يحسب المؤرخون أنّ اسمها وردٌ، قال فيها شعرًا كثيرًا، وتزوجها ديك الجن فيما بعد، ثمَّ ساءتْ حالُهُ وعاش فترة من الفقر بعد ما أسرف وبذّرَ في الملذات والشهوات، فسافر بحثًا عن رزقِهِ وغاب فترة طويلة، وفي غيابِهِ وجّه ابنُ عمِّهِ تهمة الخيانة لزوجتِهِ ورد، وشاعتْ هذه التهمة بين الناس، فعاد ديك الجن وقتل زوجتَهُ ورد، وقال في هذه الحادثة عدّة قصائد منها: خُنْتِ سِرِّي مُوَاتِيَهْ وَالْمَنَايَا مُعَادِيَهْ خُنْتِ سِرِّي ولَمْ أَخُنْــ كِ فَمُوْتِيْ عَلانِيَةْ وبعدَ أن عرف ببراءة زوجتِهِ، ظلَّ شهرًا كاملًا يبكي ما فعلَ، نادمًا متحسِّرًا، وقال شعرًا في ندمِهِ: يا طَلْعةَ طَلَعَ الحمَامُ عليها وَجَنَى لَهَا ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْها رَوَّيْتُ مِنْ دَمِها الثَّرى ولَطالَمَا رَوَّى الْهَوَى شَفَتَيَّ من شَفَتَيْها فكانت هذه الحادثة جرحًَا ينزف في قلب ديك الجن حتّى وفاتِهِ عام 850 للميلاد، واشتهرت قصتُهُ مع زوجتِهِ وذاع سيطها، فكُتبت ومُثِّلتْ في مسرحيات وروايات وقصص.