ثورة الروح .. محمد سمحان
عبدالرحمن ريماوي
6 فبراير، 2020
شعر
354 Views
أف من الدنيـــا ومن أصحـــــــابها ** ومن الألى هــاموا وراء سـرابها
غلبتهــم الشهــوات فانقـــادوا لهـــا ** واستســـلموا لطعــامها وشـرابها
خلبت بصــائرهم بزخــرفها فمــــا ** انتبهوا لبغــتتها وقرب خـــرابها
شربـــوا كؤوس خداعها واستمرأوا ** ذل الركــوع على لظى أعتـابها
لعبـت بهم، واستحكمــت بعقــولهم ** برخيــص زيـنتها ورث ثيـــابها
واستعبدتهــم.. حينمــا أصغـوا إلى ** وقــع الدراهم في رقيــع جـرابها
فاستنــزفوا الأعمــار في إعمــارها ** حتى منـــوا بغيـــابهم وغيـــابها
هي حانة الحمقى وكم من (أحمقٍ) ** يأوى إليــها غــارقا من صـــابها
خذ يا ابن آدم ما تريـــد وتشـــتهي ** من برق فتــنتها وميْــن سحــابها
المـــال والسلطـــان محنتــــها وكم ** علقت رؤوس في رؤوس حرابها
يــا من يعـــيش وهمـــه تســــــآلها ** تبـــا أما تصــغي لوقـع جــوابها
أو من يــرى أحـــلامه أن يرتـوي ** من قيـــظ مبسمها وملــح لعـابها
يا من تعــب لكــم ستبقى صــــاديا ** فأجـــاجها متأصـــل بعـــبابـــها
طبــع الغــواني من قبيــح طباعها ** ونقيــع ســم الرقــط في أنيــابها
إن أشــرقت فحــذار من إشــراقها ** أو أغربت فحــذار من إغرابــها
تأتــــي إليـــها عـــاريا مستســـلما ** وكما تجيء تعود صـوب ترابها
تغريــك بالتطــواف خلف طيوفها ** ويشدك الترحـــال في أعقــــابها
تعطي وتأخــذ منــك ما أعطتــكه ** ويظــل ما تعطي على أبـــوابها
وتظــل تشغل بـال من شغلوا بها ** وكأنهم خلــدوا بلَـــبْس ثـــــوابها
وتغــافل الصرعى لينسوا غدرها ** وتعـــد عدتـــها لأخــذ حســـابها
بالمــوت تفجعنا ونســأل عطـفها ** أن تكثر النسيـــان في أكـــــوابها
هي جيــفة.. لا يستطــاب مذاقها ** أو عــرق عظمتها لغيـر كلـــابها
ومبــــاءة لا يستســيغ طعــــامها ** إلا طـــوارق دودهــا وذبـــــــابها
متهـــافتين على التهــام رميــمها ** والكل مسعــور لكي يحـظى بهـا
طول المقــام بها يطيـــل عقــابنا ** وتعــاقب الايــــام بعـض عقــابها
هي لا تــرى فيــنا ســوى أنا لها ** أنســاغ خضــرتها وســر شبـابها
أنظــل نمنحها البقـــاء وننطــفى ** مثل الشموع تضيء في محرابها
تبَّـــا لهـــا تحيـــا على أشــــلائنا ** وكأن كل الخلـــق من أســـــلابها
والخـــلد فيــها كــذبة يحـــلو لنـا ** تصديقـــها وتســـومنا بعــــــذابها
لا شيء من لا شيء يمكن أخـذه ** يا حكمــة نخــشى من استيعــابها
هل نحن في الدنيا سوى مترحل ** أعمى أضــل مســـاره بشعــــابها
* * *
مــالت علي فحــرت في أسبــــابها ** لما أبيْــت السيــر خلف ركـابها
سبعـين عــاما لوعـــتني وانتهـــت ** بي لعبــة خرقــاء من ألعـــابها
والمــوت أرحم من تجـــرع ذلـــها ** فلفظتــها وسئمــت أن أحيـا بها
يا صاحبيْ شعـــري وأيــامي التي ** ودعتـها والشـعر مـلء إهـــابها
يا كم سبحنا في بحــور عروضـها ** واشتط فيــنا الغـوص في آدابها
أنا تهت في الدنيا على الدنيـا التي ** الفيـــتها تعــلو على طــــــلابها
ورضيــت أن أحيـــا بها مترفـــعا ** عن نيْل ما قد يشتهي من غابها
فالظـــلم ديـــدنها ولـم أك ظــــالما ** لأعيش مثل ضبـــاعها وذئـابها
بئس الحيـــاة إذا ارتضينا ظــلمها ** والكل مسلوق بسـوط صعـــابها
والظلم في حجــب الذي يحتــاجه ** أهل الحجى والرأي من حجّـابها
والشـــعر أبـــقى دولـــة فبيــــوته ** مشـــكاة نور في ظــلام كتــابها
لا شيء يرخصها سوى إعراضنا ** عنها وهتـــك ستــارها ونقــابها
فالغــر من يجــري وراء قشـورها ** أما اللبيــب فيكتــفي بلبــــــابها
والحــر من يســمو على إغرائــها ** والشهم من يعلو على إرهــابها
ســل من مضـوا عنها وماتوا قبلنا ** ماذا جنوا منها سوى أوصـابها
خلوا القصــور إلى القبــور بشهقة ** من قبــل أن يتنبّـــهوا لكــذابها
فاستودعــت ما خلــفوا لخــــلائف ** تمضي إلى حــالٍ أراه مشـابها
عِبــر تعـــاتيبنا ونشـــغل بــــــالنا ** عنها لتفجــأنا بنـــار عتـــــابها
وتعيـــدنا للــوعي مهــما بــاعدت ** أو قــاربت أوهــامنا بصــوابها
نحن الهشـــيم صغــارنا وكبــارنا ** وحيــاتنا رهــن بعـــود ثقـــابها
سيــان من عاش الحيــاة مجـــانبا ** هربا ومن عاش الحياة مجــابها
دعهــا لمن هـاموا بها فهوت بهم ** وارجع لروحك قبل وقت ذهابها
تنـــعم بهدأتها وطيـــب أريــجها ** وبنبل جوهرها ودفء رحـــابها
دنيــاك ظــالمة وغــادرة وفـانية ** وكــــل الســـــوء فـــي ألقــــابها
اتحبــها، وتغض عن ســـوءاتها ** لتعــيش منســـاقا وراء رغـــابها
وإلى متى تبــقى أسيــر خداعها ** وإلى متى ترتــاع من أغضـابها
وإلى متى ستظــل طوع بــنانها ** وتــدور مصلــوبا على دولابــها
فاقرأ على الدنيا السلام وخلـــها ** وأزهد بها لتكــــون من أقطــابها
Like this:
Like Loading...
Related