النقد المتطفل والمشهد النقدي في الأردن
إن الراصد للساحة النقدية والإبداعية في الأردن، وبعيدا عن النقد المجامل ، والنقد السلعي، قد تصدمه كثير من معطيات سلبية، راحت تنسل خلسة وبروية، إلى المشهد النقدي السائد، ومن ذلك:
1_ شيوع النقـد السلعـي الجــماهيري، الذي ينــتشر عــبر وسائل التواصـل الاجتماعي، وينظــم تحت لوائه شــريحة أقرب للأمية النقدية منها إلى النقد البسيط،هذه الشريحة تزداد تغولا، يوما بعد يوم، ثم وتتــخذ من بعــض الـجهات والمؤسسات والمنتديات العديدة،التي جرى تفريخها تحت عباءة القانون الرحب، وغير المنضبط من جــهة تأســيس بعض الجمعيات والملتقيات، حيث تستقطب مثل هذه المؤسسات والجمعيات والملتقيات، غيــر المؤهــلة على الأغلب، فــئات من الشـباب، في غالبيتهم يتعـطش لأي ظهور إعلامي، أو جماهيري.
النقد المصاحب لهذه الشريحة، بائس جدا في غالبيته، ويعطي صورة غير نظيفة للحرس النقدي في الأردن، ولا يستند لأبسط معايير النقد، بوصفه علما قارا،وبوصفه فنا يعنى بفحص النصوص.لم يعد النقد انطباعيا،واستهلاكيا،
او متعجلا… الخ.
2_ حاولت تتبع بعض الأسماء، دون ذكرها وكثير منها معلوم القاصي والداني، التي تمارس فعل النقد النريض، وتتابع النشاطات الثقافية، وتعرض للكتب والمجموعات الإبداعية الصادرة، والمتنوعة إجناسيا، فوجدت كثيرا من الأسمـاء تحاول أن تكـون: شاعرا،وقاصا، ورائيــا، وناقـدا وفنانا، وخطيبا، ومقدما…الخ، كما لو أنه القيم على جميع العلوم والمعارف، ويعرض طروحات نقدية مما هب ودب، ويقدم لمصطلحات نقدية، ويجترح مصطلحات أخرى،لم نسمع بها، ناهيك عن السياقات المدحية الفخـمة، وغــير الواقعية والمخاتلة جدا، والمشبعة بالنفاق والريــاء، وهـذا المدعي للنقد،في الواقع،ليس له أية دراية ووعي للمناهج النقدية، ولا بظروفها، ولا يمتلك، الكفاءة النقدية، بمفهوم نوثـروب فراي، ولا ريتـشارد، ولا يعي قبل هـؤلاء مـقولات بدايات النقد العربي منـد ابن سلام الجمــحي، وما تــلاه، ويحاكم النصوص الضعيفة غالبا، كما لو أنها لشاعر القرن وأديب الزمان، و يذهب المشاركون لنشـرها في وســائل التواصل، مرفقة بالصور والاحتفالية، ناهيك عن الجوائز والشهادات التي تقدم للمشاركين في النهاية.
3_ يلفت الاتباه، أيضا، كثير من الأسماءوالأعلام المعتبرة، وأسماءرسمية،يصل بعضها لوزراء من العاملين والسابقين، ويقومون على رعاية هذه المؤسسات والمنتديات، وتحت رعايتهم يتوج كثير من الشباب والشابات، الذين ياخذهم الغرور لبعض الوقت، ويصدقون أنفسهم، وبعد ذلك يتم الإطفاء. وقد يــتم ابتزازهم، مـاديا ومـعنويا لبلوغ الشهرة المقنَّعة.
لنتق الله فيما يجري في ساحاتنا الثقافية والإبداعية، ولنتق الله في شبابنا، ولا بأس أن نأخذ بأيدي المبدعين حقا، ولكن ضمن شرائط معقولة، ولنكن أكثر وعيا للذات والنص والحياة والعالم.
الدرس النقدي في الأردن يبدو في غير مكان مصاب،
بداء ، وما عاد لدى القاصي والداني كما نتمـنى، فقـد تـم تشويهه، ومصادرته، ويتـم السطو عليه، من فـئة مدعـية، ووصولية بامتياز. حيث الذي ينظر إلى الممارسة النقدية من خارج سيرى أننا نعاني من حالة مرضية قاسية، لا بد من تصـويب ما يجـري لإعطاء صورة نظيفة، وأكـثر وعٓيا للمشهد النقدي لدينا، ومن هنا علينا أن نحـاول اللحاق بالنقد العربي والعالمي، وهذا لم يزل الطموح المرجو.
Check Also
الصداقة – أعتماد سرسك
الصداقة الحقيقية لا تقف عند حدود الصمت فأنا أصغي لصديقتي في صمتها فلا تبقى وحيدة ..نتجاوز كثيرا عن اغلاط وهفوات الأصدقاء لأننا بشر ولسنا ملائكة يكفي شعورنا