الأدواء - د.عبدالرحيم

القراءة الفاسدة / د. عبدالرحيم عزام مراشدة

النقد السائد في الأوساط النقدية، لا سيما ما يظهر من نقود لمتسلقي سلم النقد في مواقع التواصل الاجتماعي وغيره، ينطلق من مفهومات ومرجعيات مسبقة، لا يستند غالبا إلى منطلقات واعية لفكر النص وفكر. منـشئ النص… الخطـورة تكمن في عدم وعي القارئ بتأويل النص وتشريحه تبعا لمنهج واضح، ولا يفيد من مفهومات المناطقة والفلاسفة والمفكرين السابقين ليبني على بعض أفكارهم،، والخـلل هنا يكمن في الوقوف على سطـح النص،وعدم العبور الى الطبقات المعنوية، أو ما بعرف نقديا بالميتا نص دون آراء مسبقة من هنا وهناك،
أقول ذلك، وأفدم دليلا، على القراءة الفاسدة، التي تتخفى خلف القراءة الثانية، وأعني بالقراءة الثانية القراءة التي تتناول ما قيل عن كتاب أو لوحة. أومدونة..إلخ، دون الرجوع للأصول ، بمعنى دون العودة لمنشيء النص الأصلي ومنتحه، ويكتفي بماةقيل عنه إذ غالبا ما تقود مثل هذه التناولات القرائية إلى إهدار ممكنات النص الأصلي بطريقة سلبية، وغير عادلة، بعيدا عن التخلبل، أوالتفكيك والبناء، بمفهوم الناقد دريدا، ومثال القراءة الفاسدة ان يقرأ أحدهم كتابا يتناول أبا العلاء المعـري، أو يشـاهد فلما عنه او يسمع ندوة من أحدهم، ويعرض لمدونة له، مثل:مدونـة (رسالة الغفران) ويخلص إلى نتيجة مؤداها أن المعري زنديـق ولديه مـثالب عدة، لا سيما إذا كان أسلوب العرض بأداء فيه متعة، وبالتالي سيقع السامع أو القاريء تحت سلطة أسلوب هذا العرض، ويتخذ موقفا من المعري، دون قراءة كتب المعري واكتفى بما قيل عنه،ويكتب عنه فيما بعد، أو ينقل عنه أفكـارا سلبيـة تسئ ربما بقصد أو دون قصد للمعري، وفي الآن نفسه، يتجاهل كما أسلفت منتج المعري والسياقات، والموضوعات التي تناولها المعري في مدونته الأصلية، هذا النوع من القىاؤ يشكل سلطة سلبية قد تتسرب إلى قارئين عابرين،كما هو كان عابرا، دون اتباع منهج واضح، وانتشار مثل هذه القراءات غير الواعية هي فاسدة لما تتركه من أثر .
الأساس في الناقد الحصيف ان يقرأ الأصل أنى كان، وبعد ذلك يقرأ ما قيـل على الأصـل، ثم يـبدأ بإبداء وجهات النظــر تأسيسا لخـطاب نصـي نقدي أكثر تمكنا وتماسكا وإنصافا. وما ينطلق على الدراسات الأدبية ينطلق على كثير من النصوص الناقدة في العلوم المتنوعة غير الأدبية.

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

خفايا الروح لصفاء فارس الطحاينة

خفايا الروح لصفاء فارس الطحاينة سقيفة المواسم الألكترونية جاءت قصص صفاء فارس الطحاينة وهي فنانة تشكيلية وصاحبة ذائقة فنيّة رفيعة تجمع بين تموجات وظلال الخطوط وإيقاع الحرف الشفاف،

%d bloggers like this: