ملامح الدور التربوي في العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي
إن التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم في كافة الميادين، يشير بوضوح إلى ضرورة وجود قادة تربويين يدركون أهمية التعلم الرقمي وضرورة استثماره بالشكل الأمثل الذي يلبي حاجة قطاع التعليم في المنطقة. ولا شك أن فهم وادراك طبيعة التحولات التكنولوجية في عصرنا والاندماج المدروس في عالم الذكاء الاصطناعي، له تأثير كبير على جوانب حياتنا المختلفة بما فيها جانب التعليم والتعلم.
فبداية لا بد من الاشارة بوضوح إلى الفئة المستهدفة من هذا المقال، لأن الدعوة إلى الانخراط في عالم الذكاء الاصطناعي لا بد ان تكون مدروسة وممنهجة على صعيد النظم التعليمية لا عشوائية على صعيد الأفراد والمتعلمين؛ فما يحدث اليوم في الميادين البحثية والتعليمية من توظيف عشوائي للذكاء الاصطناعي يشير بوضوح إلى مؤشر خطر وهادم للأسس التعليمية الحالية، فرغم هشاشتها أصلا فهو سيكون الهادم بكل المقاييس اذا تم اقحامه بهذا الشكل العشوائي.
لذلك وجب علينا كمعلمين ومدراء ومشرفين وخبراء تربويين دراسة آلية تكييفه بالشكل الذي يتماشى مع بيئتنا التعليمية ومصادرنا المتاحة وثقافتنا في التقبل ومواكبة التغيير.
ويأتي السؤال: إلى أي مدى نحن مستعدون وجاهزون للانخراط والتعايش في هذا العالم الرقمي!! الذكاء الاصطناعي وإن كان مفروضا لا محالة على النظم التعليمية بل والنظم الحياتية برمتها إلا أن مسؤولية تكييفه هي الأهم، فليس لنا اسقاط فوائد توظيف الذكاء الاصطناعي في عمليتي التعليم والتعلم في أي دولة أوروبية على الأردن!!!
فالمؤشرات الأولية تنبئ بوضوح حجم التباين في ثقافة الشعوب بين تقبل المستجدات ومقاومة التغيير، ولا شك أن العوامل التي تدفع الكثيرين منا لمقاومة التغيير تأخذ أبعادا تبريرية مختلفة؛ دينية واجتماعية، وتتخذ من سلبيات الذكاء الاصطناعي ذريعة مانعة لرفضه، ولكن في الحقيقة لا يمكن لعاقل أن ينكر الايجابيات الكثيرة التي تكاد لا تحصى للتكنولوجيا والرقمنة بأشكالها المختلفة.
إن وقفنا كقادة تربويين وقفة حيادية ازاء ما يحدث من تطورات سريعة في العالم الرقمي متذرعين بسلبيات الذكاء الاصطناعي فإننا سنواجه خطرا حقيقيا قادما بل وبدأ بالفعل يداهم حياتنا في الأردن، ألا وهو العشوائية الرقمية، التي إن استمرت بهذا الشكل ستنعكس نتائجها بشكل سلبي على حياتنا وعلى أبنائنا الطلبة.
الزملاء التربويين في كل مكان : إن الذكاء الاصطناعي واقع لا مفر منه شئنا أم أبينا، له ايجابيات وفوائد ستنعكس بشكل مباشر على حياتنا إذا أحسن تكييفه بشكل يتلاءم مع طبيعتنا ومواردنا ومبادئنا وتطلعاتنا، فحري بنا أن نكون نحن التربويون قادة التغيير في عصر الرقمنة.
وليعلم الجميع أنه مهما وصلنا من تقدم تكنولوجي لن يحل الذكاء الاصطناعي محل العقل ولن يكون بديلا عنه إلا في الدول التي ستقبل بمداهمة الذكاء الاصطناعي لها كما هو دون تكييفه بما يتلاءم مع بيئتها التعليمية والتربوية والبحثية والحياتية على حد سواء، وهذا ما يخيفنا حقا في الاردن وكل الدول النامية تكنولوجيا، فهل نقبل بالعشوائية الرقمية أم نقود التغيير الرقمي المتزن باستثمار كل ما شأنه النهوض بواقعنا التعليمي!
د.نجاح القرعان