مشهد في ذاكرتي – أمنة فاضل

مشهد في ذاكرتي – أمنة فاضل

مشهد في ذاكرتي - أمنة فاضل

رأيتها قبل أيام كانت نحلة دؤوب حطت على قرص دوار الشمس وبدأت جادة في امتصاص رحيق بتلاته..تعمل بجد، تعلو وتهبط ، طالت مدة عملها دون كلل أو ملل، ساعات وساعات تعود لتفرغ الرحيق لنحلة أخرى تمضغه زمنا آخر لتصوغه عسلا لذة للشاربين، أوقات مضنية كل يوم من العمل الشاق لصنع كمية صغيرة جدآ من ذلك الشراب السكري اللزج وتعبئته في خلايا هندسية منظمة. كانت تظنّ أنه سيعود عليها بالفرح.

تعب موصول وابتعاد عن البيت لتأمين تلك العصارة واحتمال مالا يطاق من الضرر . والفادحة الأكبر عندما يهاجم دبور كسول الخلية؛ ليأكل بشراهة وشراسة تعب أيام ، ثم نهاية الأمر يقتل العاملات بوحشية.لم يكن يستحق قطرة واحدة من ذلك التعب المضني. ولكنه قانون الحياة .

وبعد أيام عادت تلك الأزهار التي توهجت مع الشمس ذبلت وطأطات رأسها لا أعرف هل كان حملا زائدا عن طاقتها؟؟ أم امتنعت عن النحل لتريحه من عناء طويل؟؟ أم قامت بتنكيس رأسها حدادا على موت العاملات صديقاتها؟؟ أم كانت ظروفا

قاهرة فاقت احتمالها حتى للشمس التي كانت تدور حول أشعتها. كل الأسباب محتملة لنتيجة قاسية وهي السقوط والاستسلام.

الزهرة والنحلة وجهان متشابهان لذات العملة ؛كلاهما قضتا عمرا بالنسبة لعمرهما القصير في صياغة الجمال المحكم الذي حكم عليه بالإعدام المبكر.

ترك هذا المشهد في ذاكرتي صورا ومواقف حية تشبهها تماما.

وتحذر من عواقب العطاء الكثير الذي لا يعود لا بنفع ولا فائدة.

وتذكرني بالقانون البائس السائد وهو قانون شريعة الغاب والبقاء للأقوى،وليس (البقاء للأصلح)

. a.f ✍️(آمنةفاضل)

About Abdulrahman AlRimawi

Check Also

لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار – فاطمة شريح

تستنفزف أعصابنا ...وطاقاتنا ...وتموت بأعيننا كل بهجة أومت لنا بحضور ما ....الا أن هذا الصباح شق من فمي ابتسامة ....استغربها من حولي وقد اعتدوا وجومي وقلة كلامي

%d bloggers like this: