لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار ….تستنزف أعصابنا …وطاقاتنا …وتموت بأعيننا كل بهجة أومت لنا بحضور ما ….الا أن هذا الصباح شق من فمي ابتسامة ….استغربها من حولي وقد اعتدوا وجومي وقلة كلامي ….مستفسرين خيرها …..الا أن الابتسام لا يكون فرحا دائما فقد يكون سخرية من قدر أحمق أوجدنا بما نحن فيه …ونهضت مسرعة لمكتبتي ومددت يدي أسلم على صديقتي العظيمة رضوى عاشور …حقيقة كنت أريد احتضانها …الا أنني احتنضت روايتها …الطنطورية ….يالها من امرأة …كيف كتبتنا …ووصفتنا ….وأرختنا بكل تفاصيل النكبة …واللجوء ..والمخيمات …وأفراح الزواريب …والأهازيج …وروائح الأكلات الشعبية …..وحتى شاينا بالمرمية .. .وكيف تناولت حال المقاومة والفدائيين من الشباب ونخبة المثقفين …. والمفكرين …الا أن ما جعلني أبتسم هو ذاك الأمل الذي يرافقنا مع كل حرب يتأهب فيه كل فلسطيني للعودة وكأن نصره الذي انتظر سيتحقق ….فالكاتبة رضوى تحدثت كيف أن النساء الفلسطينيات في حرب ١٩٦٧…تحضرن للعودة بتوديع جراتهن اللبنانيات …ومنهن من حزم الحقائب …وقد ربطن مفاتيح بيوتهن بأعناقهن …
وماذا حدث …. لا شي …فقط نكسة …و مزيدا من الخسائر ….ولم يتبن عن الأمل فتسأل العجائز أسئلتها البلهاء عن حال الفدائيين الذين يقاتلون العدو الذي اجتاح بيروت وتسأل الله نصرهم المحقق الذي يدل عليه عزمهم والتضحيات الجسام الذي سيمتد ليحرركامل فلسطين …وماذا بعد ….مزيدا ……فلنسكت ….فكلنا نعرف …ومن شهر ونصف أيضا تجدد الأمل ….وتخبرني أمي عن أرض جدي هناك ..وعدد الشجرات التي صدعت جدتي رحمها الله رأسنا بعددها….لدرجة أنني تخيلت نفسي أقطف ثمار الزيتون واكسرها بهاون حجري قديم … وأغني للوز الأخضر …..و آمنت أننا سنعود وتأهبت وكلي ايمان ……..الا أن الايمان يحتاج تصديقا في الواقع ……والواقع …..مزيدا من الدماء ……..وخسائر …….ولا يمكن أن نفكر حتى أن مستقبلا متغيرا سيأتي والاطفال والأمهات بالمقابر …..أمانحن في الخارج .. يربطنا هذا العالم الوحشيي ككلاب ععند شجرة امنياتنا والأحلام ….نعوي ونعوي حتى نموت …