مريضا سرطان.. شاءت الصدفة أن يجلسا بجوار بعضهما.. لينتظرا موعدا من أجل جرعة الكيماوي.. كنت أراقبهما وقد بدا عليهما الإنهاك والإعياء.. كنازحين فقدا آخر قلاعهما بعدما هربا من اليأس وعتمة الموت.. تبادلا الابتسامة.. والبوح المثقل بألمهما المبرح.. وربما حلما مشتركا.. استشاط هو غضبا لأن أحدا أخذ دورها.. وأسرع إلى الموظف الجالس وراء شباك المواعيد ليسترجعه.. ابتسمت هي.. وأورد خداها بهجة وخحلا.. وهي تجد فيه بطلا.. وإن كان مكسور الرمح نازف الصدر.. عاد إليها مادا يده لتتكئ عليه.. وأصر على مرافقتها إلى عيادة الطبيب.. كانا وكأنهما يطيران لا يمشيان على الأرض من شدة الفرح.. في الممر كانا يتحسسان طريقا قصيرا.. جدا.. لقصة حب وليدة اللحظة.. لتائهين.. وجدا في وجعهما المشترك وتدا لفرح “مباغت”..
الرسالة السابعة عشرة - ثراء الجدي
( رسائل العشق الممنوعة من الصرف)
علمني ..
كيف أبحر بك إلى سدرة المنتهى وكيف أفتح في صدري سماء أخرى حيث لا تتوه البوصلة ولا تغلق الأبواب في وجهِ النداء وكيف أجدف بين أضلاع الصمت دون أن تثقلني خطايا الأسئلة