الحمد لله تعالى حمدا لاينقطع فلا يذل من عاذ به ولا ينقمع وله المنة والفضل والحكم القاطع الفصل ، ونشهد ان محمدا عبده ورسوله، من يهده اللهُ فلا مضل له ومن يُضللْ فلن تجد له وليّا مرشدا ،،، أما بعد . فان ميراث الكذوب الازدراء من الخلق والاشتمال على المعايب والاسراع الى الزلل وانتقاض المعاقد وتحصيل الاستهانة بالمقال والفعال والمهانة في نوادي الرجال ،، لا تحتمل منه الاشياء الا على اضدادها فلا انتفاع له في عمل ولا قول او حال ،، كلامه محض الزيف وفعله اصل الحيف ،، وحاله محمول على الدجل والدَّخَــل ، اذا تكلم زاغ ، وان فعل راغ ، فان رامَ الصدق ضاع قليله في كثير باطله على اعتياد السامع منه خصلة التزييف وشبهة التحريف ، فكل صوادره محمولة على وجوب الاحتياط من قبولها فاذا هي كلام ٌ الصمتُ افضل منه ، وفعل ٌ القُعود خيرٌ منه ، وهيأة تُحتَسب على الحيلة والتمويه ، كراعي قومه استطال في استعداء عشيرته على السَّــبع لعبا وكيدا حتى اذا طعن الذئبُ في غنمه يوما استصرخ قَبيلَـــه فلم يجيبوه مَضَنّةَ مُعتــــاده من المعابثة والكـــيْد فاحتمل فادح الخسارة وباهض الغُرْم في المال والأُحدوثة واعلـــم ان الكذب أخو النفـــاق ، وأن أســـوأ الكذب الافـــكُ وقول الزور لانعدام ريح الحق فيهما ولفادح مـــا يُلْحقانه في البَـــريّة من أذًى فلذلك لم يُسوّدوا كذوبا ، ولم يؤمّروا ذا مَـــيْنٍ ، مخافة الهُلكة ، ومدحوا الصدوقَ والأمين ، وبوّؤوهما عاليَ المراتب ، وجعلوا رُوّادهم في انتجاعهم الثقات والامناء فقالوا * الرّائد ُ لا يكذبُ أهله * فقرنوا بصدقه السلامة من الهلاك في المفاوز … فهذه بعض ملامح الكذب فاجتنب سوءتها ، فان ثقُل عليك الصدق فلا تَركن الى خفة الكذب فانه تُربة الندامة والـــرَّهَق . والحمد لله على فضل الحال ، ونسأله الصدق في الفعال والمقال