تحليقٌ على ارتفاعِ الوحيْ…! / د. إيمان عبدالهادي

بقلم الدكتورة إيمان عبدالهادي

أعودُ من غارِكَ الدُّرّي: زمِّلني!
ما غابَ صوتُكَ عن قلبي ولا أُذْني
.
وأنتَ تُلقي عليَّ “اقرأ” وهأنَذي
أميّةٌ في أقاصي حُبِّكَ المُضْني!
.
من هامشٍ في نَواةِ الأرضِ، يدفَعُهُ
صوبَ الفضاءاتِ نورٌ كامِلُ المتنِ
.
أصابني خَرَسُ النّجوى، لعلَّ فَمَاً:
يُدني اللغاتِ، فأرقى فيكَ ما أَعني
.
في سُرَّةِ الكونِ كانَ الحبلُ مُتَّصِلاً
بالأنبيـــــــــــاءِ، ولكن بعدُ لم يَأْنِ
.
مُذ قالتِ الشّمسُ: إنّي نصُّ غُربتِهم
فكيفما شئتَ في الإصباحِ أوِّلني!
.
وجِئتَ تبذرُ في الأصنامِ فأسَكَ كم
تفجّرَ الصّخرُ عن آياتِكَ المُزْنِ
.
آنستُ قلبَكَ، لا زرقاءَ تُنبِئُني
ولا هتفتُ افتني يا صَاحِبَ السِّجنِ
.
تُوزّعُ الضَّوءَ للغِرْبانِ ما حَلَكَت
وتقسِـــمُ المِلحَ من بحرٍ لبحرينِ!
.
ما كانَ عدلُكَ (يوتُوبيا) ولا دخلت
فيكَ الأساطيرُ من بوّابةِ الجنِّ
.
ولا ملاكاً وهذا الكونُ رِحلتُهُ
خُطاكَ في الرّملِ ترعى نجمَةَ الظّنِّ!
.
التّمرُ والماءُ، لا لـحمٌ ولا مَـــرَقٌ
ولا ثريــــدٌ، فراغٌ كانَ في الصَّحنِ
.
عباءةُ الخزِّ؟! كانَ الشّوكُ مِئزَرَهُ
حين اقتنى الوردَ في أثوابِهِ الخُشْنِ!
.
جدرانُ غارٍ بكَت، حتّى قد انسكَبَت
وجرّةُ الدّمعِ لم تبرَح مِنَ الرُّكنِ
.
يا دارَ أرقمَ هل في الخوفِ من رمَقٍ
وصوتُهُ – الفَجرُ يتلو سُورةَ الأمنِ؟
.
من ذا يَردُّ سِهاماً في استقامتِها
إن أطلَقت فكرةً من قوسِها المحني!
.
هناكَ في الأقصويّ الجامِحِ انبثقَ التـــ تاريخُ مع شهقةِ الأشعارِ في الوزنِ
.
روحٌ تتاخمُ أشواقَ الكرومِ لَكَمْ
تخونُ كــــأسُ النّدامى فــــــائضَ الدَّنِّ
.
صحراءُ لغزٍ،جهاتٌ في السّرابِ،صدىً
واليومَ وَحيُكَ من روما إلى سِدني!
.
فلا معارِجَ إلاّ ما ارتقتكَ لِمَا
بعدَ الفراديسِ من جودٍ ومن حُسْنِ
.
عن ابنِ عبّاسَ عن ثوبانَ عن أنسٍ
روحي امتدادٌ إلى الإسنادِ: حَدِّثْني…
.
غبطتُهم يا رسولَ اللهِ هل أُذنٌ
أرضيَّةٌ سوفَ تُؤوي صوتَكَ الكوني!
.
محمّدٌ: طمـــــأنَ الزّلزالَ، فكَّ جليــ ـــدَ النّهرِ، ردَّ عـــراءَ الـرِّيحِ للحِضنِ!
.
يمشي على الأرضِ، قرآناً، وخُطوَتُهُ
في الحُسنَيَينِ فمن نصرٍ إلى عَدْنِ
.
زادي قليلٌ ونايي كانَ مُنشرِخاً
مثلي بكلِّ الذي أجهشتُ من لحْنِ
.
من أوّلِ الثّمرِ الخطّاءِ، مُذ هبطا
لآخرِ التّوبةِ الورقاءِ في الغُصْنِ
.
قد شيّأتني غواياتُ التُّرابِ وقد
مَرِضتُ بي، يا طبيـبَ الرّوحِ أَنْسِنّي
.
أشدُّ بالجبلِ النّامي على كَتِفِي
وَهْنَ النّطاقينِ، كادَ الدّربُ، لكنّي…
.
أبيَضُّ في الحُزنِ، أعمى، أرتَقي صُعُداً
إنَّ البلادَ صغيراتٌ على الحُزْنِ
.
إليكَ ما عبرَ الرّاؤونَ عتـمتَهم
وما أَضَأْتَ: “خُذُوا لو آيةً عنّي…”


About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني – هاجر عمر

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني قولي لهم إنني أنأى عن المدنِ ففي شوارعها زيفٌ يلوذ به خوفٌ،وفي بحرها موجٌ من الفتنِ

%d bloggers like this: