بحضور الراوي ناقشت مجموعة أكثر من قراءة رواية طفولتي حتى الآن
ناقشت مجموعة أكثر من قراءة يوم أمس رواية
“طفولتي حتى الآن”
بحضور الأستاذ إبراهيم نصرالله وأعضاء وأصدقاء المجموعة حيث قدّم كل من الأساتذة
محمود شقير
أحمد أبو سليم
نور الرواشدة
رند الرفاعي
سماهر مروج
دانا جودة
قراءاتهم حول الرواية، أعقبها مداخلة الأستاذ إبراهيم، بعدها دار نقاش حول العمل، أجاب فيها ضيفنا عن الأسئلة والمداخلات حيث شارك الأستاذ حسن عبادي من فلسطين عبر زووم.
يذكر أن الفنان كمال خليل كان قد عزف وغنى بعض من ألحان الكاتب ، وتم عرض ثلاث لوحات من أعماله، ليطل الحضور على تجربة الكاتب في الرسم والتلحين والتصوير ، تماشيا مع السيرة التي وردت في الرواية . وقد قام وائل النابلسي بتقديم وإدارة الجلسة.
مداخلة الأستاذة نور الرواشدة حول رواية (طفولتي حتى الآن) للروائي إبراهيم نصر الله في حلقة اليوم.
الشعورُ مفتاح الوجود
في الورقةِ هذهِ أنطلقُ كقارئةٍ من رؤيةٍ ذاتيّةٍ انطباعيّةٍ تسيرُ في طريق معاكسةٍ ’’للكوجيتو الديكاتري‘‘ (أنا أشعر إذا أنا موجود)، نحو فضاءِ روايةِ طفولتي للروائي الأستاذ إبراهيم نصر الله لأجدُني بإيجاز أتلمّسُ النفسَ بالشعور وليس بالتفكير، حيثُ إننا أمامَ ملهاةٍ من الصعب جدًّا ألّا تدورَ وتُحرُقَ في القلبِ قبلَ كلّ شيء.
لذا حين كتبَ إبراهيم نصر الله جملةً تختزلُ الكثيرَ مما أودُّ أن أقول: “عن الخيال الذي عشته والحقيقة التي عاشتني”. انتهى الاقتباس. منحتُ نفسي الضوءَ الأخضر أن أفصلَ بينهما قليلًا كي أتبيّنَ ملامحَ كلّ سطرٍ في هذه الملحمةِ الذاتيّة والشعبيّة والوطنيّة.
الساردُ منذ طفولتهِ الأولى جعلنا داخلَ الحكايةِ لا خارجَها؛ من خلالِ منظورٍ استرجاعيّ للسردِ الذي اقتنصَ من خلالِه تفاصيلَ كثيرةً لم تُثقِل العملَ وتبطّئ من حركةِ شخوصه؛ بل بإمكاننا أن نقولَ أنها منحت إيقاعًا متناغمًا مع بعضها البعض؛ قبل أن تتحولَ إلى أسرارٍ مفضوحةٍ أقلّتني على متنِ طائرةِ الخيالِ التي صعدَ بها الروائي إلى الحقيقة التي قادتنا إلى مقصدِنا؛ كي يستقبِلَنا لحظة الوصولِ مكرُ اللغةِ الإبداعية التي ترحّب بالقارئ باعتبارهِ جزءًا من العمل والعائلةِ الحرفيّة.
إنّها روايةٌ مُخمّرةٌ بالشعور وبالتمكّن الذي نقلَ الواقعَ بمجازيّة الحقيقةِ المؤلمةِ دون أن يفقدَ النصُّ سحرَه. اللغة الوصفيّة كانت الذراعَ الذي يشدّ قلوبَنَا إلى أعلى قممِ التخيّل ليُسكِنَنَا في الحقيقة. وقد استطاعَ عبرَ الكلماتِ التي دبَّت فيها روحُ الماضي المستمر أن يجعلني كقارئة واحدةً من شخوص هذه الرواية؛ لذا لا غروَ أن أجدني أتحرّكُ من سطرٍ إلى سطر بخفّة ورشاقةٍ جرّاء مرونةِ السرد، ناهيكَ عن الحالةِ النفسيّة التي لازمتني على مدار قراءتي؛ والتي تؤكّد فلسفةَ التأثر بالألم ومعايشتَه معايشةً فعليّة.
نجدُ عبر الرجوعِ إلى واقعنا طرقًا كثيرةً تحصّنُنَا من عيون الناس؛ بينما ليس هنالك ما يحمينا من عيونِ الطبيعة إنْ أرخت أذرعَها وكزّت على أسنانها مظهرةً العداوة كما حدث في مُثلّث المهجّرين والخيمة وأغلبِ الأحداث، فسيّارةُ الأونروا سترتبطُ في ذاكرتي عبر سؤال بديهيّ غائب؛ ألا وهو: من مات؟
وكأنّها السوطُ الذي يجلدُ في كلّ مرّة ذاكرةَ الشعوب ليُذكّرَ بفداحةِ المصاب الذي جعلَ من الموت أمرًا اعتياديًّا.
ظهرت شخصيةُ إبراهيم منذ الطفولة الأولى من خلال سلوكيّاته وأحاديثه والزوايا التي ينظرُ منها للأمور؛ قبل أن يتعاطى مع ثنائية الحياةِ والموت؛ أو ربّما من خلال علاقتهِ بنور الحبّ والرّمز الأبدي للحرّية. وهي بالتالي مطابقةٌ لشخصيّة الكاتب والفنّان الذي يتحتّم عليه أن يكونَ ابنَ بيئته؛ فمنها سينطلقُ ومنها سيتشكل وإليها سيعودُ في كلِّ سطرٍ من سطوره؛ فلم يكن مُستغربًا أن يدركَ الرمزيّةَ من مُحيطه وما أحاطَ به وأحاطَهُ قبل أن يتعلّمَها من الكتب.
إنّه الطفلُ الذي عايش الكثيرَ من الوجع فأرادَ لنفسهِ أو لنا أن يكتبَ الشعرَ والروايةَ ويحترفَ الرسمَ، ويتعلّمَ الموسيقا ويتقنَ بعد ذلك كتابة السيناريو والأغنيات وحتّى الطيران.. فعلَ هذا حقيقة في هذا العمل حيث عزف وغنّى وحلّق بنا وهبط مرارًا وتكرار.
هو صراعٌ داخلي أجّجَته في شخصيته الشهاداتُ: مَا سمِعَ منها وما شاهد أو عايش. لقد أرادَ ببساطةٍ نافذةً يصرخُ من خلالها. أرادَها من كلمة، وأرادها من صوت، من لون، من ريشِ الحقيقة الذي عليه أن يتطايرَ في كلّ الأرجاء.
قال مريضٌ لإيميل سيوران: ما الجدوى من آلامي؟ لستُ شاعرًا حتى استثمرُها أو افتخرُ بها. انتهى الاقتباس.
وإبراهيم الذي تألّمَ كثيرًا حتى قبلَ أن يولد؛ ترعرعَ على هذه الآلام التي بدت كالجدولِ الذي لا يكفُّ عن الجريانِ في قلبه، فلم يستمع يومًا لقصصٍ تجعلُ الأطفالَ ينامون بهدوء وسلام.
القصصُ التي تأتي دونَ صوتِ الريح الذي يعصفُ بالخيام ودون سيرتي العطش والجوع؛ دون تخيّل ومشاهدةِ الشفاه العطشى التي ركضت نحو حتفِها، ودون أن يفكّر بأمٍّ تقفُ بالطابور لتزيدَ حصّتها من المعونة تحيي طفلَها الميت بطفلٍ بديل، دون أن ينظرَ بعين الشاعر للحِزامِ الذي يطوّق خاصرة أمّه؛ ودون أن يُقرِنَ زيادةَ وزنِ عمّته بالدفء ويفكّر في حِصّته فيه.
لقد بدا في كثيرٍ من الأحيان إبراهيمَ الذي نعرفه ويعرفنا، وبدا في كلِّ الحكايا (الدوبلير) لهُ؛ حيث إنها أيقظت فيه الشاعرَ الذي يريدُ أن يقولَ كلّ شيء؛ لا بالطريقة المعتادة لقول كلّ شيء، بل بالطريقةِ التي تجعلهُ كلَّ شيء.
لذا توجّبَ عليه أن يستثمرَ آلامَه التي عايشها بنفسه أو التي عايشها بشعوره. فسحَرَه الشعرُ أوّلًا، لأن المتنبي وطوقان وغيرَهم من الشعراء الأمواتِ في الأزمان الماضية أحياءٌ ما يزالون على ألسنةِ الناس وفي بطون الكتب؛ فالخلودُ لا محالة من نصيبِ الكلمة؛ فكيف إن كانت الكلمةُ قد تماهَت مع أقدس قضية على وجهِ الأرض. لقد أدركَ مُبكّرًا حياةَ الكلمة من خلال التساؤل والاستغراب حول فلسفةِ الموت والحياة فكانت معطيّاتُ المسألةِ الشعراء القُدامي، وكانت النتيجةُ هوَ.
لعلَّ ذلك ما دفعَه أن يقولَ متحسسًا الخوف والرهبةِ من النتيجةِ: أخطرُ شيء في العالم أن تكون شاعرًا. انتهى الاقتباس.
مِن هنا سينطلقُ للحديثِ عن الطين والنّور اللذانِ يتشكّلُ منهما الشاعر من خلالِ حوارٍ قصير مع موظّف المكتبة؛ الذي بدوره ضمن أحداثِ العمل أوضحَ له أنَّ التنفّسَ يكونُ من مِنخارِه هوَ.
وعطفًا على ما سبق فإنَّ إبراهيم هو إبراهيم الذي يجلسُ كحالةٍ إنسانيّة ممتدّةٍ من وجعِ القضيّة، وكمدرسةٍ أدبيّة مستقلّة تشكّلَ فيها الوعيُ مبكّرًا فشكّلها.
(الشعور مفتاح الوجود)
وسيظل ما دامَ الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكلٍ عام يشعرُ ويكتب؛ في الوقتِ الذي فيه أيضًا يقرأ ويشعر. هنا تحديدًا نحنُ أمامَ سدّ منيعٍ في المقاومة بدءًا مِن التوثيقِ جملةً وتفصيلا. وانتهاءً بالذاكرة الحيّة التي تُعّري الأكاذيبَ باستحضار ما فات وما مات؛ إذ لن يقدرٌ أحد على فقءِ عيونِ التاريخِ وبتر أقداَم حقّ العودة.
قراءة الأستاذ صلاح أبو لاوي لرواية
طفولتي حتى الآن
القمّةُ العالية
الأمُّ في رواية “طفولتي حتى الآن” لإبراهيم نصرالله
“ما فائدة أن أحمل السلاح إذا لم أعرف كيفية استعماله”، بهذه العبارة الرمزية، التي قالها إبراهيم “البطل” لمدرب الأشبال في المعسكر القريب من مخيم الوحدات، أدرك أن المواجهة مع العدو بالكتابة لا تقل أهمية عن المواجهة بالسلاح، تلك الكتابة التي يعرف كيف يستعملها، الكتابة التي حلم بها منذ طفولته الأولى، فصار أحد أهم أعلامها.
كذلك أدركت أمّ إبراهيم أنّ فلسطين تحتاج إلى أبناء متعلمين، متفوقين، مبدعين، حاجتها على مقاتلين، وأنَّ المخيمَ ليس قَدَراً، فحرصت على أن يكمل ابناؤها وبناتها تعليمهم، ودعمت إبداعاتهم، في الواقع والرواية معاً.
“طفولتي حتى الآن” الرواية التي تدور أحداثها في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين وترصد حياة المخيم من خلال السيرة غير الذاتية للشاعر الروائي إبراهيم نصرالله يتداخل فيها الخيال بالواقع لدرجة صعوبة التفريق بينهما، والبطولة فيها جماعيةٌ، تنحاز للمرأة بشكل جلي، فالأمّ بطلة، ونور بطلة، والعمة بطلة، وفدوى بطلة، وهالة بطلة، لكن البطولة المطلقة فيها بلا شك ستكون للأمّ كما يتبين لنا من أحداث الرواية.
تبرز بطولة أم إبراهيم، أو القمة العالية، كما أطلق عليها ص220 منذ الكلمات الأولى في الرواية، في الفصل الأول ص 9 حين يبدأ روايته بالقول: “أشرعتُ باب بيتنا، لاحقني صوت أمّي، إلى أين؟”.
ويبدو أن إبراهيم “الكاتب” واسمحوا لي في هذه المداخلة أن أميز بين ابراهيم الكاتب وابراهيم البطل، فالرواية ليست سيرة محضة، بل إنه بقدرته الفنية الفائقة كتب الواقع بحبر الخيال، فأمتعنا ونحن نبحر معه من طفولته الأولى وحتى السابعة التي ظلت مشرعة لأنه لا يحب النهايات.
أقول، يبدو أن إبراهيم الكاتب، حاول جاهداً أن يكون إبراهيم “المكتوب” هو البطل المطلق في الرواية، فكل الشخصيات، على أهميتها تدور في فلكه، بل إنه تعمّد إعطاء الشخصيات المؤثرة مزيداً من القوة والسمو، ليعطي نفسه بالتالي تلك الأهمية التي يستحقهاّ ولكنني أعتقد أنه في لاوعيه، أعني ابراهيم الكاتب، لم يستطع أن يتجاوز أن البطل الحقيقي والمطلق في روايته كانت أمّه، أمّ إبراهيم، فتنازل لها عن ذلك، وأطلق عليها ألقاباً لا تليق إلا بالبطل الأعلى، مثل “القمة العالية، أو وزيرة التربية والتعليم أو وزيرة المالية و خلافه.
وبإستثناء زينب في رواية وداعاً يا زكرين لرشاد أبو شاور، وهي أم رشاد بالفعل، فإن الأمّ في الروايات الفلسطينية هي أمّ متخيلة، لكنها جميعاً تحمل ذات الصفات شبه الأسطورية والتي خلقتها المعاناة والتهجير والحاجة، فجعلتها من أعظم أمهات التاريخ لا في الكتابة فحسب بل وفي الواقع أيضاً، ولكن زينب أم رشاد في الرواية لم تكن البطلة كما هي عليه أم إبراهيم في طفولتي حتى الآن، لوفاتها المبكرة ورشاد لم يتجاوز طفولته بعد، بينما أم إبراهيم تعيش حتى الطفولة السادسة، وهي أم حقيقية غير متخيلة، وتقود دفة السفينة وتبحر فيها على الرغم من الأمواج العاتية بحكمة وصبر وحزم، وقدرة إستثنائية على التحمل ومنح الأمل تلو الأمل لأبنائها حتى حققوا النجاح الذي كانت وكانوا يحلمون به.
أمّي، التي ربتنا أيتاماً بقليل من الدخل، وحرصتْ على تعليمنا أفضل تعليم، رغم أمّيتها، ولم تسمح لنا بترك المدرسة لأي سبب كان، كانت تشترك مع أم إبراهيم بكثير من الصفات، وهي وأم ابراهيم، تشبهان أم جاسر، في ظلال المفاتيح، ولعلّ كلّ من قرأ الرواية من جيلنا، جيل ما بعد النكبة، سيقول ذات الكلام عن أمّه، لذا فإن إبراهيم نصرالله، كتب قصة جماعية ولم يكتب قصته الخاصة، كتب كلّ المخيمات ولم يكتب مخيم الوحدات فقط، وكتب كل البدايات لشعراء عاشوا ذات التجربة ولم يكتب تجربته الشخصية فحسب.
أقول إنّ كثيراً من الروايات ذكرت الأم الفلسطينية، لكنْ قليل منها أعطاها البطولة المطلقة كما في رواية طفولتي حتى الآن، على الرغم أن الأم واحدة في كل الأعمال، فهي المحرّض على المقاومة، وهي لسان البلاد الفصيح، وهي وزيرة التربية، والمالية، وهي الداعمة للرجل في صموده واحتماله، انتظاراً ليومٍ طال كثيراً، يوم العودة، وهي العبّ الذي كلما مدت فيه يدها، يسيل نقوداً كما يسيل حناناً كل مساء أثناء الحكايات، وهي الحضن الدافئ، وهي الصارمة في عقابها، وهي المدافعة الشرسة عن أبنائها، حتى أمام المعلمين في المدرسة لو أساؤوا لهم، وهي الصادقة التي تعلّم أبناءها الصدق مهما كان الموقف، وأمّ إبراهيم كانت صادقة حتى مع الجنين في بطنها:
“يجب أن يعتاد الجنين في بطني على قول الصدق” ص231″
وهي الحكيمة: ” لقد لخّصتْ أمي شيئاً كان علي أن أعيش طويلاً لأقرأ عنه وأفهمه: الرمزيّة” ص230″
وهي الأم الخبيرة: ” إبن بطني بِعرف رطني، وبَعرف رطنه ص286″ وهي خبيرة بأبنائها وخبيرة بالحياة والحريصة على مستقبلهم، فلم يكن من السهل أبداً أن يحاول الولد خداع أمّه بأي أمر، أو الكذب عليها، فهي تكشفه في الحال.
وهي الحنونة الرقيقة التي تهطل دمعتها لأقل الأسباب رغم جبروتها الظاهر، فهي تبكي عند سماعها أغنية عبد الحليم حافظ، أيّ دمعة حزن لا لا، وتقول: ” كإنه بيغني عنا وعن مصايبنا” ص296″.
وهي الحريصة المدبرة، التي ما أن يحتاج الأب، أو الأبناء، حتى تكون قد ادخرتْ لهم ما يحتاجونه، دون علمهم، ومن مصروف البيت القليل: ” برموش عينيها جمعت ثمن البيت، وفي اللحظة التي قال أبي: من أين لنا المال الكافي لشراء بيتٍ أكبر؟ أخرجت ما ادخرت من مصروف وقالت: تفضل” ص364.
أما الموقف الأكثر ألماً الذي مرّت به الأم، أمّ ابراهيم، فهو عندما أنهى الثانوية العامة بمعدل جيد جدا يؤهله لدخول أيّ جامعة، وكانت قد وعدته بتدريسه، لكنها بمشهد درامي حزين، أحسن إبراهيم الكاتب تصويره ونقل مشاعر اللوعة فيه، فإنها تجمع أوراق الدالية في حجرها وتقول له هذا كل ما أملك ص382، فيستاء إبراهيم “البطل”، وتنغلق الجهات في وجهه على اتساعها، لكنني كقارئ لم أتعاطف معه مطلقاً، بل سقطتْ دمعتي إشفاقاً عليها، وأكبرتُ فيها ذلك، فلو أخبرته منذ البداية أنها لا تملك المال لتعليمه، فإنها ستحطمه، وقد لا ينجح في التوجيهي أصلاً، لذلك كانت كذبتها البيضاء تلك سبباً ودافعاً لنجاحه بتفوٌّق.
وهي الأمّ المتفهمة لأبنائها الواثقة، فحين زارت هالة، الحبيبة الثانية، إبراهيم في البيت وهو نائم، أدخلتها إلى غرفته، وسألتهما عما يرغبان بشربه ص441.
وهي الأم غير المتعصبة لدين على آخر، فحين سقطتْ سلسلة الصليب من صدر هالة إلى خارج قميصها، يقول إبراهيم البطل: ” انتفض قلبي،أدركت أمي ذلك، فالتفتتْ إليّ : ألا يذكرك ذلك بصليب عمتك رحهما الله” ص442.
وهو الذي يقول في الصفحة التالية: ” في تلك الزيارة المفاجئة، ستثبتُ أمي أنها تتجاوزني بمراحل كثيرة، أنا الذي كنت أظن انها لو علمت بعلاقتي بهالة، ستطردني”.
وهي العاقلة التي تضبط نفسها تماماً حين يتطلب الأمر ذلك، فهي تروي لإبراهيم أنها لاحظتْ صمتاً هائلاً في البيتْ، وحين خرجتْ لتعرف سببه، وجدت الأبناء يتحلقون حول محمد وهو يرسم ويبكي، فلم تقطع بكاءه خشية أن يتوقف عن الرسم” ص447.
وهي الراعي الأول للأبناء فقد افتتحت المعرض الشخصي الأول لإبنها محمد، في تجربة لم تحدث من قبل، كما كتب ذلك المرحوم الصحفي والقاص محمد طمّليه في جريدة صوت الشعب، ص450.
وفي هذا يقول إبراهيم: ” في ذلك اليوم، قطعت عائشة (أم ابراهيم) خطوة جديدة في مسيرتها المهنية، فبعد أن كانت، لزمن طويل، وزيرة للتربية والتعليم،ووزيرة للمالية، صعدتْ جبل اللويبدة أمّاً محبة أنجبتْ أربع بنات وسبعة أولاد، وهبطته أميرة، بل ملكة”ص452.
وكوصايا الحكماء الذين نقرأ وصواياهم في الكتب، توصي ولدها الكبير، إبراهيم، وهو يهمّ بالسفر إلى السعودية، ليعمل هناك: ” أنت مسافر الآن، لن تستطيع العيش هناك إنْ تركتَ خلفك أحلاماً أنت تعرف أنها لن تكون في انتظارك حين تعود”. ص453
أخيراً فإن المرأة الفلسطينية التي حضرت إلى توقيع إبراهيم نصرالله، لروايته “طفولتي حتى الآن” في دار الأهلية وسط عمان، مرتدية الثوب الفلسطيني القديم وبالكاد تمشي لكبر سنّها، قد أعادت لذهني الحكاية كلها عن الأم الفلسطينية العظيمة.
صلاح أبو لاوي
قراءة الأستاذة رند الرفاعي لرواية طفولتي حتى الآن
مصدر الفلسفة
قراءة في رواية “طفولتي حتى الآن”
لإبراهيم نصر الله
برغم ما نبشت هذه الرواية دواخلي واستحضرت آلامَ الطفولةِ و مرحَها، برغم ما أشعلت من عواطف، إلا أنّها فتحت آفاقاً بعيدةً جداً أعادتني إلى عمقِ الفلسفةِ وأساسِها، فلسفة الوجود، وجود الخالق، صراع الوجود المادي و وهمية الوجود. فالفلسفةُ كما أراها، هي ذلك الشعور الذي يجعلك محلّقاً في اللازمان واللامكان، شعور يُغرقك في محيط من الأسئلة التي كلما زادت انحصرت، تلك الأسئلة التي تعتقد بعمق أنَّ إجابتَها صعبَة المنال إن لم تكن مستحيلة، لكنك لا تملك الهرب منها، كسؤالٍ عن حقيقة وجود الله أو ماهيته إن كان موجوداً، كما جاء في الرواية على لسان عمّة ابراهيم وهي تتحدث عن صديقتِها التي استشهدت على يدِ اليهودِ وكانت قد أهدتها الصليب:” لماذا ينجو الصليب في كل مرة يكون هناك قتل، ويموت المصلوب؟
لقد أعادني حديث العمّة والذي أظنّها لم تقله كما رواه الروائي بعد أن أعاد بناءَهُ ليجعل منه حديثا فلسفياً عميقاً، إلى التساؤلِ من جديد: هل الله حقاً موجود؟ وإن كان فما طبيعته؟ ما حقيقة علاقته بنا؟ وهل له دور في حياتنا هل يتمثل بالقدر؟
يقذفني حديث ابراهيم عن خلافهِ مع أمِّهِ على جنسِ المولود، الى الفلسفة من جديد، حيث قال واصفاً شعورَهُ بذلك الخلاف: ” معركةٌ كتلك، كانت بالنسبة إليّ، المعركة الأكبر منذ حزيران. لذا، لم أكن سعيداً بموقفِ عمّتي، وإن كنتُ أخشى تهديدها المبطن (عليك أل تضحي بي). ننتقلُ هنا إلى معركة الداخل و المحيط، من منهما يستحق تضحية أكبر من منهما سينتصر ومقابل ماذا؟! صراع الأنا، أكون أو لا أكون.
وهنا، أستذكر اختلاف الرؤية بين دستويفسكي وسارتر، فحيث يقول دستويفسكي: ” إذا لم يكن الله موجوداً فكل شيء يجوز” أي أن الانسان عندئذٍ يصبح مجرماً يرتكب ما يشاء من جرائم كما تمليها عليه شهواته” ويرد سارتر فيقول لا، إنما الانسان حر مسؤول وهذه الشهوات لا تقود الانسان إنما الانسان هو الذي يقودها وهو مسؤول عن التصرف بها.
في ذلك الخلاف عدتُ أتسائل من جديد عن حقيقة وجود الله، لكن من خلال وجودنا، وكيف لنا أن نربطَ وجودَهُ بفناء الكون؟ لماذا يموت الكون؟. عند حديث ابراهيم عن وفاة والده يقول” كانت مفاجأتي كبيرة بموته، كما لو أنني لم أكن أعرف أنه مريض، كما لو أنه لم يبلغ الثامنة والستين من عمره، كما لو أنه كان طفلا واختطف أو ضيّعَ طريقَهُ إلى البيت”. لماذا نموت؟ ولماذا يفاجئنا الموتُ دائما بغض النظر عن حالة المتوفي؟ ربما لهيبته، أو لغموضه. يقول في موضع آخر: ” الحرب يا نور لا تنتهي أبداً، حتى حينما يهيأ لنا أنها انتهت، حتى حينما يوقعون اتفاقيات السلام ويعودُ الجنودُ الى منازلِهم، ما يشبهُ منازلهم، وأسرهم، ما يشبه أسرهم، وأنفسهم، ما يشبه أنفسهم، ثمة حروب كثيرة ستندلع”. الصورة الأخرى المضادة للموت صراع البقاء، الداخل والمحيط. وربما أجمل ما في هذا الطرح الفلسفي أنه انشق من دهشة الطفل، فالدهشة هي مصدر الفلسفة، فكيف وقد ظهرت في عوالم طفل ذو فطرة سليمة لمّا تُأدلجُ بعد، يحيى صراعات الوجود وعوالم الدواخل المرئية في انزياحات التشكّل الفكري والسلوكي لدى الانسانْ.
واختتمت الرواية دون أن تسمح لي بالابتعاد عن الفلسفة، وهذه المرة فلسفة الوجود المادي وفلسفة السعادة لدى الانسان، فمن حيث سيرى البعض في ختام الرواية النهاية السعيدة للأبطال، بحيث أصبح ابراهيم الشاعر والروائي الذي أراد، وأصبحت نور طبيبة، لم يعد نبيل لعبوسه…
لو فككنا تلك الخاتمة، تعصف بنا كلُّ معاني الوجود مرة أخرى، فإبراهيم لم يتزوج أيّاً من فتاتي أحلامه، لم تحظى نور بحربها للتحرير والعودة، لم تصبح هالة بطلة الرواية المستقبلية، لم يعد البحر يهدي محمود أغنيات الرجوع…
هل الحب وجود؟ هل الوطن وجود؟ المال؟ الأبناء؟
ومن هذه الفلسفات أنهيت الرواية فلم أشعر بوجود لغير الشهداء فيها، لأنهم ماتوا كما اشتهوا.
قراءة الأستاذة دانا جودة لرواية
طفولتي حتى الآن
كان العنوان هو أول ما أثار انتباهي، ليس لكونه يدل على سيرة ذاتية، أو طفولة منصرمة كانت هي القاعدة التي انطلق منها ابراهيم نصرالله والذي جعلت منه ماهو عليه الآن، بل أن ما لفت انتباهي هو القسم الثاني من عنوان؛ “طفولتي حتى الآن”، فقد كانت قرائتي لكل ما كتب في الرواية من خلال هذه الكلمة: “حتى الآن”.
لن أتحدث عن جزئيات كثيرة في رواية السيرة أو عن هذه السيرة كرواية، مع أنها تستحق أن يتم تناولها بالتفصيل والوقوف عند كل فصل من فصول الطفولات الست، إلا أن حديثي عنها سيكون من زاوية أخرى لفتتني بشدة، وسأترك لكل قارئ أن يختلي بكل شخصية، يستمع وينصت إلى كل ما يضج به صدرها.. فمن حق كل شخصية على القارئ أن ينشئ معها علاقة خاصة من خلال مشاركتها ماضيها بكل ما فيه.
عودة للعنوان وعلاقته بالإشارات التي كانت على طول الأحداث، فقد كانت كلمتا الأجنحة والطيران حاضرتان بكثافة في معظم النص على اختلاف مترادفاتهما، وبكل ما يُرمز لهما وكأنهما علامات استدلال على طول الطريق.. طريق حياة إبراهيم من طفولته الأولى انتهاء بالسابعة..
أذكر تشبيهه “الاستماع إلى الموسيقى بالطيران فوق بساط”، وأنه في سياق آخر وضح حبّه لكل الكائنات التي تطير، وفي سياقات عديدة أخرى كان السفر محور أحداث كثيرة، ابتداء بالسفر من المدرج الوهمي الذي صنعه خياله مع نور منذ مراحل طفولتهما الأولى.
إلى أن كانت خاتمة الرواية قصيدة اختارها لينهي بها كل ما سبق، يذكر بمقطع فيها: مروري على الأرض مثل الفراشة.
وهذا ما طرح على طول الكتاب كسيرة ذاتيّة تساؤلا مستمرّا حول بُعدي “الذاكرة والمتخيّل” الّلذان في رؤية باشلار هما المركزين المُهيمنين في العقلِ الإنسانيّ ومكوّناته وملكاته، أحلامه وأوهامه وذاته الهائمة، عبر صور كثيفة متنوّعة تنتسبُ إمّا إلى الذاكرة في زمنٍ خطّي يبدأ من ماضٍ حافل بتجارب وذكريات الطفولة بشغبِها وأحلامِها وأماكنها المألوفة وعوالمها البعيدة،
وإما إلى صور عالم حاضر يندفعُ فيها العقل إلى إنتاج لحظتهِ المتخيّلةِ التي قد لا تستندُ إلى الذاكرةِ، ولا تقومُ بالأصل على قاعدة مماثلة للصور المحفوظة بالذاكرة.
بمعنى شبيه تثير عادة السير الذاتية تساؤلات فضوليّة حول تلك العلاقة الحسّاسة والمعقّدة بين الافتراضي والمتخيّل، وارتباط واعتماد كل منهما على الآخر.
فهناك أولا، واقع سحيق يضرب عموديًّا بجذوره في الأرض.
وهناك بالمقابل، خيال بأجنحة كأجنحة نسر تمتدّ أفقيًّا فتطيح أطرافها بكل ما يعترض طريقها.
المتخيّل أفق يسكنه الحلم الذي يغذي الحياة الواقعية ويُنَميها، أما الافتراضي فهو محاولة للتخلص من الواقع واستبداله بعالم يتشكّل من صور عرضيّة وهشة.
إنه رغبة في الخروج النهائي من العالم الواقعي والعيش في وهم قائم على “لحظات” عابرة لا تراكم أي خبرة.
من هنا جاءت قوّة و أصالة النصّ، الخيال في فترة الطفولة الأولى والثانية والثالثة كان افتراضيّا، يحتاجه أي طفل ليغيّر واقعًا قاسيًا عليه، ولكن في اللحظة التي تم فيها إعادة سرد هذه الذاكرة كانت الكفّة تميل إلى المتخيّل. فابراهيم الطفل الكبير الآن حين يسرد حكايته فإنه لا يعتمد على الافتراضي هروبا وتغييرا من واقع عاشه، بل اعتمد على المتخيّل واستحضر تجربة الطفل الصغير بداخله ليسرد الحكاية.
لكن كيف حقّق وعاش هذا الخيال، كيف استطاع الانتقال من طفولة إلى طفولة إلى طفولة! وقد أنهى روايته أيضا بطفولة سابعة مفتوحة على أفق مشابه.
كانت جزئية السفر هي الوسيلة التي ترمز للخيال المتمرد، على الزمان والمكان، وعلى الظرف والحدود. مرّة يذهب ليحلق في بيروت أو أثينا، تارة في المغرب، ثم لندن أو روما فباريس والقاهرة.
السفر هنا هو الحلم الذي يشي برغبة ومتعة خفية للسمو، هذه المتعة التي نحصل عليها في التحليق ومشاهدة الأرض من منظور آخر، وتحويل العوائق الكبيرة إلى أجسام تصغر شيئًا فشيئًا كلما ابتعدنا عن غلاف الأرض، والسرّ هنا! أنه كلما كان الوعي بريئًا كلما استطاع التحليق أبعد..
وهذا ما جعل من الطفولة حالة ممتدة حتى مع التقدم بالعمر، وهذا ما جعل أي مرحلة بالعمر مطواعة في عودتها للطفولة الأولى والكتابة عنها.
السفر هنا هو اختراق وعبور بين تلك الحكايات المذكورة في الفصول التي سُمِّيت أو دُرجت تحت الطفولة الأولى والثانية والثالثة انتهاء بالسابعة، بدايةً من خلال السماء والتي هي الملجأً المجازي للهروب أو التمرد على الحدود والقيود الخارجية؛ مكانيّة كانت أو زمانيّة، أو قيود داخليّة وجدانيّة ونفسيّة.
من الصفحات الأولى للرواية، كانت الإشارة قوية وواضحة لما يثير القلق الأزلي للخيال الحر والذي كان منشأه منذ أن بدأ إبراهيم لعبة المُدرج والطائرة ولوحة الرحلات، فهو لم يكن يعنيه التأخر، أو تأجيل الرحلات بقدر ما كان يقلقه ويزعجه إلغاءها، فالخيال مطاط يستطيع الانتظار، ويستطيع أن يراوغ الظرف ويأثث المكان بما يحتاج دائما.. لكنه لا يستطيع أن يتوقف.. فإن تُلتَغى رحلة معناه ان يُبتر الخيال.
نقطة اخرى لها علاقة ما بين الخيال والواقع،
نور في إحدى فصول الطفولة الأولى، قامت بتهديد إبراهيم بأن لا سفر (في لعبة الطائرة والمدرج) إلا بتحقيق علامات ونتائج ممتازة بالمدرسة، وكأنها تقول أن السفر يتطلب خيال يحتاجه الفلسطيني او بشكل خاص اللاجئ الفلسطيني إلا أنه مرهون بواقع التمكين، كلما مكّن نفسه كلما كان دور الخيال محفزا لا عائقا أو تعويضا عن العجز. أي ان الفلسطيني بقدر ما يحتاج لأجنحة يعبر بها حدودا كثيرة أغلقت بوجهه، بقدر ما يحتاج أقداما يسير بها حين تتعب الأجنحة..
وتأكد لي معنى تهديد نور هذا عندما ختمت رسالتها في الطفولة السادسة قائلة: سعيدة بإيماننا أننا ولدنا بأجنحة ولكن أجنحتنا لم تكن بيوم من الأيام أكثر أهمية من اقدامنا كما لم تكن اقدامنا أكثر اهمية من اجنحتنا..
توقفت عند هذه النقطة كثيرا، إن كان بالنسبة لعلاقة الخيال بالإنسان بشكل عام وللفلسطيني بشكل خاص..أو في علاقة الجزء الثاني من العنوان بكل فصول الطفولة المذكورة وما استعان به من خيال ليسد ثغرات النسيان أويتواطأ مع غير المرغوب بكشفه.
قالت نور : الطفولة هي الحياة، من المرحلة الجنينية إلى الآن.. مستعيرة ذلك الوصف من رواية أخرى، وقالت أيضا أن قمة النضج أن نبقى أطفالًا لأن الطفولة قمّة الحياة.
بمعنى آخر، سأستعين بمقولة لبيكاسو يقول فيها “إنه يتطلب الأمر وقتا طويلا لنعود اطفالا”.
قراءة الأستاذة سماهر مروج
رواية طفولتي حتى الان هي رواية وطن، رواية كل فلسطيني.. لقد جعلتنا في مواجهة الذي لن ننساه وهو حقنا في الأرض والعودة… إنها رواية آباءنا وأجدادنا وأبناءنا رواية لن تموت لأنها تحمل هما لن ينزاح إلا بالنصر وتذكرة على مر السنين.. تتملكتني مشاعر كثيرة وأنا أقرأ حيث أنني لم أستطع السيطرة على دموعي، كانت المشاهد الواقعية التي يصوّرها لنا إبراهيم نصر الله تجعلنا نشعر وكأننا أبناء اللحظة نعايشها بكل ما فيها من ألم ومرار. وربما كان لمشهده وهو يتبع أمّه في الخلاء وتمنعه من اللحاق بها الوقع الأكبر عليّ. لم تقدر أن تحكي له السبب الذي يجعلها تمنعه من الذهاب معها وهي التي تحرص على أن يرافقها أينما ذهبت. يا لمعاناة المهجّر! بالإضافة للعديد من المشاهد التي كانت تستدعي دموعي أثناء القراءة وتستدعيها بعد الانتهاء، كلما أعدت تخيّل المشهد بعيدا عن الورق. كما أن العلاقة مع نور استوقفتني كثيرا، من منا لا يحتاج صديقا أو صديقة في حياته مثل طباع نور؟ إنّ الحب بينهما أكبر من أي قصة جمعت بين اثنين إنها قصة أصلها الوطن، إنهما شركاء في كلّ إحساس وشعور. حقيقة كنت أتمنى لو أن هذه الرواية لم تنتهِ لو أن هناك طفولات أكثر ولكني أعزّي نفسي بأنّها رواية لن تُنسى، فلن أنساها طفولةً.. طفولة ما حييت. من العبارات التى وقفت عندها “لقد بت متأكدة الآن من أننا لسنا بحاجة لإنسان نشيخ معه، بقدر ما نحن بحاجة لإنسان نبقى معه أطفالا”” شكرا …ابراهيم نصر الله على كل هذا الجمال