دعوها مني و اتركوه خيالا |
فما يعرف الحقّ إلاّ النّضالا |
بني الشرق ماذا وراء الرّعود |
نطلّ يمينا و نرنو شمالا |
و ما حكمة الصّمت في عالم |
تضجّ المعالم فيه اقتتالا |
زمانكمو جارح لا يعفّ |
رأيت الضعيف به لا يوالى |
و يومكمو نهزة العاملين |
و مضيعة الخاملين الكسالى |
خطا العلم فيه خطى صائد |
توقّى المقادر منه الحبالا |
توغّل في ملكوت الشّعاع |
و صاد الكهارب فيه اغتيالا |
و حزّبها فهي في بعضها |
تحطّم بعضا و تلقى نكالا |
رمى دولة الشّمس في أوجها |
فخرّت سماء و دكّت جبالا |
مدائن كانت وراء الظّنون |
ترى النّجم أقرب منها منالا |
كأنّ سليمان أخلى القماقم |
أو فكّ عن جنهنّ اعتقالا |
و أوما إليها فطاروا بها |
مدى اللّمح ثمّ تلاشت خيالا |
و حتّام نشكو سواد الحظوظ |
و من أفقنا كلّ فجر تلالا ! |
ألسنا بني الشّرق من يعرب |
أصولا سمت و جباها تعالى ؟ |
أجئنا نسائل عطف الحليف |
و نرقب منه النّدى و النوالا ؟ |
نصرناه بالأمس في محنة |
تمادى الجبابر فيها صيالا |
سبحنا إليه على لجّة |
من النّار لم نذك منها ذبالا |
فكيف تناسا حواريّه |
غداة السّلام و أغضى مالا ؟ |
أردّ الحقوق لأربابها ؟ |
و أعفاهمو من طلاب سؤالا ؟ |
و رفّت على الأرض حريّة |
تألّق نورا و تندى ظلالا ؟ |
نبيّ الحقيقة ، كم قلت لي |
بربّك قل لي وزدني مقالا |
رأيتك أندى و أحنى يدا |
على أمم جشمّتك النّزالا |
فم لك تقسو على أمّة |
سقتك الوداد مصفّى زلالا |
و عدت الشّعوب بحقّ المصير |
فما لك تقضي و تملي ارتجالا |
أتغصب من أهلها أرضهم |
و تسلم للغير نهبا حلالا؟ |
أليست لهم أرضهم حرّة |
يسودون فيها الدّهور الطوالا ؟ |
فلسطين مالي أرى جرحها |
يسيل و يأبى الغدة اندمالا |
تنازها حيرة الزّاهدين |
و تنهشها شهوات تقالى |
أعزّت أساتك أدواؤها ؟ |
هو الحقّ ! ما كان داء عضالا ! |
هو الحقّ إن رمتمو عالما |
يشفّ صفاء و يزكو جمالا |
أقيمو عليه مودّاتكم |
و إلاّ فقد رمتموه محالا |
فيا للبريئة ماذا جنت |
فتحمل مالا يطاق احتمالا |
هي الشّرق ، بل هي من قلبه |
و شائج ماض تأبّى انفصالا |
و تاريخ دنيا و أمجادها |
بنى ركنها خالد ثمّ عالى |
وعى الحقّ للمصطفى دعوة |
لنصرتها و العوادي توالى |
تبارى لها المسلمون احتشادا |
و هبّ النّصارى إليها احتفالا |
من الشّام و الأرز و الرافدين |
و أقصى الجزيرة صحبا و آلا |
و إفريقيا ما لإسلمها |
يسام عبوديّة و احتلالا !؟ |
على تونس و بمرّاكش |
تروح السّيوف و تغدو اختيالا |
ألم تخب في الأرض نار الحروب |
و يلق الطّغاة عليها و بالا ؟ |
ألم يتغيّر بها الحاكمون ؟ |
ألم تتبدّل من الحال حالا |
هم العرب الصّيد لا تحسبنّ |
بهم ضعة أو ضنى أو كلالا |
نماهم على البأس آباؤهم |
قساورة و سيوفا صقالا |
بناة الحضارة في المشرقين |
درى يخشع الغرب منها جلالا |
ألا أيّها الشّامخ المطمئن |
رويدا فإنّ الليالي حبالى |
و مالك تنسى على الأمس يوما |
به كاد ملكك يلقى زوالا |
فتقذف بالنّار سورية |
و ترمي بلبنان حربا سجالا |
شباب أميّة طوبى لكم |
أقمتم لكلّ فداء مثالا |
دعتكم دمشق فما استنفرت |
سوى عاصف يتخطّى الجبالا |
و في ذمّة المجد من شيبكم |
دم فوق أروقة الحقّ سالا ! |
بني الشّرق كونوا لأوطانكم |
قوى تتحدّى الهوى و الضّلالا |
أقيمو صدوركمو للخطوب |
فما شطّ طالب حقّ و غالى |
فزعت لكم من وراء السّقام |
و قد جلّل الشّيب راسي استعالا |
و ما أن بكيت الهوى و الشّباب |
و لكن ذكرت العلى و الرجالا ! ! |
Tags علي محمود طه
Check Also
يا نخلةً في مروج الريف تعرفني – هاجر عمر
يا نخلةً في مروج الريف تعرفني قولي لهم إنني أنأى عن المدنِ ففي شوارعها زيفٌ يلوذ به خوفٌ،وفي بحرها موجٌ من الفتنِ