إلى أبناء الشرق .. علي محمود طه

دعوها مني و اتركوه خيالا

فما يعرف الحقّ إلاّ النّضالا

بني الشرق ماذا وراء الرّعود

نطلّ يمينا و نرنو شمالا

و ما حكمة الصّمت في عالم

تضجّ المعالم فيه اقتتالا

زمانكمو جارح لا يعفّ

رأيت الضعيف به لا يوالى

و يومكمو نهزة العاملين

و مضيعة الخاملين الكسالى

خطا العلم فيه خطى صائد

توقّى المقادر منه الحبالا

توغّل في ملكوت الشّعاع

و صاد الكهارب فيه اغتيالا

و حزّبها فهي في بعضها

تحطّم بعضا و تلقى نكالا

رمى دولة الشّمس في أوجها

فخرّت سماء و دكّت جبالا

مدائن كانت وراء الظّنون

ترى النّجم أقرب منها منالا

كأنّ سليمان أخلى القماقم

أو فكّ عن جنهنّ اعتقالا

و أوما إليها فطاروا بها

مدى اللّمح ثمّ تلاشت خيالا

و حتّام نشكو سواد الحظوظ

و من أفقنا كلّ فجر تلالا !

ألسنا بني الشّرق من يعرب

أصولا سمت و جباها تعالى ؟

أجئنا نسائل عطف الحليف

و نرقب منه النّدى و النوالا ؟

نصرناه بالأمس في محنة

تمادى الجبابر فيها صيالا

سبحنا إليه على لجّة

من النّار لم نذك منها ذبالا

فكيف تناسا حواريّه

غداة السّلام و أغضى مالا ؟

أردّ الحقوق لأربابها ؟

و أعفاهمو من طلاب سؤالا ؟

و رفّت على الأرض حريّة

تألّق نورا و تندى ظلالا ؟

نبيّ الحقيقة ، كم قلت لي

بربّك قل لي وزدني مقالا

رأيتك أندى و أحنى يدا

على أمم جشمّتك النّزالا

فم لك تقسو على أمّة

سقتك الوداد مصفّى زلالا

و عدت الشّعوب بحقّ المصير

فما لك تقضي و تملي ارتجالا

أتغصب من أهلها أرضهم

و تسلم للغير نهبا حلالا؟

أليست لهم أرضهم حرّة

يسودون فيها الدّهور الطوالا ؟

فلسطين مالي أرى جرحها

يسيل و يأبى الغدة اندمالا

تنازها حيرة الزّاهدين

و تنهشها شهوات تقالى

أعزّت أساتك أدواؤها ؟

هو الحقّ ! ما كان داء عضالا !

هو الحقّ إن رمتمو عالما

يشفّ صفاء و يزكو جمالا

أقيمو عليه مودّاتكم

و إلاّ فقد رمتموه محالا

فيا للبريئة ماذا جنت

فتحمل مالا يطاق احتمالا

هي الشّرق ، بل هي من قلبه

و شائج ماض تأبّى انفصالا

و تاريخ دنيا و أمجادها

بنى ركنها خالد ثمّ عالى

وعى الحقّ للمصطفى دعوة

لنصرتها و العوادي توالى

تبارى لها المسلمون احتشادا

و هبّ النّصارى إليها احتفالا

من الشّام و الأرز و الرافدين

و أقصى الجزيرة صحبا و آلا

و إفريقيا ما لإسلمها

يسام عبوديّة و احتلالا !؟

على تونس و بمرّاكش

تروح السّيوف و تغدو اختيالا

ألم تخب في الأرض نار الحروب

و يلق الطّغاة عليها و بالا ؟

ألم يتغيّر بها الحاكمون ؟

ألم تتبدّل من الحال حالا

هم العرب الصّيد لا تحسبنّ

بهم ضعة أو ضنى أو كلالا

نماهم على البأس آباؤهم

قساورة و سيوفا صقالا

بناة الحضارة في المشرقين

درى يخشع الغرب منها جلالا

ألا أيّها الشّامخ المطمئن

رويدا فإنّ الليالي حبالى

و مالك تنسى على الأمس يوما

به كاد ملكك يلقى زوالا

فتقذف بالنّار سورية

و ترمي بلبنان حربا سجالا

شباب أميّة طوبى لكم

أقمتم لكلّ فداء مثالا

دعتكم دمشق فما استنفرت

سوى عاصف يتخطّى الجبالا

و في ذمّة المجد من شيبكم

دم فوق أروقة الحقّ سالا !

بني الشّرق كونوا لأوطانكم

قوى تتحدّى الهوى و الضّلالا

أقيمو صدوركمو للخطوب

فما شطّ طالب حقّ و غالى

فزعت لكم من وراء السّقام

و قد جلّل الشّيب راسي استعالا

و ما أن بكيت الهوى و الشّباب

و لكن ذكرت العلى و الرجالا ! !

المزيد من اعماله

About عبدالرحمن ريماوي

Check Also

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني – هاجر عمر

يا نخلةً في مروج الريف تعرفني قولي لهم إنني أنأى عن المدنِ ففي شوارعها زيفٌ يلوذ به خوفٌ،وفي بحرها موجٌ من الفتنِ

%d bloggers like this: