القط داكوار - خالد غنام

القط داكوار – خالد غنام

القط داكوار
By Khaled Ghannam
15-05-2024
May be an illustration of textنحن نعرف بعضنا البعض جيدا. لقد ولدنا في نفس الحي. كنا نلعب الكرة معا في أزقة حي صبرا قلب مدينة غزة
يوجد في حينا قطط شوارع: لا تهرب من المارة، لا تغادر الحي، تعرف وجوهنا كلها. يعرفون كرم الأمهات اللواتي يخصصن بقايا الطعام لقطط الشارع وعم ناجي الجزار يرمي لهم بقايا الدجاج كما يفعل المطاعم ومحلات الألبان
قطط الشوارع في حارتنا لا تسرق الطعام من مطابخ المنزل ولا تخيف الأطفال ولا تسرق ما في صحونهم. قطط الشوارع تحدد مين كريم فينا ومين لا يرحم. أمي تقول دائماً من يطعم القطط سيأكل مع القطط في الجنة لأن كل القطط ستذهب إلى الجنة.
داكوار اسم قط صاحبي عندما أنادي باسمه يأتي بسرعة ليلعب، ورغم الحرب والحرائق المشتعلة حولنا، استمرنا في اللعب معا.
عندما تم قصف منزلنا، قالت أمي سنذهب جنوباً إلى منطقة مخيم الخيمة جنوب رفح.
استأجر والدي حمارًا لسحب عربة، وجلسنا جميعًا مع بعض ممتلكاتنا، وخيمة كان أبي قد اشتراها. مشينا مع قافلة من الحمير التي سحبت الكثير من أهل حارتنا، وسارت قططنا معا. قططنا دائما معنا. حتى أنهم يلعبون معنا على شاطئ البحر، لكنهم لا يحبون السباحة.
قططنا لا تسكن في البيوت ولا نعرف أين تنام وتجيد التخفي وتخاف الشماتة فلا يعلم أحد أنها مريضة إلا إذا كانت عزيز عليها.
بعد ما نصبنا الخيم وقع الظلام وصرت اخاف اتكلم طلبت مني والدتي أن أنام داخل الخيمة مع أخواتي الاثنين. خافت أخواتي من ظلمة الخيمة، يسألن “ماذا لو دخل عقرب أو فأر وجاء علينا” وألف سؤال آخر، يهاجم أذن أمي. أجابت أمي: “خارج طائرات العدو بدون طيار تراقب تحركاتنا لذا يجب أن نختبئ هنا في خيامنا، هناك خطر هناك”.
خايفين هرعنا على الخيمة و تبعنا دكوار صديقي القط النازح غازان في الأول كان داكوار متشبث برجلي و أمي قالتلي متخافش يقولك نام وهو يحرسك “بعد فترة قفز دكوار وقتل عقرب بالقرب من أختي هدى ثم عاد ونام تحت قدمي” نمنا وداكوار سهران يحرسنا
نهارا دخلت متاهة الخيام التي تبعثرت هباءا في فوضى العدم فوجدت أطفالا يلعبون الكرة و القطط تنكش في القمامة و دكوار يأكل فأرا قد أمسكه سلمت على دكوار وجريت نلعب الكرة مع ولاد حومتنا
نسرق الفرح من الخوف من الحرب. رغم اننا بقالنا يومين ماكلناش ولا اسبوع استحمنا بس بنهزر الضحكة لا تموت فينا. نكت كثيرة عن الحمير والكلاب والقطط وحتى عن قلة مهارة الكبار في رمي الخيم أو قيادة الحمير. كل اللي بيحصل معانا جديد وغير عادي وغريب
طائرات العدو أسقطت منشورات علينا. يجب أن نغادر، إلى ساحل رفح. ليس هناك وقت. يجب أن نغادر خلال ساعة وحتى الساعة تتحول إلى دقائق. تبدأ القنابل بالسقوط على الخيام. يرقص الذعر في عيون الكبار ويسكت ألسنتهم وننتظر منهم أن يرشدونا.
أين المخلص من النار؟ العدو، القنابل في كل مكان، شمال، جنوب، يمين، يسار. نتجمد من الخوف، ننتظر الكبار ليقولوا أين نذهب… كيف تهرب.
قفز داكوار وصرخ/مياو ينادي بأمي، ثم بدأ في الركض. قالت أمي: “اتبع داكوار! ضحك بعض الرجال ولكن النساء مشات مع أمي وكل الأطفال تبعونا مع القطط والحمير. دخل بأسرع خطواته مزارع مهجورة بالقرب من المنازل المفجورة. المشي فقط في الطرق الضيقة دكوار لم يتبع الشوارع الواسعة
أخيراً، بدأ داكوار يصرخ / يموء بصوت عال ويجري بسرعة. دكوار أول من خطى على ساحل بحر رفح… كنا بأمان. دكوار أنقذنا من القصف، لقد أنقذنا كما يفعل دائماً. دكوار لم يولد إلا ليعيش حرًا، وسيظل حرًا.

About Abdulrahman AlRimawi

Check Also

الصداقة – أعتماد سرسك

الصداقة الحقيقية لا تقف عند حدود الصمت فأنا أصغي لصديقتي في صمتها فلا تبقى وحيدة ..نتجاوز كثيرا عن اغلاط وهفوات الأصدقاء لأننا بشر ولسنا ملائكة يكفي شعورنا

%d bloggers like this: