إلى أي مدى أنا حقيقي ؟!!! واجه نفسك وتساءل :
لا شك أن الخوف شعور طبيعي يعتري أي إنسان على وجه الأرض ، وإن كان الخوف الحقيقي هو الخوف من الله عز وجل إلا أن هذا لا ينفي حقيقة وجود مخاوف دنيوية أساسها ارتباطاتنا البشرية وتعاملاتنا المتعددة ووجدانياتنا المتباينة.
نخاف من رؤية الآخرين لضعفنا فنتظاهر بالقوة المصطنعة… نخاف من التعلّق فنلجأ للابتعاد والتجنب … نخاف من الاهتمام فنلجأ للتجاهل المقصود… نخاف من القرب فنلجأ للهروب…نخاف من الحب فنلجأ للعناد والتظاهر بالكره …نخاف من اللوم فنتظاهر بالمثالية…
نظهر ردات فعل مغايرة لحقيقتنا ظنا منا أننا بهذا نتفادي ما قد نتعرّض له في علاقاتنا وتعاملاتنا، والحقيقة أن هذه الفجوة بين الواقع المستتر والظاهر المعلن هو السبب بجعلها سيئة ومتعِبة ويحول دونَ استمرارها طويلا…
مشكلتنا ليست في حقيقة مشاعرنا من فرح او حزن أو لوم أو نقد أو محبة أو بغض ، فهي جزء من إنسانيتنا وفطرتنا، مشكلتنا في تلك المشاعر غير الحقيقية التي نظهرها كردات فعل مغايرة لحقيقة شعورنا ظنا منا أننا نحمي بها أنفسنا ، والحقيقة أن هذه الردات تجعل منّا أشخاصاً غير حقيقيين.
كل الوجدانيات التي أكرمنا الله بها تتطلب منّا أن نكون حقيقيين، ومن يحبنا لذاتنا سيَتّسِع قلبه لنا بنقاط ضعفنا وقوّتنا… ومن يحترمنا لذاتنا سيتفهم أننا بشر لن نصل حد الكمال في تعاملاتنا مهما اجتهدنا… ومن يرانا أصدقاء صدوقين لروحه سيتقبّلنا كما نحن دونَ أن نلجأ لتقَمّص أدوارٍ تُنسينا من نحن..
نصيحتي : دعونا نتأمل أنفسنا وتعاملاتنا من جديد، ونرى من أولئك الذين نتصرف أمامهم كما نحن على حقيقيتنا ونميزهم عن أولئك الذي نضطر أمامهم أن نكون في قوالب لا تشبه حقيقتنا …
أكاد أجزم أن الكثير ربما يصاب بالدهشة إن صدق حقا في تأمله.
إلى أي مدى أنا حقيقي – د. نجاح القرعان