وقفة على طلل .. محمود غنيم
عبدالرحمن ريماوي
2 ماي، 2019
شعر من التاريخ
502 Views
مَالي وللنَّجْم يرعاني وأرعاهُ ! … أمسى كلانا يعافُ الغمضَ جَفْنَاهُ
ليِ فيكَ يا ليلُ آهاتٌ أُردِّدُها … أَوَّاهُ لو أجْدَت المحزونَ أوّاه
لا تحْسبَنِّي محبًّا يشتكي وَصَبًا … أَهوِنْ بما في سبيل الحب ألقاه
إِنّي تذكِّرْتُ – والذكرى مُؤَرِّقةٌ – … مجدًا تليدًا بأيدينا أضَعْنَاه
أَنَّى اتجهتَ إلى الإسلام في بلدٍ … تجدْه كالطير مقصوصًا جَناحاه
وَيحَ العرُوبة كان الكونُ مسرحَها … فأصبحت تتوارى في زواياه
كم صرَّفَتْنَا يدٌ كنا نصرِّفُها … وبات يملكنا شعبٌ مَلَكْناه
كم بالعراق وكم بالهند ذو شَجَنٍ … شكا فردَّدتِ الأهرامُ شكواه
بني العمومةِ إنَّ القُرْحَ مَسَّكمُ … ومسَّنا، نحن في الآلام أشباه
يا أهلَ يثْربَ أدْمتْ مقلتيَّ يدٌ … بدرِيَّةٌ تسألُ المصريَّ جدواه
الدِّينُ والضادُ من مغناكم انبعثا … فطبَّقا الشرق أقصاهُ وأدناه
لسنا نمدُّ لكم أَيماننا صِلَةً … لكنما هو دَينٌ ما قضيناه
***
هل كان دينُ ابنِ عَدنْانٍ سوى فَلَقٍ … شقَّ الوجودَ وليلُ الجهلِ يغشاه؟
سَلِ الحضارةَ ماضيها وحاضرَها … هل كان يتَّصل العهدان لولاَه؟
هي الحنيفةُ عينُ الله تكلؤُها … فكلَّما حاولوا تشويهَهَا شاهُوا
هل تطلبون من المختار معجزةً … يكفيه شعبٌ من الأجادثِ أحياه
مَنْ وَحَّدَ العُرْبَ حتى كان واترُهم … إذا رأى ولدَ الموتور آخاهُ
وكيف كانوا يدًا في الحرب واحدةً … من خاضها باع دنياه بأخراه
وكيف ساس رعاةُ الابل مملكةً … ما ساسها قيصرٌ من قبلُ أو شاهُ
وكيف كان لهم علمٌ وفلسفةٌ … وكيف كانت لهم سُفْنٌ وأمواه
سَنُّوا المساواةَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمٌ … ما لِامْرِئ شَرَفٌ إلا بتقواه
وقرَّرتْ مبدأ الشورى حكومتُهم … فليس للفرد فيها ما تمناه
ورحبَّ الناسُ بالإسلام حين رأوْا … أنَّ السلام وأن العدل مغزاه
يا من رأى عُمرًا تكسوه بردتُه … والزيتُ أُدْمٌ له والكوخُ مأواه ؟
يهتز كسرى على كرسيِّه فرَقًا … من بأسه وملوكُ الرومِ تخشاه ؟
***
سل المعاليَ عنا إننا عَرَبٌ … شعارُنا المجدُ يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظ إن نطقتَ به … فالشرقُ والضادُ والإسلامُ معناه
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده … ونحن كان لنا ماضٍ نسِيناه
إنَّا مشَيْنَا وراء الغرب نقبِسُ مِن … ضيائه فأصابتْنا شظاياه
***
بالله سل خلف بحر الروم عن عرَبٍ … بالأمس كانوا هنا، ما بالهم تاهوا ؟
فإن تراءتْ لك الحمراءُ عن كَثَب … فسائِلِ الصَّرْحَ أين المجد والجاه ؟
وانزلْ دمشق وسائِلْ صخر مسجدها … عمن بناه، لعل الصخر ينعاه
وطُف ببغدادَ وابحث في مقابرها … علَّ أمرأ من بنى العباس تلقاه
هذى معالم خُرْسٌ كلُّ واحدةٍ … منهنَّ قامت خطيبًا فاغرًا فاه
إني لأَشْعُرُ إذ أغشى معالِمَهم ـ … كأنني راهبٌ يغشى مُصلاه
الله يعلم ما قلَّبتُ سيرتَهُمْ … يومًا وأخطأ دمعُ العين مجراه
أين الرشيد وقد طاف الغمامُ به … فحين جاوز بغدادًا تحدَّاه ؟
مُلْكٌ كمُلك بني التاميزِ ما غَرَبت … شمسُ عليه ولا برقُ تخطَّاه
ماضٍ نعيش على أنقاضه أمَمًا … ونستمدُّ القوى من وحى ذكراه
لا درَّ درُّ امرئٍ يُطري أوائله … فخرًا، ويُطرِقُ إن ساءلته ما هو ؟
ما بال شمل بني قحطان منصدِعًا ؟ … رباهُ أدركْ بني قحطان رباه!
***
عهد الخلافة في البسفور قد درست … آثارُه، طيَّب الرحمن مثواه!
عرشٌ عتيدٌ على الأتراك نَعرِضُه … ما بالُنا نجد الأتراكَ تأباه ؟
ألم يروْا كيف فدَّاه معاويةٌ … وكيف راح عليٌّ من ضحاياه ؟
غالَ ابنَ بنت رسول الله ثم عدا … على ابن بنتِ أبى بكر فأرداه
لما ابتغى يدَها السفاحُ أمهرها … نهرًا من الدم فوق الأرض أجراه
ما للْخلافة ذنبٌ عند شانِئِها … قد يظلم السيفَ من خانته كفاه
الحكْمُ يَسلس باسم الدين جامحُه … ومن يَرُمْهُ بحدِّ السيفِ أعياه
يا رُبَّ مولًى له الأعناقُ خاضعةٌ … وراهبُ الدَّيْرِ باسم الدِّين مولاه
إني لأعتبرُ الإسلام جامعةً … للشرق لا محضَ دين سنَّهُ اللهُ
أرواحُنا تتلاقى فيه خافقةً … كالنحل إِذْ يتلاقى في خلاياه
دستورُه الوحْيُ والمختارُ عاهِلهُ … والمسلمونَ – وإن شتُّوا – رعاياه
لاهُمَّ قد أصبحت أهواؤنا شيعًا … فامنن علينا براعٍ أنتَ ترضاه
راعٍ يُعيدُ إلى الإسلام سيرته … يَرْعَى بَنيهِ وعينُ اللهِ تَرْعاهُ
Like this:
Like Loading...
Related