نقطة تفتيش
قصة قصيرة بقلم د ميسون حنا
ضباب يحجب الرؤية. الأجساد متراصة، الناس يتقدمون بخطوات وئيدة، أراد الغشيم أن يحث خطاه، لا مجال للإنفكاك من بين الجموع، استمر تقدم الشلال البشري بذات الوتيرة …. فجأة توقف كل شيء، نقطة تفتيش … المسؤول الكبير في النقطة رفع يده محذرا … سكنت الحركة، كل متسمر في مكانه، إلا ذاك الغشيم الذي تسلل من بين الحشد متقدما إلى الأمام، لمحه المسؤول بامتعاض وقلق، الغشيم واصل تقدمه، مد الضابط يده إلى السلاح بينما تقدم الأخير خطوة أخرى مما استفزه ذلك … أطلق النار مصوبا مسدسه نحو الرأس. سقط المغدور فورا جثة هامدة، أما الرصاصة فكانت قد اخترقت الجمجمة لتصيب كتف رجل آخر بخدش بسيط. تفشى اللغط، وعمت الفوضى، رفع المسؤول سلاحه مهددا، ومن غير أن ينتظر أطلق رصاصة في الجو، وأعقبها برصاصة أخرى استقرت في صدر رجل أمامه ليكون عبرة لمن يعتبر، ولا أحد يعتبر، سقطت كل الاعتبارات والأقنعة، كبت مزمن خلّفه الظلم المستشري ليستقر في النفوس الحاقدة التي بدأت تُظهر تمردها … والدليل هذا الطفل الذي صرخ : أبي ، صرخته كانت دالة على الفوران الداخلي المتأجج.
سُحب جثماني الشهيدين من قبل حاشية المسؤول إلى حافة الرصيف. سكون مطبق فرضته هيبة الموت، وصرخة الطفل الذي التصق بجثمان أبيه، ركله شرطي ركلة حادة أدمته، تلقاه رجل من العامة، وأمسك به ليتفادى سقوطه على الأرض. تفتقت الأعين عن نظرات ساخطة ، لكن المسؤول ومن حوله لا يقرأون لغة العيون، بل يتجاهلونها عمدا متمسكين بغطرستهم التي لم تعد تصد الغضب المتفشي … فجأة انقشع الضباب مما جعل الشرطة يشعرون بانقباض شديد، أما الطفل المدمي عندما رأي سيل الدم المتدفق من صدر أبيه المسجى، انتفخت أوداجه، وآهة شقت صدره لتخترق المدى، أحاطت الناس به كدرع بشري يحميه من بطش الشرطة، أما هو فقد صمم أن ينتقم ………..