نزيف ربما أيقظ شهرزاد..ابن الشاطئ
عبدالرحمن ريماوي
2 أبريل، 2019
شعر من التاريخ
743 Views
خَمْسُونَ عَامًا وهذا البَحْرُ يَضْطَرِبُ
وصَبْوَةُ الرِّيحِ تَسْتَعْدي.. وتَغْتَصِبُ
ومَوْجَةُ الحُزْنِ في صَدْري مُسَافِرَ ةٌ
=أنَّى اتَّجَهْتُ.. وفي جَفْنَيَّ تصْطَخِبُ
يَرودُهَا اللَّيْلُ مَنْهُومًا بِطَلْعَتِهَا
=أَزَاهِرِ الأمْسِ تَجْثُو النُّوقُ واللُّعَبُ
ويَنْعَمُ الزَّبَدُ الصَّافِي بِأَنَّتِهَا
=وتَسْتَطيبُ خُطَاهَا الآهُ والرِّيَبُ
عَلَى فَضَاءَاتِهَا تَبْكي الرُّؤَى.. وَعَلى
=فِي المُنْحَنى.. ويَغُضُّ الطَّرْفَ مُسْتَلَبُ..!؟
أَ تَعْجَبينَ..؟ لماذا..؟ والدُّجَى مَطَرٌ
=مُمَوَّلٌ مِنْ وراءِ البَحْرِ.. مُنْسَكِبُ..؟!
تَرَجَّلَتْ (دَقَّةُ المِهْبَاشِ) وانْكَسَرَتْ
=رَبَابَةُ الوَصْلِ جَهْرًا.. وانْطَوَتْ حِقَبُ
وخَادَعَتْنَا شِفَاهٌ مَزَّةٌ خَلَقَتْ
=فَوْضَى مُنَظَّمَةً تَبْدو وتَحْتَجِبُ
عَلَى مَنَاطِقِهَا السُّفْلَى مَشَتْ صُوَرٌ
=مَقْلُوبَةٌ يَتَمَادَى لَيْلُهَا العَجَبُ
وفَوْقَ غُرَّتِهَا نَفَّ الكَرَى زَمَنًا
=مُجَرَّحًا.. عَرَّبَتْ أوْدَاجَهُ النُّصُبُ
تَحْتَلُّهُ نَاقِلاتُ النَّفْطِ مُقْبِلَةً
=دَوْمًا.. وتَلْهَثُ فِي دفَّاتِهَا الكُثُبُ..!؟
… ويَرْحَلُ المُتَنَبِّي.. علَّ بارِقَةً
=تَلوحُ في مُقَلٍ ظَمْأى.. وتَنْسَرِبُ
تُعيدُ ذاكِرَةَ الدُّنْيَا.. وتَمْنَحُهُ
=بَرَّ الأمانِ فلاَ يَغَتَالُهُ ذَنَبُ..!
لَكِنَّ قَوْلَبَةَ الأشْيَاءِ سَيِّدَتي
=نيلِيَّةٌ.. شَاهِداهَا: الزُّورُ والكَذِبُ
فَكَيْفَ يُمْكِنُ أنْ تَلْقَاهُ بَارِقَةٌ
=وقَدْ تَدَاخَلَتِ الأعْوامُ والنُّوَبُ..؟
وطَوَّقَتْهُ كِلابُ الصَّيْدِ.. يَحْرُسُهَا
=جُوعٌ.. عَلَى شَرَفِ التَّطْبيعِ.. يَعْتَرِبُ..؟
ونَاجَزَتْهُ إنَاثُ الحَرْفِ فارِدَةً
=عَبَاءَةَ النَّفْطِ.. لاَ فِكْرٌ ولاَ أَدَبُ..؟
تَظَلُّ تَنْهَبُهُ سِرًّا.. عَلاَنِيَةً
=وتَدَّعِي.. ومُلوكُ السِّرْكِ تَنْطَرِبُ..!؟
… ويَرْحَلُ المُتَنَبِي هَادِرًا دَمَهُ
=مُسْتَوْحِشًا.. والزِّنَادُ الحُرُّ مُطَّلَبُ
ويَسْأَلُ الأرْضَ عَنْ أَنْقَى مَلاَمِحِها
=وعَنْ خَوَالِجِهَا لَوْ مَسَّهُ وَصَبُ
تُرَى.. أَ تَحْمِلُهُ أرضٌ وقَدْ بَرَقَتْ
=أنْفَاسُهُ.. وارْتَوَتْ مِنْ نَبْعِهَا السُّحُبُ..؟
وهَلْ تُرَاهَا عَلَى عِلْمٍ ومَعْرِفَةٍ
=بِمَا يُحَاكُ..؟ وهَلْ أَسْرَى بِهَا النَّسَبُ..؟
تَهَجَّدَتْ لَحْظَةً.. مَا كَانَ أَعْمَقَهَا
=لمَّا اسْتَدَارَتْ.. وهشَّتْ.. فانْتَخَتْ حَلَبُ..!
ورَاحَ يُنْشِدُ مَأْخُوذًا بِغَادَتِهِ
=وَقَدْ تَعَانَقَتِ الأبْعَادُ والشُّهُبُ
أَفَاضَ.. واسْتَرَقَ الأضْواءَ مُقْتَدِرًا
=ومَا انْحَنَى مُطْلَقًا.. أوْ رَاعَهُ غَضَبُ
لَوْلاهُ (خَوْلَةُ) ما امْتَدَتْ ضَفَائِرُهَا
=ولاَ تَغَنَّى بسَيْفِ الدَّوْلَةِ العَرَبُ..!
أَ تَعْجَبينَ مِنَ التَّشْبيهِ يَا امْرَأَتي
=وقَدْ تَجَسَّدَ فيكِ الحُبُّ والحَسَبُ..؟
أَ لَسْتِ في (أمِّ أَوْفَى) الرَّمْزُ مُخْتَلِجًا
=يَصونُهُ نَفَسي الوَرْدِيُّ واللَّهَبُ..؟!
لاَ تَعْجَبي إنَّني في كلِّ آوِنَةٍ
=صَاحٍ.. وأَعْرِفُ يَا عُمْري مَتَى أثِبُ..؟
أَمَا تَيَقَّظْتُ..؟ كانَتْ شَهْرَزَادُ هَوًى
=يُغْري.. وكُنْتُ وَفِيًّا حينَ أَنْجَذِبُ
عَايَشْتُهَا رُبْعَ قَرْنٍ.. واعْتَمَرْتُ عَلَى
=أبْوَابِهَا.. ونِيَاقُ الحَرْفِ تَرْتَعِبُ
ومَا تأخَّرْتُ عَنْهَا.. كُنْتُ أَعْشَقُهَا
=عِشْقًا يُعَمِّقُهُ الإبْداعُ والدَّأبُ
لَكِنَّهَا أنْكَرَتْني.. وانْطَوَيْتُ على
=نَفْسي.. ويَا لَيْتَني أدْري مَنِ السَّبَبُ..؟
كَأنَّمَا الحبُّ مَرْفوضٌ.. ومُتَّهَمٌ
=فالصِّدْقُ في هذه الأيامِ يَغْتَرِبُ..!
لا تَعْجَبي أمَّ أوْفَى إنْ نَفَضْتُ يَدي
=مِنْ شَهْرَزادَ.. وغَاضَ الحبُّ والحَبَبُ..!؟
أَفْرَطْتُ مِنْ قَبْلُ.. واسْتَنْفَرْتُ مُتَّقِدًا
=وما تَرَدَّدْتُ أوْ أَغْوانِيَ الذَّهَبُ
وكنتُ في لَحْظِهَا ضَوْءً يُنَقِّطُهُ
=عَلَى مَدَاخِلِ نَهْدَيْهَا الهَوَى العَرِبُ..!
أفْرَطْتُ في حُبِّهَا.. كَانَتْ تُلاطِفُني
=حينًا.. وفي صَدْرِهَا الرُّمَانُ والعِنَبُ
وكُنْتُ في نَخْلِهَا أمْتَدُّ مُؤْتَلِقًا
=وفي صَبَاحَاتِهَا أمْشي وأَعْتَجِبُ
لكِنَّهَا أنْكَرَتْني.. هَلْ أُذَكِّرُهَا
=بالأمْسِ..؟ إنِّي على الأوْجَاعِ أنْصَلِبُ..!
… يا أمَّ أوْفَى دَعينَا الآنَ مِنْ زَمَنٍ
=عِشْنَاهُ.. واسْتَوْطَنَتْ في جُرْحِهِ النُّدُبُ..!
واسْتَيْقِظِي مِثْلَمَا اسْتَيْقَظْتُ.. وانْزَرِعي
=في أَصْغَرَيَّ.. أنَا المُسْتَوْحِشُ التَّرِبُ
على تَقَاسيمِ ميعَادِي يُطِلُّ غَدي
=صَبًّا تُمَوْسِقُهُ الحِنَّاءُ والقُضُبُ
وفي مَوَاجِدِهِ الخَضْراءِ أغْنِيَةٌ
=أصيلَةٌ في شِفَاهِ القُدْسِ تَلْتَهِبُ
يَمْتَدُّ مَوَّالُهَا حَتَّى الصَّبَاحِ.. وفي
=أعْمَاقِهِ تَنْجَلي حَيْفَاءُ والنَّقَبُ
إنِّي عَلَى ثِقَةٍ.. فاسْتَوْعِبي نَفَسي
=ولا يَروعُكِ مَنْ نَخُّوا ومَنْ هَرَبُوا..!
على زِنَاديَ يَصْحُو الشَّوْقُ مُلْتَهِبًا
=وتَسْتَفيقُ على أجْفَانِهِ الحِقَبُ
Like this:
Like Loading...
Related