لَولا الحَياءُ لَعادَني اِستِعبارُ |
وَلَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ |
وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظرَةٍ |
في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ |
فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظرَةً |
وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ |
وَلَّهتِ قَلبي إِذ عَلَتني كَبرَةٌ |
وَذَوُو التَمائِمِ مِن بَنيكِ صِغارُ |
أَرعى النُجومَ وَقَد مَضَت غَورِيَّةً |
عُصَبُ النُجومِ كَأَنَّهُنَّ صِوارُ |
نِعمَ القَرينُ وَكُنتِ عِلقَ مَضِنَّةٍ |
وارى بِنَعفِ بُلَيَّةَ الأَحجارُ |
عَمِرَت مُكَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت |
ما مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ |
فَسَقى صَدى جَدَثٍ بِبُرقَةِ ضاحِكٍ |
هَزِمٌ أَجَشُّ وَديمَةٌ مِدرارُ |
هَزِمٌ أَجَشُّ إِذا اِستَحارَ بِبَلدَةٍ |
فَكَأَنَّما بِجِوائِها الأَنهارُ |
مُتَراكِبٌ زَجِلٌ يُضيءُ وَميضُهُ |
كَالبُلقِ تَحتَ بُطونِها الأَمهارُ |
كانَت مُكَرَّمَةَ العَشيرِ وَلَم يَكُن |
يُخشى غَوائِلَ أُمِّ حَزرَةَ جارُ |
وَلَقَد أَراكِ كُسيتِ أَجمَلَ مَنظَرٍ |
وَمَعَ الجَمالِ سَكينَةٌ وَوَقارُ |
وَالريحُ طَيِّبَةٌ إِذا اِستَقبَلتِها |
وَالعِرضُ لا دَنِسٌ وَلا خَوّارُ |
وَإِذا سَرَيتُ رَأَيتُ نارَكِ نَوَّرَت |
وَجهاً أَغَرَّ يَزينُهُ الإِسفارُ |
صَلّى المَلائِكَةُ الَّذينَ تُخُيُّروا |
وَالصالِحونَ عَلَيكِ وَالأَبرارُ |
وَعَلَيكِ مِن صَلَواتِ رَبِّكِ كُلَّما |
نَصِبَ الحَجيجُ مُلَبِّدينَ وَغاروا |
يا نَظرَةً لَكِ يَومَ هاجَت عَبرَةً |
مِن أُمِّ حَزرَةَ بِالنُمَيرَةِ دارُ |
تُحيِي الرَوامِسُ رَبعَها فَتُجِدُّهُ |
بَعدَ البِلى وَتُميتُهُ الأَمطارُ |
وَكَأَنَّ مَنزِلَةً لَها بِجُلاجِلٍ |
وَحيُ الزَبورِ تُجِدُّهُ الأَحبارُ |
لا تُكثِرَنَّ إِذا جَعَلتَ تَلومُني |
لا يَذهَبَنَّ بِحِلمِكَ الإِكثارُ |
كانَ الخَليطُ هُمُ الخَليطَ فَأَصبَحوا |
مُتَبَدِّلينَ وَبِالدِيارِ دِيارُ |
لا يُلبِثُ القُرَناءَ أَن يَتَفَرَّقوا |
لَيلٌ يَكُرُّ عَلَيهِمُ وَنَهارُ |
أَفَأُمَّ حَزرَةَ يا فَرَزدَقُ عِبتُم |
غَضِبَ المَليكُ عَلَيكُمُ القَهّارُ |
كانَت إِذا هَجَرَ الحَليلُ فِراشَها |
خُزِنَ الحَديثُ وَعَفَّتِ الأَسرارُ |
لَيسَت كَأُمِّكَ إِذ يَعَضُّ بِقُرطِها |
قَينٌ وَلَيسَ عَلى القُرونِ خِمارُ |
سَنُثيرُ قَينَكُمُ وَلا يوفى بِها |
قَينٌ بِقارِعَةِ المِقَرِّ مُثارُ |
وُجِدَ الكَتيفُ ذَخيرَةً في قَبرِهِ |
وَالكَلبَتانِ جُمِعنَ وَالميشارُ |
يَبكي صَداهُ إِذا تَهَزَّمَ مِرجَلٌ |
أَو إِن تَثَلَّمَ بُرمَةٌ أَعشارُ |
رَجَفَ المِقَرُّ وَصاحَ في شَرقِيِّهِ |
قَينٌ عَلَيهِ دَواخِنٌ وَشَرارُ |
قَتَلَت أَباكَ بَنو فُقَيمٍ عَنوَةً |
إِذ جُرَّ لَيسَ عَلى أَبيكَ إِزارُ |
عَقَروا رَواحِلَهُ فَلَيسَ بِقَتلِهِ |
قَتلٌ وَلَيسَ بِعَقرِهِنَّ عِقارُ |
حَدراءُ أَنكَرَتِ القُيونَ وَريحَهُم |
وَالحُرُّ يَمنَعُ ضَيمَهُ الإِنكارُ |
لَمّا رَأَت صَدَأَ الحَديدِ بِجِلدِهِ |
فَاللَونُ أَورَقُ وَالبَنانُ قِصارُ |
قالَ الفَرَزدَقُ رَقِّعي أَكيارَنا |
قالَت وَكَيفَ تُرَقَّعُ الأَكيارُ |
رَقِّع مَتاعَكَ إِنَّ جَدّي خالِدٌ |
وَالقَينُ جَدُّكَ لَم تَلِدكَ نِزارُ |
وَسَمِعتُها اِتَّصَلَت بِذُهلٍ إِنَّهُم |
ظَلَموا بِصِهرِهِمُ القُيونَ وَجاروا |
دَعَتِ المُصَوِّرَ دَعوَةً مَسموعَةً |
وَمَعَ الدُعاءِ تَضَرُّعٌ وَحِذارُ |
عاذَت بِرَبِّكَ أَن يَكونَ قَرينُها |
قَيناً أَحَمَّ لِفَسوِهِ إِعصارُ |
أَوصَت بِلائِمَةٍ لِزيقٍ وَاِبنِهِ |
إِنَّ الكَريمَ تَشينُهُ الأَصهارُ |
إِنَّ الفَضيحَةَ لَو بُليتِ بِقَينِهِم |
وَمَعَ الفَضيحَةَ غُربَةٌ وَضِرارُ |
هَلّا الزُبَيرَ مَنَعتَ يَومَ تَشَمَّسَت |
حَربٌ تَضَرَّمُ نارُها مِذكارُ |
وَدَعا الزُبَيرُ فَما تَحَرَّكَتِ الحُبى |
لَو سُمتَهُم جُحَفَ الخَزيرِ لَثاروا |
غَرّوا بِعَقدِهِمُ الزُبَيرَ كَأَنَّهُم |
أَثوارُ مَحرَثَةٍ لَهُنَّ خُوارُ |
وَالصِمَّتَينِ أَجَرتُمُ فَغَدَرتُمُ |
وَاِبنُ الأَصَمِّ بِحَبلِ بَيبَةَ جارُ |
أَخزاكَ رَهطُ اِبنِ الأَشَدِّ فَأَصبَحَت |
أَكبادُ قَومِكَ ما لَهُنَّ مَرارُ |
باتَت تُكَلَّتُ ما عَلِمتَ وَلَم تَكُن |
عونٌ تُكَلَّفُهُ وَلا أَبكارُ |
سَبّوا الحِمارَ فَسَوفَ أَهجو نِسوَةً |
لِلكيرِ وَسطَ بُيوتِهِنَّ أُوارُ |
إِنَّ الفَرَزدَقَ لَن يُزاوِلَ لُؤمَهُ |
حَتّى يَزولَ عَنِ الطَريقِ صِرارُ |
فيمَ المِراءُ وَقَد سَبَقتُ مُجاشِعاً |
سَبقاً تَقَطَّعُ دونَهُ الأَبصارُ |
قَضَتِ الغَطارِفُ مِن قُرَيشٍ فَاِعتَرِف |
يا اِبنَ القُيونِ عَلَيكَ وَالأَنصارُ |
هَل في مِئينَ وَفي مِئينَ سَبَقتُها |
مَدَّ الأَعِنَّةِ غايَةٌ وَحِضارُ |
كَذَبَ الفَرَزدَقُ إِنَّ عودَ مُجاشِعٍ |
قَصِفٌ وَإِنَّ صَليبَهُم خَوّارُ |
وَإِذا بَطِنتَ فَأَنتَ يا اِبنَ مُجاشِعٍ |
عِندَ الهَوانِ جُنادِفٌ نَثّارُ |
سَعدٌ أَبَوا لَكَ أَن تَفي بِجِوارِهِم |
أَو أَن يَفي لَكَ بِالجِوارِ جِوارُ |
قَد طالَ قَرعُكَ قَبلَ ذاكَ صَفاتَنا |
حَتّى صَمِمتَ وَفُلِّلَ المِنقارُ |
يا اِبنَ القُيونِ وَطالَما جَرَّبتَني |
وَالنَزعُ حَيثُ أُمِرَّتِ الأَوتارُ |
ما في مُعاوَدَتي الفَرَزدَقَ فَاِعلَموا |
لِمُجاشِعٍ ظَفَرٌ وَلا اِستِبشارُ |
إِنَّ القَصائِدَ قَد جَدَعنَ مُجاشِعاً |
بِالسُمِّ يُلحَمُ نَسجُها وَيُنارُ |
وَلَقوا عَواصِيَ قَد عَيِيتَ بِنَقضِها |
وَلَقَد نُقِضتَ فَما بِكَ اِستِمرارُ |
قَد كانَ قَومُكَ يَحسَبونَكَ شاعِراً |
حَتّى غَرِقتَ وَضَمَّكَ التَيّارُ |
نَزَعَ الفَرَزدَقُ ما يَسُرُّ مُجاشِعاً |
مِنهُ مُراهَنَةٌ وَلا مِشوارُ |
قَصُرَت يَداكَ عَنِ السَماءِ فَلَم يَكُن |
في الأَرضِ لِلشَجَرِ الخَبيثِ قَرارُ |
أَثنَت نَوارُ عَلى الفَرَزدَقِ خَزيَةً |
صَدَقَت وَما كَذَبَت عَلَيكَ نَوارُ |
إِنَّ الفَرَزدَقَ لا يَزالُ مُقَنَّعاً |
وَإِلَيهِ بِالعَمَلِ الخَبيثِ يُشارُ |
لا يَخفَيَنَّ عَلَيكَ أَنَّ مُجاشِعاً |
لَو يُنفَخونَ مِنَ الخُؤورِ لَطاروا |
قَد يُؤسَرونَ فَما يُفَكَّ أَسيرُهُم |
وَيُقَتَّلونَ فَتَسلَمُ الأَوتارُ |
وَيُفايِشونَكَ وَالعِظامُ ضَعيفَةٌ |
وَالمُخُّ مُمتَخَرُ الهُنانَةِ رارُ |
نَظَروا إِلَيكَ وَقَد تَقَلَّبَ هامُهُم |
نَظَرَ الضِباعُ أَصابَهُنَّ دُوارُ |
قُرِنَ الفَرَزدَقُ وَالبَعيثُ وَأُمُّهُ |
وَأَبو الفَرَزدَقِ قُبِّحَ الإِستارُ |
أَضحى يُرَمِّزُ حاجِبَيهِ كَأَنَّهُ |
ذيخٌ لَهُ بِقَصيمَتَينِ وِجارُ |
لَيسَت لِقَومي بِالكَتيفِ تِجارَةٌ |
لَكِنَّ قَومي بِالطِعانِ تِجارُ |
يَحمي فَوارِسيَ الَّذينَ لِخَيلِهِم |
بِالثَغرِ قَد عَلِمَ العَدُوُّ مُغارُ |
تَدمى شَكائِمُها وَخَيلُ مُجاشِعٍ |
لَم يَندَ مِن عَرَقٍ لَهُنَّ عِذارُ |
إِنّا وَقَينُكُمُ يُرَقِّعُ كيرَهُ |
سِرنا لِنَغتَصِبَ المُلوكَ وَساروا |
عَضَّت سَلاسِلُنا عَلى اِبنَي مُنذِرٍ |
حَتّى أَقَرَّ بِحُكمِنا الجَبّارُ |
وَاِبنَي هُجَيمَةَ قَد تَرَكنا عَنوَةً |
لِاِبنَي هُجَيمَةَ في الرِماحِ خُوارُ |
وَرَئيسُ مَملَكَةٍ وَطِئنَ جَبينَهُ |
يَغشى حَواجِبَهُ دَمٌ وَغُبارُ |
نَحمي مُخاطَرَةً عَلى أَحسابِنا |
كَرُمَ الحُماةُ وَعَزَّتِ الأَخطارُ |
وَإِذا النِساءُ خَرَجنَ غَيرَ تَبَرُّزٍ |
غِرنا وَعِندَ خُروجِهِنَّ نَغارُ |
وَمُجاشِعٌ فَضَحوا فَوارِسَ مالِكٍ |
فَرَبا الخَزيرُ وَضُيِّعَ الأَدبارُ |
أَغمامَ لَو شَهِدَ الوَقيطَ فَوارِسي |
ما قيدَ يُعتَلُ عَثجَلٌ وَضِرارُ |
يا اِبنَ القُيونِ وَكَيفَ تَطلُبُ مَجدَنا |
وَعَلَيكَ مِن سِمَةِ القُيونِ نِجارُ |
Tags جرير
Check Also
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً – أبو النواس
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً - أبو النواس يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ